أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - مباديء وأسس النظام الإقتصادي البديل















المزيد.....

مباديء وأسس النظام الإقتصادي البديل


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن فسرنا في مقالات سابقة أسباب تخلفنا، وأثبتنا بأن إتباع النظام الرأسمالي كرس تخلفنا وتبعيتنا أكثر، فهو نظام لم يحقق ما حققه في الغرب من تقدم بسبب مبادئه وأسسه، بل بأستغلال شعوبنا وثرواتنا، مما سمح له برشوة الطبقات الكادحة بعد ما سرق ثروات شعوبنا. كما يكرس النظام الرأسمالي الظلم الإجتماعي بوضوح، وهو وراء الفقر والبؤس الذي تعيشه أكثر من 80% من البشر. صحيح يبدو هذا النظام في الظاهر أنه ذو فعالية في عملية التقدم والتنمية الإقتصادية بسبب المنافسة بين مختلف ملاك وسائل الإنتاج، لكن أدت هذه المنافسة إلى إحتكار الثروة في يد مجموعة قليلة من الأفراد التي لاتهمهم إلا خدمة جيوبهم بدل خدمة الإنسان، ولهذا فكلما توسعت الرأسمالية أزداد التفاوت الطبقي أكثر داخل كل مجتمع، وعلى المستوى العالمي، كما تزداد البطالة كلما تطورت وسائل الإنتاج كما وقع مع الثورة الصناعية، وكما يقع اليوم مع تطور تكنولوجيا الإتصالات لأن الرأسمالي لا يهمه إلا الربح بأي وسيلة كانت، ومنها دفع أقل الأجور الممكنة للعمال، وهو يعمل دائما من أجل إفراز أكبر عدد ممكن من البطالين في المجتمع كي يفرض الأجر الذي يريده على كل طالب للعمل، وهو ما يسميه ماركس بسعي الرأسمالي إلى خلق الجيش الإحتياطي للعمال. فهذا هو الذي يفسر لنا تزايد البؤس والبطالة في العالم رغم التطور الكبير لوسائل الإنتاج، فالإقتصاد الرأسمالي هدفه زيادة ثروات أصحاب الأموال كالبنواك وملاك وسائل الإنتاج لا غيرن ولا يهمه خدمة الإنسان وسعادته، فما فائدة قوة إقتصاد يحقق سعادة فئة قليلة جدا فقط من البشر على حساب أكثر من 80 % من سكان المعمورة؟.
يرى ماركس وأنجلس بأن سبب ذلك البؤس والإستغلال الذي تفرزه الراسمالية هو الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، حيث يأخذ مالكها عرق وحق العامل، وما أنتجه أو ما يسميه بفائض القيمة، ويكتفي بإعطائه فقط أجرا حديديا كي يسد رمقه، فيزداد الظلم والتفاوت الإجتماعي ، مما يتطلب -حسب ماركس- إلغاء تام للملكية الفردية وإعطائها للعمال. لكن تطبيق ذلك في الدول التي تسمى بالإشتراكية أدى أيضا إلى كوارث كبرى، ومنها ضعف التنمية الإقتصادية بسبب ضعف المنافسة، وأيضا أدى إلى كسل وخمول العمال دون أن ننسى ظهور طبقة جديدة داخل الدول الإشتراكية هي البرجوازية البيروقراطية المتمثلة في رجال الحزب والإدارة والمسيرين الذين كانوا ينهبون عرق العمال دون رقيب، ففي الحقيقة ما طبق في هذه الدول ليست الإشتراكية، بل هي رأسمالية الدولة.
تكمن المشكلة الإقتصادية اليوم في حل معادلة تحقيق التوزيع العادل للثروة مع الفعالية الإقتصادية بخلق الثروة ورفع الإنتاج وتحقيق التنمية. ولتحقيق التنمية والعدالة علينا أولا التخلص نهائيا من التصورات والقيم والمبادئ الرأسمالية للتنمية واستبدالها بمبادئ وتصورات وقيم وأساليب نابعة من واقعنا وحاجاتنا وثقافتنا التي هي مهمة جدا في أي عملية تنمية، ونعطي مثال عن دور ثقافة المجتمع في عملية التنمية الإقتصادية بإلإقتصادي الألماني الكبير شاخت الذي نجح مشروعه في إعادة بناء ألمانيا الفيدرالية بعد الحرب العالمية الثانية، لكن فشل نفس هذا المشروع في أندونيسيا، ليصل إلى تفسير ذلك بإختلاف ثقافة الأمتين الألمانية والأندونيسية.
أن حل المعادلة المتمثلة في تحقيق العدالة الإجتماعية مع فعالية إقتصادية يتطلب منا إعادة النظر في الكثير من المسائل الإقتصادية كمفهوم الملكية وشكلها، وتوزيع الثروة والأرباح والأجور وشكلها، وعمليات التمويل والمنافسة... وغيرها من القضايا التي يجب أن تكون متوافقة إلى حد ما مع إيجابيات ثقافة منطقتنا وإستغلالها في هذه العملية مع محاربة كل سلبيات هذه الثقافة، ونعتقد انه هذا ما وقع في أوروبا بعد الإصلاح الديني البروتستنانتي الذي قضى على جمود وتكاسل الأوروبي بإعطاء تأويل إيجابي للنصوص الدينية جعلت الإنسان الأوروبي يقبل على الجد والعمل والإنضباط كما يقول عالم الإجتماع الألماني ماكس فيبر في كتابه "علاقة البروتستانتية بظهور الرأسمالية"، ولو أن ماكس فيبر محق في جانب من طرحه، لكن أهمل بأن ذلك يكن سببا بقدر ما كانت هناك علاقة جدلية بين البروتستانتية والرأسمالية، لأن بوادر ظهور هذه الأخيرة لها علاقة بظهور البروتستانتية ذاتها. وهذا موضوع آخر قد سبق لنا أن ناقشناه في عدة مقالات من قبل.
أن نظامنا الإقتصادي البديل مبني على عدة أسس ومباديء وهي:
- ملكية الإنسان لمنتوج عمله فقط: فلا يحق لأي إنسان أن يدعي ملكية الأشياء الطبيعية التي ليس له أي يد في تكوينها أو تحويلها كالأرض مثلا التي هي ملك الله لأنه هو الذي خلقها، فهو لايحق له ان يملك إلا منتوجه الذي جاء بعمله وإستغلاله لتلك الأرض، لكن عندما يتوقف عن إستغلالها، فيجب ان تعطى لآخر كي يقوم بذلك، فهذا الذي جعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يقول بأن "الأرض لمن يخدمها"، وهذا الأمر ينطبق على كل ما هو طبيعي أي ليست من صنع الإنسان، بل الله. ونعتقد أن إستيلاء الإنسان على الأشياء الطبيعية التي لم يخلقها، ويحولها إلى ملكية خاصة به سببا في هذا التفاوت الإجتماعي، وقد وضح جون جاك روسو بالتفصيل في كتابه "أصول التفاوت الإجتماعي"، بأن هذا التفاوت يعود إلى اليوم الذي قام به إنسان بالإستيلاء على قطعة أرض، وأعتبرها ملكيته الخاصة.
- إن المال مال المجتمع : نستغرب كيف يصر أغلب فقهاء الإسلام على تقديس الملكية الفردية التي هي أموال في شكل آلات وغيرها، وهم يقرأون يوميا تأكيد القرآن الكريم بأن المال مال الله، أي بمعنى أنه مال المجتمع، وأن الإنسان مجرد مستخلف في هذا المال الذي بحوزته، ويكمن دوره فقط في توظيفه وإستثماره في خدمة المجتمع، وللمجتمع الحق في نزعها منه إذا كان لا يوظفها في خدمته "وآتوهم من مال الله الذي أتاكم" [النور الآية 33] "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" [الحديد الآية 7].
- لكل إنسان حسب طاقته ولكل إنسان حسب سعيه أو عمله: فهذا مبدأ إشتراكي معروف، لكنه موجود أيضا في ثقافة مجتمعنا عندما يقول القرآن الكريم بأن الإنسان يكافأ حسب سعيه وعمله فقط "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" [البقرة آية 286]، وكذلك قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" [النجم الآية 39]، بمعنى أن للإنسان الحق في أخذ قيمة عمله أو ما أنتجه كاملا غير منقوص، وهو نفس طرح ماركس بأخذ العامل كل قيمة عمله بدل إعطائه أجرا حديديا كي يسد رمقه فقط، ويأخذ صاحب العمل الباقي أو ما يسميه ماركس بفائض القيمة.
- المنافسة والتدافع الإيجابي: نعتقد أن حب التفوق والتنافس وإثبات الذات والتنازع طبيعة في الإنسان، لكن بشرط أن تكون منظمة، فهنا يكمن دور الدولة في تشجيع التنافس وعدم التدخل إلى جانب هذا أو ذاك، وتكتفي فقط بمراقبته وتنظيمه كي يكون في إطار القانون الذي يرضى به المجتمع لأنه هو واضعه كي لايسود قانون الغاب.
-إستبدال تعامل البنوك والمصارف بالفائدة بمشاركتها الكاملة في عمليات الإستثمار وجني الأرباح منها، وأيضا تحمل الخسارة بدل إقراض أموال للإستثمار الإقتصادي، وتبقى تتفرج على الذين أقرضتهم، وتنال الفوائد دون أي مجهود يذكر حتى ولو خسر المستثمر الذي أقرضته، فلنضع في الحسبان بأن العمل هو المصدر الوحيد للثروة، فلا يمكن للمال توليد المال دون مجهود يبذل. فهذا المبدأ سيجعل البنوك والمصارف تساهم بشكل فعال كي تنجح كل المشاريع الإستثمارية لأن مصلحتها ستبقى مرتبطة بذلك النجاح، وسنعود إلى ذلك بالتفصيل عند حديثنا عن تنظيم التمويل والبنوك والمصارف.
-التكافل الاجتماعي: تقوم الدولة بتنظيم ذلك، ويستهدف من خلاله مساعدة العاجزين عن العمل بشكل مباشر وغير مباشر، ويمكن سن قوانين تفرض على الأقربين من هؤلاء التضامن معهم.
- التكامل بين مختلف شرائح وأفراد المجتمع: بمعنى أن كل شريحة اجتماعية مسخرة للشرائح الاجتماعية الأخرى، فلا وجود لشريحة إجتماعية أفضل من الأخرى في الحقيقة، بل كل واحدة من هذه الشرائح الإجتماعية تحتاج إلى الشرائح الأخرى، وبالتالي فالمجتمع كأنه فرد واحد. ويمكن تطبيق ذلك على المجتمع الإنساني ككل، لكن بشرط أن يكون التبادل متكافئا فيما بينهم مبنيا على أساس العدل لا الاستغلال كما هو حاصل في النظام الرأسمالي العالمي اليوم.
- مبدأ التراضي: تبنى المعاملات الإقتصادية والتجارية على التراضي بين مختلف أطرافها، وذلك بعد التفاوض في مختلف هذه المعاملات بين أفراد وشرائح المجتمع.
- تحويل جهاز الدولة من خدمة شريحة أو فئة إلى خدمة كل المجتمع دون استثناء لأن الدولة يمكن أن تكون في يد طبقة الأغنياء فقط، مما يؤدي إلى الظلم الاجتماعي والنهب والسلب وهضم حقوق الضعفاء كما يحدث في الدول الرأسمالية اليوم، وقد وضعنا آليات وميكانيزمات لنظام سياسي جديد، سنوضحه بالتفصيل عند تناولنا مسألة الدولة في هذا النظام البديل.
- تشجيع البحث العلمي والتكنولوجي: لايتحقق ذلك إلا بجعل العلماء والباحثين بكل فئاتهم سواء في المجالات العلمية الدقيقة والتكنولوجية والإجتماعية في درجة أعلى من الآخرين، وسنوضح آليات وميكانيزمات تطبيق هذا المبدأ في حينه .
- محاربة الكسب غير الشرعي والرشوة: بتطبيق المبدأ الذي اقره الخليفة الراشد عمر بن الخطاب "من أين لك هذا؟"، أي فتح تحقيق قضائي بمجرد ما تظهر ثروة لدى أي كان لا تتماشى مع مدخوله، وهو المبدأ الذي يطبق في الكثير من الدول الغربية اليوم.
وبناء على هذه الأسس والمباديء العامة، سنبين في المقالات القادمة الآليات والميكانيزمات لتجسيدها على أرض الواقع عمليا، وذلك من خلال نظام جديد لتنظيم المؤسسة الإقتصادية والأجور والمصارف والبنوك وغيرها من النشاطات الإقتصادية .



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشلت كل الإختيارات الإقتصادية في منطقتنا؟
- هل فعلا الندرة هي وراء المشكلة الإقتصادية؟
- ما هي الإشكاليات الواجب حلها لإخراج منطقتنا من التخلف؟
- تفسير- ماركس وأنجلس - لتخلف منطقتنا
- تفاسير عنصرية وإستعلائية لتخلف منطقتنا
- ماذا بعد الرئاسيات الأخيرة في الجزائر؟
- تفسير مالك بن نبي لتخلف منطقتنا
- ما مسؤولية الطبقات الحاكمة في منطقتنا ما قبل الاستعمار في تخ ...
- تفسير سمير أمين لتخلف منطقتنا
- هل للتوسع الرأسمالي علاقة بتخلف منطقتنا؟
- أخطار العولمة الرأسمالية على مستقبل الإنسانية
- كيف تنشأ الأزمات المالية في النظام الرأسمالي، وما تأثيراتها؟
- لماذا أستمر الإستغلال الرأسمالي الغربي لمنطقتنا بعد خروج الإ ...
- كيف أنقذ الإستعمار النظام الرأسمالي في الغرب؟
- مراحل تطور النظام الرأسمالي في الغرب
- هل فعلا النظام الرأسمالي وراء تقدم الغرب؟
- نحو مشروع إنساني بديل
- هل تم تكفير علي شريعتي في إيران؟
- نجيب محفوظ بين الحقيقة والمروج عنه
- هل ناقض أندريه غروميكو التفسير الماركسي لحركة التاريخ؟


المزيد.....




- ترامب: إسرائيل لن تكون في وضع جيد إذا استمعت إلى البيت الأبي ...
- مصر.. توقعات بارتفاع التضخم بعد زيادة أسعار الوقود للمرة الث ...
- -البريكس بلس- في ضيافة روسيا.. بين الأهداف والواقع ورغبات بو ...
- حرب غزة: هل تسعى إسرائيل إلى تهجير الفلسطينيين من شمال القطا ...
- حبس ليبي احتياطيا: ماذا نعرف عن خطة الهجوم على سفارة إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي يضرم النار بمراكز الإيواء في محيط المستشفى ...
- بوتين: العلاقات بين روسيا والإمارات ترقى لمستوى الشراكة الاس ...
- -حماس- تطالب بتحرك دولي عاجل ردا على تنفيذ إسرائيل -خطة الجن ...
- مظاهرات في بروكسل تضامنا مع غزة ولبنان
- الفصائل العراقية: سنواصل ضرب إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - مباديء وأسس النظام الإقتصادي البديل