|
إنهم يدمرون الأثار ..و سيدمرونها .
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8141 - 2024 / 10 / 25 - 09:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لم يتعلم الناس الحفاظ علي أثارهم ..و أعمالهم الفنية .. إلا قريبا .. حول القرن السابع عشر في أوروبا ...عندما بدأوا رحلتهم نحو التحضر . لقد كان القدماء يدمرون المدن ..و يحرقون المكتبات .. و يكسرون التماثيل ..و يسرقون الكنوز و المجوهرات من العروش و المقابر .. كل الجيوش فعلت هذا..بدون إستثناء (التتار ، المغول ، الهون ، الجرمان ، القوط ،البربر و الفايكينج ) .. كذلك كانت الشعوب لا تهتم بصيانة و الحفاظ علي إرث من سبقوهم ...الرومان ، البيزنطيون ، الهنود ،اليابانيون ،الصينيون ،المصريون ، الفرس ، العرب ، الأتراك .. ظل هذا السلوك سائدا و مستمرا خلال الحروب الإستعمارية .. أو الصراعات الكبرى حتي زمن الحرب العالمية الأولي حيث شهدت ساحات المعارك دمارا شاملا .. و في الحرب العالمية الثانية بعد تحسن نوع السلاح و قدرته علي الفتك ..دمر الألمان عواصم أوروبا ..و ضرب الأمريكان هيروشيما و نجازاكي بالقنابل النووية ..و دك السوفيت و الأوروبيون مدن المانيا دكا و جعلوا منها خرائب ... مصر لم تكن إستثناء .. اين ذهبت مدنها التاريخية الرائعة مثل (اون ) مقر ديانة رع و (منف أومنفر أو ممفيس) اول عاصمة لمصر الموحدة ..و (ابيدوس ) مقر عبادة أوزيريس ..وطيبة (مدينة الصولجان أو المائة باب ) حيث كان يحكم أمون .. أو (تل العمارنة أخيتاتون ) عاصمة أتون ..و( بوتو ) ..وإسكندرية البطالسة .. و الفسطاط و القطائع. .. كلها إختفت . المدن القديمة أقيم فوقها مدن أحدث ..حتي في أمريكا ذات ال250 ربيعا .. و قد تندهش عندما تحفر في الأسكندرية القديمة أو القاهرة الفاطمية .أو الاقصر ..أن تجد أسفلها طبقة أو إثنين من المدن المدفونة . عندما بدأ إنشاء نفق الأزهر تم تدمير العديد من الاثار الفاطمية التي تجاهلها الحفار العملاق ....كذلك عند البحث عن طريق الكباش بين معبدى الكرنك و الاقصر و هو ما سيحدث مع إنشاء مترو أنفاق الأسكندرية . علي مر العصور كانت كل اثارمصر القديمة مشاعا لمن يملك .. نهبها قمبيز و البطالسة و سليم الأول و نابليون ..و الإنجليز بحيث تجد في أغلب عواصم العالم .مسلات مصرية قديمة و في كل المتاحف الكبرى أثار و تماثيل و أواني ..و حلي ..أخذت من مصر .. اشهرها راس نفرتيتي . خلال القرن التاسع عشر .. نهب الإستعمار الأوروبي .. أثار .. مصر و بابل .. و فارس و الشام ..و إفريقيا و ما تركه سكان أمريكا و أستراليا الاصليون المتحف المصرى بميدان التحرير أسسة ماسبيرو وافتتح عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني كي تحفظ فيه الاثاربعيدا عن النهب .. و لكن قبل ذلك كانت تخزن في أماكن عديدة غير أمنة فسرقت و تم بيعها في محلات الأنتيكات..العلنية .. و تصديرها من خلال المواني الحكومية إلي بلاد العالم .. دون أى إعتراض إلافحص مستندات الملكية . إحترام أثار الماضي و الحفاظ عليها .. لا يقوم به إلا متحضرون لديهم قيم جمالية و ثقافة تجعلهم يهتمون بعمل تواصل مع تاريخ و إنجازات البشر..عبر العصور أما الأجلاف .. فقد.. إستخدموا أحجار أهرامات صغرى وكسوة الإهرامات الثلاثة الكبرى في بناء منشئاتهم...العسكرية و الدينية ..ونعاملوا مع ما إكتشفوا من أثار علي اساس أنها نهيبة كنوز فرعون .. و كانوا يريدون فك الهرم الأكبر و إستخدام أحجاره في بناء القناطر الخيرية لولا أن المهندس الفرنسي اقنع الباشا أن تكلفة الفك و النقل ستكون ضعف تكلفة إستخلاص الأحجار من محاجر طرة . عبر تاريخنا الطويل .. سرقت المقابرالاقدم ..حتي أن ملوك الدولة الحديثة إحتاطوا لذلك وحفروا لأنفسهم قبورا في الجبل في أماكن سرية منعا من ىسرقه جثثهم و كنوزهم .. لقد دمر المصريون جبل بعد جيل المعابد .. وتركوا عوامل الزمن تردمها و تشوهها .. و عبثوا بالموميات ..و إستخدموا حجارة المباني القديمة لإقامة أخرى أحدث .. لان من فعل هذا لم يخطر في باله أنها ثروة سيأتي يوم .. يحتفل الناس فيه بقناع توت عنخ أمون ..و يعتبرونه كنزا .. أو يزورون الإهرامات و المعابد و يسألون .. من الذى بناها ..و كيف فعل هذا . إهمال الاثار لم يتغير في العصر الحديث بل زاد ..لأن حكامنا كانوا دائما بدائيون يفتقدون لحس الجمال .. و الثقافة ..و الإحساس بالمسئولية .. أنصاف متعلمين غير متحضرين .. هؤلاء الهمج(لا أستثني منهم أحدا ) لم تصل إليهم مفاهيم التحضر..فاهدوا أثارنا للغرباء .. و هربوها و باعوها .. و لو كان الهرم أو معبد الكرنك لا يجلب لهم الدولارات لطوروه علي طريقتهم ..و بنوا مكانه كافيتريا ..و لا ناطحة سحاب . أعتبر نفسي من شيوخ المعماريين في مصر .. رأيت الكثيرمن المهندسين و تعاملت مع العديد من المواقف الغريبة والشاذة غير المنطقية لذلك ..لم أندهش من رؤية صور البلدوزرات .. و الكسارات .. التي تعمل في تدمر المأذن والقبب المتفردة غير المتكررة في القاهرة القديمة بحجة أنها ليست مقيدة كأثار .. إنها البيروقراطية اللعينة الخبيثة التي تتحجج بالملفات و الأضابير و التأشيرات و اللوائح لترمي باللوم علي الأخرين. منشئات القدماء التي لا صاحب لها مباحة للجميع .. إذهب إلي أى وكالة أو ربع أو أثر قديم ..ستفاجأ بما فعله الناس به .. و كيف يستخدمونه في أغراض تجارية أو سكنية .. و كيف يعبثون بالتصميم الأصلي .. و يعرضونه للحريق و الهدم. المهندسة فاتن واصل لها ورقة بحثية قدمتها خلال دراساتها العليا ..لحجم التجاوزات التي جرت علي الوكالات ..و الخانات و الأربع .. في القاهرة ..و بولاق .. مزودة بالصور و الرسومات ..محبطة .. محزنة.. تحكي عن شعب جاهل لا يعرف تاريخة ..و لا يحترمة ..و يراه من صنع الكفار . أما المحافظه علي الاثار..كما نراه في باريس أو فلورانسا أو اليونان ..فيحتاج لمجتمع متحضر و ناس لديهم قيم و قياسات لا يعرفها من كان جائعا أوغبيا أو من البلطجية والفتوات الذين يتكسبون من تغيير معالم المكان . عندما .. أتامل الموقف ..أجد أن جميع أفراد الطاقم الذى شارك في تدمير قرافات و أثار القاهرة .. هم في الغالب أفراد ذوى قدرات فكرية و حضارية منخفضة ..لا فرق بينهم ..ذلك الشخص الذى دون الاثار و ترك تلك التحف الفنية دون تسجيل ..و السيد المهندس الذى صمم الكبارى و هو يعلم أنه يعرض كنوز المعمار القدبم للفقد و التدمير ..و الباشا الذى يصدر الأوامر ويحتمي بكرسيه و اللي مش عاجبه يشرب من البحر دى عزبة أبونا نعمل فيها اللي إحنا عايزينة.. و من يستخدم الزمبة.. و الفأس و الجاروف لتكسير الحوائط و الاسقف و الحليات ... كلهم كائنات ينتمون لزمن بعيد كان فية الملوك يفعلون ما يريدون و لا يهتمون بالأضرار التي ستصيب الناس .. فلم تصل إليهم مفاهيم التحضر . .. لا يعرفون قياسات الجمال .. و لا الحفاظ علي البيئة ..لأنهم يعيشون في مدينة مزدحمة قذرة .. منازلها تتحدث عن حجم الفقر و الجهل المتفشي في المجتمع .. دراستهم سطحية .. و مهنتهم لا تهتم كثيرا غير بما يجلب عليهم الأموال .. . إنهم يدمرون الاثار ..اليس كذلك .. نعم و سيدمرونها ..و يدمرونها و يدمرونها مهما صرختم و حذرتم ..إنها طبيعة حياة المتخلفين ..و لن يتوقفوا حتي يقضون عليها بما في ذلك المعابد التي أتلفتها مياة الرشح و الإهمال .. وعدم الصيانة ..و أعمال التطويرالعشوائية ..و تجار الاثار و اللصوص و قطاع الطرق و المسئولين الذين يتمنون أن تعود أسواق النخاسة ليبعوننا فيها عبيدا و جوارى .. من أجل تكديس الدولارات .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تدمير الاثار ليس خبرا جديدا
-
نصف قرن من الغربة
-
شهادتكم تهم الأجيال القادمة
-
إقتصاد حرب .. بدون حرب
-
هل مر القطار فلم نلحق به
-
عايز أعيش في زمن أخر
-
لماذا لم تطورنا الحرب
-
جد حضرتك كان شيخ منسر
-
الرؤيا
-
الأن تنتهي مرحلة الستينيات في مصر
-
فلنقرأ التاريخ الحقيقي
-
الحواس تتغير و تتطور أيضا بالتدريب
-
تفضلوا حضراتكم ..منتظر الحوار
-
إختار اليوتوبيا التي تناسبك
-
الجبل الاصفر .. رحلة حياة
-
لا أؤيد الإنقلابات العسكرية (72 سنة ) فشل
-
الدروب الخمسة للسيطرة
-
صور من الصندوق الأسود
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
-
رؤية 30 يونيو بعد 11 سنة
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|