|
العمة دبة الجزء الثاني
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 8145 - 2024 / 10 / 29 - 09:57
المحور:
الادب والفن
شيطان البحر
الببغاء في فراشه ، الثعلب يتطلع إليه
الثعلب : تأخرت العمة دبة . الببغاء : وقد تتأخر أكثر . الثعلب : لا بأس ، سأنتظرها بعض الوقت . الببغاء : كما تشاء . الثعلب : لقد وعدتني بقرص عسل . الببغاء : ما أعرفه ، إن العسل الذي كان عندها ، قد نفد . الثعلب : لا ، بقي عندها عدة أقراص ، وقد وعدتني بقرص ، قرص واحد فقط . الببغاء : قد تتأخر ، حتى بعد المساء ، إذا لم تقابل السلحفاة العجوز . الثعلب : السلحفاة العجوز ! الببغاء : إنها تنتظر مقابلتها منذ أيام . الثعلب : هذه سلحفاة كذابة خرفة . الببغاء : لقد وعدتها أن تأتيها من الأعماق ، بمعلومات دقيقة عن .. شيطان البحر . الثعلب : شيطان البحر ! الببغاء : هذا ما قالته العمة دبة ، والحقيقة أنا لا أعرف أي شيء عن شيطان البحر هذا . الثعلب : يا للعمة دبة ، تسأل هذه السلحفاة الخرفة عن الشيطان ، وأنا موجود ؟ إنّ أحداً هنا لا يعرفه أكثر مني . الببغاء : ثعلب . الثعلب : إن جدي العظيم ، الذي يعرفه الجميع ، حكى لي قصته كاملة . الببغاء : جدك ! ذاك الذي مات مخبولاً ، بعد أن فاجأه الأسد عند النبع ؟ الثعلب : لا ، كان ذاك جدي لأبي ، إنني أتحدث عن جدي العظيم ، جدي لأمي . الببغاء : " يهمهم " هم م م م . الثعلب : ثم إنني قابلتُ هذا الشيطان شخصياً ، وتبادلنا الحديث . الببغاء : حقاً ! الثعلب : إنني أعرفه كما أعرفك أنت ، يا ببغائي العزيز . الببغاء : مهلاً ، أظن أن العمة دبة ، لديها في مكان ما ، قرص صغير من العسل . الثعلب : هذا ما وعدتني به . الببغاء : حدثني عن شيطان البحر . الثعلب : وقرص العسل الصغير ؟ الببغاء : اعتبره بين يديك . الثعلب : يقول جدي ، جدي لأمي ، إن صياد سمك مغامر ، أحبّ حورية بحر ، وتزوجها على ضوء القمر . الببغاء : آه ضوء القمر ، إن مثل هذه الحكايات الجميلة ، لا تحدث إلا على ضوء القمر . الثعلب : وبعد أشهر معدودات ، أنجبت حورية البحر توأمين ، الأول عاش على البر ، والآخر عاش في أعماق البحر . الببغاء : لابد أنك إذن التقيت بالشيطان ، الذي يعيش على البر . الثعلب : لا ، تصور ، التقيت بشيطان البحر . الببغاء : آه . الثعلب : ذات ليلة ، كنتُ أنتظر حبيبتي ، عند شاطئ البحر .. الببغاء : على ضوء القمر . الثعلب : بالضبط . الببغاء : آه . الثعلب : وبدل أن أرى حبيبتي ، رأيته .. الببغاء : شيطان البحر ! الثعلب : ورغم شجاعتي الفائقة ، التي ورثتها عن جدي .. الببغاء : جدكَ لأمكَ . الثعلب : لا ، جدي لأبي .. الببغاء : " يهمهم " هم م م م . الثعلب : جمدتُ من الخوف . الببغاء : أوه . الثعلب : طويل ، جلده مكسو بشعر كشعر الخنازير ، أنيابه مثل أنياب الذئب ، وله قرنان كقرني الكبش ، وكذلك له ذيل طويل كذيول القردة . الببغاء : وتحدثت إليه ؟ الثعلب : نعم ، تحدثت إليه ، وتحدث إليّ ، حتى غاب القمر . الببغاء :ماذا دار بينكما ؟ الثعلب : الحقيقة .. " يصمت " .. الببغاء : نعم ، حدثني عما دار بينكما . الثعلب : سأحدثك ، لكني جائع . الببغاء : " يقفز من فراشه " مهلاً ، سآتيك بقرص العسل حالاً .
الببغاء يدخل المخزن ، ثم يعود حاملاً القرص
الببغاء : " يقدم له القرص " تفضل . الثعلب : " يختطفه منه " أشكركَ . الببغاء : والآن حدثني عما دار بينك وبين شيطان البحر . الثعلب : " " يستدير ويتجه نحو الباب " .... الببغاء : أيها الثعلب ، تمهل ، لم تحدثني عن .. الثعلب : " لا يتوقف " إنني متعب الآن " وهو يخرج " سأحدثك فيما بعد . الببغاء : " يقف مذهولاً " لم يحدثني عن شيطان البحر " يصمت مفكراً " أهو يكذب ؟ لا أظن ، إنني لستُ أبلهاً إلى هذه الدرجة " ينصت " ها هي العمة دبة قادمة ,
تدخل العمة دبة ، وقد بدا عليها الارتياح
الببغاء : يبدو أنك التقيت هذا اليوم بالسلحفاة العجوز . العمة : وحدثتني بكلّ شيء عما يتعلق .. بشيطان البحر . الببغاء : وقالت إنه يشبه صياد سمك ضخم .. العمة : " تنظر إليه مندهشة " .... الببغاء : له قرنان .. وأنياب بارزة .. وذيل كذيل القرد . العمة : يبدو أن الثعلب كان هنا . الببغاء : لقد وعدتِه بقرص عسل . العمة : لم أره منذ عدة أيام ، ولم أعده بأي شيء مطلقاً . الببغاء : السلحفاة العجوز ، ماذا قالت لك عن .. شيطان البحر . العمة : لكن الثعلب .. الببغاء : دعينا منه ، حدثيني عما قالته السلحفاة العجوز ، هذا ما أريد أن أعرفه . العمة : ’ه .. السلحفاة العجوز .. الببغاء : نعم ، حدثيني . العمة : شيطان البحر ، سمكة غريبة ، تعيش في أعماق البحر .. الببغاء : " يتمتم " سمكة ! العمة : يبلغ طول أكبرها ، التي تعيش في البحار المدارية ، سبعة أمتار ، وتبدو حين تسبح في البحر ، أو تثب فوق الماء ، كأنها خفاش ضخم ، وهي رغم اسمها مسالمة ، وغير مؤذية . الببغاء : هذا هو شيطان البحر إذن ؟ العمة : ببغاء .. الببغاء : إنني متعب " يتجه نحو سريره . العمة : " تتابعه بنظرها " لا أدري لماذا أظن ، أن الثعلب اللعين كان هنا .
الببغاء يرقد في سريره ، دون أن يتفوه بكلمة إظلام
13 / 8 / 2014
السمكة السيارة
الببغاء يذرع البيت مدمدماً جيئة وذهاباً
الببغاء :آه ما أشق الحياة ، مع هذه الدبة ، صحيح إنها مُحبة وطيبة ، لكن ضيوفها الذين تستقبلهم كلّ يوم ، أصبحوا لا يطاقون ، وخاصة .. الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : " يتوقف " ها هو خاصة . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : " وهو يصعد إلى فراشه " العمة ليست هنا . الثعلب : " يطل من الباب " هذا وقت عودتها إلى البيت ، ربما لن تتأخر . الببغاء : بل ستتأخر . الثعلب : " يدخل " ضيف كبير ، جاءها بهدية نادرة ، يا ببغاء . الببغاء : ضيوف .. ضيوف .. آه . الثعلب : " بصوت هامس " لا ترفع صوتك ، هذا أمر غير لائق ، لا تقبله العمة دبة " يشير إلى الخارج " الضيف بالباب . الببغاء : " ينظر إليه محنقاً " .... الثعلب : " يلتفت إلى الباب " تفضل ، يا سيدي ، تفضل .
يدخل دب ضخم ، وفي يده لفافة
الدب : " بصوت رقيق " صباح الخير ، يا سيدي الببغاء . الببغاء : " مندهشاً " صباح النور . الدب : عفواً للإزعاج ، لولا هذه الهدية النادرة ، ما كنت لأجيء في هذا الوقت . الببغاء : " ينظر صامتاً إلى اللفافة " .... الثعلب : سمكة . الببغاء : سمكة ! الثعلب : " يهز رأسه " .... الببغاء : ستأتي العمة دبة الآن ، ومعها سلة كاملة من السمك . الدب : ليس كهذه السمكة . الببغاء : السمك سمك مهما اختلفت أنواعه . الثعلب : إنها سمكة .. حية . الببغاء : حية ! الثعلب : نعم ، حية ، مثلي ومثلك . الببغاء : مهما يكن ، ضعها على المائدة . الثعلب : قلتُ لك إنها حية ، وقد تهرب إذا وضعتها .. الببغاء : يبدو أن أحدنا مجنون . الثعلب : ليس أنا . الدب : من الأفضل ، أن أبقي هذه السمكة في يدي ، حتى تأتي العمة دبة ، فأقدمها لها بنفسي . الببغاء : أيها الدب .. الدب : " يضع السمكة على المائدة " أنظر "السمكة تتحرك " . الببغاء : " مذهولاً " آه . الثعلب : " يمسك السمكة " .... الببغاء : خذها منه وإلا لن تصل العمة دبة . الدب : " يمد يده إلى الثعلب " هاتها . الثعلب : " يقدم له السمكة " إنها سمكة نادرة حقاً ، وستفرح بها العمة دبة . الببغاء : وأنت تحب السمك كثيراً ، وخاصة النادر منه . الثعلب : " يبتسم له مهدداً " .... الببغاء : " ينظر إلى الباب " ها هي العمة دبة ، قد جاءت .
تدخل العمة ، حاملة سلة مليئة بالسمك
العمة : " فرحة " آه لدينا ضيوف . الببغاء : " محنقاً " كالعادة . العمة : الضيوف دائماً ضيوف ، وعلى الرحبة والسعة . الثعلب : أنا لستُ ضيفاً ، أنا من أهل الدار " يقدم لها الدب " هذا الدب الكبير الفاضل هو ضيفنا جميعاً . العمة : " للدب " أهلاً ومرحباً . الثعلب : جاءكِ بهدية .. الببغاء : سمكة . العمة : " تضع السلة على المنضدة ضاحكة " وما أكثر السمك عندنا . الثعلب : ليس كهذه السمكة . الببغاء : إنها سمكة حية . العمة : تنظر إلى الدب " .... الدب : " يضع السمكة على المنضدة " انظري إليها بنفسكِ . العمة : " تحدق فيها " آه . الثعلب : لقد قلتِ ، أيتها العمة ، إن السمك يموت إذا خرج من الماء . العمة : " تنظر إليه " إلا السمك الرئوي . الثعلب : السمك الرئوي ! العمة : السمك عامة يتنفس الهواء المذاب بالماء ، بواسطة الخياشيم ، ولهذا فإنه يموت إذا خرج من الماء .. الببغاء : وهذه السمكة ؟ العمة : لا تموت إذا خرجت من الماء ، لأنها سمكة رئوية ، تستطيع التنفس في الهواء الطلق ، وعليه فإنها تخرج من الماء ، وتسير على الشاطئ ، بل وتتسلق الأشجار ، وتأكل العصافير الصغيرة . الثعلب : " مذهولاً " أهذا معقول ! الدب : هذا بالضبط ما جئت بهذه السمكة لأقوله للعمة دبة .. العمة : أشكرك ، يا عزيزي ، ولكن هذه السمكة البريئة ستموت ، إذا بقيت هنا لفترة طويلة . الثعلب : " يأخذ السمكة متلهفاً " سأعيدها إذن إلى النهر ، قبل أن تموت . العمة : " تمسك يده " كلا ، ليس أنتَ . الثعلب : " محتجاً " أيتها العمة .. العمة : خذ سمكة من الأسماك التي اصطدتها اليوم ، وها هي أمامك في السلة . الثعلب : هذه سمكة نادرة .. العمة : وأنت تحب السمك النادر . الثعلب : ما زلتِ لا تثقين بي ، ثمّ إنني شبع الآن تماماً . العمة : مهما كنتَ شبعاً ، ففي معدتك النهمة متسع لمثل هذه السمكة . الثعلب : " يبدو منفعلاً " .... الدب : أيتها العمة ، أرجوكِ دعيه يعيدها بنفسه إلى النهر . الببغاء : إن نهر معدته أقرب من النهر . العمة : أرجوك ، خذ السمكة أنتَ ، وأعدها أنت من حيث أتيت بها . الثعلب : " يتجه إلى الخارج منزعجاً " لا فائدة " يخرج مسرعاً " . الدب : يا للأسف ، لقد زعل . العمة : ليزعل ، هذا أفضل من أن أعرض هذه السمكة النادرة للخطر . الدب : " يأخذ السمكة " مهما يكن ، أشكرك لاستقبالك لي ، أنتِ دبة عالمة ، وأنا أكنّ لك كلّ الاحترام والتقدير . العمة : على الرحب والسعة ، أرجو أن تزورني دائماً . الدب : " ينحني لها " أشكرك . العمة : رافقتك السلامة .
الدب يخرج حاملاً السمكة ، العمة وببغاء يتابعاه بنظرهما
إظلام
14 / 8 / 2014
السمك المفلطح
العمة دبة والببغاء ، وحدهما في البيت
العمة : لا تدافع عنها . الببغاء : إنها تحبكِ . العمة : هذه السلحفاة ، لم تعد تصدق معي . الببغاء : في المرة الأخيرة ، عاملتها بقسوة . العمة : تستحق الأكثر . الببغاء : لكن ليس أن تقولي لها ، لا أريد أن أراكِ ثانية . العمة : لقد وعدتني مراراً ، أن تأتيني بتلك السمكة ، لكنها لم تصدق معي أبداً . الببغاء : أنا أصدّقُ ما قالته ، لابد أنها لم تجد تلك السمكة حقاً . العمة : وأنا لا أصدق . الببغاء : أيتها العمة .. الثعلب : " يطل برأسه " صباح الخير . الببغاء : جاء الثعلب . العمة : " ببرود " أهلاً ومرحباً . الثعلب : " يدخل " لا أريد أن أتطفل .. الببغاء : هذا ما نريده نحنُ أيضاً . الثعلب : " للعمة " إنها السلحفاة .. الببغاء : السلحفاة العجوز ! العمة : " تنظر إلى الثعلب " .... الثعلب : جاءت مترددة .. الببغاء : آه . الثعلب : ومعها ، على ما أظن ، سمكة ملفوفة بألياف البحر . العمة : سمكة ! الثعلب : نعم ، سمكة . الببغاء : فلتدخل . العمة : ببغاء .. الببغاء : لقد وفت بوعدها هذه المرة . العمة : " تلوذ بالصمت " .... الببغاء : نادها . الثعلب : " يتجه إلى الخارج " حالاً .
تدخل السلحفاة ، حاملة السمكة ، يتوقف الثعلب
السلحفاة : صباح الخير . العمة : " لا ترد " .... الببغاء : صباح النور ، تفضلي . السلحفاة : عفواً ، لعلي تأخرت في تلبية ما وعدتُ به ، لكني " تضع السمكة على المائدة " هذه هي السمكة .. العمة : " تنظر إلى السمكة " .... السلحفاة : سمكة البلايس . العمة : " تنسى زعلها " سمكة البلايس ! الثعلب : آه .. البلايس . السلحفاة : " تفك الأعشاب عن السمكة " هذه هي ، وقد حصلتُ عليها قبل قليل ، من قاع البحر . الثعلب : " ينظر إليها بنهم " .... الببغاء : إنها سمكة مفلطحة . السلحفاة : نعم ، سمكة البلايس سمكة مفلطحة . العمة : " تعاين السمكة " وهي من أشهر أنواع السمك المفلطح . السلحفاة : هذا النوع من السمك ، يقضي معظم عمره في قاع البحر ، ومنه ما يسبح قرب سطح الماء .
السلحفاة : هناك نحو " 450 " نوعاً من السمك المفلطح في معظم بحار العالم ، أهمها .. الشفين والهلبوت وسمك موسى والفلوندر ، وأهمها وألذّها هي سمك البلايس ، وهذه فعلاً من سمك البلايس . الثعلب : " يحدق في السمكة بنهم " .... السلحفاة : يُقال أن سمك البلايس تضع الكثير من البيض . العمة : نعم ، إنها تضع مليوني بيضة . الببغاء : مليوني بيضة ! العمة : لكن معظمها تذهب طعاماً للحيوانات الأخرى ، وما يفقس منها يتحول إلى سمك بلايس صغيرة ، يبلغ طولها ستين ملمتر . الثعلب : لماذا يسمونها مفلطحة ؟ السلحفاة : " تنظر إليها " هذه السمكة ليست سمكة عادية ، إنها .. مفلطحة فعلاً . الببغاء : أهي تولد هكذا ؟ السلحفاة : لا .. " تنظر إلى العمة " .. هذا ما أعرفه ، وأظن أن العمة تعرف أكثر مني عن هذا . العمة : نعم ، حين يفقس بيض هذا النوع من السمك ، تخرج سمك بلايس صغيرة ، يشبه أي سمكة أخرى جديدة ، ولكن ما أن يبلغ طولها السنتمتر ، حتى تحدث لها أشياء عديدة غريبة . الببغاء : آه . الثعلب : " يحدق في السمكة بنهم " آه . العمة : " تواصل حديثها " يبدأ ذيلها بالانحناء ، ويأخذ جسمها يتقعر ، وتبدأ عينه اليسرى بالانتقال صعوداً في رأسها إلى طرفه الأعلى ، وتستقر أخيراً في جهة العين اليمنى ، ويتحرك فمها إلى الجهة الأخرى ، ويصبح معوجاً ، ثم تبدأ سمكة البلايس هذه بالسباحة على جانبها الأيسر . الثعلب : ماذا يأكل هذا النوع من السمك ؟ السلحفاة : يأكل القريدس الصغير ، الذي يعثر عليه في قاع البحر . السلحفاة : لو تعرف هذا السمك المفلطح ، البطيء الحركة ، كيف يحمي نفسه من أعدائه . الببغاء : كيف ؟ السلحفاة : قولي له أيتها العمة ، أنتِ تعرفين كيف يحمي نفسه . العمة : هذه الأسماك ، بطيئة الحركة ، كما تقول السلحفاة ، وهي لا تستطيع الفرار من أعدائها بالسباحة السريعة ، يمكنها التستر والتمويه . السلحفاة : هذه الأسماك لها طريقة خاصة للتخفي ، اسمعوا .. الثعلب يأخذ السمكة خلسة ، ويتسلل خارجاً
العمة : تستطيع غالبية الأسماك المفلطحة ، ومنها البلايس ، أن تغير لونها ، لتتناسب مع ألوان موقعها في قاع البحر ، وهي تقوم بهذه التغيرات بثواني قليلة ، وحين تكون مستلقية في قاع البحر الرملية ، تلوي زعانفها ، وتنثر الرمال على ظهرها ، بحيث لا يبقى منه غير عيونها ، التي تشبه الحصى ، وهكذا .. الببغاء : "ينظر إلى المائدة " الويل للثعلب ، أيتها العمة .. العمة : وهكذا يصعب رؤيتها .. الببغاء : أيتها العمة .. العمة : ما الأمر ، يا ببغاء ؟ دعني الآن إنني مشغولة بالحديث عن سمكة البلايس . الببغاء : لم تعد هناك سمكة بلايس . العمة : ماذا ! الببغاء : انظري ، لقد اختفت السمكة . السلحفاة : أوه ، أين اختفت ؟ الببغاء : اختفت مع اختفاء الثعلب . السلحفاة : هذا اللعين ، سرقها وهرب . العمة : الذنب ذنبكِ . السلحفاة : " خائفة " ذنبي ! العمة : " تغالب ضحكتها " قلتِ إنها لذيذة جداً ، والثعلب ضعيف أمام كلّ ما هو لذيذ . السلحفاة : أيتها العمة .. العمة : " تضحك " ها ها ها .. الببغاء : هذا اللعين ، يجب أن يدفع الثمن . العمة : لا بأس ، المهم أنني رأيت سمكة البلايس . السلحفاة : " بارتياح " آه . العمة : " تعانقها " أشكرك .
السلحفاة تستسلم لذراعي العمة ، الببغاء يبدو مرتاحاً إظلام 15 / 8 / 2014
ذكر السمكة السيامية
العمة دبة تعمل ، الببغاء في فراشه
الببغاء : حمداً لله إنني لستُ سمكة . العمة : إنني أعرفك أكثر من هذه الأسماك ، التي أدرسها الآن . الببغاء : عالم الأسماك ، على ما أعرف ، لا يختلف كثيراً عن عالمنا . العمة : أنتَ محق . الببغاء : إنه غابة . العمة : لكنه كما الغابة ، فيه الخير والجمال و .. " ترتفع صوت قوقأة " .. الببغاء : الدجاجة .. العمة : والديك .. الببغاء : إنها ملحمة لا تنتهي . العمة : " الباب يُطرق " إنها الدجاجة . الببغاء : آه . العمة : " تفتح الباب " تفضلي ، يا عزيزتي ، تفضلي . الدجاجة : " تدخل " عفواً ، إنني أثقل عليكِ كثيراً . العمة : لا ، لا تقولي هذا ، أنتِ عزيزة عندي . الدجاجة : " للببغاء " صباح الخير . الببغاء : صباح النور ، آه من الديك . العمة : ببغاء . الدجاجة : وآه من الذكور عامة " للببغاء " أنا لا أقصدك طبعاً . العمة : لا عليكِ ، مادام لا أنثى له ، فهو ليس بذكر . الببغاء : الذكر هو الديك ، فله عشر إناث . الدجاجة : " تتنهد " آه . العمة : " للدجاجة " تفضلي ، اجلسي . الدجاجة : " تجلس " ربما العالم سيكون أفضل ، لو كان بلا ذكور . العمة : هذا حديث دجاجة غاضبة من ديكها . الدجاجة : " بشيء من الانفعال " آآآآه . الببغاء : عرف كوردة حمراء ، وجسم صلب منتصب ، وريش كقوس قزح ، و .. " يصيح مثل الديك " كوكو .. ريكو . الدجاجة : " محتجة " ببغاء . الببغاء : هذا ما قلته عنه مراراً . العمة : وستقوله دائماً ، إنه ديكها . الدجاجة : كلا . العمة : كان يُقوقىء حولك دائماً ، وإذا عثر على حبة قمح ذهبية اللون ، أخذها بمنقاره ، ووضعها أمامكِ لتأكليها . الدجاجة : الآن يضعها أما الدجاجة البيضاء . الببغاء : ليكن الله معه ، فبدل الدجاجة ، له عشر دجاجات . الدجاجة : الذكور عامة قساة ، وناكرو جميل ، انظري إلى إناث كلّ الكائنات ، ومنهن أنثى الإنسان نفسه ، إنهن جميعاً يعملن ويلدن ويربين الصغار و .. الببغاء : أعرف أنثى تأكل ذكرها .. الدجاجة : " تنظر إلى العمة دبة " .... العمة : نعم ، أنثى العنكبوت . الدجاجة : تأكل ذكرها ! العمة : تأكله بعد الزفاف مباشرة ، إذا لم يحالفه الحظ ، ويهرب في الوقت المناسب . الدجاجة : يا للمتوحشة ، لكن هناك ذكور أكثر وحشية . العمة : وهناك ذكور غاية في الحنان والرقه . الببغاء : الديك مثلاً ؟ العمة : الديك وغير الديك . الدجاجة : " تنظر إليها صامتة " .... العمة : اسمعي ، سأحدثك عن ذكر إحدى الأسماك الصغيرة الملونة الجميلة ، وهو ذكر من الأسماك السيامية . الببغاء : آه . العمة : هذا الحديث للدجاجة ، وليس لكَ . الببغاء : ولكن عليّ أن أسمعه لمرة أخرى ، بعد أن سمعته أكثر من عشر مرات . العمة : عندما يتقرب هذا الذكر من إحدى الإناث ، يتغير لونه ، وتبرز على جانبيه بقع خضراء زاهية .. الدجاجة : بهذه الألوان ، وبالكلام المعسول ، يخدعوننا نحن البلهاوات . العمة : ثم يُحدث فقاقيع هوائية على سطح الماء ، وحين تضع الأنثى بيضها ، تطفو هذه البيوض باتجاه الفقاقيع ، ويلتقط الذكر بفمه كلّ بيضة لا تصل إلى الشبكة ، ويدفعها إليها . الدجاجة : هذا ما لا يفعله ديكي ، وإن كان يحاميني خلال رقادي على البيض . العمة : ويتقرب الذكر من أنثى ثانية وثالثة ، إلى أن يبلغ العدد خمس أو ست إناث ، ثم يأخذ الذكر بحراسة البيض ، حتى يفقس ، فيعنى بالأسماك الجديدة الصغيرة ، إلى أن تصبح قادرة على الاهتمام بنفسها . الدجاجة : ليت كلّ الذكور مثل هذا الذكر . العمة : لنكن عادلين ، ليس كلّ الإناث مثل أنثى الإخطبوط أو أنثى الأسد أو .. الببغاء : أو أنثى الدب .. العمة : ببغاء . الببغاء : أنتِ أعظم أنثى . العمة : للدجاجة " عزيزتي .. الدجاجة : لقد تعبتُ ، وربما كبرتُ قليلاً ، لم أعد أحتمل ، ربما الأفضل أن أبتعد عنه . العمة : قبل أيام ، بلغني أنه كان مريضاً . الدجاجة : نعم ، لكنه الآن أفضل ، إن البردّ يضره " تتلفت قلقة " .. العمة : ما الأمر ؟ الدجاجة : يا إلهي ، إنني أخشى أن يخرج الآن من القن للبحث عني ، إنّ الجو بارد جداً ، وهذا يضره . العمة : " تبتسم " .... الدجاجة : لكن لا ، لا أظنه سيخرج للبحث عني ، لديه دجاجاته التسع ، وخاصة الدجاجة البيضاء ، و.. العمة : صه ، أصغي ، أظنه الديك . الدجاجة : " بشيء من الفرح " الديك ! الديك : " من الخارج " أيتها العمة . العمة : " للدجاجة " أرأيتِ ؟ إنه ديككِ " بصوت أعلى " تفضل ، دجاجتك الجميلة هنا عندي . الديك : " يدخل " صباح الخير . العمة : أهلاً ومرحباً . الببغاء : أيها الديك ، لا أعرف كيف تحتمل الحياة مع عشر دجاجات . الديك : لو كان لك إناث مثل إناثي ، وخاصة مثل " ينظر إلى الدجاجة " دجاجتي العزيزة هذه ، لما قلت مثل هذا الكلام . العمة : " تنظر إلى الدجاجة مبتسمة " .... الديك : عرفتُ أنكِ هنا ، فجئت أسلم على العمة دبة .. العمة : أشكرك . الديك : ثم نعود إلى القن ، متمتعين بهذا الجو الرائع . الدجاجة : لكن الجو بارد . الديك : معكِ لن يكون الجو إلا ربيعاً بديعاً ، هيا يا عزيزتي لنعد إلى قننا . الدجاجة : هيا يا عزيزي " للعمة " عن إذنك . العمة : " تبتسم " رافقتكما السلامة . الببغاء : الشكر لذكر السمكة السيامية .
الدجاجة تلوح للببغاء ، وهي تخرج برفقة الديك
إظلام 17 / 8 / 2014
الضفدع البري
بيت العمة دبة ، الببغاء يتمشى وحده
الببغاء : تأخرت العمة دبة ، وأنا جائع ، وقد وعدتها اليوم أن نتعشى معاً ، فلأنتظر قليلاً ، لابد أن تأتي قبل حلول الظلام " ينصت " لعله الثعلب ، هذا اللعين ، جاء عدة مرات ، وهو يحمل لفافة ، ترى ماذا بريد ؟ " يتمشى " وماذا يريد ؟ إنه ثعلب ، وسيبقى ثعلباً حتى النهاية ، وليت العمة دبة تنتبه إليه ، ولا تسامحه دائماً على .. " يصمت منصتاً " إنه ليس الثعلب .
تدخل العمة دبة متعبة ، حاملة السلة
الببغاء : أيتها العمة .. العمة : عفواً ، تأخرت بعض الشيء . الببغاء : قلقتُ عليكِ . العمة : لا داعي للقلق ، يا ببغاء . الببغاء : ما أقلقني هو الثعلب ، لقد جاء مرات يسأل عنكِ . العمة : ستعجب ، يا ببغاء ، لقد وعدني بقرص عسل . الببغاء : قرص عسل ! العمة : تصور . الببغاء : لكن هذا ما يطلبه منكِ دائماً . العمة : وهذه المرة يريد أن يهديني قرصاً كاملاً من العسل . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : ها هو ثعلب العسل . العمة : تعال ، إنني هنا .
الثعلب يفتح الباب ، يدخل حاملاً اللفافة
العمة : أخبرني الببغاء بأنك جئتَ مراراً . الثعلب : لقد وعدتك " يقدم لها اللفافة " وها أنا أفي بوعدي . العمة : " تفتح اللفافة " .... الببغاء : قرص عسل بحق وحقيقة . العمة : " تتذوقه " يبدو عسلاً جيداً . الببغاء : ليس بدون مقابل طبعاً . الثعلب : يكفيني ثقة العمة دبة . الببغاء : و .. الثعلب : ودرسها الأخير عن الضفادع . العمة : لكن ما قلته معلومات عامة يعرفه الجميع . الببغاء : أنا لم أكن أعرف مراحل نمو الضفادع بالضبط . الثعلب : بيضة ، شرغوف يعيش في الماء ، ويتنفس بواسطة الخياشيم ، وله ذنب ، ثم ضفدعة كاملة صغيرة . الببغاء : هذا ما تعلمته أنت من العمة دبة . الثعلب : وتعلمت منها أيضاً ، أنها تسبت شتاء ، وذلك بأن تدخل نفسها في وحل قاع البركة . الببغاء : الدببة أيضاً تسبت . الثعلب : " ينظر إلى العمة دبة " .... العمة : ليس هنا ، بل في المناطق الشديدة البرودة ، في فصل الشتاء . الببغاء : ليتكَ تسبت أيضاً . العمة : لمعلوماتكَ إن الثعالب لا تسبت ، حتى في أقصى المناطق القطبية . الببغاء : هذا من سوء حظ الأرانب والطيور . الثعلب : أيتها العمة .. الببغاء : والآن الثمن . العمة : ببغاء " للثعلب " تفضل . الثعلب :ظهر في الحقول القريبة ، ما يُشبه الضفادع ، لكن أحداً لم يرها تخرج من البرك القريبة . الببغاء : " يهمهم " هم م م م . الثعلب : إنها بحجم الضفادع العادية تقريباً ، لكنها بدل أن تقفز في سيرها ، فإنها تسير ، ولها جلود جافة ثؤلولية . العمة إنها ضفادع ، لكنها ليست عادية ، بل ضفادع برية ، وهي تسبت شتاء ، كالضفادع العادية ، وتولد مثلها ، ولكن ليس في نفس الوقت ، وإنما بعدها بقليل . الثعلب : " ينظر إليها صامتاً " .... الببغاء : ليس هذا كلّ ما تريده ، لقد دفعت قرص عسل ، لا يعرف أحد مصدره ، اسأل ما تريده ، اسأل . العمة : ببغاء " للثعلب " دعك منه ، أنا أحبّ من يسأل . الببغاء : للمعرفة وليس لشيء آخر . العمة : " تهز رأسها " .... الثعلب : الكلاب تأكل هذه الضفادع أحياناً ، ويبدو أنها تشتهيها ، لكن أحد هؤلاء الكلاب أكل ضفدعاً ، برياً كما أسميته ، فمرض مرضاً شديداً ، ثم مات . الببغاء : " يهمهم " هم م م م . العمة : وسيمرض ويموت أي كلب يأكل ضفدعاً من هذه الضفادع . الببغاء : ومن يدري ، فقد تموت الثعالب نفسها ، إذا أكلت ضفدعاً برياً . العمة : والسبب أن هذه الضفادع سامة .. الثعلب : سامة ! العمة : كلّ ثؤلول في جلد هذا الضفدع ، يفرز قليلاً من السم ، كما أن له وراء العينين غدداً سامة في جانبي الرأس ، فإذا التقطها كلب ، أصيب بمرض شديد ، وقد يموت . الثعلب : أوه . الببغاء : وإذا التقطه ما يشبه الكلب .. ؟ العمة : الحية وحدها تستطيع أن تلتقطه ، دون أن تصاب بأذى . الثعلب : أشكركِ .
الثعلب يتجه إلى الباب ، ويخرج مسرعاً
العمة : عجباً . الببغاء : لو كنتُ دباً لقلتُ الشيء نفسه . العمة : " تنظر إليه " .... الببغاء : هناك أمور غامضة ، لم أفهمها حتى الآن ، لكن لابد أن أفهمها . العمة : ببغاء . الببغاء :قرص العسل . العمة : أنت تقلقني . الببغاء : لكن ما أعرفه ، أن الحقول المجاورة ستمتلئ بالأفاعي . الغرير : " من الخارج " أيتها العمة . العمة : إنه الغرير . الببغاء : هذه أولى الخيوط . العمة : تعال ، إنني هنا . الغرير : " يدخل " علمت أن الثعلب كان هنا ، وقد أهداك قرص عسل . العمة : نعم " تشير إلى العسل " هذا هو . الببغاء : لقد سرقه منك بالتأكيد . الغرير : لن يفلت مني . العمة : " تدفع له القرص " خذه ، إنه ملك لك . الغرير : لا ، إنه هدية لك ، لكن مني . العمة : أشكرك . الغرير : هذا اللعين ، أراد أن يعرف شيئاً عن الضفادع ، التي في الحقول المجاورة ، فهي كما يقول ، تزعج حبيبته ليلاً . الببغاء : " يضحك " هاهاها . العمة : " تغالب ضحكها " اللعين ، كان هذا من أجل حبيبته إذن ؟ الغرير : " يتجه إلى الباب " لن أدعه يهنأ هذه الليلة .
الغرير يخرج ، العمة دبة والببغاء يغرقان في الضحك
إظلام 18 / 8 / 2014
السلحفاة البحرية
بيت العمة دبة ، الببغاء في فراشه
الببغاء : " يغط في نومه " خ خ خ خ . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : " يتململ متضايقاً " خ خ خ خ . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة . الببغاء : " يفيق منزعجاً " آه من هذه الدبة .. الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .. الببغاء : العمة ليست هنا . الثعلب : " يُطل من الباب " جئتُ لأحدثها عن كائن غريب ، طريف ، هائل الحجم . الببغاء : اذهب الآن ، وعد حين تأتي ، وحدثها قدر ما تشاء ، عن كلّ ما تعرفه . الثعلب : نعم ، إنها تعرف أشياء كثيرة ، كثيرة جداً ، لكني واثق أنها لا تعرف الكثير عن هذا الكائن . الببغاء : بل تعرفه جيداً ، وتعرف كلّ شيء عنه ، وعن الكائنات الأخرى ، حتى المنقرضة منها كالدينصورات . الثعلب : إنها سلحفاة .. الببغاء : " باستهانة " سلحفاة ! الثعلب : كأنها قادمة من عالم آخر . الببغاء : مهما تكن فهي سلحفاة ، والسلاحف إما تكون برية أو مائية .. الثعلب : ببغاء . الببغاء : والمائية نوعان ، سلحفاة المياه العذبة ، والسلحفاة البحرية . الثعلب : أنا أيضاً أعرف هذا ، لكن هذه السلحفاة لابدّ أنها قادمة من جزر العمالقة . الببغاء : مثل هذه السلحفاة موجودة ، ولكن ليس في جزيرتنا .. الثعلب : ببغاء ، أنا رأيتها . الببغاء : في المنام . الثعلب : بل كما أراك الآن ، والطريف أنني رأيتها " يضحك " ها ها ها .. رأيتها تبيض . الببغاء : " يحدق فيه " .... الثعلب : خرجت من البحر ، كأنها حوت ضخم ، ومشت على الشاطئ ، حتى وصلت بقعة جافة لا يصلها ماء المدّ ، وحفرت حفرة ، ثم استدارت ، حتى أصبحت مؤخرتها قبالتي " يضحك " ها ها ها .. وراحت تضع البيض .. الببغاء : لكن هذا ما تفعله كلّ السلاحف البحرية ، حين تضع البيض . الثعلب : وبدأتُ أعدّ ، أعدّ البيض الذي تضعه ، وإذا لم أخطئ ، فإنها وضعت أكثر من سبعين بيضة ، ثم غطتها بالرمال ، ومهدتها تماماً . الببغاء : " يهمهم " هم م م م . الثعلب : والمذهل ضخامة هذه السلحفاة ، لا أعتقد أنكَ أو العمة دبة ، قد رأيتما سلحفاة في ضخامتها . الببغاء : مهما يكن ، أنا لا أصدق ما تقوله . الثعلب : " محتجاً " ببغاء . الببغاء : أنت ثعلب ، وستبقى ثعلباً . الثعلب : حسن ، لم تصدق ما قلته ، لكنك تصدق عينيك . الببغاء : نعم ، إنني أصدقهما . الثعلب : أمهلني بعض الوقت ، وسترى . الببغاء : إنني أنتظر . الثعلب : " يتجه إلى الخارج مسرعاً " لن يطول انتظارك ، وسترى بعينيك أضخم سلحفاة في العالم " يخرج مسرعاً " . الببغاء : الثعلب مكار ، الثعلب كذاب ، الثعلب .. آه .. أيعقل أن يصدُق هذه المرة ؟ سلحفاة بهذه الضخامة ، على هذه الجزيرة ؟ إن العمة دبة تقول ، إن السلاحف الضخمة تكون على جزيرة غالاباغوس ، وهي سلاحف برية " يصمت منصتاً " ها هي العمة دبة قادمة ، وسيتضح كلّ شيء .
العمة تدفع الباب ، وتدخل حاملة سلتها
العمة : أراك مستيقظاً . الببغاء : الثعلب كان هنا .. العمة : " تهمهم " هم م م . الببغاء : وحدثني عن سلحفاة ضخمة جداً ، ومثل هذه السلحفاة ، كما قلتِ لي ، لا تكون إلا في جزيرة غالاباغوس . العمة : " تضع السلة على المنضدة " نعم ، لكن هناك سلاحف أضخم منها ، هي السلاحف البحرية ، وهي أكبر من هذه السلاحف حجماً ووزناً ، وأكبرها على الإطلاق السلحفاة البحرية ، في البحار الدافئة ، ويبلغ طولها " 225 " سنتمتراً ، وتزن نحو طنّ واحد . الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء .. العمة : ها هو الثعلب . الببغاء : هذا المجنون ، لعله صادق . الثعلب : " يطل من الباب " ها أنا ، ومعي ضيفتنا العزيزة ، السلحفاة .
يدخل الثعلب ، وخلفه تدخل السلحفاة الضخمة محطمة الباب
الببغاء : مهلاً .. مهلاً .. الباب .. العمة : السلحفاة البحرية ! الثعلب : " للسلحفاة " لا عليكِ ، تفضلي ، تفضلي " يشير إلى العمة " هذه العمة دبة ، إنها عالمة الغابة . السلحفاة : صباح الخير . العمة : صباح النور ، أهلاً ومرحباً . السلحفاة : عفواً ، لقد حطمتُ بابكم . العمة : لا بأس ، أهلاً بكِ في بيتنا . السلحفاة : " تنظر إلى الببغاء " أنتَ الببغاء .. الببغاء : نعم ، أنا هو . السلحفاة : لقد حدثني عنك صديقنا الثعلب . الببغاء : وحدثني عنكِ أيضاً ، حدثني كثيراً ، حدثني عن كلّ شيء . السلحفاة : " تنظر إليه صامتة " .... الببغاء : حدثني حتى عن وضعكِ للبيض . السلحفاة : " تلتفت إلى الثعلب " .... الثعلب : " يتراجع متردداً " .... الببغاء : وأخذ يعدّ البيض ، وأنتِ تضعينه في الحفرة ، ويقول بأنكِ وضعتِ أكثر من سبعين بيضة . السلحفاة : " بشيء من الغضب " يا للعار ، كنت تراقبني ، وأنا أضع البيض ! الثعلب : أيتها السلحفاة .. الببغاء : ورآكِ بعد ذلك ، تردمين الحفرة ، وتسوين الترب . السلحفاة : " للثعلب " أنتَ خطر على بيضي الآن ، فأنت تعرف مكانه . الثعلب : صدقيني ، لن أقربه ، بل لن أبقى في هذه الغابة ، وسأهاجر إلى غابة بعيدة ، حتى تكوني مطمئنة . السلحفاة : لن أطمئن على بيضي ، وأنتَ بعيد عن عينيّ . العمة : " للسلحفاة " ابقي عندنا إذن ، حتى يفقس البيض . السلحفاة : هذا غير ممكن . الثعلب : " ينظر إليها مرتعباً " .... السلحفاة : لا خيار ، سآخذه معي ، وبذلك أطمئن على بيضي . الثعلب : " يهمّ بالهرب " يا ويلي . السلحفاة : " تمسك به " تعال ، لن أدعك تهرب . العمة : أيتها السلحفاة .. السلحفاة : " تتجه بالثعلب إلى الخارج " وداعاً .
السلحفاة تخرج ،الثعلب يستغيث ، الببغاء والعمة مذهولين
إظلام
19 / 8 / 2014
الحيات
العمة عند المائدة ، الببغاء في فراشه
الببغاء : أيتها العمة .. العمة : اطمئن ، يا ببغاء ، ليس معي اليوم ، ما يبعث على الخوف . الببغاء : أيّ شيء إلا الحيات . العمة : أنواع الحيات في العالم قليلة .. الببغاء : لا أريد أن تحدثيني عنها . العمة : ليس أكثر من أحد عشر نوعاً ، والسام منها ثلاثة فقط . الببغاء : لكن هناك ما هو أسوأ من السامة ، العاصرة مثلاً ، التي قد تعصر فهداً حتى الموت ، ثم تبتلعه . العمة : " تضحك " أنتَ لست فهداً . الببغاء : ثم هناك الكوبرا النافثة ، تنفث سمها إلى مسافة بضعة أمتار ، وهي تستهدف وجه عدوها ، وإذا ما أصاب السم العينين أدى ذلك إلى العمى . العمة : ولهذا فإنني لم أجلب كوبرا من هذا النوع إلى البيت أبداً ، حرصاً على عينيك الجميلتين . الببغاء : آه منكِ . الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .. الببغاء : جاء السام . العمة : يبدو أنّ لديه شيئاً هاماً . الببغاء : بل لديه كالعادة ، خديعة لعينة ، احذريه. الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .. العمة : تعال ، إنني هنا . الببغاء : " يرقد في فراشه " ليتني أنام .
يدخل الثعلب مسرعاً ، وفي يده لفافة
الثعلب : جئتكِ بهدية لا تقدر بثمن . الببغاء : ليس لدينا عسل . الثعلب : هدية نادرة ، لا أظن أنكِ رأيتِ مثلها من قبل . العمة : لنرى . الثعلب : " يضع اللفافة على المنضدة " أنظري . العمة : " تحدق فيها مهمهمة " هم م م م . الثعلب : حية نادرة . الببغاء : " يشهق خائفاً " حية ! الهمة : إنها ميتة . الثعلب : لا يوجد منها هنا حية ، على قيد الحياة. العمة : لو لم تكن هذه الحية ميتة ، لما استطعت أن تأتيني بها ، فهي أخطر أفعى سامة في العالم . الببغاء : " يشهق خائفاً " آآآآ. الثعلب : " يفغر فاه " .... ! العمة : إنها حية الصل . الببغاء : الصل ! الثعلب : إنها حية كغيرها من الحيات ، التي تعيش في الحقول . العمة : لا ، ليست كغيرها ، إلا أنها سامة قاتلة ، ويمكن تمييزها بوجود العلامة السوداء " v " على قمة رأسها ، وبالخط الأسود المتعرج على ظهرها ، وإذا كانت جميع الحيات تبيض ، فإن هذه الحية تلد ، وهي تلد في الصيف نحو اثنتي عشرة حية صغيرة نحيلة ، طول الواحدة منها نحو " 15 " سنتمتراً . الببغاء : يا لها من هدية ، لقد عرفت منذ البداية ، أنها لن تكون إلا هدية ثعلب . الغرير : " من الخارج " أيتها العمة . الثعلب : " يتمتم " الغرير . الببغاء : هذا ضيف آخر ، آه . العمة : أيها الغرير ، تعال ، إنني هنا ، وعندي ضيف .
يُدفع الباب ، ويدخل الغرير ، ومعه قرص عسل
الغرير : صباح الخير . الثعلب : " يتمتم " عسل ! العمة : أهلاً بالغرير ، أهلاً ومرحباً . الغرير : " يقدم لها قرص العسل " جئتكِ بهدية تحبينها . العمة : " تأخذ القرص مبتسمة " أشكركَ ، أشكرك يا عزيزي . الثعلب : " للغرير " لكنكَ قلتَ لي البارحة ،عندما طلبت منكَ شيئاً من العسل ، أن لا عسل عندكَ . الغرير : فعلاً ، لم يبقَ عندي إلا هذا القرص ، الذي أبقيته للعمة دبة . الثعلب : " يهمهم " هم م م م م . العمة : أشكركَ " تتأمل القرص " يبدو أنه عسل جيد جداً . الثعلب : " يهمهم " هم م م م م . الغرير : هذا النوع من العسل لا يستحقه في الغابة أحد غيرك ، يا عزيزتي . العمة : " مبتسمة " شكراً ، يا عزيزي ، شكراً ، شكراً . الثعلب : لكن العمة ، بصفتها عالمة الغابة ، تستحق منك هدية أهمّ . الغرير : " ينظر إليه " .... الثعلب : أنا قيّمتها بهذه الهدية " يشير إلى الصل " وهي هدية نادرة ، وأنت تستطيع أن تهديها ما يماثلها . العمة : ثعلب . الغرير : لا أفهم ماذا تقصد . الثعلب : تذكر تلك الحية ، التي رفستها صباح أمس ، ورفستها أنت أيضاً .. الغرير : آه تلك التي أسميتها الكريت . الثعلب : نعم ، الكريت ، إنها حية نادرة أيضاً ، اذهب وأتي بها للعمة . الغرير : لكن الوقت الآن ليل . الثعلب : القمر بدر ، وهو يضيء الغابة ، وأنت غرير ، وتعرف الغابة كلها . الغرير : مهما يكن ، سأذهب وأتي بتلك الحية حالاً ، فالعمة دبة عزيزة عليّ ، " يهمّ بالخروج " دقائق وأعود . العمة : مهلاً . الثعلب : دعيه يذهب . الغرير : لن أتأخر . الثعلب : هذه حية نادرة ، فليأتيكِ بها . العمة : إنها من أخطر الأفاعي ، وأنت تعرف ذلك . الثعلب : أيتها العمة .. العمة : الغرير طيب القلب ، وصادق ، ولو كان عنده عسل لأعطاك منه . الثعلب : أيتها العمة .. العمة : أنت غادر لعين .. الثعلب : " يلوذ بالفرار " .... العمة : لن تفلت ، لابد أن تدفع الثمن . الببغاء : لقد حذرتكِ ، وقلت لكِ إنه ثعلب . الغرير : لم أفهم ما جرى . العمة : دعك منه . الغرير : من حقي أن أعرف ، أرجوكِ .. العمة : حية الكريت ، تلتف في النهار ، دافنة رأسها بين التفافاتها ، وإذا رفسه أحدهم ، وهي في هذا الحال ، لا تفعل شيئاً للدفاع عن نفسها ، أما في الليل فهي أكثر نشاطاً ، وإذا لمسها أحد لدغته في الحال . الغرير : " يسرع إلى الخارج " الويل للثعلب . العمة : دعكَ منه . الغرير : لن أدعه حتى يدفع الثمن ، وسيدفعه غالياً هذه المرة .
الغرير يخرج غاضباً ، العمة والببغاء وحدهما
إظلام 20 / 8 /2014
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحيات للأطفال العمة دبة الجزء الاول
...
-
سيناريو ربيع دائم
-
ثلاث مسرحيت للأطفال طلال حسن
-
رواية للأطفال الثعلب العجوز طلال حس
...
-
قصص قصيرة شتاء الأيام الآتية
...
-
لمحات من صحافة الأطفال في نينوى
-
طلال حسن في سطور
-
القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو
...
-
الفضاء في مسرح طلال حسن -مسرحية الإعصار- نموذجاً
-
هيلة يارمانه
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة
...
-
حكايات من التراث حكايات موصلية طل
...
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات من الموصل طلال حسن
-
حكايات شعبية جنجل وجناجل
-
مسرحة الموروث الشعبي -قراءة في مسرحيات (هيلا يارمانه) لطلال
...
-
خمس مسرحيات من التراث الموصلي
...
-
رواية للفتيان الغزالة
...
-
قصص قصيرة جداً أنا الذي رأى
...
-
رواية للفتيان الملكة كوبابا ط
...
المزيد.....
-
-أرسيف- تعلن ترتيب الجامعات العربية حسب معامل التأثير والاست
...
-
“قناة ATV والفجر“ مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس الحلقة 168
...
-
مستوطنة إسرائيلية: قصف غزة موسيقى تطرب أذني
-
“وأخير بعد غياب أسبوعين” عودة عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
من هو الفنان المصري الراحل حسن يوسف؟
-
الليلادي .. المؤسس عثمان ح168 الموسم 3 على قناة atv وعلى الم
...
-
أوليفيا رودريغو تستعيد اللحظة -المرعبة- عندما سقطت في حفرة ع
...
-
الأديب الإيطالي باولو فاليزيو.. عن رواية -مملكة الألم- وأشعا
...
-
سوريا.. من الأحياء القديمة إلى فنون الطب الصيني
-
وفاة الفنان المصري حسن يوسف
المزيد.....
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|