أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - مــنــزل الـــذكــــريـــات














المزيد.....

مــنــزل الـــذكــــريـــات


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8141 - 2024 / 10 / 25 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


ظل، وتراب، وعصا، وخطوة صغيرة ربما تشير إلى التمهل في المسير، هيئة رجل مسن دون أن تبدو معالم وجهه أو ينكشف شيء من هويته، هذا ما حمله غلاف الرواية القصيرة، "النوفيلا" لكاتبها الأديب الفلسطيني المبدع محمود شقير، وهي الرواية الرابعة للكبار وفق ما صرح به الأستاذ في إحدى المقابلات حول هذا العمل الصادر في آب 2024 عن دار نوفل"هاشيت أنطوان"
وكما هو الحال دوما يشكل اسم المؤلف، واسم الرواية "منزل الذكريات" جزءا أساسيا من مكونات الغلاف، إلا إن اللافت أن الغلاف لا يتضمن صورة لمنزل الذكريات، تساؤل ربما يخطر للقارىء الذي لن يتمكن من إدراك الإجابة على هذا السؤال قبل أن ينهي قراءة الرواية.
وفي التمهيد للقسم الأول يستحضر الأستاذ شقير روايتين من الأدب العالمي؛ هما رواية "الجميلات النائمات" للكاتب الياباني ياسوناري كاواباتا، ورواية "ذكريات عن عاهراتي الحزينات" للكاتب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز، مع جملة او جملتين من كل من الكتابين. ظننت ابتداء أن هذا شكلا من أشكال النصوص الموازية، إلا أن الصفحة الأولى من الكتاب أخبرتني بغير ذلك، فقد وجدت نفسي ملزما بأن أقرأ الروايتين قبل أن أتابع أحداث رواية "منزل الذكريات"، تجربة خضتها للمرة الأولى بعد عقود من القراءة، وأدركت أهميتها وأنا اتقدم عبر فصول الرواية، فقد لازم العجوزان "إيغوشي" بطل رواية الياباني كاواباتا، والتسعيني بطل رواية ماركيز، "محمد الأصغر" بطل هذه الرواية طيلة فصول الرواية، وشكلت مشاركتهما بعدا عالميا للرواية.
يسعى العجوز إيغوشي بطل رواية "الجميلات النائمات"، إلى نوع من الترفيه عن النفس بقضاء ليلة بصحبة فتاة صغيرة عذراء عارية منومة بفعل مخدر ، على أن يتعامل مع الفتاة ضمن قوانين صارمة تحرمه من العودة إلى هذا البيت إن تجاوزها ، ويعمد التسعيني بطل الرواية الكولومبية إلى تجربة قريبة من حيث الفكرة وإن اختلفتا في التفاصيل.
وتُعجب الفكرة محمد الأصغر وقد فقد زوجته التي رحلت بتأثير كورونا، فيعمد إلى تطبيقها في بيت الدعارة الذي تديره "فريال"، وينجح في مرة يتيمة بتقديم حبة منومة للفتاة، وممارسة الطقوس التي قرأ عنها في الروايتين وسط سخرية الفتاة وسيدتها. وترفعه عن هذه السخرية كونه القارىء المثقف الذي يعلم ما لا تعلمان.
ويحلق المؤلف في فضاءات جديدة بكثير من الخيال في مواقف كانت الأحلام مسرحها، حيث لم تتوقف تأملات محمد الأصغر التأملية عند مماهاة تجربة العجوزين بطلي الروايتين السابقتين، بل تعداها إلى وصف زيارات زوجته الراحلة سناء له في المنام، وما حملته هذ الزيارات من رسائل تتضمن العتب أحيانا، وتعبر عن الغيرة أحيانا، وتكتفي بالتعبير عن الشوق وعيش اللحظة في زيارات أخرى. وتمادى محمد الأصغر في تأمله فاستضاف أسمهان "جامعة التبرعات" في أحد أحلامه ليكتشف لاحقا أن أحلامه مكشوفة لأسمهان ، وكان لهذا الإكتشاف تبعات جسيمة لم تتوقف على الزواج منها تحت ضغط أخيها "جميحان" رجل العصابات المنفلت من كل قيد وحد ، الماضي في غيه وطغيانه إلى أبعد حد ، فإلى أين يصل هذا الطغيان ؟ .ولعله جدير بالاهتمام التوقف عند الاشتقاق اللغوي لاسم "جميحان" الأمر الذي يشي بأن اختيار المؤلف للإسم لم يكن محض مصادفة.
ويشير المؤلف إلى "جميحان" ومن هم على شاكلته من الزعران الذين يمتهنون البطالة بصفتهم بذورا شيطانية للإحتلال الإسرائيلي، يترعرعون في ظله ويساعدونه في قض مضاجع الناس والعبث بأمنهم وراحتهم.
يستعين المسن الفلسطيني "محمد الأصغر" بصديقيه العجوزين، فها هو في الفصل المعنون "سهرة" و بعد أن يرحب بهما ويعبران من طرفهما عن سرورهما باللقاء يقول :"شكرت العجوزين على كلامهما الظريف ، ثم شكوت لهما من العسف الذي ألقاه من جميحان وأتباعه من الزعران الفالتين الذين لا يردعهم أي عرف.....الخ" ص 102
يتباين موقف العجوزين من هذه المسألة ففي حين لجأ عجوز ماركيز إلى الحكمة قائلا "عليك أن تصبر يا صديقي وتحتمل إلى أن تتغير هذه الأحوال، وإلى أن تجدوا خلاصكم من هذا الاحتلال الذي تنمو على حوافه تلك الظواهر الشيطانية"، فقد أبدى العجوز الياباني "إيغوشي" استغرابه من قدرة محمد الأصغر على تحمل هذا العسف من جهة والاحتلال من جهة أخرى ومضى في تضامنه حد الاستعداد بالتضحية بالتفس من هذا الظالم أو من الاحتلال.
ويمضي المؤلف في الحديث عن معشوقته مدينة القدس من خلال مشاهد يلتقي فيها محمد الأصغر بضيفيه العجوزين في شوارع القدس ومقاهيها، مزودا إياهما بالتوصيات والمحاذير اللازمة لسلامتيهما في ظل الاحتلال، وعصابات الزعران.
ثمة بين السطور ما ينفي كون الرواية سيرة ذاتية أو جزءا منها إضافة إلى ما أكده المؤلف في إحدى المقابلات مؤكدا إن الجزء الوحيد الحقيقي في الرواية يتمثل في المشاعر والأحاسيس المتعلقة بالقدس، وقد عمد المؤلف إلى الاستعانة بالتناص مع الروايتين العالميتين لكاواباتا وماركيز، وكتابين آخرين من التراث هما "أخبار النساء" لإبن قيم الجوزية، و"النساء" لإبن قتيبة.
وبالرغم من صغر حجم الرواية نسبيا "في تشابه نسبي مع روايتي كاواباتا وماركيز" إلا إنها جاءت في ما يزيد عن ستين فصلا، ولم يتجاوز طول بعضها صفحة الواحدة، الأمر الذي يشير إلى لغة مكثفة اختار المؤلف اللجوء إليها في الكثير من أعماله، وتبدو النصوص في غاية البساطة إلا إنها كما وصفها الأستاذ محمد عبيد الله أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة فيلادلفيا: "رواية قصيرة جميلة من فرائد محمود شقير، تتظاهر بالبساطة، وتعطي درسًا في عبقريتها وجماليّاتها المختلفة"



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي
- غالب هلسا: روح ناقدة بدأت بنقد الذات
- حمزة شحاتة: مِن أخلاق البيت إلى المدرسة إلى الزقاق.
- بندلي جــــوزي:رائد الاتجاه القومي الماركسي
- د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني
- صادق جلال العظم: المادية والتاريخ
- هادي العلوي: جدلية الفكر الديني
- طنطورية رضوى عاشور وهذا النداء للتوثيق
- أنا و الكتابة ، من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات
- فرح أنطون أحد رواد الفكر العلماني والديمقراطي
- شبــلي الشمــيل، رائـــد من أعــلام الفكـــر الــــعـــلمي ا ...
- أحــــــمــــد لــــــطــــفــــي الــــسيد – رائد الليبرالي ...


المزيد.....




- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...
- طوفان الأقصى يشعل حرب السايبر
- من مدرسة قرآنية إلى مركز فن حديث.. تجديد إبداعي لمعلم تاريخي ...
- الحوارية وتعدد الأصوات.. ثورة ميخائيل باختين في عالم الرواية ...
- خامنئي يغرّد في منصة -إكس- باللغة العبرية حول -حماقة- ارتكبت ...
- نتائج الثالث متوسط 2024 الدور الثالث بالاسم والرقم الامتحاني ...
- حساب مكتب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية عبر منصة إكس: ...
- حساب مكتب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية عبر منصة إكس: ...
- كندة علوش تنتقد استغلال اللاجئين سينمائيا وتدعو لإنتاج أفلام ...
- قرار عاجل بشأن نجم مصري شهير تم القبض عليه في حالة تلبس! (في ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - مــنــزل الـــذكــــريـــات