أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الثقافة .














المزيد.....

مقامة الثقافة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


مقامة الثقافة :

عندما سُئل الكاتب الروسي أنطون تشيخوف كيف تكون المجتمعات الفاشلة ؟ أجاب : (( في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق مقابل كل عقل راجح , وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية, تظل الغالبية بلهاء على الدوام , ولها الغلبة دائماً على العاقل , فإذا رأيت الموضوعات التافهة تعلو في أحد المجتمعات على الكلام الواعي , ويتصدر التافهون المشهد, فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جدا )) .

المتداول ان الناس عادةً يميلون الى جمع المال والثروه , أكثر من ميلهم الى تحصيل الثقافه , في حين ان سعادة الانسان تتوقف على ثقافته اكثر ما تعتمد على ثروته, وان ضعيف العقل لايدري كيف يملأ اوقات فراغه , فهو يندفع بشراهه بحثاً عن الملذات واشباع الرغبات , لينته اخيراً تائه حيران لامعنى لحياته, ترى كيف نفهم هذا النوع من البشر انه ليست الثروة هي الطريق الصحيح بل الحكمه والمعرفه هي التي تسيطر على الاراده , وأن سعادتنا تعتمد على ما في عقولنا من علم ومعرفه , لا على ما في جيوبنا من مال ,
أن يولد واحدُنا بعينين اثنتين وبلسان واحد فهذا يوحي أنّ النظر والملاحظة متقدّمان على الكلام , وأنّنا كلّما تحدّثنا مرّةً كان علينا أن نلاحظ مرّتين , أو أنّ علينا أن نلاحظ مرّتين قبل أن نتحدّث مرّةً.

ان انتظارالوقت المناسب لتحقيق الإنجازات يدفع الى المزيد من التخاذل , كل لحظة في حياة الانسان الناجح الذي لديه طموح هي الوقت المناسب , هناك قصيدة تنسب للشاعر بابلو نيرودا يقول فيها : ((يموت ببطء من لا يسافر , من لا يقرأ , من لا يسمع الموسيقى ,من لا يعرف كيف يجد شيئا بفضل عينيه , لا يجازف أبدا بتغيير لون ملابسه أو لا يتحدث أبدا مع غريب, يموت ببطء من يتجنب العواطف وزوبعتها الانفعالية التي تمنحنا النور في العيون وتصلح القلوب الجريحة, عش الآن , جازف اليوم , بادر بسرعة , لا تترك نفسك تموت ببطء لا تحرم نفسك من السعادة)) .

لطالما رافقتني القراءة وأضحت شاغلي مثل التنفس , والكتابة ايضا, ودائما عندما تضيق بي الاماكن , أجد مع الكتب ثمة فضاءآت , وآمال اخرى تنتظر التحقيق , ومنها تعلمت أنه ليس أسهل مِن الهدم , كل عدته عضلة وفأس , أمَّا البناء فعدته رَويَّة وتفكير , الهدم ساعة وتتناثر الأنقاض , والبناء شهور وسنوات, ورأيت كيف تميلُ الجماعات غالباً إلى العودة إلى الأساطير, الحكايات التي توارثتها في الأزمنة من أجل أن تفسر الأحداث المهولة التي تضربُ البشر , وتعلمت انه من صور الانقياد الأعمى خلف القطيع قول غسان كنفاني ((أحيانا يخرج ماعز من أجل قشرة فاكهة, فيجر القطيع خلفه)).

كان ابن خلدون قد لاحظَ أنَّ الثقافة تتراجع في عهود الانحطاط , يكثر أدعياؤها من الذين يهرفون بما لا يعرفون , فالمثقّف هو من يستدعي حصرياً نشاط العقل والتفكير, وهو في اللغة العربية الثَّقِف, أي الشخص الحاذق الفَطِن.

ترى ماذا نفعل لتلك الأمم التي تنام في جحور رؤوسها المغلقة, تضيق مساحات أرضها في شخير وهنها, وتتحول كتل شعوبها أشياء, لا تعرف إلا المسافة بين المطبخ والحمام إن وُجد في أكواخها الخشبية أو الإسمنتية , التعليم عندها ضرب من العبث, والحرية من عمل الشيطان , وبالشهامة الجاهلية تتقاتل الأحياء والعشائر والقبائل , ويصير النهب والفساد عقيدة , والجهلة والفاسدون هم القادة بالقتل والنهب والعمالة, لقد تجلت عدالة الخالق سبحانه في هبة العقل لجميع الناس بالتساوي , لكن منهم من لم يدخل إلى خزينة رأسه, فتراكم على ما فيها تراب الجهل , وبقي حقله بوراً وبواراً, فالعقول البشرية أرض , بذورها المعرفة وسمادها العلم وماؤها الحرية.

شعوب تمتلك ثروات هائلة في باطن أرضها, وفوق أرضها مساحات خصبة هائلة صالحة لزراعة كل أنواع المحاصيل , تتدفق حولها مياه الأنهار, والغابات أدغال يعمّها السواد, لكن في رؤوس من يدبّون فوق تلك الكنوز, حقول يسكنها تراب, وكم من أمة منَّ الله عليها بخيرات سائلة تندفع من بطون الأرض التي يعيشون فوقها, لكنها اكتفت باستخدام أفواهها لبلع ما يهبها لها العاقلون الذين يستخرجون ما ملكت بطون تلك الأرض , ويسخّرونها لخدمة شعوبهم ورفاهيتها.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة اللاجدوى .
- مقامة السدى .
- مقامة الشجن .
- مقامة التنوير و التعدد .
- مقامة الوعر .
- مقامة لن أنجو .
- مقامة النوى .
- مقامة لبنان .
- مقامة بيبي .
- مقامة الرقية .
- مقامة الشتيمة .
- مقامة الثلج .
- مقامة خريفية .
- مقامة تراتيل .
- مقامة هل تكفيك روحي .
- مقامة فيروز وبيروت .
- مقامة الترويض .
- مقامة الروقان .
- مقامة فراق .
- مقامة الزفرة .


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الثقافة .