أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مصطفى حقي - ... النساء في الإسلام ...؟















المزيد.....

... النساء في الإسلام ...؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1780 - 2006 / 12 / 30 - 12:35
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


( لمحة عن الكاتب وأعماله في مطلع مقالنا- معجزة القرآن) الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006
( استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهم عندكم عَوَانٍ لايملكن لأنفسهن شيئاً) هذا ما نُقِلَ عن النبي قوله في خطبةٍ خطبها في مكّة في حجّة الوداع عام 9/631
وفي المجتمع العربي قبل الإسلام ، لم تكن للنساء منزلة الأشخاص المستقلّين المالكين لزمام أمورهم ، بل كان يُنْظر إليهن على أنهنَّ من متاع الرجال . وكانت كلُّ ضروب معاملة النساء القاسية اللاإنسانية متاحةً ومعتادةً . ومثل أي شيء آخر في متاع الرجل، كانت المرأة تؤول إلى وريثه، الذي يمكنه عندئذٍ أن يتزوجها دون أن يقدم لها أيّة بائنة. فإذا أبت زواجه منها ، كان بمقدوره أن يحول دون زواجها ما لم تتخلّ له عن كل ما يمكن أن تكون قد ورثته ؛ فإذا رفضت ذلك ، أمكنه أن يمسكها حتى تموت فينتقل إليه ما تملكه. وقد ابطل نزول الآية 19 من سورة النساء هذا الظلم الشديد : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحلّ لكم أن تَرِثوا النساءَ كَرهاً ولا تعضلوهنّ
( تمسكوهن عن غيركم) لتذهبوا ببعض ما أتيتموهنَّ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة وعاشروهنّ بالمعروف ) .
أما القول في الآية 34 من سورة النساء إنّ( الرجال قوامون على النساء) فيطرح عدم مساواة الرجال والنساء من حيث الحقوق المدنية. وهذا القول يتلوه تفسيران موجزان لسبب علوّ كعب الرجال على النساء : ( بما فضّل الله بَعْضَهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ولا يُحدّد هنا بمض فضّل الله الرجال على النساء .
وبحسب تفسير الجلالين ، فإنّ الله فضّل الرجال عليهنّ بالعلم والعقل والولاية . أما الزمخشري والبيضاوي ، وعدد آخر من المفسرين فيفصّلون أكثر ويقيمون نظرياتٍ ميتا فيزيقية يشبّهون فيها سلطة الرجال على النساء بسلطة الحكام على الرعايا ، وينكرون أن النبوّة ، والإمامة ، والحاكمية مقصورة على الرجال لأنهم أقوى ، وأعلم ، أعقل . .. وفي الشرع الإسلامي ، ينال الورثة الذكور أكثر مما يناله الورثة الإناث ، ويُعوَّل على شهادتهم أكثر مما يًعَوّل على شهادتهنّ؛ وللدقة ، فإنّ للذكر من الإرث مثل حظ الأنثيين وشهادته أمام المحاكم بوزن شهادة امرأتين . والفروض الدينية من جهادٍ وصلاة جماعة في أيّام الجمعة ليست مفروضة على النساء . وحق الطلاق بأيدي الأزواج لا الزوجات . وثمة أعمال كثيرة ، كالآذان ، وإمامة صلاة الجماعة ، وخطبة الجمعة ، وركوب الخيل ، والرماية، والشهادة في الدعاوى الجزائية، هي مقصورة على الرجال حصراً .
ولابد أن يكون القرّاء قد لاحظوا ما تتّسم به الحجج التي تـُقدَّم دفاعاً عن سيطرة الذكور من ضعف المنطق وتهافته. فالنتيجة تُساء قراءتها بصورة تكاد أن تكون دائمة على أنها السبب . والواقع ، أن الشروط والعادات الاجتماعية هي السبب في قَصْرٍ كثيرٍ من الأعمال على الرجال وما ينجم عن ذلك من مكانة النساء المتدنية . غير أنّ عدم إشراك النساء في تلك الأعمال يبدو للرأي السائد على أنه نتيجة لدونية النساء وافتقارهنّ إلى الكفاءة والأهلية . هكذا تكون نظرة الشرع الإسلامي إلى النساء على أنهنّ يتسمن بالضعف هي السبب في أنّ الذكر يرث ما ترثه الأنثيان وشهادته تكافيء شهادتيهما . بيد أنّ هذه القيمة المتدنية ليست سبباً ، بل نتيجة ، لوضع النساء في مكانة متدنية .
فالحقائق واضحة تماماً ولا يمكن التهرّب منها بحججٍ خادعةٍ غرّارة. ففي المجتمعات البدائية جميعاً منذ فجر التاريخ ، تحمَّل الرجال عبء الكفاح لتأمين وسائل العيش، وبذلك أنْزِلَت النساء إلى المرتبة الثانية أو عومِلْنَ على أنهنّ نخبٌ ثانٍ من البشر ، كما يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه.
ولقد انطوت معاملة العرب القدماء للنساء كنخب ثانٍ من البشر على أوجهٍ تزيد بعض الشيء على الأوجه البربرية المعتادة. غير أنّ محمّداً تمكّن من أن يثلم حدّ هذه الهمجية ويمنح النساء عدداً من الحقوق الشرعية ( المحدّدة في معظمها في سورة النساء) ، وذلك عبر التشريع القرآني ، والحضّ ، والنُّصح ، والتذكير .
ومن وجهة نظر عقلانية فإنّ حجج المفسرين ليس لها سوى قيمة هزيلة ، إن كانت لها أية قيمة ، ذلك أنّها محاولات لتبرير الممارسات العربية . وهنا يصب أن ننحو باللائمة على أولئك المفسرين ، فقد كانوا بحاجة لأن يبيّنوا كيف ( فضّل الله بعضهم على بعضٍ) أما التفسير الثاني لقوامة الرجال في الآية 34 من سورة النساء ، أي إنفاق الرجال من أموالهم على النساء ، فهو أسلم منطقياً . فالرجل ينهض بعبء نفقات المرأة ؛ ولذلك فهي تعتمد عليه؛ ولذلك ينبغي أن تمتثل لأوامره ونواهيه. وهذا هو السبب في أنّ الزمخشري، والبيضاوي ، وكثيراً من المفسرين الآخرين يحسبون الزوج حاكماً أو سيداً والزوجة من الرعيّة أو أمَةً ويمكن التوصل إلى هذه النتيجة ذاتها من الجملة التالية في الآية 34 من سورة النساء : ( فالصالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حَفَظَ الله) . ومعنى ذلك أنّ المرأة الصالحة هي التي تطيع زوجها وتحفظ له نفسها في غيبته. ومن مؤَدَّيات ذلك أنّ الزوجات إنما يَعُدْنَ للأزواج وعليهن ألا ينسين ذلك . غير أن سورة النساء تقضي بحقوقٍ وواجبات لكلًّ من الرجال والنساء ، وهي تبين كيف أعان المشرّع الإسلامي جنس النساء بتغييره ما كان من ممارسات عربية قديمة . ومن الأمثلة على ذلك ما تأمر به الآيتان 20و21 الرجال:
( وإنْ أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بُهْتاناً وإثماً مبيناً* وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم على بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً) . فالرجل الذي يرغب في طلاق امرأته والزواج من جديد ، بعد أن كانت له خدمات زوجته يتمتّع بها ، محرم عليه أن يأخذ من الصَّداق أي شيء ، مهما يكن الصَّداق كبيراً ، فهو شرط مقرّر ومتَّفق عليه للزواج. ويمكن أن نستنتج من هذه الآية أنّ الزوج قبل الإسلام كان في العادة يسترد قدْراً كبيراً من الصَّداق الذي أعطاه امرأته أو كلَّه حين يطلّقها .
بيد أنّ هنالك مقطعاً يصادق على إحدى العادات العربية السابقة على الإسلام ويقرّها. وهذا المقطع هو ما يأتي في آخر الآية 34 متيحاً للزوج ضرب زوجته :
( واللاتي تخافون نُشوزَهنّ فَعِظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنَّ) .
ولاشكّ أنّ الرجال ، بقوتهم البدنية الأشدّ ، كانوا يلجأون إلى هذه الوسيلة الظالمة الخالية من الشّهامة منذ أقدم الأزمان، ولا يزالون يفعلون ذلك في القرن العشرين .
بيد أنّ مصادقة الشَّرع الإسلامي على هذا الفعل إنّما توفـّر للنقـّاد ما يحتاجونه من الذخيرة .
تعكس القوانين والشرائع السائدة في كل جماعة من الجماعات أسلوب حياة هذه الجماعة وعاداتها ، وأخلاقها. وعلاوة على شهادة الآية 34 من سورة النساء ، فإن هنالك أدلّة تاريخية على أنّ العرب القدماء كانوا ينظرون إلى الزوج على أنه مالك زوجته والمخوّل كل التخويل بأن يذيقها الألم . وقد نُقِل عن أسماء بنت أبي بكر رابعة زوجات الزبير بن العوام ( وهو واحد من صحابة النبي العشرة الأوائل ) ، أنّها قالت : ( كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير بن العوام فإذا غضب على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها ).
وللشرع الإسلامي في هذا الموضوع فضيلة التدرج على الأقـّل . فالموعظة أولاً، ثم الكفّ عن الجماع ، ولا يُلجأ إلى العنف طلباً لطاعة الزوجة إلاّ في آخر الأمر . ويرى كثير من المفسرين والمشرعين أنّ الضرب لا ينبغي أن يبلغ من الشدّة حدّ كسر العظم ، لأنّ ذلك يمكن أن يدفع إلى توسّل الحق الشرعي بمقابلة الأذى بمثله في النوع والدرجة . غير أنّ الزمخشري يكتب في شرحه الآية أنّ بعض المراجع لا تقبل التدرّج في عقاب الزوجة الناشز وتعتبر إنزال أيّ من العقوبات الثلاث متاحاً . وهذا بالطبع ما تَأوَّله الأئمة العرب المتعصبون مثل ابن حنبل وابن تيمية بيد أنّ المعنى جليّ ويثبته، علاوة على ذلك ، ما يأتي في الآية 35 : ( وإن خفتم شقاقاً بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً .
أما ضروب تحريم الزواج داخل الأسرة والعشيرة، مما يَرِد في الآية 23 من سورة النساء ، فموجودة في معظمها في الشرع اليهودي كما أنها مُتـَّبَعَة لدى العرب قبل الإسلام ، على الرغم من بعض الاستثناءات. وتنص الآية 22: ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلاّ ما قد سَلَف ) . فالأمر وخاصة ما يلحق به من تعديل ، يشيران إلى أنّ هذه الممارسة البغيضة كانت سارية بين العرب قبل الإسلام . وتحريم الزواج من المحصنات ( ذوات الأزواج) في الآية 24 من هذه السورة ليس بالجديد . وما يستوقف هو الاستثناء الذي تجريه هذه الآية لمصلحة مالكيّ الإماء . فالأمة المُشْتراة أو المَسْبية يمكن أن تنكح دون وازعٍ أخلاقي أو مانع شرعي ولو كان لها زوج . ويَرِدُ تفسير ذلك في خبر يورده ابن سعد : أصبنا صبايا من سبي أوطاس( قرب حنين) لهنّ أزواج فكرهن أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي (ص) فنزلت
( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) فاستحللنا بها فروجهن ..
بيد أن الآية 24 ذاتها تقدّم دليلاً على كلّ من اهتمام النبي بحقوق النساء ورداءة ممارسات ذلك العصر ، حيث يَرِدُ في آخر هذه الآية : (وأحِلَّ لكم ما وراء ذلك ( أي سوى ما حُرِّم عليكم من النساء) أن تبتغوا بأموالكم مُحْصِنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنَّ أجورهنّ فريضةً ولا جُناحَ عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) . وعلى القول ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنَّ( أي الصداق) يتعلق السؤال عمّا إذا كان الزواج المؤقت جائزاً في الشرع الإسلامي . فعلماء السنّة يرون أنه ليس بجائزٍ لأنهم يعتقدون أنّ نزول هذا القول كان بعد فتح المسلمين مكة وظلّ سارياً لثلاثة أيام وحسب ، أُوقِفَ بعدها . أما الشيعة فيرون أنّ هذا الضرب من النكاح يقرّه الدين .
وثمة أمرٌ قرآني آخر ، هو ما يَرِدُ في الآية 10 من سورة الممتحنة ، يلقي الضوء على الشروط الاجتماعية وأهمية العامل المالي في العلاقات بين الرجال والنساء في تلك الأيام : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ الله أعلم بإيمانهنَّ فإن علمتموهنَّ مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفار لا هُنّ حِلٌ لهم ولا هُمْ يحلّون لهنَّ وآتوهم ( آتو الكفار) ما أنفقوا ( على تلك النساء) ولا جُناح عليكم أن تَنْكِحوهنّ إذا أتيتموهنّ أجورهنَّ ولا تُمْسِكوا بِعِصَمِ الكوافر واسألوا ما أنقتم وليسألوا ما أنفقوا ) هكذا ، فإنه إذا ما أسلمت امراة متزوجة وفرّت على المسلمين ، فقد زوجها الكافر حقّه بها ؛ فلا ينبغي أن يعيدها المسلمون إليه إذا ما طلب ذلك ، لكنه عليهم أن يعوضوه ما أنفقه عليها . وبالمثل ، فإنه إذا أصرّت زوجة المسلم على شركها فكانت بذلك طابوراً خامساً كامناً ، لا ينبغي عليه أن يلحّ على الاحتفاظ بها بل ينبغي أن يعيدها إلى أهلها شريطة أن يستردّ منهم ما أنفقه عليها .
ونجد في مقاطع متعددة من سورة البقرة مزيداً من الأدلة على اهتمام محمد الإنساني بثني العرب عن إساءة معاملة نسائهم . ففي الآية 231 : ( وإذا طلقتم النساء فبلغنَ أجَلَهُنّ فامسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهن بمعروف ولا تمسكوهنَّ ضِراراً لتعتدوا ) ومعنى ذلك أنه إذا ما رمى الزوج الطلاق على زوجته ، وقاربت المرأة انقضاء عدّتها التي يمكن لها بعدها أن تتزوج من جديد، فعليه ألا يجبرها على معاودة الزواج منه . فقرار استئناف زواجهما ينبغي أن يُتّخَذ بمعروف وعلى نحوٍ سلمي ، ولا ينبغي أن تُنْتَهَك حقوقها بتهديدٍ بأن تدفع فدية أو بتطويل حبسها .
ويرد في الآية 232 مزيداً من التأكيد على هذا الأمر : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجَلَهنَّ فلا تَعْضُلوهنَّ أن يَنْكِحْنَ أزواجهنَّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ) ويقال أن سبب نزول هذه الآية هو ما كان من معقل بن يسار من سلوك عنيف إذ أراد منع أخته من الرجعة إلى زوجها الذي كان قد طلّقها .
وثمة في سورة البقرة موضوعٌ آخر قلّما يُناقَش ، وهو غير ذي صلة بموضوعنا الراهن بمعنى الصلة الدقيق ، ولكني أتناوله هنا لما يلقيه من نظرة خاطفة أخرى على الشروط الاجتماعية زمن النبي محمد وعلى تلك الضروب من الأسئلة التي كان يُرْجَع فيها إليه . ففي الآية 222:(ويسألونك عن المحيض قلْ هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهنَّ حتى يَطْهُرْنَ فإذا تطهرنَ فأتوهن من حيث أمَركُم الله ) وبحسب تفسير الجلالين ، فإن ذلك يعني من حيث تجنّبتم في الحيض وهو القبل ، غير أنّ الآية التي تليها مباشرة 223 تبدو كأنها تنقل معنىً آخر مختلفاً بل يكاد أن يكون مناقضاً : (نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم ). ويشرح تفسير الجلالين معنى ( أنىّ شئتم) بأنه كيف شئتم من قيام وقعود واضطجاع وإقبال وإدبار – ويقول إنّ ذلك قد نزل رداً لقول اليهود : من أتى امرأته في قبلها أي من جهة دبرها جاء الولد أحول . ويرى السيوطي أنّ القول ( من حيث أمركم الله ) في الآية 222 قد نـُسِخَ بالآية 223 وأنّ النسخ قد جرى بعد أن احتجّ عمر وعددٌ من صحابة النبي الآخرين . فآهل الكتاب ( اليهود والنصارى) لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، وكان الأنصار قد أخذوا بذلك . أما المهاجرون فكانوا يشرحون النساء شرحاً على عادة قريش وسواهم من المكيين ، فيتلذذون منهنّ مقبلات مدبرات ومستلقيات . فلما قدِم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها كذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف – فسرى أمرهما ، فبلغ ذلك النبي ، فأنزل الله ( نساؤكم حرث لكم فآتوا حرثكم أنّى شئتم ) ، معطياً للرجال حرية التصرف والاختيار في هذا الأمر . وبحسب ابن حنبل والترمذي فإن معنى الآية هو ( من قبل أو من دبر ، مستلقيات على ظهورهنّ أو منكبات على وجوههن ) وأن نزولها كان بعد أن جاء عمر إلى النبي ، فقال :
( يا رسول الله ، هلكت ، قال : وما أهلكك ؟ قال: حوّلت رحلي الليلة فلم يرد عليه
شيئاً ) .
ونرى من آيات القرآن وتعاليم الإسلام أنّ مكانة النساء في المجتمع العربي القديم كانت متدنية أشدّ التدني وأنّ الرجال كانوا يعاملوهن بأشدّ القسوة . وعلى سبيل المثال ، فإن الآية 33 من سورة النور تحرّم على مالك الإماء أن يحرز كسباً مالياً يدفعهن إلى البغاء دون أن يردن ذلك : ( ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء إنْ أردْنَ تحصّناً لتبتغوا عَرضَ الحياة الدنيا ) ويقال إن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبيّ الذي كان يُكْرِه جواريه على الكسب بالزنا . وثمة أدلة على أنه لم يكن الآثم الوحيد وأنّ استغلال الإماء على هذا النحو الوحشي بإكراههن على البغاء وسرقة ما يكسبنه قد كان صناعة كبيرة تماماً في ذلك الوقت .
وبعد فتح المسلمين مكة ، جاء وفدٌ كبير من المكّيات إلى النبي يبايعنه ويسْلمنَ . وكان ذلك سبب نزول الآية 12 من سورة الممتحنة . التي جعلت دخولهنّ الإسلام مشروطاً بإيمانهنّ وسلوكهنّ : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتان يفترينه من بين أيديهنّ وأرجلهنّ ( أي يكذبن أبوة ولد ) ولا يعصينك في معروف فبايعْهُنّ واستغفر لهنّ الله .
إنّ أهمية هذه الشروط الموضوعة لدخول الإسلام لواضحةٌ بذاتها. كما كان من العادات الرديئة التي توجّب على النساء تركها النياحة وتمزيق الثياب وجز الشعور وشقّ الجيب وخمش الوجه . وبعد نزول قائمة الشروط هذه ، رُوِيَ أنّ هنداً بنت عتبة ، زوجة أبي سفيان وأم معاوية الخليفة المقبل ، قد قالت : ( وهل تزني الحرّة )
وكان وأد البنات واحداً من الممارسات الشنيعة التي حرمّتها تعاليم الإسلام . وفي الآيتين 8و9 من سورة التنوير : ( وإذا الموؤدة سُئِلَت * بأي ذنبٍ قـُتِلَت ) .
فالعرب القدماء كانوا يعلون من شأن البنين ويتباهون بهم ، وينظرون إلى البنات على أنهنّ عار وعثرة . وكانوا أجْهَل من أن يروا أن استمرار الجنس البشري يتوقف على ولادة البنات . ولقد صوّرت الآيتان 58,59 من سورة النحل موقفهم هذا ذلك التصوير المؤثر والمفعم بالحيوية : ( وإذا بُشِّرّ أحدُهُم بالأنثى ظلَّ وجهه مُسْوِداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هُونٍ أم يدُسّه في
التراب ) .
من كتاب 23 عاماً في الممارسة النبوية المحمدية
الكاتب : علي الدشتي وترجمة ثائر ديب وإصدار رابطة العقلانيين العرب..



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبوّة والحكم .....؟
- سياسة التقدم نحو السلطة ....؟
- الكاتب القاص المدمن عشقاً صبحي دسوقي يبتهل لنارا....؟
- بداية اقتصادية على أموال اليهود...؟
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - التغيّر في شخصية مح ...
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية-بشرية محمّد
- الشاعر الإنسان عايد سراج غيفارا يبحث عن صديق ...؟
- معجزة القرآن .. ومواهب الرسول الفكرية واللغوية وقوته على الإ ...
- نصف عقد في حوار حضاري متمدن ...
- مهرجان الرقة المسرحي الثاني وانحسار النص المحلي..؟
- حتمية انتصار الثقافة مطلب حضاري ..سيادة الوزير
- .. الضحايا يغتصبون الضحايا..؟
- حدث غير واقعي ، ومع ذلك تعاملت معه المدينة بمنتهى الواقعية . ...
- رسالة إلى نبيل عبدالكريم ...؟
- ..العلمانية مابين الأممية والقومية ...؟
- لو كان الحجاب رجلاً لحجّبته ...؟
- صفعة المرأة في اسياد المال حطّمت باب الحارة ...؟
- لقد أخرسنا الغرب فعلاً....؟
- ..لما كان القضاء بخير سننتصر حتماً.... ودقي يامزيكا ...؟


المزيد.....




- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مصطفى حقي - ... النساء في الإسلام ...؟