أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة يوسف يونس - قراءتي في رواية فارابا














المزيد.....

قراءتي في رواية فارابا


رحمة يوسف يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8135 - 2024 / 10 / 19 - 03:45
المحور: الادب والفن
    


رواية للشاعر عبدالمنعم الأمير ، تستعرض الرواية أحداث فترة زمنية عصيبة مرت على الموصل المتمثلة بداعش والتي استمرت ثلاث سنوات والفترة التي سبقتها وأدت إلى حدوثها، الرواية توثق أحداثًا تاريخية بصورة فنية وشعرية متينة، وتعكس الأثر النفسي على أهل المدينة في تلك الفترة والتساؤلات التي يضمرونها في دواخلهم نتيجة التخبط والفوضى السياسية والدينية، وترصد القبح الذي عصف بالمدينة من وحشية وقمع وجبروت، كل هذا عرضه الأمير للقارئ بتقنياته الفنية وأسلوبه الرصين المتنكر بالشخصية الرئيسة للرواية وهي شخصية الجسد مقطوع الرأس الواقف على الجسر العتيق ينظر إلى صورته المسخ في ماء دجلة الجاري منذ الأزل دون توقف. يسترجع ذكرياته، وبها تبتدئ أحداث الرواية منذ طفولته حتى اليوم الذي وقف فيه على الجسر بلا رأس.
من الشخصيات المهمة في الرواية، والتي لعبت دورًا سلبيًا شخصية العتوي الذي يؤدي دور الحاكم في فترة داعش وقبلها، وترمز إلى التسلط على المدنيين وقمعهم، ويشبهها المؤلف تشبيها رائعًا بالنمرود في فصول عدة من الرواية الذي يمشي في شوارع المدينة يضرب رأسه بنعال قديم بسبب الحشرة التي تزعجه داخل رأسه، ويشير بهذا التشبيه إلى تاريخ هذه الأرض مع الملوك الجبابرة وقدرها بتسلطهم عليها وطغيانهم على مر الأزمان، ثم نهايتهم الذليلة.
والشخصية المهمة الأخرى والتي لعبت الدور الإيجابي شخصية ابن الأثير الذي التقاه ذو الرأس المقطوع عند مكتبة في شارع النجفي ويمشي معه طيلة الرواية في أزقة المدينة وشوارعها وأسواقها متحسرًا ومتألمًا على ما وصل إليه حال المدينة.
شخصية ابن الأثير ترمز إلى المثقفين والأصلاء من المدينة الذين يتحسرون على محو الرموز الثقافية والدينية في المدينة، كمكتبات شارع النجفي والمساجد ومراقد الائمة..
الشخصية الرئيسة المتمثلة بالجسد بلا رأس، في كل فصول الرواية تستذكر مشهد الذهاب إلى المركز الصحي وهو بعيد والطريق طويلة وهو يحتضن أمه ومصاب بالحمى من مرض الحصبة. أيضا يستذكر الفتاة التي أحبها منذ طفولته وهي مقتنعة بدين غير دينه، ومشاهد حبه لها ولهفته إليها حتى بعد التخرج. حبه للمرأة من غير دينه ومساعدته لامرأة أخرى يزيدية حين دخلت بيته على غفلة هاربة من التنظيم ويظل فترة من الزمن قلقًا من ان يكشف أمرها وأمره فيُقتَل يسلط الضوء على حقيقة التعايش بين الأطياف المتعددة في المدينة..
والتعلق بالمرأة (الأم والحبيبة) يشير إلى دأب الانسان الذي يمنع من الحياة مرغمًا، فالحب والحنين يكون أمله سواء كانت المرأة ذكرى أو حلمًا، والتعلق بها ليس غريزة فحسب.
والشخصية الرئيسة هذه ترمز الى الذين قتلوا ظلمًا في تلك الفترة، والذين كثير منهم قطعت رؤوسهم فعلًا، وترمز كذلك إلى الذين لم يقتلوا حقيقة. وقوف الشخصية على الجسر العتيق وهي تنظر الى صورتها المسخ في الماء الجاري، ترمز الى الذين ماتوا وما زالوا متعلقين بالحياة، والى الذين لم يموتوا لكنهم ذوو رؤوس ممنوعة من التفكير وفاقدة لحريتها، فحين يتوقف الإنسان عن التفكير ولا يكون حرًا يكون مسخًا، وجثة متوقفة عن الحياة، الحياة (الماء) تجري أمامها بلا توقف، ولا سبيل لها سوى الخوص في الذكريات من ورائها.
فارابا العنوان يبدو مشتقًا من اسم الفارابي وهو فيلسوف عربي اسلامي، من الاتجاه المثالي، العنوان مرن وأراه اما يوحي إلى المدينة المثالية التي كانت قبيل الفجيعة وذلك حسب ما ورد في بدايتها في وصفها: (البيوت التي تتكئ على بعضها بمحبة وحنو غريبين منذ أمد في المدينة القديمة حتى إذا تهدم بيت منها تداعت لها بيوت عدة حزنًا وكمدًا..) وهو كتشبيه الفارابي للمدينة الفاضلة بالجسد الكامل والصحيح. أو يشير إلى المدينة المثالية في حلم من نصب نفسه خليفة أو حاكمًا عليها وكانت النتيجة العكس (ديستوبيا).
الرواية فضاء جمالي وفلسفي تمكن الأمير بلغته المشدودة والمكثفة من أن يغور في الذات الانسانية التي عاصرت تلك الحقبة الزمنية ولمس جرحها الغائر في عمق الصمت والنسيان، وعميقة ومؤثرة ولا أختصرها بمقال واحد، ومن كل قراءة يمكنني أن أخرج بالمزيد عنها..
من ملاحظاتي عليها تشابك الأحداث الزمنية في مواضع فيها تشابكًا يصعب معه الفهم بيسر، فلم أفهم بسهولة الأحداث التي هي قبل داعش وأثناء داعش إلا بتركيز كبير، وربما السبب قصور في فهمي لها ..
أقيمها بأربع نجمات من خمس، وهذا أعلى تقييم أضعه للروايات التي تعجبني حقًا، وأدعو إلى قراءتها.



#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفي
- معنى الحياة
- رحمة
- بلادة المشاعر والأدب
- ابن الكون
- خلايا الروح
- ذرات غبار
- مجرد كلمات
- بر الوالدين بين القرآن والمجتمع


المزيد.....




- طبيب إسرائيلي شرّح جثمان السنوار يكشف تفاصيل -وحشية- عن طريق ...
- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة يوسف يونس - قراءتي في رواية فارابا