أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله الفكي البشير - ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (2-6)















المزيد.....

ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (2-6)


عبدالله الفكي البشير
كاتب وباحث سوداني

(Abdalla Elfakki Elbashir)


الحوار المتمدن-العدد: 8142 - 2024 / 10 / 26 - 21:55
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


مجتزأ من ورقة: عبد الله الفكي البشير، "ثورة أكتوبر ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (قراءة أولية)‎"، نُشرت ضمن كتاب: حيدر إبراهيم وآخرون (تحرير)، خمسون عاماً على ثورة أكتوبر السودانية (1964- 2014): نهوض السودان المبكر، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 2014.

عبد الله الفكي البشير

مناخ ستينيات القرن العشرين في السودان

بدأ عقد الستينيات في السودان مع زيادة قبضة الحكم العسكري، وظلال انتصار حركة الحقوق المدنية، وتجدد وتوسع أسئلة الهوية، بمناخ الثورة والتوق للديمقراطية وأشواق التغيير والاتصال بالمشهد العالمي، بيد أنه، وبرغم اندلاع الثورة، انتهى عقدا للكبوات الكبرى التي تجلت في المفارقات الفكرية والتناقضات السياسية، والتي تحكمت نتائجها في مسار السودان السياسي والفكري منذ ذلك الوقت وحتى تاريخ اليوم.
لقد شهد السودان عقب نيله الاستقلال عام 1956، وانتمائه لجامعة الدول العربية، حراكاً واسعاً عن مستقبل الثقافة العربية في السودان فصدر العديد من الكتب والمقالات في الدوريات المحلية ومجلة المعهد العلمي بأم درمان، في الوقت الذي أقرت فيه اللجنة القومية للدستور في يوم 8 فبراير 1957، الإسلام دينا رسميا للدولة، والشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً من مصادر التشريع . كما شهد عقد الستينيات إنتاجاً فكرياً ضخماً وحركة أدبية ونقدية واسعة وتجديداً لسؤال الهوية، فبرزت تيارات نقدية مثل تيار الغابة والصحراء الذي نحته الشاعر النور عثمان أبكر، وتبلورت فكرته في ألمانيا، وكان ميلاده الحقيقي في منزل محمد عبد الحي الذي خرج إلينا في عقد الستينيات بقصيدته: "العودة إلى سنار". كتب الشاعر محمد المكي إبراهيم عن مناخ ألمانيا في الستينيات وهو يتحدث عن "التاريخ الشخصي للغابة والصحراء"، قائلا: "تميزت ألمانيا الستينيات بروح الندم والتكفير عن خطاياها في الحرب الأخيرة، وانسياقها وراء الدعاية العنصرية التي جعلتها تحارب العالم أجمع، وتتصرف باحتقار نحو كل الأعراق والأجناس... وكان ثمة أناس لطيفون خرجوا من تحت أنقاض الحرب يريدون أن يعرفوا إذا كنت زنجيًّا من إفريقيا أم عربيًّا من الشرق الأوسط...". كما شهد العقد قيام لتجمعات مدنية قوية ومؤثرة مثل: نادي السينما وقيام المسرح الجامعي والذي أسس فيما بعد لقيام المسرح القومي الحديث بأم درمان، وقيام تجمع الكُتاب والفنانين التقدميين "أبادماك"... إلخ. استمر ذلك الحوار عن مستقبل الثقافة العربية والهوية وتوسع مع تمدد خطاب القومية العربية، واتخذ أشكالا مختلفة مع تفاقم قضية الجنوب وسياسة الحسم العسكري التي اتبعها النظام العسكري، ومع ميلاد حركة الأنيانيا عام 1963. كما شهد العقد طرح مسألة العلاقة بين الدين والدولة، بصورة أكثر جدية وأكثر تحديداً من ذي قبل. وبدأ الحوار حول علمانية الدولة أو إسلامية الدستور. كما شهد العقد تحوُّل "أزهر السودان" المعهد العلمي بأم درمان إلى جامعة أم درمان الإسلامية. وشهد العقد أيضاً بداية البث التلفزيوني من أم درمان، وتعديل مكتب محفوظات السودان -وهي تسمية الاستعمار البريطاني- إلى دار الوثائق المركزية في عام 1965، ثم بموجب تعديل القانون عام 1982 أصبحت دار الوثائق القومية .
كما شهد عقد الستينيات رئاسة الصادق المهدي للجبهة القومية المتحدة (1961- 1964) خلفا لوالده الصديق. ثم انتخب الصادق رئيساً لحزب الأمة في نوفمبر 1964. وشهد العقد اندماج حزب الشعب الديمقراطي برئاسة الشيخ علي عبد الرحمن الأمين مع الحزب الوطني الاتحادي في عام 1965، وتم تكوين الحزب الاتحادي الديمقراطي، برئاسة إسماعيل الأزهري، وأصبح الشيخ على نائباً للرئيس . كما برزت إلى حيز الوجود جبهة الميثاق الإسلامي كتنظيم يدعو إلى إقامة جمهورية إسلامية على أساس دستور إسلامي. وأصبح الدكتور حسن عبد الله الترابي أميناً عاماً له، بعد أن عاد للسودان من بعثته الدراسية بفرنسا.
أيضا شهد عقد الستينيات كتابات واسعة عن قضية الجنوب، شرارة ثورة أكتوبر، من قبل قادة الأحزاب السودانية، والمثقفين، وهو شيء جديد لدى بعض الأحزاب والمثقفين. ففي أبريل من عام 1964م كتب الصادق المهدي: مسألة جنوب السودان. كما نشر الحزب الشيوعي السوداني قبل عقد الستينيات العديد من الكتابات والبيانات عن مشكلة الجنوب. ففي نهاية عام 1955 اصدر صحيفة أدفانس كمنبر ديمقراطي جماهيري لمعالجة قضايا الجنوب. ونشر وثيقة عن مشكلة الجنوب في مؤتمره الثالث في فبراير 1956. كما نشر جوزيف قرنق، وهو من طلائع الشيوعيين الجنوبيين، كتيباً بعنوان: مأزق المثقف الجنوبي، ونشر عبدالخالق محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي مقالات في صحيفة الأيام في صيف 1964 عن مشكلة الجنوب، كما نشر في اطار تبني الحزب الشيوعي للإضراب السياسي العام في صيف 1961 لإسقاط النظام العسكري، كتابا في عام 1963 بعنوان: نحو إصلاح الخطأ في العمل الجماهيري، وغيرها. كذلك كان الحزب الجمهوري، من أوائل الأحزاب السودانية، التي أولت قضية الجنوب اهتماماً خاصاً وباكراً، فقد تناول الحزب قضية الجنوب في أكتوبر عام 1945 ضمن كتاب نشره بعنوان: السفر الأول، كما أصدر العديد من المنشورات والبيانات عن قضية الجنوب، منها: في يوم 21 يناير 1946 منشوراً بعنوان –"مشكلة الجنوب (1)"- وفي يوم 11 فبراير 1946، منشورا بعنوان –"مشكلة الجنوب (2)"- وفي 10 سبتمبر 1955 نشر بياناً عن "حوادث الجنوب" ، ونشر في عام 1964 بياناً بعنوان -"مشكلة الجنوب"-، وبيانا آخر بعنوان –"ومشكلة الشمال"- . هذه مجرد نماذج فقط لتعطي تصوراً عن طبيعة الحراك وحجمه. تبع ذلك، خاصة بعد ثورة أكتوبر، انفتاح الأكاديميا السودانية على مشكلة الجنوب فصدرت العديد من الدراسات التي تناولتها.

قضية الجنوب والثورة: الجماهير والخروج من الذات لملاقاة الآخر

بالرغم من أن هناك عدة عوامل تداخلت في أسباب اندلاع ثورة أكتوبر، منها: مصادرة الحكومة العسكرية للحريات الأساسية، وفشلها في معالجة المشاكل الاقتصادية والسياسية، وعدم ارتكاز الحكم على قاعدة شعبية، إلا أن أهم الأسباب، هي مشكلة الجنوب، التي كانت من أكبر مظاهر فشل الحكم العسكري. لقد أذكت مشكلة الجنوب ثورة أكتوبر، ومثَّلت أهم مغذياتها، وهي أعظم معالم التعدد الثقافي في السودان، وظلت كذلك ذريعة لكل الانقلابات العسكرية وحتى الانقلاب الأخير عام 1989. لقد وفر الجنوب شرارة الانفجار للغضب الشعبي ضد النظام العسكري، فعبرت الجماهير السودانية عبر الثورة عن رفضها لسياسة الحسم العسكري في الجنوب، واستعدادها للخروج من الذات لملاقاة الآخر. فقد كانت سياسة الحكم العسكري تجاه الجنوب قائمة على قهر وكبت المعارضة واعتماد مبدأ الحل العسكري. كما أُعلنت سياسة نحو الجنوب تقوم على فرض الإسلام واللغة العربية، إذ قام النظام العسكري من وراء الستار بتشجيع محاولات للتبشير الإسلامي غير مدروسة، كما اصدر قانون الجمعيات التبشيرية عام 1962 وطرد المبشرين بدعوى تدخلهم في شؤون السودان الداخلية وفي إذكاء الحرب الأهلية والصراعات الدينية بين المسلمين والمسيحيين. الأمر الذي ضاعف من معارضة الجنوبيين بوجه عام، ومن ثم هجر كثير من المستنيرين منهم الوطن إلى الأقطار الأفريقية المجاورة ليمارسوا نشاطهم السياسي. وازداد عدد اللاجئين الجنوبيين في يوغندا والكونغو وأثيوبيا وأفريقيا الوسطى. واستطاعوا أن يؤسسوا هناك تنظيمات سياسية مستقلة. ونجحوا في تلقي إعانات مادية من الارساليات التبشيرية وتعاطفت معهم جماعات أخرى. وأخذ تنظيم اللاجئين السياسيين يدعو إلى فصل المديريات الجنوبية عن الشمال وتأسيس دولة مستقلة في الجنوب.
نلتقي مع الحلقة الثالثة.



#عبدالله_الفكي_البشير (هاشتاغ)       Abdalla_Elfakki_Elbashir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (1-6)
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...
- صدور النسخة الإنجليزية من كتاب المؤسسات الدينية: تغذية التكف ...
- تقديم لترجمات من اللغة الألمانية إلى العربية- المجلد الأول: ...
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (2-4)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (1- 4)
- كل مشوار لا يكمله العقل، يتمه الجسد تعباً: حرب الخرطوم
- يَعْسُوب المهاجرين في ألمانيا (2-2): قراءة في كتاب أوراق طبي ...
- يَعْسُوب المهاجرين في ألمانيا (1-2): قراءة في كتاب حامد فضل ...
- الحاجة لمواكبة البيئة الإنسانية الجديدة: محاضرة إقليمية بعنو ...
- الابتسامة الخالدة: تجسيد المعارف على منصة الإعدام!!! هل كانت ...
- محمود محمد طه في فضاء جامعة الأنبار العراقية‎‎
- فعالية المرأة في التنمية: عن المرأة الخليجية على ضوء مقاربة ...
- البروفيسور ديفيد فاسكيز غوزمان (المكسيك) يكتب عن كتاب: أطروح ...
- البروفيسور علي عبد القادر: رحيل مُفكر مُلْهِم وصاحب عقل محاي ...
- البروفيسور علي عبد القادر: رحيل مُفكر مُلْهِم وصاحب عقل محاي ...
- البروفيسور علي عبد القادر: رحيل مُفكر مُلْهِم وصاحب عقل محاي ...
- البروفيسور علي عبد القادر: رحيل مُفكر مُلْهِم وصاحب عقل محاي ...


المزيد.....




- حزب العمال البريطاني يعلق عضوية نائب ظهر في فيديو وهو يلكم أ ...
- تجديد حبس شادي محمد وشباب قضية «بانر فلسطين » 45 يومًا
- الجيش الإسرائيلي يسارع للاستحواذ على نظام دفاع صاروخي ليزري ...
- تدخل حزب العمال البريطاني في الانتخابات الأمريكية حماقة لا د ...
- حزب العمال الكردستاني وتركيا.. 4 عقود من الصراع المسلح على ا ...
- بسبب مقطع فيديو.. تعليق عضوية نائب في حزب العمال البريطاني
- حزب العمال البريطاني يعلق عضوية أحد نوابه بسبب مقطع فيديو
- حزب العمال البريطاني يجمد عضوية أحد أعضائه بعد ضربه رجلاً في ...
- «بالفيديو كونفرانس».. أمن الدولة تنظر تجديد حبس أشرف عمر غدً ...
- شادي محمد وشباب قضية «بانر فلسطين».. أمام المحاكمة غدًا


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله الفكي البشير - ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (2-6)