بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 06:57
المحور:
كتابات ساخرة
في المشهد السياسي المعاصر، تتجلى كلمة "أعداء" كعنصر أساسي يشبه أحداث فيلم أكشن مثير. رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يستخدم هذه الكلمة كتعويذة سحرية، محولا كل خطاب إلى عرض درامي مشوق. ففي حديثه حول الصراع في غزة، قال: "نحن نغير وجه الشرق الأوسط، لكننا ما زلنا في عين العاصفة وأمامنا تحديات كبيرة، ولا أقلل من شأن أعدائنا مطلقا". في هذا السياق، يتحول "الأعداء" إلى شخصيات خيالية تتربص في الظل، تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض.
لكن يطرح السؤال: هل نحن حقا في عصر الأعداء، أم أن هذه الكلمة أصبحت وسيلة لتبرير السياسات الفاشلة؟ في عالم مليء بالتحديات، يبدو أن استخدام "الأعداء" هو الأسهل لتفادي المسؤولية. بدلا من مواجهة الأزمات الداخلية، يعتمد القادة على فكرة "الأعداء" كذريعة لفشلهم. إنها استراتيجية سياسية قديمة، لكنها لا تزال تلاقي القبول من بعض الجماهير.
عندما نتأمل في مفهوم "الأعداء"، يجب أن نعي أنه ليس مجرد لفظ بل هو سلاح يستخدمه القادة لتوحيد الشعوب حول فكرة قائمة على الخوف والقلق. لكن، هل يعقل أن نعيش في حالة من الرعب المستمر من "الأعداء"؟ أم أنه حان الوقت لتغيير هذا المنظور وبناء جسور التفاهم بدلا من جدران الانقسام؟
من السخرية أن نعتقد أننا بحاجة إلى "أعداء" لنشعر بأننا على قيد الحياة. قد يستخدم البعض الصراعات الخارجية، مثلما يشير نتنياهو في سياق مقاومة غزة، كذريعة لتبرير إخفاقاتهم في معالجة القضايا الداخلية. بدلا من تكريس الانقسام، يجب أن نعمل على تعزيز الحوار وبناء علاقات قائمة على الثقة.
إن الأمر يتطلب شجاعة أكبر بكثير من مجرد استخدام كلمة واحدة في الخطاب السياسي لجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من "معركة". دعونا نتأمل في هذه الدراما السياسية ونتساءل: هل نحن بحاجة حقا إلى أعداء لنشعر بأننا أحياء، أم أن الحياة تصبح أكثر إشراقا عندما نبحث عن أصدقاء؟
في النهاية، يتطلب الخروج من دائرة "الأعداء" وعيا وشجاعة من الجميع. فربما تكون الحياة أجمل بكثير عندما نركز على بناء علاقات قائمة على التعاون والسلام. لنتجاوز هذه الأوهام السياسية ونتجه نحو عالم يسوده التفاهم، لأن السعي نحو الأصدقاء هو ما يجعل الحياة تستحق العيش.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟