أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر محمود - فاهيتا وبيبسي/ قصة قصيرة














المزيد.....

فاهيتا وبيبسي/ قصة قصيرة


عمر محمود
(Omar M)


الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 20:58
المحور: الادب والفن
    


فاهيتا وبيبسي

حسناً لن تذهب اليوم إلى المدرسة، قالتها الأم بشكل صارم منهية المحادثة مع أبنها، فيما كانت تفكر بزوجها الذي خرج مبكرا دون أن يتناول طعام الإفطار.

أستنكر الابن هذا القرار المجحف: كل هذا لأن طلبت خمسة آلاف دينار؟

زادت حدتها عليه: لو تعرف كيف تأتي الخمسة آلاف دينار لما طلبتها مرتين في أسبوع واحد.

تراجع سريعا عن موقفه: أنا متنازل عنها، ولكن لا تمنعينني عن يوم دراسي مهم.

حسمت النقاش: لن تذهب، وسترافقني إلى مكان عمل أبيك لتعرف قيمة المبلغ الذي تطلبه.

ضحك في سره من القيمة التي لا تعادل أكثر من سندويشة فاهيتا مع علبة بيبسي، يتناولها أصدقاؤه بشكل يومي، وربما لأكثر من مرة في اليوم الواحد.

غسلت صحون الإفطار القليلة وأفرغت بقايا إبريق الشاي، ارتدت بسرعة العباءة الخليجية التي حال لونها الأسود إلى أحمر باهت، وأشارت إليه بأن يتبعها دون اعتراض.

لم يفهم فلسفتها من هذا القرار الذي نفذته بشكل فوري، فهو يعلم أن والده موظف في محطة تعبئة غاز اليرموك، وليس هناك شيء سري يمكن أن يكتشفه في رحلتهم العاجلة.

وقفا لأكثر من عشر دقائق على الشارع العام بمنطقة الحرية، قبل أن يركبا في الحافلة المتجهة إلى منطقة البياع، حيث يتعين عليهما النزول في نفق الشرطة، ويتجهان سيرا إلى محطة الغاز التي يمكن الوصول إليها سير خلال 5 دقائق.

بقرار منها، لم يدخلا من باب المحطة، وإنما سارا بمحاذاة سكة القطار التي تقع خلفها، قبل أن يتوقفا أمام الصفائح المعدنية التي تشكل سياج المحطة، حيث مدت الأم رأسها في إحدى الفتحات بين الصفائح وانتظرت قليلا قبل تدعوه ليفعل مثلها.

لم يفهم سبب ارتداء والده لبدلة زرقاء شاحبة مبقعة بالزيت، ولم يفهم لماذا يقوم بتعبئة أسطوانات الغاز الثقيلة في القفص الحديدي.

استعاد رأسه من فتحة السياج، متسائلا: أليس من المفترض أن يجلس في غرفة المكتب، ويرد على المراسلات التي ترده من وزارة النفط؟

بقيت صامتة وحافظت على ملامح حيادية وخالية من أي تعبير؛ مما جعله راغبا بطرح عشرات الأسئلة عن المنظر المحير والصادم الذي يشاهده.

_والدك ليس موظفا رسميا، وإنما عامل بأجر يومي في محطة الغاز، يمضي نهارهُ في تحميل وتفريغ الأسطوانات، سكتت قليلاً قبل أن تُكمل مُشفقة : المئات منها.

لم يتجاوز الصدمة، ولكنه استطاع أن يسأل: ولماذا يخبرنا بأنه موظف في مكتب المحطة وان راتبه ممتاز؟

_حتى لا تشعر بالفقر والضعف أمام أصدقائك، وتحافظ على رأسك المرفوع بينهم.

_مرفوع بماذا، بالغياب عن المدرسة لأنني لا أمتلك خمسة آلاف دينار؟

تمالكت رغبتها في أن تصفعه أو تزجره: هل تعرف أن أباك يتقاضى 25 ألف دينار في اليوم الواحد، ويوزعها على طلبات البيت التي لا تنتهي، وأنه امتنع عن شراء أدوية ضغط الدم لمدة شهر حتى يوفر ثمن حذاء السكيجر الذي نصحك به صديقك ابن تأجر السيارات.

_ وهل هو ذنبي إن كان أبي فقيرا؟

عاودتها الرغبة بصفعه: أبوك فقير على نفسه واحتياجاته فقط، وإنما علينا فهو غني وكريم، وأنت بالذات لم يحرمك من شيء أبدا، أنظر إلى ظهره الذي سحقته الأسطوانات وكتفه الذي يؤلمه طيلة الليل وإلى وجهه المصبوغ بلون الأسطوانة الحديدية، ولكنه لا يتكلم أو يشكو أمامك.

كانت المفاجأة أكبر من استيعابه، وكان التناقض هو المسيطر على مشاعره، فهو حتى صباح اليوم كان ابن موظف مرموق، قبل أن يكتشف أنه عامل أسطوانات.

طال وقوفه أمام أمه التي حافظت على ملامحها المتجمدة، ومنعتها من الشعور بالدموع التي أخذت تتساقط من عينيها.
صدمه المشهد مجددا، ,احس في تلك اللحظة انه يكره سندويشة الفاهيتا مع علبة البيبسي.
تقدم لمسح دموعها بطرف قميصه المدرسي الذي ارتداه صباحا، وأحاطها بيده وهم يعبران من فوق سكة القطار، ليعودا إلى منزلهم في الحرية.



#عمر_محمود (هاشتاغ)       Omar_M#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر محمود - فاهيتا وبيبسي/ قصة قصيرة