دانيال ليفي - إسرائيل وإعادة تشكيل الشرق الأوسط – وضع أميركا الهش

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 22:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 378

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

مقابلة مع: دانيال ليفي**
اجرى المقابلة: فيودور لوكيانوف*
مقابلة أعدت خصيصًا لبرنامج إنترناشيونال ريفيو (روسيا 24)

17 أكتوبر 2024

الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه الناس في الشرق الأوسط وخارجه هو أن إسرائيل لا تستطيع أن تجد مكانها بسلام في المنطقة لأنها بنت نفسها على تجاهل كرامة العرب وحقوقهم وحياتهم، وأميركا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإسرائيل. أخبر دانيال ليفي، رئيس مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط (المملكة المتحدة)، فيودور لوكيانوف في مقابلة لبرنامج إنترناشيونال ريفيو على تلفزيون روسيا 24 لماذا لا تتحول نجاحات إسرائيل في ساحة المعركة إلى إنجازات سياسية، ومدى خطورة اللحظة الحالية، وما الخطأ الذي ترتكبه النخبة الإسرائيلية.

فيودور لوكيانوف: هناك العديد من الأحداث في الشرق الأوسط، لكنها لا تبدو وكأنها تتراكم لتكوين صورة واضحة. ماذا يحدث؟

دانييل ليفي: نعم، أوافقك الرأي. من الصعب أن نفهم كيف يمكن تحقيق أي أهداف من خلال التصعيد، ولكن من الأصعب أن نتخيل خفض التصعيد. والآن تشعر إسرائيل والقيادة الإسرائيلية بالقوة مرة أخرى وتشعران بالقدرة على إدارة تصاعد التوترات ــ لقد بدأتا تقعان في فخ النمو المفرط للنوايا. وبعض الإسرائيليين يجرون وراءهم خططاً قديمة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. وقد حدث هذا من قبل.

دعونا نتذكر كونداليزا رايس. في عام 1996، كتب إيديولوجي من المحافظين الجدد يدعى ريتشارد بيرل تقريراً يتضمن توصيات لبنيامين نتنياهو عندما أصبح رئيساً للوزراء لأول مرة، تحت عنوان "الانفصال النظيف: استراتيجية جديدة لتأمين الدولة"
"A clean Break: A New Strategy for Securing Realm".
ويتذكر نتنياهو هذا التقرير. ويقول: "بوسعنا أن نوجه ضربة قاضية للنظام الإيراني. وبوسعنا أن نعيد بناء لبنان، كما حاولنا من قبل. وربما نستطيع أن نفعل ذلك في سوريا أيضاً". لن أحاول أن أخمن أكثر بشأن الأفكار التي قد تفكر فيها القيادة الإسرائيلية الآن، ولكنني لا أشك في أن هذا النوع من التفكير يؤثر على عملية صنع القرار.


فيودور لوكيانوف: ما هو رد الفعل الأميركي؟

دانييل ليفي: قد يحدث للولايات المتحدة أمران، وربما كلاهما في وقت واحد. لا أستبعد أن الولايات المتحدة لا تتفق مع الخطط العالمية لإسرائيل. لكنها الآن ضعيفة إلى الحد الذي يجعلها لا تستطيع أن تفعل سوى أمر واحد ــ أن تقول لنتنياهو: "دعنا نؤجل هذا الأمر؟" فيرد نتنياهو: "تعالوا، تعالوا معي!" وإذا قال الأميركيون لا، يسألهم: "إذا فعلت هذا لوحدي، فهل ستدعمونني؟" فيجيبون: "بالطبع!". إذن، في الواقع، هم يشجعونه على التحرك.

ولكن من الممكن أن تنظر هذه الإدارة إلى الوضع الجيوسياسي، إلى الوضع مع روسيا والصين، وترى في ما يحدث فرصة لإضعاف إيران ــ كجزء مما تعتبره تحالفاً معارضاً. ويكتب بلينكن عن هذا.

>.

وهذا يعني أن أفكار نتنياهو تكتسب بعض المعنى. وإلى هذا نضيف مسألة الانتخابات، وجدول الأحداث المحتملة وتسلسلها يعتمد عليها. أي مسألة متى نعطي الضوء الأخضر ــ الآن أم في نوفمبر/تشرين الثاني. وبطبيعة الحال، ليس من الواضح لماذا ينبغي لنتنياهو أن يأخذ حساباتهم الانتخابية في الاعتبار، في ظل الضعف الأميركي.

فيودور لوكيانوف: سأجازف بالسؤال: ربما هم على حق من وجهة نظرهم؟ أعني الوقت المناسب لإعادة تشكيل المنطقة.

دانييل ليفي: لدي شعور قوي من النوع التالي: ما يمكن القيام به في المنطقة الآن يذهب إلى أبعد بكثير مما يمكن السيطرة عليه لاحقًا.

لنفترض أنهم على حق، وأن الشروط المسبقة للتغييرات الجذرية تنضج بالفعل في إيران. لا يمكننا استبعاد هذا. ولكن على الرغم من أن الضربة الإيرانية في الأول من أكتوبر لم تجعل إسرائيل تركع على ركبتيها على الإطلاق، فإن القول إنها لم تؤد إلى شيء سيكون غير صحيح. كان على إسرائيل استخدام كل الوسائل المتاحة لتقليل الضرر.

الآن حول ما يسمى "محور المقاومة". نعم، لقد عانى بالتأكيد من أضرار جسيمة، ولكن القول إنه تم تدميره هو مبالغة واضحة. كان الهدف حرمانهم من القدرة على الرد. ماذا نرى؟

يقوم وزير الخارجية الإيراني بجولة في المنطقة، في المقام الأول دول الخليج. إن إيران ترسل إشارة إلى المنطقة مفادها أن الاستمرار في التصعيد لن يفيدها بأي شكل من الأشكال. وهناك انطباع بأن هذا التحذير يؤخذ على محمل الجد في الخليج. إن فكرة أن الضربات الإسرائيلية سوف تدمر قدرة العدو على المقاومة، وتحرمه من القدرة على الرد، وتسهل القيام بالخطوات القادمة، لا تتناسب مع أي مخطط ـ توازن القوى، أو حرب غير متكافئة. فما زال العدو يملك ما يكفي من الوسائل للمواجهة.

فضلاً عن ذلك، ما هو تأثير ما يحدث خارج "محور المقاومة" في سياق الغضب من إسرائيل والولايات المتحدة؟ إنك ترمي حجراً في بركة راكدة، ولكن التموجات الناجمة عنه قد تكون قوية وطويلة الأمد إلى الحد الذي لا تلوح معه نهاية في الأفق. إن الناس في المنطقة وحولها ينظرون إلى ما يحدث للفلسطينيين في غزة وفي أماكن أخرى، وهم يرون الدمار هناك، ويرون ما يحدث في لبنان. إنهم غاضبون من حكوماتهم وأنظمتهم، التي تتباطأ في الاستجابة لكل ما يحدث. إن الاستنتاج الرئيسي الذي توصلوا إليه هو أن إسرائيل لا تستطيع أن تندمج سلمياً وبشكل مقبول في المنطقة التي توجد فيها، وذلك لأن إسرائيل بنت نفسها على تجاهل كرامة العرب وحقوقهم وأرواحهم، وهم يرون أن أميركا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإسرائيل. وهذه لحظة هشة للغاية بالنسبة لأميركا في المنطقة.

فيودور لوكيانوف: هل تغيرت إسرائيل في السنوات الأخيرة؟

دانييل ليفي: لم تأخذ إسرائيل فكرة حقوق الفلسطينيين على محمل الجد قط. ولكن كان هناك قادة قادرون على اتخاذ قرارات براغماتية بروح السياسة الواقعية. في بعض النقاط، كانت عملية السلام حقيقية، وفي نقاط أخرى، مجرد محاكاة. ولكن على الأقل كانت هناك فكرة مفادها أن هناك حدودًا لما يمكن تحقيقه بالقوة، وأن هناك حاجة إلى نوع من الأفق السياسي - مثل آفاق حقيقية للنوايا الحسنة أو على الأقل مجرد لفتة رسمية. اليوم، لا يوجد شيء من هذا القبيل.

>.

وهم في مراكز صنع القرار. إنهم يحددون الروايات الإعلامية وهم القوة الدافعة للسياسة. وقد تطور هناك جو معين. إنه جو من النشوة المسيانية تقريبًا. لا يوجد شك فيما يمكن تحقيقه حقًا وما لا يمكن تحقيقه. ومن هنا فإن هذه الأفعال لا تتوافق مع الحسابات الباردة والرصينة بروح الواقعية ـ وهي المصلحة العملية. وهذا يعني أن كل النجاحات التي تحققت على أرض المعركة، وهي موجودة بلا شك، وخاصة ضد حزب الله، لا تترجم إلى إنجازات سياسية، وذلك لأنه لا توجد رؤية سياسية تتجاوز الدمار والهيمنة و"المحصلة الصفرية".

ولن يحدث شيء من هذا القبيل إذا نظرنا إلى موقف إسرائيل في المنطقة. فماذا نرى غير ذلك في اسرائيل؟ لقد برزت نقطة ضعف واضحة: فالعنصر العسكري ليس خالياً من العيوب، بما في ذلك بسبب إحجام بعض جنود الاحتياط عن الامتثال للأوامر؛ وهناك هجرة للعقول ورأس المال؛ والاستثمارات آخذة في الانخفاض؛ والضرر الذي لحق بسمعة إسرائيل ملحوظ للغاية. وبالنسبة لإسرائيل، فإن كل هذا يشكل اختباراً خطيراً للغاية. وأولئك الذين هم في السلطة الآن قادرون على دفع الوضع إلى نقطة اللاعودة ـ وأخشى أن يكون هذا خطيراً للغاية. ونحن نتحدث عن قوة نووية. لقد حان الوقت لإدراك مدى خطورة اللحظة الحالية.

*فيودور لوكيانوف
أستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد،
صحفي وباحث سياسي، خبير الشؤون الدولية، رئيس تحرير مجلة "روسيا في الشؤون العالمية"، رئيس هيئة رئاسة " مجلس السياسة الخارجية والدفاع"، عضو هيئة رئاسة "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، المدير العلمي لمؤسسة التنمية والدعم لنادي الحوار الدولي "فالداي"، مؤلف ومقدم برنامج "المراجعة الدولية". أحد مؤلفي الموسوعة الروسية الكبرى.
**دانيال ليفي
محلل ومعلق ومؤلف بريطاني-إسرائيلي ومستشار سابق للحكومة الإسرائيلية ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كان عضوا في الوفد الإسرائيلي المفاوض في قمة طابا وعملية السلام في أوسلو الثانية.
هو الرئيس الحالي لمشروع الولايات المتحدة/الشرق الأوسط (USMEP) وكان أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة J Street.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات