أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الشارع















المزيد.....


الشارع


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما سبب استقائنا لهذه الكلمة التي طالما تغنى بها الشباب ، وتغنى بها التقدميون والاصلاحيون ، والثوريون في كل البلاد ، التي تحكمها او حكمتها أنظمة بوليسية كريهة ونتنة ، او حكمتها أنظمة دكتاتورية ، حراس معبدها هم الجيش في ابشع صوره المقرفة ك العسكر الأرجنتيني الذي سطا على الحكم فيه الجنرال Pinoutche ، وككل دول أمريكا الجنوبية و للاتينية .. وحتي البلاد العربية ، وبخلاف الدول البوليسية ، كان العسكر الذي انقض على الحكم ، وبعد ان شطب الساحة السياسية من المعارضة من جميع الجهات ، انشأ انظمة عسكرية غاية في القبح ، لم تكن تحسن غير القمع بكل اشكاله ، والذي وصل الى القتل في داخل البلاد بسجونها ، والاغتيالات للمناضلين بدول المهجر .. ولا يفوتنا المقام ان نذكر بالمعارضة المختلفة الألوان ، التي ناضلت ضد نظام طقوسي عثملني شكلا ، يستمد مشروعيته فقط من القمع ، لأنه لا يحسن غير القمع ..
قد يثار سؤال . وما علاقة الشارع بكل هاته الحقب من التاريخ المؤلم وغير المنسي ..
ان قول وترديد كلمة الشارع ، ليس المقصود منها الازقة والدروب والساحات العمومية .. لكن المقصود بها من كان يعمر تلك الشوارع ذهابا وإيابا ، وفي كل الأوقات وبلا انقطاع .. فاين ما دعا واجب الوطن ، تجد الشارع المجيب امامها ، مستعد للتضحية بالغالي والنفيس ، من اجل نصرة الكلمة الحق ، او نصرة المبدأ ، او الارتباط مع قضية قومية تحولت الى قضية وطنية .. فالمعنى من ترديد كلمة الشارع ، هو الشعب ، وليس كل شعب ، لان الكثير من الشعوب ليست بشعوب ، لكن منها من انغمس العيش في ظل الرعية في دولة رعوية ، ومنها من استحلى قمع الأنظمة العسكرية ، بدعوى الوحدة الوطنية ، وهي الوحدة المهددة بالتخلي عن القضايا القومية .. لكن عند استعمال كلمة الشارع ، ومدلولها الشعب ، ومدلولها الأكثر ، اليقظة ، والاستعداد في كل وقت وحين للدفاع عن المبادئ العامة ، فهل كل شعب من شعوب الأرض تشترك في خاصية الاستعداد للدفاع عن المبادئ ، وعن القيم الثورية والتقدمية ، التي ضحى من اجلها كل من سبق في ميدان التضحية ، يخطب ود ونصرة الشعب ، لا نصرة نظام او انظمة بوليسية او عسكرية ، لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد ، بنصرة الثائرين والتقدميين ، والديمقراطيين الذين لم يسترخصوا الدفاع عن المبادئ وعن البلد .. وهنا نطرح السؤال . لان الحديث عن الشارع وعن الشعب بالأساس ، المقصود به الصراع من اجل الحكم ، لتحقيق اماني الشعب في بلد الديمقراطية المنشودة ، ديمقراطية المساواة والعدالة الاجتماعية ، في دولة لن تكون غير ديمقراطية . وهنا لنتساءل . هل كل الشعوب تستحق ان توصف بالشعب ، وهي هنا تصبح محط السؤال الرئيسي . هل الشعب والشعوب هي ثورية ، وتقدمية ، وديمقراطية .. ام ان ما يسمى مجازا بالشعب ، او بالجماهير ، لا علاقة لها بالثورية والتقدمية والديمقراطية . وهنا يبقى الوصف الحقيقي لما يسمى بالشعب او بالشعوب ، مجرد رعايا يعيشون في دولة رعوية ، يحكمها راعي كبير ، مستندا في حكمه للرعية على الطقوس والتقاليد المرعية ، وهي ، أي الطقوس ما يكبل الرعية ، بحيث لا تتحرك الا بما أراد الراعي ، حتى وانْ كان التحرك ماسا بوضعها الاجتماعي الذي يتدنى من سيء الى أسوأ .. ففي الأنظمة الرعوية تنتفي الديمقراطية ، وتحتكم الى الشرائع اللاهوتية ، والفكر الرجعي الضبابي واهم ما تحتكم اليه ، أي المشروعية ، يتجسد فقط في اللجم والقمع ، ويصبح في هذه المجتمعات من يناشد ولو بالجزء اليسير من الممارسة الديمقراطية ، بانه خارج اجماع الراعي بالرعايا ، ويصبح اسم الحاكم في هذه الأنظمة ، بالسلطان حتى ولو تغلف بجبة ملك .. فالحكم على النظام ، يكون في نوع القوانين المستعملة ، والممارسات التقليدانية والطقوسية التي لا علاقة لها بالدول الديمقراطية .. فحين تكون الدولة الطقوسية المزاجية ، دولة بتريركية ، بتريمونيالية ، ثيوقراطية مزيفة ، كمبرادورية ، محافظة وما هي بالمحافظة .. تصبح ساكنة هذه الدول توصف وتلقب بالرعية ، والدولة التي تعيش فيها بالرعوية ، والحاكم بأمر الله الذي يسوسها بالراعي الكبير في اقطاعية الحق الإلهي ..
ليس هناك من اختلاف بين الدولة الرعوية المزاجية ذات النفحة البوليسية ، وبين الدولة الدكتاتورية التي يحكمها العسكر ، الذي نفد الى الحكم بواسطة انقلابات عسكرية ، حصلت باسم الديمقراطية ، التي هي ديمقراطية العسكري الأول في البلد . فالمقارنة بين الراعي الأول في الدولة الرعوية ، والعسكري الأول في الدولة العسكرية ، تظهر في التسمية ، في حين انها أنظمة تتشابه بانتفائها للممارسة الديمقراطية ، في دول لا علاقة لها أصلا بالديمقراطية كما هي مفهومة عند الدول الديمقراطية الغربية ..
اذن ، ونحن نتكلم عن حقيقة الشعب او الشعوب ، من خلال لغة الشارع ، يبقى ان نطرح السؤال عن ماهية هذه الشعوب او الرعايا ، في دولة توصف من قبل الديمقراطيين والتقدميين بالدولة اللاديمقراطية .. فهل شعوب ورعايا هذه الدول ، نافرين من المطالب الديمقراطية ، في افق بناء الدولة الديمقراطية .. فمنذ متى كانت الرعايا تثور وهي جائعة ، جاهلة ، تميل الى ( المحافظة ) وما هي بمحافظة .. وتستكين العيش الرعوي الذي ينفي عنها أي علامة او وصف بالديمقراطية .. وهنا نصل الى طرح سؤالنا ، والسؤال فلسفة .. أليست الرعايا التي تعيش في دولة رعوية ، من خلال عشقها للدّونية ، ولحياة المسكنة والدراويش .. واستعدادها تقبل جور حكامها ، واعتبار هذا الجور ، أراده الله ، خاصة وان الحاكم لا يتورع من ادعائه الانتساب الى النبي صلعم .. فحين ينزل ظلم الحاكم بأمر الله على الرعية ، بتهديم مساكنها ، او بسبب الاستيلاء على أراضيها ... وتركها عرضة للخلاء ، وللقهر ، وعوض ان تدافع عن نفسها ، يشرعون في رفع شعارهم الخالد ( عاش الملك ) ( عاش سيدنا ) ( سيدنا ليس في علمه " ترْييب " المنازل .. فيتحولون من مجرد رعايا الى مازوشيين يتلددون بقهر النظام وبطشه بهم .. فهل المازوشيون الرعايا يثورون ، على معذبهم الذي هو الملك لا غير .. ومنذ متى ثار الرعايا على راعيهم الراعي الأول في الدولة الرعوية .. ان انتفاضة 23 مارس 1965 ، وانتفاضة الدارالبيضاء في سنة 1981 ، وانتفاضة يناير 1984 ، وانتفاضة فاس 1990 ، لم يقم بها الرعايا ، بل قامت بها الحركة التقدمية المغربية ، والحركة الثورية ، والحركة الإصلاحية للدولة .. وهو ما ذهب بالحسن الثاني ان يصف انتفاضة 1984 الجماهيرية ب " الاوباش " ، ووصف وزير الداخلية ادريس البصري انتفاضة 1981 ب " شهداء كوميرة " .. الخ .. في حين ان المظاهرات كانت ضد ديمقراطية النظام ، ومن اجل ديمقراطية الشعب ..
فهل الرعايا قابلة للثورة ، كما ثار عبيد الزعيم Spartacus بروما ضد نظام العبيد ..
وحين يتشبه البعض ، بتجارب سياسية جذرية حصلت في التاريخ ، ويمدحونها ، كالثورة الروسية ، والثورة الصينية ، والثورة الإيرانية .. ، ويعمل على نسخ هذه الثورات العظيمة في تاريخ الإنسانية ، على الحالة المغربية ، فهم يجهلون الخصائص التي دفعت الى هذه الثورات ، وللأسف يجهلون الساحة المغربية التي بها أكثرية رعوية ساكنة جامدة ، تتعايش مع الدروشة والمسكنة ، ومع حالة الرعايا العبيد .. فخصائص الثورة الروسية ، والثورة الصينية ، والثورة الإيرانية ، لا علاقة لها بالثورة كما جرت في هذه البلدان ، لان الثورة الروسية كانت لينينية Vladimir Lénine ، والثورة الصينية كانت ماوية " Mao Tsé Tong " ، وخصائص الثورة الإيرانية كانت خُميْنية .. فاذا كانت خصائص هذه الثورات التي جرت في التاريخ ، تختلف عن بعضها ولا تتشابه البتة ، فان هذه الخصائص كذلك لا علاقة لها بخصائص طريق الثورة المغربية . وهنا نشير الى ان عملية الانزال والاسقاط والتشبه لهذه الثورات العظيمة في تاريخ الإنسانية ، على البيئة المغربية التي لها خصائصها الذاتية ، كان السبب الرئيسي في فشل جميع المحاولات للتغيير التي حصلت في الساحة . فحتى الجيش فشل في قلب النظام الذي كان اضعف من خيوط عنكبوت ، لأنه خاطر بإسقاط أنظمة برجوازية الدولة الصغيرة ، كحالة الأنظمة السياسية العربية التي تولى فيها الجيش السيطرة على النظام ، وبناء نظام جمهوري اساء واضر بالمواطن العربي ، وبالقضايا القومية التي تاجرت بها هذه الأنظمة ، فزادت ازمة عن اختها ، خاصة عند حصول محاولات مشابهة وشبيهة للأنظمة الجاثمة على الحكم .. فهل كان نظام ليبيا معمر القذافي ، او نموذج الهواري بومدين الجزائري ، او نظام جمل عبدالناصر ..الخ ، كافيا لتتشبه به تجربة الضباط الوطنيين الاحرار المغربية ، سواء في انقلاب الصخيرات 1971 ، او انقلاب الطائرة 1972 ، او حتى محاولة الجنرال الدليمي في سنة 1982 . مع العلم ان محاولة الانقلابين 1971 و 1972 ، اهملت البعد البربري ، وتعايشه مع البعد العروبي .. في إقامة دولة اصلها بربري ، واغصانها العروبية في جميع البلاد العربية ..
اذن لنطرح التساؤل وليس السؤال .. امام هذا الفشل في الانقلابين 1971 و 1972 ، الم يكن من الاجدر ان تدرك القيادة ، واية قيادة مدنية ام عسكرية ، خصائص المجتمع المغربي بربري عروبي ، وحتى تضمن النجاح للانقلاب ، كان من الاجدر ان تتجنب التقليد والاسقاط والاستنساخ المؤدي الى الفشل .. وطبعا التردد وعدم الحسم الجذري في أمور الدولة الجديدة الذي بقي معلقا حتى الإعلان عن فشل الانقلاب .. أي السرعة في الحسم ، وفي عدم التردد او التراجع ، لان الإعدام وبدون محاكمات ينتظرهم ...
اذن . اذا كانت الحركة التقدمية المغربية ، والحركة الثورية التي مثلها اليسار الماركسي ، وحتى محاولة الحركة الإسلامية التي فشلت ، تُنظّر لعملية التغيير . فما هي الخصائص التي تستجيب للتغيير في مجتمع طقوسي ( محافظ ) وليس بمحافظ .. نظام يجسد النيوبتريمنيالية ، والنيوبتريركية ، والرعوية ، والثيوقراطية المزيفة ، والطقوسية ، والتقاليد المرعية .. الخ ، التي توصل الى نجاح الثورة المغربية ...
طبعا هناك طرقا في ممارسة العملية الثورية . لكن وكما اوضحنا ، فليس جميع الطرق ممكنة لنجاح الثورة .. واعتقد ان من لا يزال يردد او يحلم بالثورة الوطنية الديمقراطية ، وهي ثورة لم تنجح في أي بلد من بلاد العالم ، ليس ابن التربة المغربية . أي وان كان يعيش في المغرب ، فهو يجهل الخصائص التي ينفرد بها ، وبتركها او التخلي عنها ، فان دار لقمان ستستمر على حالها .. فإذا كان الحديث عن الثورة الوطنية الديمقراطية ، يقتضي المجتمع المثقف ، او على الأقل المتعلم ، ذو حساسية سياسية طازجة وثرية ، فان سيادة الجهل والامية لمجتمع الرعية ، يكون من الأسباب الرئيسية والاولية في فشل أي تجربة باسم الثورة الوطنية الديمقراطية .. ففي المجتمعات الجاهلة التي تحكمها أنظمة طقوسية مزاجية ، تكون تجاربها اقرب الى الحياة الرعوية ، من التجارب الأقرب الى المشاريع البرجوازية الصغيرة والمتوسطة . لذا ومع الميل الى المحافظة رغم عدم وجودها ، فان مثل هذه المجتمعات تقودها قوتين متباعدتين من حيث النظم ، ومتقاربين من حيث العقائد .. لذا فان لم يقع الاندماج الكلي داخل النظام الرعوي ، يميل ميزان القوى في الساحة الرجعية الى اللاهوت ، والغيب ، فتكون النتيجة اما التمسك والحفاظ على المجتمع الرعوي أي مجتمع العبيد ، واما نصرة والانسياق وراء شعارات الإسلام السياسي ، والنهاية الطواف ، يكون اما التلاحم مع شعارات الإسلام السياسي الرجعي ، واما التلاحم مع الراعي الأول والكبير ، للحفاظ على الدولة الرعوية ، التي تنتفي فيها اية ممارسة ديمقراطية حقيقية ، للمؤسسات السياسية ، وحتى الدستورية الذي يكون فيها الدستور بدستور الحاكم بأمر الله ، ضمن اقطاعية الحق الإلهي .. وتكون النتيجة اما نصرة الدولة الرعوية ونصرة الراعي الكبير ، واما سيادة الدولة الإسلامية الرجعية ، العدو الحقيقي والأول للممارسات وللمؤسسات الديمقراطية . وكيف سيكون عليه الحال ، هذا تفرزه الدورة التكوينية لهذا الجانب او ذاك ، مع سيادة أنظمة طقوسية تكره كل الكره أي مطلب ديمقراطي ، فأحرى دعوة الدولة الديمقراطية .. وهي لن تكون لا في النظام الرعوي ، ولا في نظام الإسلام السياسي ..
اذن النتيجة ، فان الحديث عن الثورة الوطنية الديمقراطية ، يبقى مجرد سجالا ثقافيا ، مراقب اشد الرقابة من الأجهزة البوليسية المقيتة ، سواء أجهزة الدولة الرعوية ، او أجهزة ( الخلافة ) او ( الجمهورية الإسلامية ) . ولن يتحد الجانبان في كثلة او في تكتل تنظيمي انتهازي ، الا عند مجابهة المطالبين بالنظام الديمقراطي ، وبالدولة الديمقراطية التي تنتصر الى الانسان ، لا ان تنتصر الى الكوارث الرجعية ..
وبما لم يسبق في التاريخ ان نجحت ثورة وطنية ديمقراطية ، للاستئناس بها للاسترشاد ، فان ا لاستمرار في التغني بهذه الثورة التي ( تنجح ) في مجتمع الرعايا المفقرين والجهلة ، هو ضياع للوقت ، بسبب حرق البطاريات في مناقشات عقيمة ، لا تصل ولن توصل ابدا الى الدولة الديمقراطية ..
ان من بين الطرق المتاحة عند الشعوب ، للاستئثار بالحكم وبالدولة . نذكر القيام بالممارسات البلانكية ، التي تهدف الى اختصار المدة الزمنية واختصار الإجراءات . وممارسة البلانكية كآلية في الوصول السلطة ، يكون فئويا ، لان عناصرها طبعا تكون محدودة ، ولكنها تكون اكثر ثورية في إجراءات قلب النظم ، طبعا مع استعمال العنف المفرط ، لان الصراع على السلطة يتطلب السرعة الفرط صوتية ، للحسم في قضايا الدولة بأكبر سرعة وباقل التكاليف .. لكن هل الرعايا ، ممكن تصور ان يصبحوا بلانكيين ، على غرار كومونة باريس La commune de Paris ..
الرعايا الذين يعيشون حياة العبيد ، ويستهويهم العيش في الدونية والدروشة والمسكنة ، وهم اكبر من يسيطر الجهل عليهم ، تنتفي فيهم شروط التنظيمات التي تمارس الحياة السياسية البلانكية .. فهؤلاء ، أي البلانكيين ، يعرف عليهم انتمائهم الى المدارس البلانكية المختلفة التي تتقن لغة العنف ، ولو بالسجال وبالحوارات .. لذلك فهم ذوي ثقافات سياسية عالية ، ويتحركون ضمن نماذج ثورية لا تخلط بينهم وبين المخربين وبين المحطمين .. لان هؤلاء ، لا تزال ثقافة امتلاك الأسلحة لا تعنيهم في شيء ، بقدر ما يعنيهم تحطيم مؤسسات الدولة القائمة . و المخربون يوجدون في جميع المجتمعات ، لكن الفرق بينهم وبين البلانكيين ، هو استعمال الثورة المسلحة الفئوية للسيطرة على الدولة ، أي عوض بناء دولة ، يجب بناء مجتمع يتولى هو شخصيا ، ودون انابة عنه في تصريف أمور الدولة اللادولة .. اما Les casseurs ، فهم جماعات توجد في جميع المجتمعات ، لكن المحطمون في البلاد كالمغرب يعرفون بالجهل ، ولا علاقة لهم بمدرسة سياسية او أيديولوجية ، بل قد تنفع معهم عقيدة ، لكن من دون ايمان اعمى .. وعادة ما يمسك بهم بوليس البلد ، لانهم ارتجاليين غير منظمين ..كما هم بالدول الاوربية كفرنسا وألمانيا ، حيث يتشبهون سياسيا بالبلانكيين ، بل يقتربون منهم سياسيا وليس تنظيميا ، لانهم يرفضون استعمال السلاح ضد الدولة ..
اذن تبقى طريقة البلانكيين ، وطريقة المخربين les casseurs ، بعيدة كل البعد في مجتمع قاعدته تكونها الرعايا الجاهلة والامية ، وتستأنس العيش عيشة الرعايا العبيد ، لا عيشة البلانكيين وعيشة المخربين في الدول الاوربية ..
ومن بين طرق او آليات اندلاع ثورة ، ان ينفخ فيها إسلاميا . لكن في الدولة الرعوية ، وباستثناء انتفاضة يناير 1984 التي اغرقها الملك في بحر من الدم ، فان صباغة النظام العقائدية ، من ان جده صلعم ، وترديد الامارة من دون نظامها الحقيقي ، عطل او يكون قد اقبر كل تطلع نحو الثورة الإسلامية ، التي ستكون كارثية .. لذلك لم يسبق لتجربة من التجارب في الماضي ان ثارت باسم العقيدة ، او دعت الى الخلافة او الى الجمهورية الإسلامية .. لان المجتمع الرعوي الذي ينغل بالرعايا ، وان كان سهلا عليه رفع شعارات اسلاموية ، فالنتيجة لا تعدو غير مياه تم كبها في الرمل .. فتركيز النظام الرعوي على الامارة والامامة ، يحجب أي تغيير سياسي باسم العقيدة ، وليس باسم الأيديولوجية ، لان الإسلاميين ليسوا بإيديولوجيين ، لانهم يحاربون الأيديولوجية حين يربطونها بالاّئيكية ، والدولة المدنية ، التي تنتصر للإنسان كانسان ، ولا تنتصر الى العقيدة كيفما كان نوعها وطبيعتها ..
اذن يبقى مجتمع الرعايا حائلا دون تغيير الدولة تغييرا عقائديا ، لتبقى الرعية حمالة الحطب ، لكن تشبتا بالراعي ، وليس باخر ..
اذن السؤال . ما هو طريق الثورة الشعبية والجماهيرية المغربية ؟
بالرجوع الى تحليل الواقع الاجتماعي المغربي ، والنتائج التي توصل اليها كل الصراع سابقا ، فان الاستمرار في طرح نفس الاقتراحات التي فشلت الفشل الذريع ، يعني استحالة قيام ثورة ذات خصائص مغربية تساير نوع المجتمع المغربي الذي تطغى عليه الحياة الرعوية .. لذا فان تكرار الاستشهاد بتجارب اممية سابقة ، مع ان خصائص المجتمع المغربي لا تشبهها ، هو مزيد من تكرار اكثر من نفس الفشل ..
ان الحالة الوحيدة التي قد تعطي الانطلاقة الى الدولة الديمقراطية ، هي الشارع . نعم الاحتكام الى الشارع ، وبمعني واضح الاحتكام الى الشعب الذي سينزل الى الشارع ، وليس الاحتكام الى الرعايا الذين قد يصبحوا شعبا بإزالة ونفض غبار الرعية عن اكتافهم . وهذا التلاحم بين الاحرار وبين الرعايا ، سيتولد بمجرد ظهور نتائج الانزال الأول . واعتقد ان الفرصة الآن مواتية للإنزال عند حصول الفراغ الكبير في الحكم . أي عند موت الملك .. فعند نزول الشعب الى الشارع ، وعند نجاحه في جعل الرعايا يؤمنون به ، لان الازمة الاجتماعية والاقتصادية جد خطيرة ، ستكون الخطوة الأولى لبناء الدولة الديمقراطية ، قد أصبحت جاهزة .. وهنا يجب ان يستمر النزول الى الشارع ، مع تنظيم المسيرات الشعبية ، وليس المظاهرات ، متواصلا ومن دون انقطاع ..
في هذه الحالة سيكون للشعب الصحراوي الذي اعترف به الملك محمد السادس ، في منطقة الصحراء الغربية ، كلمة الفصل الى الصراع الديمقراطي السلمي .. بل سيكون له الدور الكبير نحو تنزيل المشروعية الدولية ، وتمكين الشعب المغربي من بناء دولته الديمقراطية ..
وهنا طبعا ، فان النزول الى الشارع يوميا ، بل المبيت في الشارع ، وبالممارسة السلمية ، سيكون مراقبا من قبل مجلس الامن ، الجمعية العامة ، الاتحاد الأوربي ، الاتحاد الافريقي ، المحكمة الجنائية الدولية ، والمحاكم الدولية التي تبث في القضايا الإنسانية كمحكمة مدريد Madrid .. وان أي خطأ من البوليس السياسي بإطلاق رصاصة واحدة على الشعب ، نعم الشعب لأنه لم يبق رعية ، خاصة بالمناطق الصحراوية المتنازع عليها ، ستكون الرصاصة التي سيطلقها النظام البوليسي المزاجي ولوحده على رأسه .. وبما ان الدول العظمى بالأمم المتحدة عزلت نظام محمد السادس ، وتترقب حصول التغيير في الدولة وليس في النظام ، فنزول الشعب الى الشارع ، وبالصحراء ، سيكون المخرج الوحيد ، لإيجاد حل للمعضلة المغربية ببناء الدولة الديمقراطية . كما ستكون وحدها الحل كما يخطط مجلس الامن ، وتخطط الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وبالإشادة الكاملة من قبل الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي والمنظمات الدولية ..
النظام سيرضخ لبناء الدولة الديمقراطية ، تحت أي عنوان .. لان في اوربة انظمة جمهورية وانظمة ملكية ، لكن الذي يحكم هو الشعب بالانتخابات الديمقراطية وبالاستفتاءات الدورية ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يمكن تغيير النظام .
- مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا ...
- فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن ...
- مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة ...
- اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
- اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا ...
- هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
- وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 / ...
- حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك ...
- محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء .. ...
- يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر ...
- قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
- الجزائر تفرض التأشيرة فقط على المغاربة
- القضية الصحراوية والقضية المغربية
- الرعايا التائهة
- هل حصلت صدفة ، أم هو مكر التاريخ
- المغرب الى اين ؟ هل نحن نعيش حالة استثناء ، وهل قدرنا نظام م ...
- دور المثقف في الصراع الطبقي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
- سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( الفصل السابع )


المزيد.....




- مقتل وإصابة العشرات في جنوب لبنان إثر غارات إسرائيلية، والجي ...
- مقترح مصري لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة ومفاوضات في الدوحة ...
- دعوات للاحتجاج في جورجيا واتهام لروسيا بتزوير الانتخابات
- من يستطيع إنهاء الحروب.. ترامب أم هاريس؟
- ترامب وهاريس في ولايتين حاسمتين قبل الانتخابات بـ 9 أيام
- صحيفة: قراصنة صينيون يتجسسون على مكالمات شخصيات سياسية أميرك ...
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو ووزيران يرفضون مقترح مصر بشأن غزة
- ترامب في تجمع انتخابي: هاريس -دمرت الولايات المتحدة-
- بايدن يدلي بصوته في التصويت المبكر لانتخابات الرئاسة اليوم
- كوريا الشمالية: مسيّرة كورية جنوبية اخترقت أجواءنا


المزيد.....

- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الشارع