|
ما هي دلالات الموقف الفرنسي الأخير من نزاع الصحراء الغربية – قراءة تحليلة –
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 20:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" البوليس المجرم الرديء قطع الكونكسيون عن منزلي " أدى الموقف الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، بشأن نزاع الصحراء الغربية ، ببرلمان الملك محمد السادس ، الى ردود بين المؤيد وبين الرافض .. وطبعا الموقف الفرنسي لم يكن متوقعا ، لانه تسبب في زلزال بالمنطقة ، خاصة من طرف الجزائر التي لم تهضم الموقف الفرنسي ، واعتبرته شادا وغير مستساغ ، والمرفوض ، لان قضية الصحراء الغربية ، ومنذ خروجها الى العلن في سنة 1975 ، الجميع وبما فيهم فرنسا ، اعتبروها من اختصاص الأمم المتحدة ، وحدها لا لا غير . فالنظام السلطاني المزاجي رفض تولي الاتحاد الإفريقي مباشرة النزاع ، رغم ان النزاع في افريقيا وليس في قارة أخرى .. ان الموقف الفرنسي هذا ، اربك جميع السيناريوهات ، وبما فيها التي بشرت بنهاية النزاع ، باستقلال الصحراء ، طبعا ليس بالسلاح ، بل بالمشروعية الدولية ، التي تفاقمت منذ سنة 1975 ، بقرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. وكلها قرارات لم تكن في صالح مغربية الصحراء ، كما رفضت حل الحكم الذاتي الذي تقدم به الملك من جانب واحد في ابريل 2007 .. فهل حقا تصرفت فرنسا ، ضد القانون الدولي ، وضد المشروعية الدولية ، وضد الأمم المتحدة التي تعتبر صاحبة الاختصاص ، دون غيرها من المؤسسات الفاعلة كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي .. ويصبح السؤال . هل حقا اعترفت باريس واعترف قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافها بالحل الحكم الذاتي المرفوض من قبل المعنيين به ، جبهة البوليساريو والجزائر ، ومن قبل مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ... ؟ . وما هي القيمة المضافة للموقف الفرنسي الذي فاجئ الجميع من حسم مغربية الصحراء ، التي اعتبر الرئيس الفرنسي انها لا تكون غير تحت السيادة المغربية ، ومن ثم رمي كل المشروعية الدولية ، والمبادرات المختلفة ، رغم نجاح قلتها ، وفشل اكثريتها ، في المزبلة الطبيعية ، وليس في مزبلة التاريخ ، لان التاريخ ليس له مزبلة .. الموقف الفرنسي ، فعلا جاء بجديد هذه المرة ، وهو جديد قلب التنظيرات رأسا على عقب .. وخطورة القرار الفرنسي ، انه اخلط من جديد المواقف ، بين فرنسا الدولة التي تمتلك سلاح الفيتو ، النقض بمجلس الامن ، وبين فرنسا الدولة كسائر الدول ، دون الإشارة الى وضعها القانوني داخل مجلس الامن ، وهو وضع ليس بالسهل تغييره ، حتى اذا جاء الى قصر الاليزيه L’Elysée أحزاب أخرى غير اليمين الفرنسي الشوفيني ، او الحزب الاشتراكي ، وباستثناء الحزب الشيوعي الفرنسي ، وتنظيمات اليسار المتطرف .. كلها ايدت الحل الذي ينتهي ببقاء الصحراء تحت السيادة العلوية .. وهذا الموقف خلق متاعب جمة للنظام الجزائري ، الذي خضع للاحتلال الفرنسي لما يزيد عن 144 سنة ، بعد الاحتلال التركي السابق . ومرة أخرى . هل اعترف قصر الاليزيه L’Elysée بمغربية الصحراء ، عندما اعترف الرئيس Emanuel Macron ، بحل الحكم الذاتي ، الذي رفضته باريس سابقا ، وعادت لتعترف به مجددا ، وهي سوقت لهجمة لم تكن منتظرة من فرنسا ، ضد ( اعتراف ) الرئيس الأمريكي Donald Trump بمغربية الصحراء ، مقابل اخراج العلاقات بين الدولة المخزنية المزاجية والبوليسية ، وبين إسرائيل ، ووضعها فوق الطاولة لا تحتها .. ومع ذلك ، ورغم عدم دستورية قرار الرئيس Trump ، فمجيء إدارة ديمقراطية الى البيت الأبيض ، ابطل اعتراف Trump المحتشم ، وارجع اصل الصراع الى الأمم المتحدة ، مجلس الامن والجمعية العامة ، والرئيس الديمقراطي John Biden ، هو من كان وراء تعيين المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في شأن الصحراء الغربية ، Stefan de Mistura ، الذي ارجع النزاع الى سلطة الاختصاص ، الأمم المتحدة .. فهل سيكون اعتراف Emanuel Macron ، شبيها باعتراف Donald Trump ، حتى مجيء الديمقراطيين الى البيت الأبيض .. ؟ . ان اعتراف الرئيس Emanuel Macron ، بحل الحكم الذاتي ، وهو ما يعني ، وكما قال الرئيس الفرنسي ببرلمان الملك ، يجب ان يكون حل الصحراء ، ببقائها تحت سيادة الدولة المغربية ، لا خارجها .. فالرئيس الفرنسي ، كان يتعامل مع نزاع الصحراء الغربية ، ليس بسبب القانون الدولي ، وليس بسبب قرارات القضاء الأوربي ، ولا قرار محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، ولا بسبب قرارات الاتحاد الأوربي ، وليس بسبب قرارات مجلس الامن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. وليس بسبب الحقيقة التي تنطق بها الوثائق ، والمستندات ، والخرائط حول الصحراء ، والتي توجد بيد قصر الاليزيه L’Elysée ، كما يوجد جزء مهم من هذا الوثائق الثابتة ، بيد حكومة الظل الاسبانية التي تعرف اصل مشكل الصحراء ، من خلال الوثائق والمستندات والخرائط ، وهي التي احتلت الصحراء لقرون ، دون ان تضيف لها جديدا ، مثل الاستعمار الفرنسي الذي بنى القناطر والطرقات والمؤسسات .. فخطورة الرئيس الفرنسي ، التي أصبحت متعارضة مع كل هذا الإرث ، اعترفت بمشكل الصحراء في مغربيتها ، من منظار استعماري بحث وخالص .. وليس من منظار وقناة المشروعية الدولية .. فالرئيس الفرنسي ، يعلم ان اعترافه بحل الحكم الذاتي ، وبمغربية الصحراء ، ومن داخل برلمان الملك ، لن يضيف جديدا على الوضع القانوني للصحراء ، التي ستظل تخضع للمشروعية الدولية ، خاصة رمي قرارات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، ورمي قرارات محكمة العدل الاوربية ، وحكم محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 .. عرض الحائط .. أي ان الهدف من اعتراف الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، رغم أهميته الاستعراضية ، لن يضيف جديدا للوضع القانوني لنزاع الصحراء الغربية . وكما ان اعتراف رئيس الحكومة الاسبانية Pedro Sanchez ، لم يغير شيئا في الوضع القانوني للصحراء ، لان اسبانية الدولة لا تعترف بمغربية الصحراء ، لأسباب لها علاقة سلبية بالحضارة الاسبانية La civilisation espagnole ، فان اعتراف الرئيس الفرنسي ، بحل الحكم الذاتي ، كان اعتراف استعمار في اصله . لأننا يحق لنا ان نصف قرار الرئيس الفرنسي الداهية وأكرر الداهية ، مثل دهاء Pedro Sanchez الذي تراجع عن اعترافه ، لأنه لم يجد له مخاطبا من قبل حكومة الظل الاسبانية ، التي يرأسها القصر الملكي الاسباني ، ولا مخاطبا من قل الأحزاب السياسية الاسبانية ، خاصة أحزاب اليمين المحافظ على الخط " الازري " José Maria Aznar ، واليمين الوطني الشوفيني كحزب Vox ... ونفس الشيء نقوله عن ذوبان اعتراف Trump الذي تحلل من اعترافه بمغربية الصحراء ، عندما جدد شروطا تعجيزية غير مقبولة ، وعندما طغى الخط الديمقراطي ل John Biden ، الحزب الديمقراطي ، على الساحة الامريكية ، خاصة السكن في البيت الأبيض ... فان اعتراف الرئيس الفرنسي الداهية ، بحل الحكم الذاتي ، لن يحسم مغربية الصحراء قطعا ، بل ان الهدف الفرنسي كان " الجرجرة " ، أي جرجرة النزاع الى ان يرث الله الدنيا وما عليها .. فلا دول الفيتو سيقبلون الخروج عن المشروعية الدولية ، ولا فرنسا ستؤثر في مواقف هذه الدول ، لان بالنسبة لها نزاع الصحراء سيبقى مفتوحا ، طالما انه مشروع استنزاف لمقدرات اطراف النزاع ، النظام المزاجي المخزني والبوليسي ، ونظام العسكر المخزن الجزائري .. فغدا يمكن لرئيس اخر دخل قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، ان يتراجع عن تصريحات الرئيس Emanuel Macron .. وسواء بقي Macron ثابتا في تصريحاته ، او تراجع عنها ، فلن يضيف موقف الرئيس الفرنسي جديدا للوضع القانوني للنزاع ، وستبقى قضية الصحراء يبحثها مرة في السنة مجلس الامن ليصدر قرارا منسوخا عن القرارات السابقة منذ سنة 1975 ، وستبقى اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار تجتمع في دوراتها ، ومعتبرة الصحراء من الأقاليم التي تنتظر تصفية الاستعمار ... وهكذا .. فبدون الاخذ بعين الاعتبار منطلق الاليزيه L’Elysée الاستعماري ، لان نزاع الصحراء لن يحل ابدا .. فان الجرجرة ، جرجرة الصراع ، كان هو ملخص اعتراف الرئيس الفرنسي بحل الحكم الذاتي .. وليستمر الاستنزاف للمنطقة ، ويستمر النزاع دون ان يجد له حلا ، لعشرات السنين القادمة ... ان مشكلة الصحراء الغربية ، وامام تطاول الاستعمار ، كالفرنسي الذي عكسه خطاب Emanuel Macron ، وامام خطورة الجرجرة التي ستكوي الشعوب المفقرة ، يجب حلها دون اللجوء الى الخيارات العدمية والمتطرفة . فلقاء اطراف النزاع ، هو لبحث الحل الناجع الذي سيكون فيه الجميع قد لقي شخصه ، دون طرف غالب ، وطرف مغلوب .. وان ينظر الجميع الى المستقبل ، الذي يجب ان يكون مغرب الشعوب ، لا مغرب فلان او علان .. والاّ ان تحسمه الحرب القوية .. ومن يتابع ما يطلقونه عليه بالحرب منذ 13 نونبر ، غزوة الگرگرات ، سيخجل من هذه ( الحرب ) التي لن تصل الى حرب ستة عشر سنة ، من 1975 والى 1991 ، تاريخ توقيع اتفاقية وقف الحرب ... وحذاري السقوط في حرب بين النظامين الجزائري والنظام المخزني .. واكاد استنتج ، وأشم من موقف الرئيس الفرنسي الأخير ، جر اطراف الصراع الى حرب مدمرة ، على شاكلة الحرب العراقية الإيرانية التي طالت ثماني سنوات .. ستصفق باريس للحرب ، كما ستصفق تل ابيب ، وواشنطن .. وستصفق روسيا والصين .. لان رواج الشركات الاوربية خاصة الفرنسية والإسرائيلية ، والشركات الروسية والصينية ، ستتجاوز المحن التي تمر بهم ... لكن لن يشارك احد النظام المزاجي المخزني في حربه مع الجزائر . ولن يشارك احد روسي او صيني ، الجزائر في حربها ضد المغرب ... فموقف الرئيس الفرنسي الأخير ، هو موقف استعماري ، وموقف جرجرة ، ودعوة وتحريض على الحرب .. التي يجب رفضها .. لأنها قد تسبب حتى في سقوط أنظمة سياسية .. وفي توزيع جغرافي للمنطقة ، يتعدى الصحراء ، ويتعدى الريف ، كما يتعدى القبايل الجزائرية .. لتصبح جغرافية جديدة مرتبة استعماريا على المقاص ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسبانية – فرنسا ونزاع الصحراء الغربية
-
الآن توضح الموقف الاسباني والفرنسي من نزاع الصحراء الغربية .
-
القيادة الثورية عند نزول الشعب الى الشارع
-
الشارع
-
كيف يمكن تغيير النظام .
-
مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا
...
-
فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن
...
-
مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة
...
-
اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
-
اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا
...
-
هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
-
وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 /
...
-
حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك
...
-
محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء ..
...
-
يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر
...
-
قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
-
الجزائر تفرض التأشيرة فقط على المغاربة
-
القضية الصحراوية والقضية المغربية
-
الرعايا التائهة
-
هل حصلت صدفة ، أم هو مكر التاريخ
المزيد.....
-
الجيش المصري يرد على مزاعم -التعاون مع إسرائيل- في عملياتها
...
-
البنتاغون: الولايات المتحدة ستزيد من انتشار قواتها في شبه ال
...
-
بيلاوسوف: قوات الردع الاستراتيجي نفذت ضربة نووية ضخمة
-
أكسيوس: إيران تستعد لرد كبير على إسرائيل من العراق خلال أيام
...
-
كيف يمكن أن تؤثر الانتخابات الأميركية على منطقة الشرق الأوسط
...
-
كيف كشفت الحرب في الشرق الأوسط -ازدواجية المعايير- الغربية؟
...
-
جنرال أوكراني متقاعد يؤكد فشل قانون التعبئة ويتحدث عن حالات
...
-
هل يقبل حزب الله شروط إسرائيل للهدنة؟
-
Sharp تعود لعالم الهواتف بجهاز متطور
-
حقائق مثيرة للاهتمام عن الدم
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|