مجذوب لؤلؤه: اغتيال عمر ابن الخطاب بين الواقع والخيال ج3

اسامه شوقي البيومي
(Osama Shawky E. Bayoumy)

الحوار المتمدن-العدد: 8135 - 2024 / 10 / 19 - 21:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

13_ ياحمام بتنوح ليه؟
https://www.youtube.com/watch?v=k3SqFepDnfU

نزل عبيد من على سفينه الأبطال وابحر عدوى لتنفيذ مهمته مع باقى رجاله بعد ان أمر سهيل والساعدى بعدم الحديث او التعليق على ما فعله عبيد. لكن رغم تظاهره بالجلد والثبات كان قلبه حزين وعقله شارد يتسائل: هل ما فعله مع عبيد كان صحيحا ام لا ؟ وبعد ان اطمئن على انتظام سير الامور على المركب نزل الى خن عبيد فلاحظ عدوى ان النسر الذى كان يربيه عبيد ويطعمه بنفسه لم يتناول شيئا من طعامه وقد وقف حزينا داخل قفصه لغياب صاحبه. حمل عدوى قفص النسر الى سطح المركب وفتح بابه لكنه أندهش عندما لم يطير النسر ويتركهم وايضا لم يتناول طعامه.

وعلى الجانب الآخر فقد انطلقت لؤلؤه ومن معها مسرعين بالابتعاد عن السفينه بعد ان ظنت انها قد حصلت على ختم عمر. ولا يمكن وصف نظرتها القاسيه وهى تستخرج قطعه الحصى من الكيس الذى سرقته من عبيد وتعطيها لرستم الذى فغر فاه . نظره خائفه , جامده , بارده , متحفزه , مملؤه بكم غير طبيعى من الادرنالين الذى فرزه عقلها تحت صدمه المفاجاءه. نظره شاهدت فيها تلك القوه المبهمه التى تحمى عمر وابنه والتى احست بها سابقا فى الاقصر. نظره تجمع فيها كل حقد قلبها على عمر ورجاله وانطلق صوتها بصرخه مرعبه تأمرهم بسرعه العوده والهجوم على السفينه واحضار طاقمها أسرى. أندفع رستم مع كل اتباعه لتنفيذ امرها وهم مدججين بالسلاح. استغل المهاجمون خيانه جاسر للتسلل على ظهر السفينه ودارت معركه شرسه بينهم وبين طاقمها قتل فيها من الفرس الكثير. فقد حارب عدوى كما لم يحارب من قبل. لكن تحت وطأه الكثره التى تغلب الشجاعه وخيانه جاسر استشهد سهل وتم اقتياد باقى الطاقم أسرى مكبلين فى الأغلال بين مصاب وجريح فى زوارق الفرس. رفع عدوى نظره الى السماء وقد أنسال شلال دم من جرح فى رأسه واخذ يتمم بطلب العون والمدد من المنصور. وقبل ان يغيب عن الوعى لاحظ ان النسر يحلق فوق الزورق الذى يحملهم فأغلق عينيه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامه رضا.



14_ كل الناس
https://www.youtube.com/watch?v=33YkoAHOQ28

بادر عمر ابن الخطاب اصحابه ممن التفوا حوله بعد صلاه الظهر بالسؤال عن رأيهم فيمن مات من اطفال غير المسلمين هل هم فى الجنه ام النار؟
سكت الصحاب والتفت بعضهم لبعض فقد كانوا يتوقعون ان يحدثهم عن سريه سعد ابن ابى وقاص التى ودعها صبيحه اليوم لتكون عونا للمثنى ابن حارثه قائد جيوش المسلمين بالعراق. صمت كبار الصحابه ولم يتعجلوا الرد حيث ادركوا ان ابن الخطاب يعمى عليهم شيئا وان سؤاله اعمق مما يبدو وليس كلام وخلاص.
سكت على وابن العباس وقطع الصمت المغيره ابن شعبه وهو يشرئب برأسه ويعدل عمامته معجبا بنفسه متظاهرا بالفقه والعلم رافعا عقيرته بصوت حازم قائلا : يا امير المؤمنين وخليفه رسول الله هم فى النار ودليلى قول الله تعالى "واذا المؤده سئلت بأى ذنب قتلت"
صاح ابن عباس فى انفعال مقاطعا : يا أمير المؤمنين هم فى كفاله ابيهم ابراهيم فكل الناس تولد على الاسلام دين الفطره لكن اهلهم يهودوهم او ينصروهم او يمجوسهم. اما دعى العلم هذا فانه يهرطق بما لا يعرف.
صمت على ابن ابى طالب فاستحثه عمر على الكلام فقال: عهدى بك ياامير المسلمين انك تجيد فن السؤال , ففيما سؤالك وانت تعرف ان الله ليس بظلام للعبيد؟
عمر : لقد قررت اعفاء اطفال المسلمين من الزكاه حتى يبلغوا رشدهم وصرف اعانات للفقراء منهم من بيت المال لكنى لم اتخذ قرارى بعد لأطفال غير المسلمين وقد زاد عددهم مع اتساع رقعه الخلافه.
عاد المغيره برفع عقيرته مره اخرى وهو ينظر الى ابن عباس : ظهر الحق وزهق الباطل. هم فى النار بلا شك يا أمير المؤمنين لأن هذا يوفر لبيت المال الكثير من النقود وما كان الله ليشق على خلافته فى الارض أكراما لابناء المشركين والكفار به.
توجه عمر بكلامه الى على كالمعاتب : هل ادركت الان يا ابا الحسن لماذا عميت عليكم سؤالى؟ رد على بنبره مشجعه: يا امير المسلمين ان مفاتيح الجنه والنار ليست بأيدينا. وقد اخترناك لأماره المسلمين لدفع الضرر عنهم وعن ديارهم والذى هو أولى من جلب الخير. فأن استطعت الا تظلم احدا فأفعل فقد حرم الله الظلم على نفسه كما حرمه بين الناس..
وما كاد على ابن ابى طالب ينهى كلامه حتى ثارت ضجه مع دخول المجذوب فيروز الى المسجد ورغبته فى الجلوس بين الجمع الملتف حول عمر. سارع المغيره مع نفر من الحضور الى الأمساك به وزجره زجرا شديدا للخروج من المسجد فأمرهم عمر بتركه وطلب من المغيره سيده الأحسان اليه وعدم ترويعه لانه مبارك. ترك الرجال فيروز الذى سارع بتخطى الرقاب للوصول الى عمر وراح يقبله فى حركات طفوليه وهو يهدد سيده بجوار عمر بحركات مضحكه وكلمات متلعثمه . ابتسم عمر وعندما رأى على ذلك وتهاون عمر فى امر سلامته عقب محذرا : لكن لربما قتلك ابولؤلؤه ياعمر ثم يدخل الجنه رغم انفك..
فزادت ضحكه عمر وهو يشير الى المغيره : لقد أعفيت سيده من جبايته لعله يرفق به. ثم عقب فى صوت خفيض قائلا: والله انى اود ان اخرج من الدنيا مثل هذا والله أنى لأخشى ان تعثرت قدم دابه بالعراق ان يحاسبنى الله عليها يوم القيامه.

15_ سو يا سو
https://www.youtube.com/watch?v=lW_avqFfN-o

وهذا ما تم تسريبه من قصه الكاتب على لسان عباس نقلا عن عبيد بطل السرديه.
كان أكثر ما يضايق عبيد من عدوى والرفاق هو انهم يعاملونه كطفل صغير - ابن الخليفه المدلل - الذى يستوجب عليهم حمايته ولا يثقون فى قدراته وذكائه بالقدر الكافى. وقد زاد حنقه من هذه المعامله الخاصه بعد ان استبدل عدوى ختم ابيه بقطعه من الحصى دون ان يخبره بذلك. صحيح أنه فرح لأن لؤلؤه لم تستطع سرقه الختم لكنه حنق من تذاكى رفاقه عليه هو ايضا. وهذا التذاكى وعدم الثقه فيه هو ما جعلهم يقدمون له أدله واهيه على خيانه لؤلؤه ظنا منهم انها كافيه لكنه ردها جميعا لعلهم يلتفتون الى ذكائه . أما دليله على عدم صدق رسالتها-والذى لم يخبر احدا به - فهو حرصها على مغادره السفينه بـأسرع وقت لدرجه انها اخذت قارب النجاه و تحملت مشقه التجديف لمسافه كبيره فى حين انها كانت تستطيع الانتظار وتنفيذ نفس السيناريو والسفينه راسيه على الشط فى ميناء كوستى..
احس عبيد بمشاعر مختلطه تجاه الرفاق لكنه اصبح متيفنا انه لو لم يكن ابن الخليفه ولو لم يرسل اباه خاتم الخلافه معه ما كان عدوى سيوافق ابدا على اصطحابه فى تلك المهمه وما كان سيرضخ لرغبته فى اصطحاب لؤلؤه معه فى المركب..
احس عبيد انه حملا على رفاقه واصبح خجلا من نظرات الرفاق ولا يتحملها..
وكان هذا سبب حزنه لذا قرر ان يفارقهم .
لكن موته عند أبيه أهون من ان ينسحب ويترك رفاقه يواجهون الخطر وحدهم ، لذا قرر ان يتابع رحله المركب ويحرسهم عن بعد. أكيد ان عملاء المجوس لن يتركوهم بعد ان يعلموا خديعتهم وزيف الختم.
وليخفى عن رفاقه امره - كما اخفوا هم عنه استبدالهم للختم- علهم يدركون ان ابيه لم يخطئ عندما قرر ذهابه معهم فى مهمه خطيره كتلك.

#اسامه_شوقي_البيومي (هاشتاغ)       Osama_Shawky_E._Bayoumy#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات