أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صدام فهد الاسدي - اشتعال الحرائق وتسرب الاقنعة في شعر البياتي














المزيد.....

اشتعال الحرائق وتسرب الاقنعة في شعر البياتي


صدام فهد الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 12:20
المحور: الادب والفن
    



البياتي بدأ حياته شاعرا يشعل الحرائق في دروب الحكام وانتهى برموز علنية صارخة,وتتحول عنده كل قصيدة إلى عالم خاص معقد تتشابك فيه العلاقات الموضوعية والفنية,وكل ما قاله البياتي شعر لا يوجد كما عند غيره سقط متاع نهائيا طوال العقود التي عاشها فقد بدأت صرخته عام1967((في وطن المشانق السوداء
والليل والسجون والموت والضياع) وانتهى قبل رحيله بلافتات سياسية وقد اجزم بان البياتي ضحى بفنه الشعري الكبير من اجل هدفه السياسي الذي ضاع منه في عواصف الزمن,وثمة معادلة متكافئة تصنع المشهد الشعري ضمن بقعة توتر تقوم على ثنائيات متقاطعة تتكىء على الجمل الاسمية لرسم تلك الإيماءات المشتعلة نارا ويفصح عن أقنعة سوداء يرتديها الطرف المقابل الذي يمثل النقيض عند الشاعر حيث يقف أمام قضية الإنسان وهنا تتسلق مرافىء قصائده ثيمات متكررة لا يحدد الشخوص من خلالها بصورة مفردة بل الجمع الشامل,انظر قوله((المجد للشعراء والكتاب أحباب الحياة,الخائضين اليوم معركة المصير,والضاربين يد الطغاة))هنا تبرز سمتان في هذا النص الأولى الخوض بإيماءة ذكية والثانية متحركة تفصح عن منطق شاعر مفكر واقعي تنحني إلى شعره الذائقة الشعرية وهو يحمل معول الهدم أمام النكرات الحمقاء من البشر دون الكشف عن القناع
((قلت لكم لكنكم أشحتم الوجوه,,,عالمكم مزيف وحبكم مشبوه,سرقتم كنوزي المخبوءة,لكنكم لم تسمعوا بقية النبوءة))
فلا خفاء يرتدي سرا لا يكشفه الشاعر بل يحرض عليه,وإذا دخلنا في عالمه المتضاد ملائكة وشياطين ضمن ثنائية متناقضة كلها تحمل هاجسا غريبا من خلال بنى متنوعة في الغاز يكتنفها الغموض ويصعب على غير المثقف أن يفهم تداعيات النص مثلا هذا القول((كطلاسم الكهان الواني,وعرائس الغابات الحاني))ماذا يفسر غير المختص كي يحل الطلسم –الكاهن رجل يستحضر الغيب الغامض وخلف الستار نقاء وطهر عند الراهب وهذه تلتقي من وراء الخفاء بالعروس البكر رمز الطهارة والغابة المليئة بالاشجاردون دناسة وتلوث وقد ترتفع الدلالة المكانية لتحيط أسوار هذا المشهد ودليلنا لم يقل مدينة وقرية فلماذا الالتجاء إلى الغابة زد إلى هذا رومانسيته التي تقتضي الانسراح تحت أجواء الطبيعة الجامدة بصمتها وصدقها غير مشاعر الإنسان المظطرب وحتى تتسرب مفاتيح تلك الأقنعة فيقول((ألبستها من زهر أوديتي –ثوبا ومن أوراق بستاني,وغسلتها في النبع عارية ,وغسلتها في دمعي القاني)هكذا تتسرب الأقنعة وتشعل الحرائق أمام القاريء فنا شعريا فقد اجتمع الزهر والوادي والأوراق والبستان والنبع والعري حتى يأخذ ك بقناعه إلى أوراق حواء يوم أكل التفاحة والنزول من الجنة إلى الأرض وهنا تتمثل الحرائق بصورة البكاء التي هي ضريبة المعصية وتشتد الصراحة كلما مشى خيطه الشعري على مسافة شعرية أطول((فإننا أحرار,كالنار كالعصفور كالنهار,,فلم يعد يفصل فيما بيننا جدار))وما أقوى الايمائة التي يرسمها التناص في قوله((أجنحة الشاعر في بلادنا جليد,,,تذوب إن طارت إلى البعيد)هذا صورة من التراث من الأمس البعيد عن عباس بن فرناس بجناحه ومحاولة طيرانه فالإيماءة تأخذ صورة الجناح عند فرناس والشاعر المعاصر المقيد الممنوع من الطيران حتى في فضاء الروح ولهما يذوب الشمع والنهاية السقوط ومثلما ذابت الأجنحة بالشمس ستذوب أجنحة الشاعر من الجليد بالشمس نفسها,حتى تأخذنا الأقنعة إلى شيء غير مألوف قوله((غرقت فالنبيذ في الأكواب يشربني,فالأهداب تأكل لحمي تأكل الأعصاب) هذا المقلوب يوصلك إلى تناقض بياتي مقصود حتى أصحابه وأحبته في دوامة الغياب((بلا وجوه يحلمون,يتاجرون بما تبقى من سموم,كل الدروب هنا إلى روما تؤدي,لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ,حتى تراق على جوانبه الدماء)هنا صورتان تتحركان من الأمثال كالقول المأثور(روما)وقول أبي تمام (لا يسلم)وهنا انقل القارىء إلى رؤى بياتية وأؤكد ذلك بقول توفاليس(الشاعر يرى ما لا يرى)وهنا ننصف البياتي شاعرا مقتدرا حقا وهو رسام كبير((فالمح من خلفه الذكريات,,,تهيأ لي زهرات وكوب,والهة يرقصون,على رنة العود فوق اللهيب,وأرواحهم من خلال اللظى,تقهقه نشوى بوجهي الكئيب))فهل نقرأ شعرا ساكتا لا وألف لا فالكلمات تتحرك والصور تلعب في اخفاءات الروح حتى وان زرعها ايماءات خائبة في خيال ولكنه شعر أصيل ينطلق من موهبة ونبوءة ((وخواطري بله مغمضة,تطفو وترسب حولها الذكر,نكأت جراح الكأس فارتعشت ,آه يقض جناحا الضجر)ما قصة الأجنحة عند البياتي إنها إيماءة متكررة لذلك الطير المسجون في قفص الحياة وهو مقصوص الجناح فلا يطير داخل القفص بجناحه فما بلواه وما جرمه؟؟؟, انه يبحث عن الحلم في زورق يمشي على الصخر((وزوارق بيض يحطمها, في صخرة الأموات طوفان)وإمامنا صورتان يلعب اللون دالته ثم الطوفان ودالة النبش ((تذكرني بسيول الجياع, وهم ينبشون التراب))
ومع هذه الإيماءات هل وجدنا الشاعر سطحيا أبدا بل يقدم لوحات منظورة تتحول إلى شعر فكر وعمق شاعرية خصبة لا يتعامل معها المرء إلا بخيال ولا يدخل عوامها إلا باختراق عالم الروح



#صدام_فهد_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر بلند الحيدري والبحث عن فردوسه المفقود
- رشدي العامل/شاعر شراعا مزقته ريح الزمن
- قصيدة رثاء الى الشاعر يوسف الصائغ


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صدام فهد الاسدي - اشتعال الحرائق وتسرب الاقنعة في شعر البياتي