|
هزيمة فنان مهاجر
نعيم إيليا
الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 16:22
المحور:
الادب والفن
ما أسعدني بها، لو كنت تدري ! جميلة زيارتك. والجميل من كل شيء، نفحةٌ من السعادة. أن تزورني في وقت احتياجي إلى زيارتك، فإنك بزيارتك لا تكون أسعدتني وحسب، بل تكون أيضاً أتممت عربون صداقتنا المبنية على صخر. وإنما هكذا يكون الوفاء. بهذا الترحيب الطروب أي صديقي، كان لساني سيهزج في استقبالك. لكنها صروف دهري قضمت لساني إذ أيبس بعد أن أيبست أفكاري. واللسان إذا ما أيبس الفكرُ، أيبس مع الفكر. فإذا حدث أن تكلم، والفكر يابس، تكلم ولكن بترهات وثرثرة لا غناء فيها. لا تؤاخذني بتقصيري! لا تبالِ بعجزي عن الإفصاح عن فرحتي بزيارتك. أنا فرح بها بالفعل. والفعل مقدّم على اللغو، هو الأصل، وهو المبتغى. فرح أنا، وهل لي إلا أن أكون فرحاً، وأنت الوحيد الذي ما يزال مقيماً على عهد صداقتنا؟ كلُّ الأصدقاء القدامى تنكروا لعهودها مذ هوى نجمي، إلاك. (هوى نجمي) ما الذي أخطرني بها؟ ما الذي أخطرني بهذه الصورة البلاغية المألوفة المحببة لدى الشعراء؟ الشعراء يجسدون بهذه الصورة مأساة السقوط.. روعتها، مهابتها، أهوالها. وأنا لست شاعراً. أنا فنان تشكيلي. اللون لغتي، واللفظ للشاعر. وشتان ما بين اللون واللفظ من جهة الشكل، أعني، لا من جهة الغرض؛ لأن غرض كليهما هو الإفصاح عن الأفكار والمشاعر والانطباعات بأسلوب مؤثر. وإذا كنت ألمحت إلى أصدقائي القدامى، فما غايتي من الإلماح أن أعتب عليهم؛ لأنهم تنكروا للصداقة التي كانت بيني وبينهم، كما قد يتبادر ذلك إلى وهمك. هؤلاء الأصدقاء اختاروا أن يتنكروا لها، فبأي حق أعاتبهم؟ إنهم أحرار. وإنما أعتب عليك.. عليك أنت، ولا تدهش! عتبي عليك واجب يقتضيه المنطق، عتبي عليك حق لي عليك. واحذر أن يخالج وجدانك ظنٌّ بأني أعتب عليك؛ لأنك أطلت غيبتك عني. لا، لا أعتب عليك لهذا السبب، بل لسبب آخر لا ينتسب إليه. إنه طلبك، فتأمل! إنك تطلب مني في أول زيارة منك لي بعد غيبة منك طالت أن أترفّق بأعصابي.. أن أطفئ شعيل انفعالاتي.. أن أركن إلى سكينة ملؤها طمأنينة وادعة، واسترخاء حالم.. وتطلب أن أشرعَ في البحث عن الخلاص. فما هذا الطلب !؟ وأنت اللبيب، ألا تدري بأنك إنما تطلب مني أن آتيك بأمر محال؟ لا أخالك إلا دارياً. فما دمت دارياً، فما جدوى الطلب؟ ثم اعلم أني لا أجحد ما ينطوي عليه طلبُك من نيّة كعذب الماء نقية. طلبك بذاته مجرداً عارياً من ملابساته وملحقاته وظلاله، يتفاوح نبلاً ومحبة. لولا أنك تحمل لي في قلبك محبة صادقة، ولولا أنك شهم نبيل الخلق، ما كنتَ خِفْتَ علي من الانهيار. على أن طلبك هذا بالإضافة إليَّ، إليَّ أنا، صرخةٌ في واد. كيف لرجل مثلي أن يترفق بأعصابه؟ كيف له أن يطفئ انفعالاته؟ كيف له أن يركن إلى السكينة، وقد غاص إلى شحمة أذنه في بؤرة القذارات، وحميم الانفعالات؟ هل لك أن تخبرني؟ ولكن، لا تبتئس! لن أغلظ عليك في العتاب. لا يجمل بالصديق أن يعاتب صديقه الوفيَّ بغلظة ويكثر. تذكَّر نصيحة الشاعر الذي نهى عن الإسراف في معاتبة الأصحاب. الغلظة مدعاة إلى الفرقة والجفوة والخصام. إنها تجرح قلب الصديق، وجرح القلب هيهات أن يشفى! حكمة قديمة لكنها لم تفقد فاعليتها وتأثيرها بعد. ترى كُوَم الأوساخ تكتنفني من كل جانب. أنت تراها، ألا تراها؟ انظر ! حدّد نظرةً منك في هذا الركن، بل سددها إلى تلك الزاوية. بأي صورة سترتد إليك نظرتك؟ قُمامة قد تكدست في كلّ ركن وزاوية، غبارٌ كثيف كأنه السجاف قد غطّى عليَّ كلَّ شيء من أشيائي، كراكيب شحاذ لا يغطي رأسه سقفٌ متفرقة هنا وهناك. كراكيب تستولد القرف، كراكيب تستولد الاشمئزاز. هذه هي الصورة التي سترتد إليك بها نظرتُك. أليست هي؟ فإن نفيت أنها هي، فقل لي ماذا ترى؟ ألعلك ترى شيئاً آخر غير أكوام من الأوساخ والكُناسة؟ أبداً ! لن ترى في حجرتي الرثة، في حظيرتي هذه التي ليست أنظف من حظيرة خنازير أهملها أصحابها سوى الغبار، سوى الزبالة وما تتقبّض منه كلُّ عين. وفي المطبخ أكوامٌ من الأطباق والملاعق والسكاكين والملاقط والآنية والأقداح لم تُنظَّف منذ أكثر من أسبوع؛ تنتشر منها رائحة كريهة كرائحة المعطن.. بغيضةٌ كرائحة اللحم إذا خزن. أوراقي، رسائلي، كتبي، لوحاتي، أدواتي، أصباغي، مبعثرةٌ كأفكاري المشتتة والخاوية، كأوراق شجرة محتضرة أمعنت فيها رياح الخريف، مبعثرة على الأرض المتسخة، على رفوف قد نخرها القادح، على طاولة فقدت إحدى قوائمها، على مقعدين يشبهان المقاعد، على... فوضى عارمة نقيضة لكل ترتيب ونظام وتنسيق. فيا صديقي الأوفى، ألا يكفي كلُّ هذا - وقد تألّب علي - لأن يستنزف من أعصابي تمام قدرتها على الاسترخاء، وعلى التنعم براحة البال؟ ألا يكفي كل هذا لأن يعلقم في نفسي الذائقة حلاوة العيش؟ توافقني؟ إن وافقتني، تكن أيّدت بالموافقة صحة دعواي في أنك تطلب مني المستحيل.. تطلب مني أن أجترح معجزةً خارقة لقوانين الطبيعة. ومن أنا لأجترح معجزة خارقة لقوانين الطبيعة؟ أأنا نبي من عصر النبوات؟ أأنا ساحر من بابل القديمة؟ لماذا تطلب المحال – أتساءل - والمحال محال؟ أليس في طلب المحال إقرار بشرعية الجنون وعقلانية العبث؟ عام أوَّل كان رمقٌ من العافية ما يزال يتنفّس في عروقي. كنت في عامي الفائت، أستطيع أن أكنس القمامة، وأنظّف الأرض، وأمسح الغبار، وأجلي الصحون. لكنني اليوم، لا أستطيع أن... أنا اليوم مكبّل اليدين والهمة بالعجز عن فعل ما كنت قادراً على فعله في عامي المندثر.. عاجز عن القيام بحاجاتي حتى الصغيرة الزهيدة التافهة منها إلا بمشقةٍ بالغة تزيد في تدهور صحتي إذا ما قمتُ بها؛ بل ترهقني أشدَّ الإرهاق حتى لتلزمني الفراش أياماً. أنا اليوم إنسانٌ محطم القوى، منكودٌ، مريض، مهشّمُ الإرادة، يقف بقدم قلقة مضعضعة مرتعدة على حرف انهيار تام. الإرهاق من البطالة لا من العمل، الإفلاس، الإدمان، الضغوط النفسية، العزلة، فراق ابنتي، قد امتصت من عروقي كلّ طاقاتي – ينصحني الطبيب بمغالبتها ! - فبتُّ أحيا ولكن حياة استلاب مقهوراً خائراً فارغاً كخشارة من كل معنى مفيد من معاني وجودي. لمن أشكو؟ هجرني الإبداع إذ تكاثرت عليّ الأوجاع والهموم. وهل للإبداع إلا أن يهاجر من النفس والخيال إذا ألمّت الأوجاع بالنفس والجسد؟ طائفة من الفنانين ومن الأدباء أيضاً، تزعم أن الأوجاع ولا سيما أوجاع الروح ملهمة جالبة للإبداع. هل هؤلاء على حق في زعمهم؟ لا أعتقد. أعتقد أن زعمهم باطل. من منهم يبدع في اللحظة التي يتألم فيها؟ لا أحد. فإن وجد واحد منهم يبدع وهو متلبّس بحمأة الألم، فليبرز لي. ربما أبدع أحدهم في الأوقات التي تسكت فيها أوجاعه وتهدأ. أما أن يبدع في الأوقات التي تضج فيها أوجاعه وتصخب، فادعاء بلا دليل. فلمّا كانت أوجاعي أنا، دائمة الضجيج والصخب؛ كان من البداهة أن يهجرني الإبداع. معادلة بسيطة إلى درجة السذاجة. بعض الفنانين والأدباء يستعذبون الألم، لكن استعذاب الألم شيء آخر، إنه مرض نفسي علاقته بالإلهام مبتورة. الزمن قهار. لا يثبت أمام طغيانه شيء على حاله. يا للدنيا ! غيّرها القهار، وطئ وجهها بمداسه، فبات كل ما فيها كئيباً، غريباً، غامضاً، مخيفاً. أين أمسُها الرائق الجميل؟ أين خيرها العميم ذاك الذي كان يستلقي في دعةٍ فوق مروجها النشوى من الرواء! أين ذاك الرغد الذي كان يشعشع شعشعة ابنة العنب في وجنات شاربيها وفي آماقهم؟ نحسٌ، شؤم، سواد في سواد، وقلوب عكرة، قلوب محتجبة عن الرحمة، قلوب ما تجد واحداً منها ينبض إشفاقاً عليك ورحمة بك. من ذا الذي يعنيه أمرُك؟ قل لي: من ذا الذي يهتمَّ بك؟ من ذا يرقّ لك؟ من ذا إذا عثرتَ، أقالك من عثارك؟ كم من مرةٍ سعيتُ لدى الدوائر المختصّة، وأنا أحمل شهادات من المستشفى وتقارير من طبيبي، وفي قلبي الضعيف رجاء في الحصول على حقّ التمريض والرعاية، وفي كلّ مرة كنت أعود أدراجي خائب الرجاء. هه، وماذا يقولون لك وهم يئدون رجاءك؟ يقولون لك بلهجة جليدية وقاطعة لا تترك لك مجالاً - ولو ضيقاً - للاعتراض والتذمر: "إنك في حال لا تدعو إلى القلق، إنك ما تزال قادراً على أن تدير أعمالك المنزلية بمفردك، دونما حاجة منك إلى مساعدة خارجية ". تباً لهم ! تجلمدت قلوبهم. ألا يرون كيف ترتعش أطرافي ؟ ألا يرون أني مريض سقيم عليل؟ ما لهم لا تأخذهم الشفقة بي؟! .. بمريضٍ قد صار بعضَ إنسان ؟ مراراً أسقط على الأرض عند ارتفاع درجة السكّر في دمي، مراراً أنزف الدم عند سقوطي فاقد الوعي على الأرض، ومراراً ترتضُّ عظامي. لهم الله! ماذا ينتظرون؟ أوَينتظرون أن تُبترَ أطرافي الأربعة كي أنال منهم حقّي في الرعاية الصحية؟ قلوب من صخر ! بس… لو أنّ المرأة التي كانت زوجتي، ظلّت وفية لما تعهدت به يوم عقد القران، لكانت كفتني مؤونة القيام بما يجهدني، لكانت أغنتني عن التذلل والضراعة في طلب المعونة، ولكانت جعلت حياتي تسير سيراً مقبولاً يحفظ لي شيئاً من كرامتي. لكنَّ النساء - وأعني النساء اللواتي من أمثال زوجتي - مطبوعاتٌ على الغدر، لا يثبتن على عهدٍ، ولا يفين بوعد. النساء اللواتي من جنس المرأة التي كانت زوجتي، لا يُرتجى منهن أن يخلصن لك الودّ على الدوام. ما إن تبدأ شمسك بالانحدار خلف الغابة، حتى يخفّ النسيان إلى قلوبهن. حين كنتُ منتصباً في وجه الريح، مشرفاً على دنياي من علُ، كانت زوجتي السابقة تحرص على إرضائي بهمّةٍ لا تنكفئ. تدثرني بحنانها السابغ الدافئ، تنثر أمام قدميّ أزاهير حب تفغم الحواس بأريجها. كانت عهد ذاك تسعى جهدها لتملأَ حياتي بأفانين متنوعة من المسرّات والمباهج والمتع. لم تكن تغضبني في شيء، أو تنكد عليّ. كانت توافقني في كلّ رأي أرتئيه، لا تعاندني في رأي، ولو كان معوجاً سفيهاً تافهاً بلا قيمة. المال الذي كنت أغدقه عليها بسخاء منقطع النظير، كان يعميها عن سيئاتي. كنت أستاذاً محاضراً للفنّ في جامعة بيركلي أتقاضى راتباً ضخماً من الجامعة، وتأتيني علاوة عليه مكافآت وهدايا من المقابلات والبرامج التلفزيونية التي تستضيفني، ومن الصحافة أيضاً. دنياي في ذلك العهد.. في زمن الورد، كانت رخية عذبة نميرة، وكنت أعلُّ من عذبها النمير فلا أكاد أرتوي. طموحاً كنت. وكان طموحي جَسوراً لا يتهيّب اقتحام الأبواب الموصدة. بفضله، بفضل هذا الطموح طارت شهرتي فناناً في أصقاع مدينتي، فناناً يرسم لوحات فنية بديعة الصنع مبتكرة تلقى رواجاً، وتحظى باهتمام النقاد، ومتذوقي الفن. وكان للمرأة التي كانت زوجتي، حظٌّ أوفر من هذه البلهنية، وهذا الرغد، وهذا التدفق من نعم الشهرة. بيد أني، وأنا في هذا السياق، لا أجد مناصاً من أن أذكر جميلاً لهذه المرأة التي كانت زوجتي في ذلك العهد من حياتي. الإنصاف يلزمني بذكره. سأذكره لها بالرغم من كل شيء نالني منها. هذه المرأة أنجبت ابنتنا سارة. أنجبت همسة ربانية إلى ريشة ميكيلانجلو وإزميله. أنجبت سعادتي. في حياتي كلها ما أسعدني نبأ قدر ما أسعدني نبأ ميلاد سارة. سارة البهاء، سارة البراءة، سارة الإشراق والنضارة… يكاد القلب حين يلقاها يذوب من التحنان لمرآها. وكنت برّاً بأهلي، لم أنس أهلي في وطني القديم. أمطرتهم بالمعونات السخيَّة. وأنت يا عزيزي، ألم تكن شاهداً منذ البداية على مجرى الأحداث وتتابعها في حياتي؟ ألم تشهد النهاية نهايتي كما شهدت البداية، ولم تبرح تشهد تداعيات نهايتي التي لم تختتم بعد؟ لقد شهدت كيف بطشت بي الدنيا بطشاً لا يعرف التريّث والمهادنة إثر أن فقدت عملي الذي كنت أعشق.. عملي الذي كان بوابتي إلى النعمة والرخاء، وإلى العالم الخارجيّ المزدهر بالأضواء. فُصلتُ من الجامعة لسبب واهٍ. فصلت بتهمة سخيفة.. بتهمة لا أتحرج من المجاهرة بها. نعم، قد كنت مغرماً إلى حد البلاهة والغفلة بالطالبة التي ادعت علي ببهتان وتلفيق أني تحرشت بها. عشقتها. لست أنكر أني عشقتها. لكني عشقتها عشقاً صامتاً أخرس. قط لم أتحرش بها. لماذا الكذب؟ أنا فنان بي شغف ظامئ بالجمال. والطالبة هائلة الجمال، تمثال إلهة اغريقية حيّ يعجّ بكل المشتهيات الحسية والمعنوية، فتنة ذات خطوط وألوان أشد فتنة من الفتنة، فكيف لي ألا أشغف بها؟ لكني لم أتحرش بها. لم ينبس شغفي بنأمة واحدة في محضرها تفضحه. وأعجب، من أين جاء الطالبةَ أني شغف بها؟ العاشق تفضحه عيونه، تقول الأغنية. غير أني كنت أضع على عيني نظارة تحجب كلّ شعاع يغريه الشغف بالالتماع في حدقتيَّ. أم أصدّق أن النساء يملكن دون الرجال غريزة استشعار العشق وإن حرص صاحبه كل الحرص على إخفائه عن أعينهن؟ فإن لم يكن الأمر كذلك، فمن أين جاء الطالبةَ أن عشقها لاع كبدي، والكبد مستتر عن كل عين؟ وبعدُ، ماذا كانت الطالبة تنوَّت من اتهامي؟ لماذا اتهمتني بما لم أرتكب؟ ألأني غريب؟ أستبعد هذا. ألأنها قصدت إلى ابتزازي؟ ربما. فليس نادراً في عصرنا أن تبتزَّ امرأة رجلاً تحيط به هالات النعمة والنجاح، أم تكون تآمرت علي بتحريض من المرأة التي كانت زوجتي؟ لا أدري. فمن يدري؟ فصلي من الجامعة، كان أوّل بادرة من بوادر النحس والفشل في حياتي مذ دحرجني دهري من أعالي وطني القديم إلى سهل هذه المدينة المنفسحة بمغرياتها الروحية والمادية انفساح صدر غانية رحراح. أقمت دعوى ضدَّ الجامعة أمام المحكمة المختصة بشؤون العاملين. لكنها كانت دعوى بلا طائل. خسارة، بل كارثة أن أفصل من عملي بتهمة التحرش! التحرش هنا في هذه المدينة العجيبة ليس وصمة عار وحسب، هو جريمة أيضاً. في وطني القديم التحرش كثير، ولا عين رأت، ولا أذن سمعت. وأنا الموصوم بالتحرش القريبِ من الاغتصاب، المتهم ظلماً - في حسباني على الأقل - بجريمة شنيعة، أين سأجد جامعة أدرّس فيها؟ وهكذا بدأت الانهيارات تترى في حياتي تباعاً بعد فصلي من الجامعة: كنت اقتنيت بيتاً فخماً وسط حديقة غنّاء، ولم أكن سدّدت بعد للبنك كل أقساطه. فوضع البنك يده عليه، وطردني منه، وباعه بالمزاد. المرأة التي كانت زوجتي، تسرب إليها سبب فصلي من الجامعة. بلغها أن التحرش بطالبة مراهقة هو السبب. وامرأة تستكشف أن زوجها يتحرش بطالبة مراهقة فيفصل من عمله وبفصله من عمله يخسر كل ما جمعه بعرق دماغه، لا بد أن يكون رد فعلها عنيفاً. وكان رد فعل المرأة التي كانت زوجتي، عنيفاً عاصفاً. لكني حين أحلل رد فعلها وأركّبه، يلوح لي من خلل الفك والتركيب أنها كانت تنتظر أن أسقط من عليائي، كي تتحقق أمنتيها المضمرة في الانفصال عني. وإلا، فلماذا لم تثق ببراءتي؟ في غضون سنة أو اثنتين، إن شئت الدقة، استحالت حياتي إلى منجم ناضب. في بداية الكارثة، حاولت أن أخلص لفني، حاولت أن أحافظ على سمعتي الفنية هذه التي كانت شقت لها زقاقاً وإن ضيقاً في حارة من مدينة الإبداع. حاولت أن أحيا حياة فنان مستقل عن ترهات الحياة المادية العادية، متعال عنها، زاهد فيها، مدرك أن الحياة لا تتورع عن الغدر. غدرها صنو لوفائها أو نقيض والنقيض للنقيض متمم. لكن البطالة، ونضوب منجمي، ونكد المرأة التي كانت زوجتي ثم انفصالها عني، وقضية ابنتي سارة، وحساسيتي المفرطة، وشعوري بالخيبة والغربة، ساقتني كلها معاً سوق الأنعام إلى مرعى الإدمان. أدمنت الحشيش، أدمنت على الخمر. والنتيجة؟ ترهّل ذهني، تسطّح خيالي، تبلّد إحساسي، غاض شعوري فما عدت أشعر بما في الدنيا من جمال وروعة ومهابة وجلال وتهويل، ولا أشعر أيضاً بما يعاكس الجمال والمهابة والجلال والتهويل. تساوى في شعوري كل شيء من وفي دنياي. وللشعور عين ترى. فماذا أمست عين شعوري ترى؟ أمست - وما برحت - ترى الدنيا نجماً منطفئاً. وأيُّ جمال لنجم انطفأ؟ أي معنى؟ لا جمال ولا معنى. فكيف لفنان وقد غاض شعوره بالجمال والمعنى أن يبدع؟ الإبداع شعور. فإن مات الشعور، فهل يكون إبداع؟ شلّت أصابعي، باتت غير مؤهلة لأن ترسم ولو خطاً بسيطاً في بساطة خط الأفق فوق لوحة بيضاء. أصابعي باتت غير قادرة على غمس فرشاة في طلاء من فكر، أو من شعور، أو من إحساس. وشيئاً فشيئاً، بل ما أسرع أن خمدت حمم العشق تلك التي كانت تجيش في أكنافي! وما أسرع أن اضمحل ذلك الولع ولعي بالفنّ الجميل كما يضمحلُّ الشفق في غسق الليل. ومثل سيارة من طراز حديث بديع، انقلبت حياتي بطناً على ظهر. كأنني أهذي. ليت أنك...! لو أنك تعينني في محنتي ومصابي! لن أطمع منك بأكثر من أن تنظم مواعيدي مع الدوائر الرسمية: تذكرني بها، تصحبني إليها حين تسوء أحوالي. ترتب أوراقي، تكتب رسائلي، تنظف حجرتي، تبتاع لي حاجاتي من المتاجر والدكاكين، تنادمني في الشراب فتؤنسي، تشاركني في نقمتي على الدنيا فتفرج كربي، تزوّدني بأخبار مقتطفة من هنا وهناك. ولكن حذار أن تكتب عني شيئاً في الصحف والمجلات الورقية وفي المواقع الالكترونية والفِسبوك. لا أحب أن توقد بكتاباتك عني شيئاً من غرور الماضي في روحي الهامدة. فيما مضى كتبتَ عني شيئاً. مقالتك التي كنتَ نشرتها في مجلّة (سنابل الفن والأدب) قبل غيبتك عني، ما برح صداها يترجّع في ذاكرتي على ضعفها. أصارحك – ولا تزعل - بأنها لم تحظَ بإعجابي. أصارحك بأني انتابني منها ما يشبه الغثيان. لماذا ؟ لأنها لم تكن صادقةً. مقالتك عني زخرت بالتمويه والتلفيق. حاولت فيها أن تطهّر ثوبي ممّا تلطَّخ به. حاولت أن تلتمس لموتي في الحياة أسباباً تجعل مني بطلاً شهيداً مكرّماً في أفئدة القراء. لكنك لم تراع بهذا الصنيع أنك تدنس الحقيقة. الحقيقة كالخمر. والخمر في مذهب أحد الشعراء لا ينبغي أن يدنسها شاربها، فإنها " للوحي لا للسكر تعتصر " كما في مذهب شاعرنا الآخر جبران خليل جبران. وأنا وإن كنت قد دنَّست الخمر، ما زلت أحب الحقيقة، ما زلت أحب الصدق. والحقيقة الصادقة يا صاحبي أنني لم " أكسر فرشاتي، ولم أهرق ألواني، ولم أمزّقْ قماش لوحاتي، ولم ألجأ إلى الاعتكاف في مقبرة الصمت والإدمان؛ حداداً على سَوْرة الجنون الدامي في وطني القديم" هذا اختلاق فاضح منك. إنك تصورني بطلاً ينافح عن وطنه باحتجاج انفعالي، برد فعل عاطفي سلبي، فهل كنت يوماً وطنياً؟ نعم، أنا وطنيٌّ بالغريزة أحب الأرض التي نبتُّ منها. كل إنسان وطنيٌّ بالغريزة يحب الأرض التي نبت منها مثلما يحب أمه التي نبت منها. لكني أكره أن أكون وطنياً بالسياسة. ولعلك تميز بين الوطنية الغريزية والوطنية السياسية ! أنا يا عزيزي، ما كنت يوماً مولعاً بالبطولات الوطنية السياسية الجوفاء المنمّقة المالئة حناجر الطغام في وطني القديم؟ هل رأيتني سرت مع السائرين في مسارات الوطنية السياسية الوعرة تلك التي تقطعها المكائد والأطماع والنوايا الخسيسة والتخوين، ويحركها الغباء والعاطفة الهوجاء وشهوة التدمير؟ الحق أنني، وإن كنت محطماً مثل أفّاق متسول أجرب الروح.. مثل مركب صفعه إعصار، تأبى عليّ كرامتي أن أكون " وغداً „. في وطني القديم، يخون الوغد وطنه بأفاعيل شتى من الدناءة والانحطاط والإرهاب والاستئثار، ثم يتهم الآخرين المخالفين لسياسته وأفاعيله والبريئين من الخيانة بالخيانة. بالخيانة يطلق الخائن عليهم النار. يا للمهزلة! فأين أنا من قولك: "هرب إلى الصمت وفزع إلى الإدمان حداداً على وطنه المثخن بالجراح"؟ يا أخي، ما لي ولهذا الوطن؟ وطني القديم لو كان جديراً بأن أموت من أجله في الحياة، ما كنت انتفيت عنه كالمطرود منه إلى هذه الأصقاع. وطني القديم له عدو خلقه لنفسه بنفسه. وأنا لا عدو لي إلا شعوري بالهزيمة وبأني خشارة. وطني القديم خلق عدوّه كي يتخلص من الفائض من سكانه. وطني القديم مغرم بالإنجاب إلى حد لا يتناسق مع نظام الطبيعة. والطبيعة تعاقب الإنسان إن لم يتناسق فعله مع نظامها الحكيم. وطني القديم يعشق الموت، فله أن يموت. الموت في منطق وطني القديم وفي خياله ووجدانه بطولة ومجد وخلود، فهل من الحكمة أن أرثي لمن يشتهي البطولة والمجد والخلود، وأحزن لأجله؟! إنك تدامس الحقيقة يا صاحبي. صحيح أن ثمة أسباباً طوّحت بي إلى الصمت والاعتكاف، وزجّت بي في قعر الحياة الدامج، ولكن ليس بينها وطني القديم. أنت أدرى الناس بهذه الحقيقة الصارخة الناطقة، فلماذا موّهتها؟ لا تعقد حاجبيك ! أعلم لماذا موَّهتَها. إنها المحبة منك والوفاء والالتزام بمواثيق الصداقة. كدأبك يا عزيزي، تسوطك المحبة بسوط الواجب إلى تفادي التصريح بالحقيقة. لن ألومك إلا يسيراً. سأتغاضى عن هفوتك، سأغفر لك. أما المرأة التي كانت زوجتي، فلن أغفر لها. كيف أغفر لها ما فعلته بي؟! ما فعلته بي ليس مما يمكن غفرانه. من يغفر لزوجته إن هي تخلّت عنه وأدارت له ظهرها جاحدة فضله عليها في وقت قد انعصب فيه رأسُه بغبار محنة مهلكة؟ من؟ منذا يغفر لها؟ لست المسيح لأغفر لها. أقسم...! لو كانت المرأة التي كانت زوجتي، انفصلت عني بأسلوب راق متمدن هادئ فسكنت مع ابنتي سارة في شقة منفردة تخصها بعيداً عني، لكنت غفرت لها، ولكنت بقيت مشدوداً إليها عن بعد بخيطٍ رفيع. أمّا أنْ ترفع علي دعوى طلاق ثم تنتقم مني بالزواج من رجل آخر، فهذا كثير علي! ولا تسل: من الرجل الذي تزوجته؟ فلست أعلم من هو على وجه التحقيق. قد أحسبها تزوجت بذاك الشاب الأجنبي الذي كان مستأجراً شقة في البناية المجاورة لبيتي الذي خسرته. رأيتها يوماً تماشيه وهي خارجة من السوبرماركت القريب في طريقها إلى البيت. شاب وضيع، عرفته فيما بعد، لا يكاد يفك حروف اللغة الانجليزية. جاهل ما قرأ يوماً في كتابٍ أو صحيفة. غبي سميك الدماغ لو سألته في أي جهة من الولايات المتحدة تقع سان فرانسيسكو، لأجابك في الجزائر. ولو سألته ما الفرق بين أجسام الكواكب وأجسام النجوم، لتحيّر وانقطع. شاب يصغرها بسنوات، لا أقلّ من خمس سنوات. لا يمتهن مهنة. أخاله قواداً، أو بلطجياً، أو مروج مخدرات طامعاً بزواجه منها في الحصول على الجنسية الأمريكية. أمرٌ فظيع ! تخيل سارة ابنتي في حضانة رجل داعر بلطجي يبيع المخدرات! إنه لأمر فظيع حقاً يطعن عقلي بجنون مطبق، يطعنه بالشلل. ولو كانت المصيبة وقفت عند هذا الحد ما جاوزته، إذاً لاحتملتها صابراً على أوجاعها. لكن المصيبة جاوزت حدها إلى ما هو أدهى وأمرُّ. غياب سارة عني يعذبني. شوقي إليها يؤرقني. بعدها عني يبرّح بي. قد حيل بيني وبين سارة. منذ عام أو أكثر، ما تمتع بصري برؤيتها. المرأة التي كانت زوجتي، ادعت علي بأنني رجل خطر يُتوقع منه الأذى والضرر. فتخيل! لا أتهم القضاء بالفساد. معاذ الله! القضاء في هذه المدينة عادل، لكنّ الدعوى باطلة. القضاء يخطئ، يخطئ أحياناً. وقد أخطأ حين حكم لها ولم يحكم لي. هل من العدل أن يحال بيني وبين ابنتي؟ لم أنتفع من القضاء، فما خير القضاء؟ القضاء كالمطر، فأي خير للمطر إذا مت ظمآناً؟ تذكر قول الشاعر؟ كذبت المرأة التي كانت زوجتي، ادعت علي أن مسلكي منحرف عن الآداب العامة، ومناف للعقل. وكسبت الدعوى. انتصرت علي بمكائدها وغدرها. امرأة لئيمة الأصل. أرادت اللئيمة أن تنتقم مني؛ لأنني أحسنت إليها يوماً فانتشلتها من الضياع. نجّيتُها من الخصاصة، رفعتها من الضِّعة. وكافأتني بنشر الأكاذيب عني. افتأتَتْ عليَّ أني كنت أضربها، أبخل عليها، أطعنها بلسان بذيء، أقسو عليها فأمنعها من الخروج لزيارة أهلها وصديقاتها، أحرمها من التسوّق والتجوال. والأنكى من كل هذا اتهامُها إياي بأنني هدّدت باختطاف سارة. أأنا أرتكب حماقة مثل هذه الحماقة؟! أنا أحب ابنتي أكثر مما أحب نفسي وأخشى عليها من أن تلفحها نسْمة؟ فكيف يطاوعني قلبي أن أفرّ بها وأحملها على العيش في بلد كوطني القديم سحائبه تمطر قنابل، وأزقته تزدحم بالرذائل؟ لا أفعلها. لولا أني رجل نشأ على حبّ المعاني الشريفة، لتعمَّدت أن ألقي في روع المرأة التي كانت زوجتي أنني أبيّت خطف سارة عند أول سانحة؛ فأجعلها تقع في رعب دائم لا تهنأ معه بعيش آمن، وبذا أشتفي منها. لكني لست لئيماً حاقداً ولوعاً مثلها بالانتقام. لا أعود إلى وطني القديم. لا خلاص لي بالعودة إليه. فكرتُ بنصيحتك. قلّبتها على وجوهها، فلم أهتدِ إلى وجهٍ يسوّغ لي العودة. أمي وأبي وافتهما المنية. من حسن الحظ أنها وافتهما. كان قلبهما سينفطر كمداً لو امتد بهما العمر. شقيقاي انخرطا في الصراع الوحشي، وأودى بهما الصراع وأدمى قلبي. لي شقيقة واحدة وحيدة وهي تجهل ما حلّ بي. لا أخبرها بما حل بي كي لا أجرح قلبها الرقيق جرحاً لا يندمل، وكيلا أجلب لها العار. ابنة أختي (جناح) تغريني بالرجوع. لا ترى بأساً في رجوعي إلى وطني القديم. تكتب إلي على صفحتي في الفِسبوك، وتهاتفني أيضاً. تقول لي إن وجه الوطن لم يبرح جميلاً بريئاً لم تشوهه الحرب ولا الضائقة المالية، ولا انهيار العملة، ولا احتلال أجزاء منه، ولا انفصال أجزاء عنه، ولا الصراعات السياسية القاتلة، ولا الفساد الإداري، ولا الهجرة، ولا النزوح. جناح تأمل أن تتزوج قريباً. تنتظر مع خطيبها نهاية الحرب. تعتقد أن النهاية وشيكة الحدوث. تلح عليّ في حضور زفافها. لن أستجيب لدعوتها. سأعتذر إليها عن الحضور. يجب أن أعتذر. ليس من اللائق أن أرعبها بمحضري. جناح رقيقة الطبع، ذكية، قلبها كأس مترع بالحنان. لم تنقطع عن مراسلتي والاطمئنان عليّ. تحب سارة كثيراً كثيراً حتى لأشعر أحياناً بأنها تبالغ في التعبير عن محبتها. لم تر سارة. رأت صورها المنشورة على صفحتي. في غيبتك حضرتني فكرة الخلاص. فكرة جديدة تباين فكرتك. قلت في نفسي لا خلاص لي إلا بالمال. المال يفعل المعجزات. أبيع قطعة الأرض التي كنت اشتريتها أيام العزّ لسارة في وطني القديم. فأحصل من بيعها على مقدار من المال لا يقل عن 100 ألف دولار، فأتدارك بالمبلغ محنتي وأنهض من كبوتي، نافضاً عني غبار الموت الوشيك. أبدت جناح استعدادها لتنفيذ رغبتي. فاستبشرتُ وأمّلت. لكن جناح سرعان ما أثبطت آمالي. كلمتني بعد شهرين أو ثلاثة، قالت: " خالو، بالنسبة لقطعة الأرض، قام خطيبي بتكليف عدد من أصدقائه الذين لهم خبرة بالعقارات بمعاينتها وتقدير ثمنها، وبالبحث عن راغبين في شرائها. قدروا ثمنها بأكثر من 100 ألف دولار، لكنهم فشلوا في العثور على شارٍ راغب فيها. عمليات البيع والشراء متجمدة. لكن ابن خالة خطيبي أظهر لنا رغبته في شرائها، غير أنه لم يدفع فيها اكثر من 10,000 آلاف دولار لا تزيد ولا تنقص. وهذا مبلغ زهيدٌ جداً يا خالي. ولا أظنك توافق عليه... ". ولم أوافق. بالطبع لم أوافق. هل اختلّ عقلي؟ عشرة آلاف دولار، لن يكون بها خلاصي. ماذا أفعل بعشرة آلاف دولار؟ مبلغ حقير ركيك لا يكاد يسد حاجتي إلى زجاجتين من الويسكي أو إلى عشرين غراماً من الحشيش. شؤم ! أرأيت؟ أرأيت يا عزيزي، كيف يطاردني النحس أينما ذهبت وحيثما اتجهت؟ إنه الشؤم يترصّدني في كلّ منعطفٍ من أزقة حياتي الداجية. ألا (تفووو ) على هذه الدنيا، ما أقبحها ! كمصلحة الضرائب هي تأخذ ولا تعطي.
#نعيم_إيليا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوجيز من حكاية الزوجة الضائعة
-
دوَّامةُ النّهرِ الكبير 12
-
الأخلاق بين فريدريش إنجلز ولودفيج فويرباخ
-
دوَّامةُ النّهرِ الكبير 11
-
منطقُ الجاحظ في ردِّه على النصارى
-
مُشادّة على مائدة الحوار المتمدن
-
دوَّامةُ النّهرِ الكبير 10
-
الوعي والحياة بين هيغل وماركس
-
مناظرة السيرافي والقُنَّائي
-
دوَّامةُ النَّهرِ الكبير 9
-
البعد الفلسفي لفرضية الانفجار الأعظم
-
محاورة ملحد الكريتي
-
ثالوث الديالكتيك الماركسي
-
الطعن على رأي الأستاذ منير كريم في الديالكتيك والمادية
-
دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 8
-
الزمان بعداً رابعاً
-
سُلَّم الوجود
-
مشكلة النسبية
-
ميزتا التعليق والتصويت في صحيفة الحوار المتمدن
-
دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 7
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|