|
السياقات الترجيحية لرد اسرائيلي حاسم
هاني الروسان
(Hani Alroussen)
الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على الرغم من ان مصطلح الصراع العربي الاسرائيلي لم يعكس او يجسد يوما ايا من مضامينه الدلالية او اللسانية منذ احتلال فلسطين واقامة اسرائيل فيها وبقي شيئا هلاميا قابل للتأويل والتفسير المزاجي لهذا الطرف او ذاك، الا انه ابقى على احتمال ان يتحول الصراع مع اسرائيل في يوم ما الى صراع قومي يعكس الوعي بحقيقة مخاطر وجود اسرائيل كمشروع تنفيذي لقوى الصراع على النفوذ الدولي. وهو احتمال غذته الدعاية الصهيونية ضمن استراتيجية بعيدة المدى بهدف زيادة الدعم العالمي لها بغية توسيع الهامش الصهيوني الديني في المشروع الدولي لاقامتها على حد تعبير الياس شوفاني الذي اكد في كتابه طريق بيغن الى القاهرة ان اسرائيل اليوم لم تعد اسرائيل النشأة حيث باتت توسع من هامش وجودها الخاص في اطار مهمتها كأداة في سياسات الهيمنة الغربية، وهو ما تحمله اليوم سياسات وتصريحات قادة اسرائيل من خلافات سواء مع الولايات المتحدة او فرنسا او غيرهما وصولا الى الامم المتحدة وان كان جانب منها لا يخلو من افتعال وتبادل للادوار لحفظ بعض من خطوط الرجعة وكسب الوقت لتحقيق اهداف ابعد مدى. وبالاضافة الى ذلك فأن اسرائيل التي تعي جيدا التركيب السوسيوثقافي للمنطقة وتستبعد معه نهائيا امكانية الاندماج الكلي لها بها خاصة وفقا لشروطها وتصوراتها، كان من البديهي ان تعمل في مجرى محاولات تجاوزها لمعيقات هذا الاندماج على عدة خيارات من بينها تفتيت مكونات التركيب الاجتماعي الثقافي للاقليم باختراقات من شأنها اضعاف قدرته على المقاومة وتساهم بانتقالها من محاولات الاندماج فيه الى السيطرة عليه، وفي سياق البحث عن تحويل ذلك الى واقع عمدت اسرائيل الى استخدام القوة الضاربة من ناحية ومحاصرته من خلال اقامة علاقات مع دول المحيط، حيث نجحت على هذا المستوى باقامة علاقات تعاون وتحالف مع كل من تركيا وايران واثيوبيا من ناحية ثانية، هذا الثالوت الذي شكل تهديدا دائما للاقليم خاصة خلال السنوات التي سبقت توقيع اافاقيات كامب ديفيد 1979. فقد حرص بن غورين على وضع استراتيجية المحيط لاختراق النظام العربي وتفتيت قوة قلب قيادته انذاك التي كانت محل صراع بين كل من العراق الذي شكلت ايران بالنسبة له احد مصادر تهديد امنه وسوريا الذي صار الخلاف الحدودي بينها وبين تركيا احد مصادر التوتر بين الجانبين ومصر التي شكل التهديد الاثيوبي للتلاعب بمياه النيل احد اهم عوامل عدم الثقة المتبادلة بين الجانبين تاريخيا ثم محاولات الوجود الإسرائيل بإثيوبيا لاحقا في سياق خطة إستراتيجية كان من بين أهدافها اختراق الصومال للتأثير في مقومات الأمن القومي المصري بسحب مياه النيل إلى إسرائيل وتهديد مشروعات الري والكهرباء بوادي النيل ودلتا مصر، ثم ببناء سد النهضة الذي يعيد الان صياغة التحالفات الاقليمية هناك. واليوم وبعد ان نجحت اسرائيل الى حد ما في اختراق النظام العربي وتغيير قيمه الاساسية وتغيير المصادر التي تهدد امنه وتحويله الى مجموعات اقليمية ادنى، لم يبق منها الا مجلس التعاون الخليجي وصار مساحة فراغ للصراع على تقاسم النفوذ فيه بين دول المحيط به او الجوار الجغرافي، صار من الطبيعي- ولاستكمال الانفراد الاسرائيلي بمحاولة السيطرة عليه - ان تتخلى اي اسرائيل عن استراتيجية المحيط باعتبار انتهائها موضوعيا بعد موجة التطبيع العربي معها اولا وتنامي قوة دول المحيط وتزايد احتياجات قوة هذه الدول على مستويي العمق الحيوي والتنويع بمصادر القوة تلك ثانيا وان تتجه حتميا للصراع معها لاعتبارات من بينها ان منطقة النظام العربي بخلاف انها منطقة التمدد الطبيعي لدول الجوار فانها المنطقة الاكثر رخاوة بالنسبة لكل من ايران وتركيا ومنطقة الامتداد الوحيدة بالنسبة لاسرائيل. وعلى هذا فانه من المستبعد ان تفوّت اسرائيل اي فرصة لتحويل الاقليم الى منطقة نفوذ لها وان تقضي على اي منافس محتمل لها، كايران التي ترى بها منذ ما بعد اسقاط الشاه انها القوة الاكثر قدرة على التنافس للسيطرة عليه وانها في سبيل ذلك انتهجت عدة طرق بخلاف العمل على توسيع نطاق علاقات التطبيع مع الدول العربية وتعزيز التعاون الامني معها لمحاصرة محاولات ايران لبناء علاقات مع قوى ودول الاقليم ودفع الولايات المتحدة للصدام معها، فانها تحاول محاصرة محاولاتها للتمدد حتى على المستوى الافريقي او وضعها تحت المراقبة الحثيثة، حيث شهدت العلاقات الايرانية الافريقية في عهد الرئيسين احمدي نجاد وابراهيم رئيسي موجة من التطورات الايجابية وصلت مع اثيوبيا الى مجالات التعاون العسكري حيث تؤكد كثير من التقارير العسكرية تزويدها باعداد كبيرة من المسيرات الايرانية التي تستخدمها القوات الحكومية في مواجهة ميلشيات فانو امهرة، كما كانت قد فعلت ذلك من قبل اثناء الحرب التي شنتها ضد المتمردين من مقاطعة تيغراي، وهي المساعدة التي أدت إلى تحسين قدرات الجيش الإثيوبي بشكل كبير. وفيما تسعى اثيوبيا لتعزيز نفوذها الاقليمي بمد سيطرتها على بعض المنافذ المطلة على البحر الاحمر بالتنسيق مع الحوثي في اليمن بدعم ايراني اكدت صحيفة جيروزاليم بوست هذا الاسبوع ما كان قد كشف عنه موقع "ميدل إيست مونيتور" في وقت سابق من أن إسرائيل مهتمة بإنشاء قاعدة عسكرية في شمال الصومال، بوساطة الإمارات العربية المتحدة. الغرض منها مراقبة اليمن ومضيق باب المندب، والذي يعني بصورة مباشرة محاولة التضييق ومحاصرة النفوذ الايراني. وهذا يشير بقدر كبير الى التحول في اتجاهات الصراع داخل الاقليم وعليه، وان اسرائيل بصدد الانتقال النهائي من العمل باستراتيجية التعاون والتحالف مع المحيط الى التنافس والصراع معه، وهذا ايضا هو ما يعزز الاعتقاد بذهاب اسرائيل في لعبة المخاطرة الاقليمية الى نهاياتها بتوجيه ضربة حاسمة لايران ان لم تخرجها من ميدان الصراع فانها ستشل قدرتها على المنافسة لعدة عقود قادمة، وتؤدي ان نجحت بالقضاء على ظاهرة الميلشيات المسلحة في اكثر من منطقة في الاقليم الى تحويله الى منطقة نفوذ تحت سيطرتها المطلقة. وفي سياق الاستعداد للذهاب بعيدا في هذه المواجهة التي تشكل في نهاية المطاف جزء من الاستراتيجية الامريكية لتأكيد اتفرادها بقيادة النظام الدولي، يلاحظ المناورة الاسرائيلية بتأجيل تنفيذها لحين استكمال نشر بطارية الدفاع الجوي "ثاد" والتي من الممكن رفدها ببطارية اخرى وبتغيير بنك اهداف ردها الذي قد يشمل بالاضافة الى بعض من اجزاء برنامج ايران النووي وبعض المنشآت الحيوية فيها، كبار القادة السياسيين في النظام كرد على محاولة اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي التي تصر اسرائيل على تحميل مسؤوليتها لطهران، وتؤكد انها لن تمررها دون عقاب وصفه غالانت في احد تصريحاته بانه سيكون مميتا. وهنا لابد من الاشارة الى ان اصرار تل ابيب على تعميق الضربة لا ينبع من الثقة بالقدرة على النجاح في تنفيذها بقدر ما تخطط لدفع واشنطن للتورط فيها اذ من المحتمل ان لا تجد واشنطن من مناص غير الانخراط النشط بها خاصة وان اسرائيل تستدعي بنوعية ضربتها ردا ايرانيا قاسيا لن يسمح للولايات المتحدة بالوقف مكتوفة الايدي وهي الوسيلة التي من خلالها يمكن لاسرائيل بلوغ اهدافها بالقضاء على النظام الايراني كليا او تحييده لعشرات السنين القادمة. هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
#هاني_الروسان (هاشتاغ)
Hani_Alroussen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المواجهة الايرانية مع اسرلئيل والولايات المتحدة بين خطابين
-
اسرائيل في الاستراتيجية الامريكية: من قيادة تحالف امني اقليم
...
-
هل ما زالت امام ايران فرصة ؟؟؟
-
دول الاعتدال العربي ووهم الاهمية: التوقيع على فصل الجبهة الش
...
-
الصاروخ اليمني واعادة طرح الاسئلة
-
الرد الايراني بعد البيان الامريكي القطري المصري
-
الرد الايراني لن يكترث بمتلازمة الحرب الاقليمية
-
هل سيستغل نتنياهو صاروخ مجدل شمس ؟
-
هل سينهي تفعيل المجابهة في المتوسط الحرب على غزة؟
-
انهيار ثقافة التعالي الصهيوني وراء العنف الوحشي على غزة
-
هل يطيح اليمين الاسرائيلي بالدولة؟؟
-
بعد موافقة حماس هل سترغم واشنطن اسرائيل على وقف الحرب؟؟
-
اصرار واشنطن على وقف اطلاق النار وحدود المغايرة في الاستراتي
...
-
الرد الايراني ولو بالذهاب الى حافة الهاوية
-
وقف اطلاق النار وترتيب المنهزمين
-
ما لا يمكن لواشنطن استدراكه بعد قرار وقف إطلاق النار
-
هل توقف واشنطن الحرب قسرا؟؟
-
لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة
-
كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!
-
تساوي الفرص
المزيد.....
-
راكبة تلتقط بالفيديو لحظة اشتعال النار في جناح طائرة على الم
...
-
مع حلول موعد التفاوض للمرحلة الثانية.. هل ينتهك نتنياهو اتفا
...
-
انفصال قطعة كبيرة من أكبر جبل جليدي في العالم!
-
15 قتيلاً على الأقل خلال انفجار سيارة في مدينة منبج في سوريا
...
-
روسيا تعلّق الطيران في عدة مطارات عقب هجوم أوكراني بالطائرات
...
-
عواقب وخيمة لوقف أمريكا المساعدات الخارجية.. فمن سيعوضها؟
-
الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي أكثر قدرة على الصمود
-
انتشال رفات 55 شخصا ضحايا اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية
...
-
لبنان .. تغيير أسماء شوارع وساحات تذكر بالنظام السوري السابق
...
-
الرئيس الجزائري: أبلغنا الأسد رفضنا للمجازر بحق السوريين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|