أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل














المزيد.....


بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سألتني مرشحة حزب العمال في منطقتي عن سبب عدم تحمسي لحزبها وأنا لست من الأغنياء في هذه المنطقة التي أعيش فيها منذ أكثر من عقد، وتكاد تكون محجوزة انتخابيا لأثرياء المحافظين والديمقراطيين الأحرار. قلت لأنني لا أريد أن أرى نسخة أخرى من توني بلير على رأس الحكومة! قالت “تماما، نحن أيضا لا نريد بلير آخر على رأس الحزب”.
ماذا حصل بعدها؟ فازت مرشحة العمال التي لم انتخبها في منطقتي، وفاز حزب العمال، لكن بنسخة مخادعة من بلير يمثلها كير ستارمر التلميذ المخلص لنهج بلير!
استعدت تلك المحادثة مع صدور كتاب جديد لتوني بلير بعنوان “عن القيادة: دروس للقرن الحادي والعشرين” يزعم فيه أنه دليل إرشادي للزعماء يقدم جميع النصائح التي تمنى لو عرفها عندما كان رئيسا للحكومة على مدار دورتين! وهو زيف دعائي آخر لبلير الذي عرف في الأوساط البريطانية بالكذاب كصفة متميزة في شخصيته السياسية. أما في الأوساط الدولية فقد اختصر ذلك رفض القس الجنوب أفريقي الراحل ديزموند توتو تقاسم المنصة مع بلير خلال قمة دولية استضافتها جنوب أفريقيا، بسبب “جرائمه وأكاذيبه” حول احتلال العراق.
قال توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1984 “تأييد بلير لغزو العراق أمر لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا، وسيكون من غير المناسب بالنسبة لي المشاركة إلى جانبه في هذه المناسبة”.
في حقيقة الأمر، الكتاب -بغض النظر عن قيمته السياسية من عدمها- هو نسخة إعلانية لمؤسسة بلير الاستشارية السياسية التي فتحها بعد مغادرته المنصب، وجمع لحد الآن منها ثروة مليونيه. لقد حصل مثلا من الكويت على 43 مليون دولار كأول زبون لشركته مقابل عقد استشارات بشأن مستقبل الإمارة الغنية بالنفط! وكان هذا العقد المليوني بمثابة رشوة معلنة لموقفه “الرائع والحازم” من أكاذيب احتلال العراق، حتى وصف حينها في وسائل الاعلام البريطانية بـ “الكلب وذيله” فبلير كان الذيل الذي لا يمكن أن ينفصل سياسيا عن بوش.
هذا السياسي العمالي البريطاني يوصف باللاعب البارع بـ “الباب الدوار”، إنه يوحي لك بأنه ينتقل إلى الأمام، لكنه يعود إلى نفس نقطة تحركه!
يصف بلير في كتابه الذي صار موضع مراجعات من قبل السياسيين في الصحافة البريطانية، القيادة بفن غامض وخطير وشديد الأهميّة، ويضع مجموعة مواصفات للسياسي القائد، وبطبيعة الحال ليس “الكذب” أحدها كونه يرفض تأكيد الحقيقة التي التصقت به عن البحث العقيم عن أسلحة الدمار الشامل التي زعم مع بوش بها وكانت إحدى الذرائع التاريخية الشائنة لاحتلال العراق عام 2003.
لا يحب بلير التحدث في تفاصيل هذه الكذبة الخاوية في كتابه الجديد “عن القيادة”، بذريعة أنه سبق وأن تناول ذلك في مذكراته “رحلة” التي صدرت عام 2010! وهكذا يستمر في سياسة “الأذن الصماء” الصلفة كلما أدين بكذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية.
بلير حر في انتقاد نفسه. لكنه ليس حرا عندما يكون الكذاب مصدرا للمُثل السياسية كنصائح ذات قيمة. فهو كان يرى أن السياسة الخارجية الأخلاقية بمثابة الوعد الأحمق الذي كان يطالب به من قبل البريطانيين. وفي العراق وأفغانستان كان متعجرفا بشأن سهولة ترسيخ الديمقراطية في هذين البلدين اللذين أصبحا مثالا تاريخيا للفشل السياسي والفساد والانهيار المجتمعي.
لن يكون مفاجئا أن يصف بعض السياسيين البريطانيين كتاب بلير بـ “الرائع وغير المعتاد” وأن كانوا من حزب المحافظين! فبلير بالنسبة لهم صفقة معاصرة معبرة عن الصلف والغرور البريطاني وفق التعبير الفرنسي.
بلير لا يستطيع أن يحمي أرثه الذي أصبح كخرقة بالية مبللة بالنفط، فالحقائق تظل حقائق. ولكن اللون، والتفسير، وتأطير الدوافع والتأثيرات، كل هذه هي الأحكام، ولن تكون في النهاية مؤثرة عندما يخلص التاريخ لجوهره. وبلير مدان ليس بالكذب وحده، بل ما ترتب عليه من مقتل أكثر من مليون عراقي وتدمير وطن، بيد أنه مازال مصرا على أنه مع بوش أسهما بتحويل العراق إلى واحة للديمقراطية والعالم بات أفضل بعد احتلال العراق عام 2003!!
إن المشكلة تكمن في غريزة بلير السياسية وفي نصائحه الازدواجية. وفي هذا الكتاب الكثير من الأمور تندرج تحت فئة “أسهل قولاً من الفعل”. ورغم أنه يكتفي بهذا الكلام، فإنه يفشل في معالجة العوامل العديدة التي تتآمر يوميا لإخراج أي سياسي عن مساره، أو في تقديم أي نصيحة عملية حول كيفية التغلب على هذه التحديات.
كان من الممكن أن يكون كتاب “حول القيادة” وفق نيكولا ستيرجن رئيسة الحكومة الأسكتلندية السابقة، أكثر ثراءً لو أنه تضمن دراسة بلير لفترة توليه منصبه، وكيف أصر على اتباع نفسه بغرور والهروب إلى الأمام وإهمال كل النصائح القانونية والسياسية المسؤولة، مع بعض الرؤى حول كيفية تمكنه أو فشله في العودة إلى المسار الصحيح. والواقع أن إحدى غرائب هذا الكتاب هي أنه لا يتضمن أي تأمل حقيقي في نقاط قوة وضعف بلير نفسه وهو يستمر بالكذبة التاريخية على أنها أفضل من الحقيقة.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين تتجه أخلاقيات الصحافة؟
- ذاكرة الألم في -كلنا مريم-
- مَن يحكم العالم بايدن أم نتنياهو؟
- أمضّ من أسى جيسيكا لانج
- لأنه… الحاكم المطلق للعراق!
- لماذا لا تكتب عن ماجد المهندس؟
- بلينكن غير المحظوظ بأسوأ وظيفة في العالم
- غناء عربي في زنجبار
- معركة دون كيشوتية مع التلفزيون
- هل حقا تريد إيران عراقا قويا؟
- شرطة الذائقة السمعية
- هل بمقدور المالكي التخلص من خوائه الطائفي؟
- كراسي حمودي الحارثي
- عبث أخبار الخنازير والكلاب
- سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!
- سنبقى نحب حسين نعمة!
- يمين متطرف أم لا إنسانيين؟
- الذكاء الاصطناعي لا يصل إلى نكهة القهوة
- معضلة تعليب وتسليع الأخبار
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي


المزيد.....




- -معاوية-.. خالد صلاح كاتب المسلسل يوضح الغاية منه
- وزير الدفاع الأمريكي يرد على هيلاري كلينتون بصورة لها مع لاف ...
- ممثل شهير يعلق شعار -فلسطين حرة- على صدره خلال حفل -أوسكار- ...
- زيلينسكي يرد بحدة على سيناتور جمهوري طالبه بالاستقالة
- ستارمر يرفض إلغاء الدعوة الموجهة لترامب لزيارة بريطانيا
- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل