بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 16:15
المحور:
كتابات ساخرة
في عالم مليء بالتناقضات، حيث يجتمع الغباء والذكاء في صراع دائم، أتى بيب غوارديولا، المدرب الأسطوري، ليقدم لنا نظرة عميقة على ما يدفع الدول إلى خوض حروب طاحنة. تحت عنوانه الجذاب "ما يحدث في العالم من حروب يعود لاعتقادنا أننا الأفضل، لكن هذا ليس حقيقيا"، نجد دعوة للتأمل في غرور البشر واعتقادهم أنهم في قمة الهرم.
لنبدأ بالاستفهام: هل فعلا نحن الأفضل؟ لنكن صادقين. لقد خلقنا مصطلحات مثل "الدولة العظمى" و"القوة العظمى" وكأنها تصف مجموعة من الأبطال الخارقين في قصة خيالية، بينما نحن في الواقع نتقاتل على أشياء تافهة. يبدو أن التنافس على من هو الأفضل أصبح موضة عالمية، لكن في النهاية، لا يمكننا أن نتفق حتى على من يجب أن يتصدر قائمة الـ"أفضل".
عندما نفكر في الحروب، نرى أناسا يذهبون إلى القتال معتقدين أنهم يحملون "الحقيقة" معهم، وكأنما تم منحهم شهادة تفوق على باقي الأمم. ولكن، هل نظر أحد إلى النتائج؟ في كثير من الأحيان، تؤدي تلك الاعتقادات إلى دمار واسع النطاق، تاركة الشعوب في حالة من الفوضى، متسائلة عن معنى "التفوق" الذي ادعته.
يبدو أن الشعور بالتفوق لا يقتصر فقط على الدول، بل يمتد ليشمل الأفراد أيضا. نحن جميعا نتطلع إلى فرض آرائنا وكأنها الحقيقة المطلقة، بينما في واقع الأمر، لا أحد منا يملك الوصفة السحرية للسعادة أو النجاح. والنتيجة؟ حروب كلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتبارى الجميع في عرض آرائهم وكأنها مقدسة.
تتجلى خطورة هذا الاعتقاد أيضا في كيفية تشكيل السياسات الدولية. فالدول التي تعتقد أنها "الأفضل" قد تتخذ قرارات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، حيث يتم تجاهل حقوق الآخرين وتطلعاتهم لمجرد الرغبة في الهيمنة. هذا الإحساس بالتفوق يقود إلى نزاعات لا تنتهي، مما يحرم الشعوب من الفرص للتعاون وبناء مستقبل أفضل.
وبالطبع، يجب أن نذكر أن هناك من يستفيد من هذه الحروب. فالشركات المصنعة للأسلحة على سبيل المثال، قد تشعر بالامتنان لهذه النزاعات، بينما نحن نكتفي بالجلوس على أرائكنا نشاهد الأخبار، متعجبين من كيف يمكن أن يصل البشر إلى هذا الحد من الجنون.
ختاما، دعونا نتذكر أن غوارديولا لم يكن يقصد بالضرورة تحليل السياسة العالمية، بل كانت كلماته دعوة للتواضع. ربما لو أعدنا التفكير في مفهوم "الأفضل"، سنكون قادرين على تجنب الكثير من الحروب والصراعات. لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بأنك أفضل من الآخرين، تذكر: قد تكون فقط جزءا من الفوضى التي لا تنتهي.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟