الهنود الحمر قصة زوال أمة كاملة لأسباب نعيشها اليوم

سيامند حسين إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 23:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

عندما اكتشف كولومبوس أمريكا، كان عدد سكانها من الهنود الحمر يتراوح بين ٤٠ الى ٩٠ مليوناً ما بين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، مع مرور عدة قرون من الزمان استعمر الأوروبيين من مختلف أصقاع أوروبا وخاصة ايرلندا واسبانيا وفرنسا وغيرهم وهكذا أصبحت الشواطئ الشرقية للأمريكتين مليئة بعامل بشري جديد في القارتين يتفوق على السكان الاصليين بعدة نقاط اصبحت سبباً في هزيمة وزال شعب كامل و محل جدال ونقاش على مدى قرون من الزمان، فالحرب بين الهنود وبين المستكشفين الاوربيين على امتداد الامريكتين أفضت إلى خلق عالم جديد. فبعد معارك طاحنة لم يبقى منهم سوى عدة آلاف من الهنود رغم الفرق الهائل في العدد بين الطرفين، ولكن تم ابادة معظم الهنود الحمر. المؤرخون ارجعوا السبب الاساسي في خسارة الهنود الحمر إلى عدة أمور أهمها هو الخلاف والفرقة الدائم بين قبائل الهنود الحمر حيث كان الهنود يتصارعون بينهم في حروب طاحنة تتسبب بمجازر وحشية لأسباب متعددة منها الصراع على اماكن الصيد أو السيادة على براري امريكا الشاسعة التي كانوا لا يغطون إلا الجزء اليسير منها وكان كل زعيم قبيلة يعتبر ملكا على قبيلته وكلمته بمثابة الدستور لديهم (الاباتشي، الموهوك، الشيروكي،المايا، الازتك .....)
وايضا استعمال الغرب للبنادق، ولكن أصبح الهنود فيما بعد يستعملون البنادق بمهارة كالاوربيين ولكن بأسلوب عشوائي وليس منظم كجيوش الغرب، وايضا اعتماد اغلب الهنود الحمر على مصادر غذاء غير متكافئة وغير مستديمة، مثل ثيران البايسون والطيور والأسماك، حيث كان القلة منهم يزرعون الحبوب (الذرة والفاصولياء والبطاطا) بينما لم يربي الهنود الشماليون كباقي الشعوب البشرية قطعان من الأبقار والاغنام ولهذا كانت الثروة الاقتصادية للهنود الحمر عبارة عن مجموعات من الأحصنة ليمتطوها اثناء الصيد والترحال حيث إن الهنود الحمر الشماليون يعتبرون شكلاً شبه بدائي من التجمعات البشرية من حيث الاعتماد على جمع الفواكه والصيد والزراعة البدائية..... الديانة ايضا كانت أحد أسباب شتات وضياع الهنود حيث كانوا يعبدون الارواح والجن والاشباح ولهذا لم يكن هناك قضية أو ديانة روحية موحدة تجمع بينهم.... العنف والدموية كانت أحد أسباب نهاية الهنود الحمر فلم يكونوا يرحمون بعضهم البعض أو حتى اعدائهم حتى انهم كانوا يعدون من يقتلونهم من البيض عن طريق سلخ جلد الرأس وبيعه هذا العنف المفرط شكل ذريعة سهلة للزعماء والقادة من المستعمرين لتشجيع شعوبهم بالقضاء على الهنود الحمر دون الأخذ بالاعتبار أي عامل انساني واطلقوا عليهم لقب الوحوش. لعل آخر سبب في زوال الهنود كأمة حقيقية هو التعليم والثقافة والكتابة حيث لم يتم اكتشاف أثار لحضارة واقعية متكاملة أو نصوص مكتوبة للهنود بل مجرد تمائم ورموز وتماثيل خشبية.
إن قصة زوال الهنود الحمر من التاريخ البشري كأمة أصيلة على أرضها تعد أكبر رسالة لمن بقي خلفهم من شعوب العالم ( الفرقة والخلاف بسبب وجود زعماء قبائل متنافسين، الاعتماد على مصادر غذاء مستنزفة، الحروب الداخلية لأسباب صغيرة، عدم وجود رابط ديني يربط بين كل هذه الشعوب، العنف، عدم وجود لغة وهوية حقيقية)
هي أسباب تهدد بقاء أمم العالم الحالية في كل القارات فتقريباً أصبحت الحروب والغذاء المستنزف والرابط الديني الذي تحول إلى فتن وطائفية وانحلال الهوية الوطنية إلى جانب تحول العلم إلى آلة للمال والإعلام والسياسة قاسماً مشتركاً بين كل دول العالم.

Siyamend Hisên Ibrahîm

#سيامند_حسين_إبراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات