أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشماتة .














المزيد.....

مقامة الشماتة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 19:47
المحور: الادب والفن
    


مقامة الشماتة :

((فقل للشامتين بنا افيقوا ....سيلقى الشامتون كما لقينا )).

أصل هذه الكلمة يدل على فرح عدوٍ ببلية تصيب من يعاديه , وقيل الشماتة : سرور النَّفس بما يصيب غيرها مِن الأضرار, وإنَّما تحصل مِن العداوة والحسد , وقد عرف الفيلسوف وعالم الاجتماع ثيودور أدورنو الشماتة : (( ابتهاج بشكل كبير غير متوقع لعذاب الآخرين , والذي يتم إدراكه كأمر سخيف أو وملائم )) , كما ذكر الفيلسوف أرتور شوبنهاور الشماتة قائلا : (( أن تشعر بالحسد هو أمر إنساني , أن تستمتع بالشماتة هو أمر شيطاني )) .

قال ابن الكلبي: لـمَّا مات رسول الله , شَمَتَت به نساء كِنْدة وحضرموت , وخَضَّبن أيديهن , وأظهرن السُّرور لموته , وضربن بالدُّفوف , فقال شاعر منهم :
(( أبلغ أبا بكر إذا ما جئته أنَّ البغايا رُمْن شرَّ مرام
أظهرن مِن موت النَّبيِّ شَمَاتةً وخَضَّبن أيديهنَّ بِالْعَلَّام
فاقطع هُدِيت أَكُفَّهنَّ بصارم كالبرق أَوْمَض من متون غمام)) .

يصف الحبر هارولد كوشنر في كتابه : عندما تحدث الأشياء السيئة للأناس الجيدين تتكون الشماتة كردة فعل كونية , وحتى صحية , لا يمكن التحكم بها أو كبحها : ((والتي تؤشر إلى ردة فعل الانشراح المخجلة التي نشعر بها عندما يحدث شيءٌ سيءٌ إلى شخصٍ آخر بدلاً منا )) , ثم يعطي مثالاً ويكتب : (( الأناس لا يتمننون السوء لأصدقائهم , ولكنهم لا يمكنهم إلا أن يشعروا برعشة من الجذل لأن الأمر السيء حدث لشخص آخر لا لهم )) .

((لولا شماتةُ أعداءِ ذوي حسَدٍ أو اغتمامُ صديقٍ كان يرجوني
لما طلبتُ من الدنيا مراتبَها ولا بذلتُ لها عرضي ولا ديني)) .

الشماتة بالمصائب والابتلاءات التي تقع للغير ومنها الحوادث والموت , ليس خُلُقًا إنسانيًا ولا دينيًا , والشامت بالموت سيموت كما مات غيره , وقد ورد في سورة آل عمران عندما شمت الكافرون بالمسلمين في غزوة أحد: (( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس)) كما حذرالنبي: (( لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك)) فالشماتة والتشفِّيَ في المُصاب الذي يصيب الإنسان أيًّا كان مخالفًا للأخلاق والفطرة الإنسانية السليمة , فعند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ لا الفَرَح والسرور.

((وقل للشامتين صبرا فإن نوائب الدنيا تدور .. إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم )) .

أن الشماتة ليست شيئا نتعلمه , بل هي جزء من جهازنا النفسي , لكن على الرغم من تلك التأثيرات المتنوعة للشماتة بين البراءة الشديدة (غيرة الأطفال) والخبث الشديد (السعادة الغامرة لموت آخرين) , ولو بصورة غير عادلة فقط لأنهم ينتمون إلى جماعة لا ننتمي إليها فإننا لا نفهم بعد جذورها.

(( فقل للذي يبدي الشماتة جاهلاً سيأتيك كأس أنت لا بد شاربه
يا أيها المبدي الشماتة انتظر عقباً كان الموت كأس مد ير)) .

قال ابن سيرين: عيَّرت رجلًا بالإفلاس , فأفلستُ , وعن عمر بن عبد العزيز: ((ما رأيت ظالـمًا أشبه بمظلوم مِن الحاسد , غمٌّ دائمٌ , ونفس متتابع , وقيل: إذا رأى الحاسد نعمةً , بُهِت , وإذا رأى عثرةً , شَمَت )) , في النهاية فإن الشماتة جزء من تركيبتنا البشرية الخالصة , في بعض الأحيان تكون طبيعية , لكن في أحيان أخرى تصبح شيطانية , و في حالات التنافس الشديد والصراع السياسي والاجتماعي تظهر الشماتة لتسيطر على الموقف, وفي مرحلة ما رُبما تُنتزع إنسانيتنا ونتعامل مع الآخرين كحيوانات , لا مشكة أن يتم قتلهم أو اغتصابهم أو اعتقالهم لمجرد أننا نختلف معهم في الآراء السياسية , في تلك النقطة نترك أعظم منجزات البشر إلى الآن خلال 300 ألف سنة من وجودهم وتطورهم , وهو تعظيم الإنسان , وندخل بكل ثقة وعنترية إلى عالم من الفوضى , هذا هو ما نراه الآن , هذا هو العالم الذي نعيش فيه بينما نقرأ هذه الكلمات.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الثقافة .
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .
- مقامة الرقية .
- مقامة الشتيمة .
- مقامة الثلج .
- مقامة خريفية .
- مقامة تراتيل .
- مقامة هل تكفيك روحي .
- مقامة فيروز وبيروت .
- مقامة الترويض .
- مقامة الروقان .
- مقامة فراق .


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الشماتة .