|
لا تسألوا عن العدالة الوظيفية المفقودة
كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 09:22
المحور:
الفساد الإداري والمالي
سؤال يراود كل مواطن عراقي منذ زمن بعيد: كيف السبيل إلى العدالة الوظيفية ؟. و متى ينتصر المتعلم على الجاهل، وتنتصر الاستقامة على الاعوجاج، وتنتصر الطهارة على القذارة ؟. . تخيل انك تعمل في شركة النقل البحري، وتحمل كل المؤهلات والخبرات المينائية والبحرية والملاحية، وحتى السمچ بالماي يبجي على حالك، ويعلم بمؤهلاتك. وتخيل انك حاصل على درجة الماجستير في العلوم من الجامعة البحرية في مالمو (السويد)، ولديك ارفع الشهادات من اعلى المراكز الدولية. ثم يصدر قرار من الحكومة المركزية بتنسيب موظف من خارج الوسط البحري، كان يعمل في الكراجات وسيارات الأجرة ليصبح بين ليلة وضحاها هو المدير المفوض لقسم الوكالات البحرية في عموم الموانئ العراقية، وتصبح انت من صغار الموظفين العاملين تحت سلطته، على الرغم من انه لا يعرف الچك من البوك، ولا يعرف كوعه من بوعه، لكنه من أشد المؤمنين بنظرية : (يا بط يا بط العب بالشط). . لا شك انك سوف تحزن وتزعل وتغضب وتلطم على رأسك، ثم تطالب كبار القوم بوجوب الإصلاح الإداري، وإرساء قواعد التوصيف الوظيفي، وتناشدهم بالدفاع عن مبادئ العدالة الإدارية. لكنهم لم ولن يسمعوك لانك لا تنتمي اليهم ولست منهم. . . وتخيل انك تسمع بشاب حديث العهد بالوظيفة (التحق بالوظيفة عام 2023) لكنه بعد اقل من عام يصبح مديرا لقسم الرقابة والتدقيق في شركة الخدمات الجوية. من المرجح انك سوف تصاب بالجنون ازاء هذا التخبط الوظيفي. . وتخيل ان الشاب الذي كان يعمل بعقد مؤقت في البلديات يصبح من المفضلين في شركة الخطوط الجوية العراقية، ويتم ترشيحه للعمل خارج العراق بلا مؤهلات وبلا لغة وبلا خدمة وظيفية. عندئذ تصبح انت على قناعة تامة بأن طائراتنا لن تعود إلى التحليق ثانية في أجواء اوروبا حتى لو خرج عباس بن فرناس من قبره، وحتى لو عاد السندباد محمولا فوق بساط الريح. . الشيء بالشيء يذكر انه في عام 1953 توسعت الخلافات بين مدير عام الموانئ (محمد سعيد القزاز) و وزير النقل (عبدالرزاق مرجان) في كابينة جميل المدفعي، وذلك بسبب رفض المدير العام (القزاز) تنفيذ أوامر الوزير بتعيين (إبراهيم الراضي) مديرا لقسم المالية لعدم توفر المؤهلات الوظيفية. ولما أصر الوزير على تثبيت (الراضي) قرر مدير الموانئ تقديم استقالته، لكن الدولة العراقية الحكيمة قررت وقتذاك إعفاء الوزير من عمله وإعادة المدبر العام إلى منصبه لأنه كان على الحق. يا عمي عرب وين طنبورة وين ؟؟. . يتساءل العراقيون هنا وهناك عن اسباب ومسببات غياب العدالة الوظيفية ؟، وعن الدور السلبي الذي تلعبه الكيانات السياسية في تهميش اصحاب الكفاءات والمواهب والخبرات منذ عام 2003 ؟. . اللافت للنظر ان هذه الممارسات الخاطئة تجري على وجه الاعتياد امام أعيننا على الرغم من تصاعد أصوات النواب المنددين بالخروقات والانتهاكات الإدارية والمالية. وعلى الرغم من صيحات المتظاهرين والمحتجين ضد مافيات الفساد والإفساد، وعلى الرغم من تضخم ملفات الإدانة المعززة بالوثائق والأدلة، ومع ذلك تواصل الكيانات المتنفذة دفاعها المستميت عن كبار المفسدين، وتسعى جاهدة نحو تعزيز مراكز المفسدين ومنحهم صلاحيات مفتوحة. وربما تشجعهم في المضي قدما نحو إبرام العقود المليارية بلا دراسة جدوى. . كلمة اخيرة: لا ترهقوا انفسكم في التفكير فالثمار الفاسدة سوف تسقط لوحدها. . ولات حين مندم. . لا تسألوا عن العدالة الوظيفية المفقودة
سؤال يراود كل مواطن عراقي منذ زمن بعيد: كيف السبيل إلى العدالة الوظيفية ؟. و متى ينتصر المتعلم على الجاهل، وتنتصر الاستقامة على الاعوجاج، وتنتصر الطهارة على القذارة ؟. . تخيل انك تعمل في شركة النقل البحري، وتحمل كل المؤهلات والخبرات المينائية والبحرية والملاحية، وحتى السمچ بالماي يبجي على حالك، ويعلم بمؤهلاتك. وتخيل انك حاصل على درجة الماجستير في العلوم من الجامعة البحرية في مالمو (السويد)، ولديك ارفع الشهادات من اعلى المراكز الدولية. ثم يصدر قرار من الحكومة المركزية بتنسيب موظف من خارج الوسط البحري، كان يعمل في الكراجات وسيارات الأجرة ليصبح بين ليلة وضحاها هو المدير المفوض لقسم الوكالات البحرية في عموم الموانئ العراقية، وتصبح انت من صغار الموظفين العاملين تحت سلطته، على الرغم من انه لا يعرف الچك من البوك، ولا يعرف كوعه من بوعه، لكنه من أشد المؤمنين بنظرية : (يا بط يا بط العب بالشط). . لا شك انك سوف تحزن وتزعل وتغضب وتلطم على رأسك، ثم تطالب كبار القوم بوجوب الإصلاح الإداري، وإرساء قواعد التوصيف الوظيفي، وتناشدهم بالدفاع عن مبادئ العدالة الإدارية. لكنهم لم ولن يسمعوك لانك لا تنتمي اليهم ولست منهم. . . وتخيل انك تسمع بشاب حديث العهد بالوظيفة (التحق بالوظيفة عام 2023) لكنه بعد اقل من عام يصبح مديرا لقسم الرقابة والتدقيق في شركة الخدمات الجوية. من المرجح انك سوف تصاب بالجنون ازاء هذا التخبط الوظيفي. . وتخيل ان الشاب الذي كان يعمل بعقد مؤقت في البلديات يصبح من المفضلين في شركة الخطوط الجوية العراقية، ويتم ترشيحه للعمل خارج العراق بلا مؤهلات وبلا لغة وبلا خدمة وظيفية. عندئذ تصبح انت على قناعة تامة بأن طائراتنا لن تعود إلى التحليق ثانية في أجواء اوروبا حتى لو خرج عباس بن فرناس من قبره، وحتى لو عاد السندباد محمولا فوق بساط الريح. . الشيء بالشيء يذكر انه في عام 1953 توسعت الخلافات بين مدير عام الموانئ (محمد سعيد القزاز) و وزير النقل (عبدالرزاق مرجان) في كابينة جميل المدفعي، وذلك بسبب رفض المدير العام (القزاز) تنفيذ أوامر الوزير بتعيين (إبراهيم الراضي) مديرا لقسم المالية لعدم توفر المؤهلات الوظيفية. ولما أصر الوزير على تثبيت (الراضي) قرر مدير الموانئ تقديم استقالته، لكن الدولة العراقية الحكيمة قررت وقتذاك إعفاء الوزير من عمله وإعادة المدبر العام إلى منصبه لأنه كان على الحق. يا عمي عرب وين طنبورة وين ؟؟. . يتساءل العراقيون هنا وهناك عن اسباب ومسببات غياب العدالة الوظيفية ؟، وعن الدور السلبي الذي تلعبه الكيانات السياسية في تهميش اصحاب الكفاءات والمواهب والخبرات منذ عام 2003 ؟. . اللافت للنظر ان هذه الممارسات الخاطئة تجري على وجه الاعتياد امام أعيننا على الرغم من تصاعد أصوات النواب المنددين بالخروقات والانتهاكات الإدارية والمالية. وعلى الرغم من صيحات المتظاهرين والمحتجين ضد مافيات الفساد والإفساد، وعلى الرغم من تضخم ملفات الإدانة المعززة بالوثائق والأدلة، ومع ذلك تواصل الكيانات المتنفذة دفاعها المستميت عن كبار المفسدين، وتسعى جاهدة نحو تعزيز مراكز المفسدين ومنحهم صلاحيات مفتوحة. وربما تشجعهم في المضي قدما نحو إبرام العقود المليارية بلا دراسة جدوى. . كلمة اخيرة: لا ترهقوا انفسكم في التفكير فالثمار الفاسدة سوف تسقط لوحدها. . ولات حين مندم. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تسألوا عن العدالة الوظيفية
-
سرقة قطار البوابة الشرقية
-
شركات بحرية طردها العراق
-
فتاوى الهروب أمام الغزاة
-
دين جديد يتمدد وينتشر
-
مصلحة الشعب ام مصلحة الحزب ؟
-
هل العراق محافظة أردنية ؟
-
كتاب: غيّر عقلك - غيّر حياتك
-
مندوب عزرائيل في الشرق الأوسط
-
لم نكن حفاة ولا عراة
-
بلدوزرات تقسيم العراق
-
أنا لست بخير
-
علاقات دولية غير متوازنة
-
رميتهُ بعصا السنوار
-
أما أن يقولون خيرا أو يسكتوا
-
إطاريون يؤيدون (المؤيد)
-
معذرة يا جناب المستشار
-
(نريد نفتهم شنو الفيلم ؟)
-
المبتعثون العراقيون ومشاكلهم
-
تساؤلات شرق أوسطية
المزيد.....
-
السعودية.. الداخلية تعلن القبض على 4 مواطنين و3 من إثيوبيا و
...
-
سوريا وسقوط الدومينو.. نحو إسرائيل الكبرى؟
-
بعد وساطة تركية مع مصر.. عبد العاطي يعتزم زيارة دمشق ولقاء ا
...
-
فيتسو: وقف الغاز الروسي عن أوروبا سيكلفها 120 مليار يورو
-
القوات الروسية تتقدم غرب دونيتسك
-
الحكومة الأذرية تقول إن -تدخلاً خارجياً- وراء تحطم طائرتها،
...
-
محافظ دمشق: هناك أناس يريدون التعايش والسلام ومشكلتنا ليست م
...
-
هآرتس: حماس تستعيد قوتها بسرعة وعمليات الجيش الإسرائيلي في غ
...
-
الآلاف في بودابست يحصلون على وجبات العيد من محبي هاري كريشنا
...
-
فيفا: منتخب مصر بقيادة -العميد- على أعتاب إنجاز تاريخي
المزيد.....
-
The Political Economy of Corruption in Iran
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|