أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مالك ابوعليا - مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط















المزيد.....


مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط


مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)


الحوار المتمدن-العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 16:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مؤلف الموضوع: فلاديمير رافائيلوفيتش كابو*

ترجمة مالك أبوعليا

كان المُجتمع Community هو المؤسسة الاقتصادية-الاجتماعية الأساسية لمُجتمع الصيد واللقاط. وكان هو الشكل الرئيسي لتنظيم الانتاج الجماعي البدائي، وهو عبارة عن رابطة مُستقرة نسبياً، ذات طابِع مناطقي أو اقليمي، أي أن منطقتها territory الخاصة تُوفّر لها الوسائل اللازمة لوجودها. نحن نعثر على هذه المؤسسة، في البيانات الاثنوغرافية، عند جميع الصيادي وجامعي الثمار وصيادي الأسماك، في جميع مُستويات التطور الاجتماعي ما قبل الزراعي، في جميع المناطق الجُغرافية. وهذا دليل على عالمية هذه الوحدة Unit، والتي نَبَعَت من المكانة التي احتلتها الجماعة في اقتصاد المُجتمع البدائي.
يجب التمييز بين المُجتمع Community وبين المؤسسات الاجتماعية الأُخرى عند الصيادين وجامعي الثمار. إن مُجتمعات Communities الصيد واللقاط المعروفة في الاثنوغرافيا، تتألف من عدة عائلات، لم تكن مُرتبطةٍ، في كثيرٍ من الحالات، بروابط قرابية. إن عدداً من المُجتمعات Communities كانت تؤلّف القبيلة، وبالتالي، لا يتطابق المُجتمع Community مع العشيرة ولا مع العائلة. لم تكن العشيرة تتألف من عائلات، بسبب الزواج الخارجي exogamy. لقد تشكَّلَت العشيرة على أساس القرابة، في حين، لم يكن المُجتمع Community يتألف من أقارب الدم وحسب، بل وأيضاً من عن المُستوى المُنخفض لتطور القُوى المُنتجة أقارب النَسَب، وأحياناً حتى من أشخاصٍ لا تربطهم صلة قرابةٍ أو مصاهرةٍ مع المجموع. كان المُجتمع Community يتألف من عدة عشائر، أو عشيرتين على الأقل. إن وظائف كُلٍّ من تلك المؤسسات الاجتماعية، مُختلفةً تبعاً لذلك. فقد كانت تتطابق جُزئياً، ولكنها كانت تخضع للتغير أثناء عملية التطور الاجتماعي. ومع ذلك، فإن لها أصلاً مُختلفاً عن بعضها.
من المنطقي أن نفترض أن المُجتمع Community نشأ مع نشوء المُجتمع البشري ذاته. ورُغمَ أن تلك المُجتمعات كانت مُختلفة تنظيمياً وبُنيوياً عن بعضها البعض، الا أنها احتلَّت نفس المكانة في حياة المُجتمع البدائي. وباعتباره تعبيراً ، ونتيجةً لضعف الفرد، فقد كانت شكلاً طبيعياً للحياة الاجتماعية في فجر التاريخ الانساني، وشكلاً طبيعياً لتنظيم الانتاج البدائي الناشئ، ثم في وقتٍ لاحق، كان المُجتمع Community هو أساس الإنتاج(1).
كانت الوظائف الاقتصادية الرئيسية للمُجتمع البدائي، هي الانتاج والاستهلاك وتقسيم العمَل وتبادل الأنشطة. هذه كانت في الأساس، الوظائف الداخلية للمُجتمع Community. كانت الامكانات المادية والتكنيكية للمُجتمع في ذلك المُستوى من التطور ضعيفة للغاية، في حين كان تأثير الظروف الطبيعية لا يزال أكبر من أن يسمح للمُجتمع من أن يوجد بأي شكلٍ مُختلفٍ عن ذلك. فقط أشكال المُجتمعات Communities هي التي تغيرت، ولكنها حافَظَت في إطار المُجتمع البدائي على أهميتها كمؤسسة اجتماعية-اقتصادية رائدة طوال تاريخ ذلك المُجتمع. إننا نتحدث حول المُجتمع الانساني، وبالتالي، حول هذا المُجتمع المُنتَظَم بطريقةٍ مُعيّنة، أي حول جماعةٍ من المُنتجين المُباشرين الذين يُنتجون وسائل العيش بشكلٍ مُشتَرَك، من خلال نظام تقسيم عملٍ مُحدد. هذه الجماعة، هي المُجتمع Community. لقد تشكَّلَت هذه الجماعة البشرية بشكلٍ طبيعي في عملية النشوء. فضلاً عن ذلك، كانت هذه الجماعة تُشكّل شرطاً حيوياً لوجودها ذاته. ونحن، من خلال هذا الافتراض، نسترشد بمدأ الواحدية المادية التاريخية، التي تؤكّد على أولية أصل الانتاج المادي، وبالتالي، تؤكّد على المؤسسات الاجتماعية التي يتحقق ذلك الانتاج من خلالها.
يُمكن أن نُلاحظ جوهر ووظائف مُجتمع Community الصيد واللقاط بشكلٍ أفضل، في المُجتمعات التي كانت أكثر عُزلةً من غيرها بحُكم الظروف التاريخية، والتي، بالتالي، حافَظَت على أشكال تنظيمها الاجتماعي والاقتصادي القديمة بشكلٍ كامل، مثل سُكّان استراليا الأصليون والتازمانيون. كان سكان تازمانيا وبعض المجموعات الاثنية الاسترالية، في الوقت الذي بدأت فيه دراسة مُجتمعاتهم، في مرحلة التطور الاجتماعي التي وَصَلَت اليها البشرية في العصر الحجري القديم الأعلى، ويُمكن استخدام البيانات المُتعلقة بتنظيمهم الاجتماعي، في إجراء دراسة تاريخية مُقارِنة للمُجتمع البشري في عصر ما قبل التاريخ، أي في مرحلة العصر الحجري القديم الأعلى. إن تحليل البيانات الاثنوغرافية الاسترالية والتازمانية، وكذلك البيانات المُتعلقة بمُجتمعات الصيد واللقطاط في قاراتٍ أُخرى، يُظهِرُ أن البُنية الاجتماعية لهذه المُجتمعات كانت مَرِنةً للغاية، وكانت قادرةً على التكيّف بنشاطٍ مع الظروف الطبيعية المُتغيرة، ومع مُتطللبات الانتاج. وهذا ما مكَّنَ المُجتمع البدائي، من العيش في ظل ظروفٍ جُغرافية طبيعية قاسية، مما مكّنها، في مرحلة الاقتصاد الاستحواذي، من استطيان الكوكب كُله تقريباً (باستثناء المناطق الجُغرافية الأقل مُلائمةً للسُكى).
وتشهد البيانات الاثنوغرافية، على حقيقة مفادها، أن مُجتمع Community الصيد واللقاط لم يكن يُشكّل الوحدة الاقتصادية-الاجتماعية الأساسية وحسب، بل كان أيضاً يُشكّل الوحدة المناطقية-الاقليمية للمُجتمع كذلك. وباعتباره وحدةً اقليمية، كان أكثر أهميةً من القبيلة، التي كانت، عند الاستراليين والتازمانيين على سبيل المثال، مُجرَّدَ مجموعٍ غير واضحٍ من المُجتمعات Communities المحلية التي تتحدث نفس اللغة. وكان الاستغلال الاقتصادي للأرض، يتم على مُستوى المُجتمع Community ومن خلاله. وعلى الرُغم من أن تركيبته وقوته العددية كانت مُستقرة نسبياً، الا أنه، في ظروفٍ مُعينةٍ من العام، كان ينقسم الى جماعاتٍ ديناميكية غير ثابتة، أو حتى الى عائلات، بحثاً عن الطعام بشكلٍ مُستقل. تتكون الجماعة الباحثة عن الطعام من عددٍ من العائلات التي تنتمي الى المُجتمع Community المعني، وكان تكوينها غيرثابتٍ وغير مُستقر. وعندما تُصبح الظروف مُلائمة، يعود المُجتمع Community الى تركيبته السابقة. إن مجموع الجماعات المُتنقلة الباحثة عن الطعام، التي كان تكوينها وقوتها العددية يتغيران باستمرار، شكلاً من أشكال وجود المُجتمع Commuity في ظل الظروف البيئية المُتغيرة. لقد كان هذا المُجتمع Community يخوض عملية التطوير الاقتصادي لمنطقةٍ أو اقليمٍ ما.
كان بإمكان المُجتمع Community أن ينقسم الى مجموعاتٍ مُستقلِّةٍ نسبياً من الجماعات الباحثة عن الطعام بشكلٍ ديناميكي، ثم العودة الى الى التركيب السابق للمُجتمع. كانت هذه المرونة شكلاً من أشكال التكيّف الاجتماعي عند مُجتمع الصيد واللقاط، مع البيئة والنشاط الاقتصادي. وكان التناوب بين عمليتي التجمُّع والانتشار داخل المُجتمع Community يتبعُ دوراتٍ مشروطةٍ ايكولوجياً.
إن البُنية التي وصفناها أعلاه، ليست نموذجيةً للاستراليين وغيرهم من الصيادي وجامعي الثمار، بل وأيضاً لسُكّان تازمانيا، وهو المُجتمع الأكثر تخلفاً حتى وقت وصول الاستعمار الأوروبي. ومن هُنا، يُمكننا أن نستنتج أن هذه الأُسس الاجتماعية-الاقتصادية، كانت أساساً لمُجتمعات العصر الحجري القديم الأعلى، وربما مُجتمعاتٍ أقدَم(2).
كانت العلاقة بين أعضاء المُجتمع Community وأرضهم، بمثابة نظام ديناميكي يُلائم مُتطلبات اقتصاد الصيادي وجامعي الثمار على أفضل وجه. وكان المُجتمع Community هو الميكانيزم الرئيسي الذي يُمكِّن مُجتمع الصيد واللقاط من أن يتصرف في ظل أفضل رابطة مُمكنة بالبيئة الطبيعية. وطالما كان المُجتمع Community هو مؤسسة اجتماعية، فإن مهمتها الرئيسية هي التعامل بأفضل شكل مع المنطقة أو الاقليم المعني، لذلك تُعتَبَرُ الأرض في هذا الاقليم مُلكيةً لها.
ولكن، هذا لا يعني أن هذه المنطقة كانت مُلكيةً حصريةً ومُطلقةً لها، وأن المُجتمعات الأُخرى لم يكن بامكانها تحصيل وسائل العيش فيها. فوفقاً للتقاليد التي تشكَّلَت تاريخياً، كان بامكان تلك المُجتمعات، أن تفعل ذلك بناءاً على إذنٍ مُعيَّن تأخذه من المُجتمع المالك لها، أو بموجب ظروفٍ أُخرى. على سبيل المثال، قد تكون أراضِ مُجتمعٍ ما، اعتماداً على كثافة السكان وتوافر الموارد الطبيعية فيها، مُحددة الى حدٍّ ما، ولكن أثناء الجفاف، قد يبحث المُجتمع المعني عن مكانٍ آخر لعدة أشهرٍ في أراضِ مُجتمعٍ آخر. في بعض الأحيان، يضع مُجتمعٌ ما أراضيه وموارده تحت تصرف مُجتمعٍ آخر، والذي بدوره يُعير أراضيه للأول (شكل من أشكال تبادل الموارد). ومع ذلك، نحن نُطلِقُ على ارتباط مُجتمعٍ ما بأرضٍ مُحددة، بالمناطقية أو الاقليمية، حيث كانت هذه أحد أُسس التنظيم الاجتماعي-الاقتصادي لمُجتمع الصيد واللقاط.
كان المُجتمع البدائي، يقوم على المُلكية المشاعية للأرض، بوصفها شرطاً أساسياً للانتاج ووسيلة له، كمصدرٍ للموارد المادية التي يحتاجها المُجتمع. وإذا كان المُجتمع Community هو المؤسسة الاجتماعية-الاقتصادية الأولية والأساسية في المُجتمع الانساني، فلا بُد لنا أن نفترض أيضاً، أن مُلكية الأرض والموارد الطبيعية، كانت تاريخياً، الشكل الأول والأساسي للمُلكية. ويظل المُجتمع Community، هو الذات الرئيسية لمُلكية الأرض المشاعية، حتى في مُجتمعات الصيد واللقاط المُعاصرة، والأرض هي أساس وجود هذه المُجتمعات.
إن الاستراليين يؤمنون بوجود روابط غامضة تربط أعضاء العشيرة الطوطمية بمراكزها الطوطمية، والتي تلعب دوراً هاماً في حياتهم. ولكن الأرض التي تُبنى عليها هذه المراكز الطوطمية، تُظوّرُ اقتصادياً من قِبَل المُجتمع Community ككُل، وليس من قِبَل أعضاء العشيرة. إن جميع أفراد المُجتمع Community، بصرف النظر عن العشيرة التي ينتمون اليها، يتمتعون بحقوقٍ مُتساوية تجاه مصادر الثروة الطبيعية على الأرض. وان كان هناك فروقٌ داخل المُجتمع Community في الحقوق على مُنتجات الصيد واللقاط، فهي فروقُ تتحدد، ليس حسب الانتماء العشائري، بل حسب الانتماء الى الجنس أو الفئات العُمرية التي يتألف منها المُجتمع community. إن الأرض التي يمتلكها المُجتمع، والتي يحصلون من خلالها على الغذاء والمواد الخام اللازمة لصناعة الأدوات والمواد المُتنوعة، هي مُلكٌ للمُجتمع Community المعني، وذلك لأن المُجتمع البدائي لا يعرف أي شكلٍ آخر من أشكال المُلكية. إننا هُنا في مرحلةٍ من مراحل المُلكية باعتبارها علاقة اقتصادية لا تزال المُلكية الخاصة فيها غير موجودة، ولا توجد أي امكانية للتصرف بالأراضي المملوكة مشاعياً. فالمُلكية هُنا، تقوم على العمل الجماعي. فضلاً عن أن العلاقة الاقتصادية بين مجموعةٍ من الناس تجاه الأرض، تتفاعل وتتشابك مع ما يُسمّى المُلكية الطوطمية العشائرية للأرض. والعلاقة بين العشيرة والأرض، ليست مُلكيةً بالمعنى الاقتصادي، بحيث لا يجوز استخدام كلمة "مُلكية" الا بتحفظات مُعينة. وفي الوقت نفسه، فإن اقليمية أو مناطقية المُجتمع Community البدائي، ترجع في اصولها، الى الاقليمية المشروطة بيولوجياً، لأسلاف الانسان من الحيوانات. ولكن هذه الاقليمية، المُحددة بيولوجياً، تحوّلَت في الطريق الاجتماعي، وصارت اقليميةً مشروطةً اجتماعياً واقتصادياً.
لماذا تتخذ مُلكية وسائل الانتاج الأساسية، أي الأرض، أحياناً، شكل مُلكية العشيرة، وتعتبر العشيرة نفسها مالكةً للأرض؟ السبب في ذلك، هو أن التنظيم العشائري، يُصبح، بعد أن يبلغ مُستوىً مُعيناً من التطور، مُنظماً اجتماعياً يستحوذ على بعض الوظائف الاجتماعية والمعيارية الهامة. تصير العشيرة، بالتدريج، مُدركةً لنفسها باعتبارها مالكةً ليس فقط للمراكز الطوطمية، بل وأيضاً للأرض التي تقع عليها هذه المراكز. ولكن هذه العلاقة بين العشيرة والأرض، لا تتحقق اقتصاديا، ويظل المُجتمع Community، من الناحية الاقتصادية، هو ذات المُلكية على الأرض.
إن أشكال التنظيم الاجتماعية-الاقتصادية لمُجتمعات الصيد واللقاط التي تعرفها الاثنوغرافيا تسمح لنا بالتعمق في جوهر الظواهر التي تتضح معالمها في سياق البحث الأركيولوجي. يُمكن أن نُطلِقَ على التجمعات البشرية التي ظَهَرَت في الماضي، والتي تقترب في جوهرا ووظائفها من المُجتمعات المعروفة في الاثنوغرافيا (المُجتمعات البدائية المُعاصرة)، بأنها مُجتمعات Communities في قيد التبلور، أو المُجتمعات البدائية الناشئة. كانت علاقات الانتاج تتبلور في هذه التجمعات. إن المساكن والمستوطنات القديمة، تُلقي ضوءاً على هذه العملية.
لقد عُثِرَ على أقدم آثار مساكن ومُخيمات الصيادين في جورج اولدواي Olduvay Gorge في شرق افريقيا تنزانيا(3). يعود أقدم موقع الى مليون و750 ألف عام، اي الى العصر الآشولي Acheulean. حيث عُثِرَ على بقايا مساكن تبلغ مساحتها 4.6x 4 أمتار مُحاطة بجدارٍ حجري. ربما كان هذا الجدار مصدٍّ للرياح، أو أساس لأغصانٍ تُشكل سقفاً لمسكنٍ ما. كما عُثِرَ على بقايا مساكن في أماكن سكنٍ طويلة الأمد في مناطق أُخرى. وفي فترةٍ لاحقة، نجد أدلةً على تقسيمٍ مكانيٍّ للعمل (تُستخدم بعض الأماكن للسكن، وبعضها لتصنيع الأدوات). لم تُستخدم تلك مُخيمات في تصنيع الأدوات الحجرية، والدليل على ذلك، أنه لم يُعثَر على أي بقايا حجرية تُشير الى ذلك، على الرغم من الكشف عن ما يُمكن وصفه بأنه ورشة عمل، تحوي على بقايا أدوات غير مُكتملة التصنيع، وغياب شبة كامل للأدوات المُكتملة(4). وهكذا، كان لدى هومو هابيليس مُعسكرات دائمة يعودون اليها بالطرائد، وأماكن أُخرى يصنعون فيها الأدوات. كانت مجموعات الهومو هابيليس صغيرةً نسبياً، وكانت مُخيماتها تقع داخل مناطق الصيد التي تستخدمها. تتشابه مُجتمعات Communities الهومو هابيليس البدائية مع المُجتمعات Communities اللاحقة. وهذا التشابه لا ينحصر بوظيفتها الاقتصادية وأهدافها المُشتركة واقليميتها وحسب، بل وأيضاً بوجود مُخيماتٍ كمراكز لتطوير المنطقة أو الاقليم. وهذا يدل، على النشاط الاقتصادي لهومو هابيليس كان مُنظماً في الزمان والمكان. ويُمكن تصوير التنظيم المكاني لهذا النشاط بشكلٍ تخطيطيٍّ مُبسَّط على أته مُخيّمٌ رئيسي يقع داخل حدود منطقة الصيد، بمساراتٍ تتفرع منه في اتجاهاتٍ مُختلفة تُصوّر تحركات الصيادي وجامعي الثمار. ويظهر التقسيم المكاني للعمل، في تركُّز صناعة الأدوات الحجرية، في ورشِ عملٍ فردية، وفي وجود مُخيمات صيدٍ مُتخصصة.
في أوروبا، عُثِرَ على أقدم المساكن في تيرا آماتا Terra Amata في فرنسا، والتي تعود الى 380 ألف عام. كانت هذه المساكن، عبارة عن مُعسكرات مؤقتة للصيادين وجامعي الثمار، الذين كانوا يأتون الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ويصطادون الأفيال والغُزلان وغيرها من الحيوانات، ويجمعون الرخويات ويصطادون الأسماك، ثم يُغادرون بعد فترةٍ وجيزة، من أجل العودة في العام التالي. وهذا دليلٌ على الاستقرار الموسمي في نهاية الربيع وبداية الصيف. كانت المساكن البيضاوية الشكل يتراوح طولها بين 7-15 متراً، وعرضها بين 4-6 أمتار. في حين، كانت الأكواخ توقدُ فيها النيران، وتُصنَعُ فيها الأدوات(5).
إن حقيقة أن الصيادين كانوا يعودون في نفس الوقت من العام، وأن الأكواخ التي بُنِيَت سنوياً كانت نُسخاً طبق الأصل، تُشير، الى أن الناس الذين أتوا الى هنا كانوا ينتمون الى نفس الجماعة أو المُجتمع الناشئ. وقد أظهَرَت الحفريات أن الحياة الاقتصادية كانت تتبع دورةً موسمية، وأن الجماعة كانت تمتلك منطقةً مُحددة حيث تصطاد فيها الفرائس، مُنتَقِلةً من هذا القسم من المنطقة الى ذاك، وأنه كان يتم تطوير المنطقة والعمل عليها وفقاً للموسم. تُظهر آثار 11 كوخاً مبنيةً فوق بعضها البعض، أن نفس المجموعة كانت تعود سنوياً على مدار عدد من السنين، وهي دليلٌ على استقرار البُنية الاجتماعية والتقاليد الثقافية. كان النشاط الاقتصادي للجماعة مُعقّدٌ نسبياً، جامعاً بين أنماطٌ مُتنوعةٍ من العمل: صيد الحيوانات الكبيرة، وصيد الأسماك، وجمع الرخويات، وتصنيع الأدوات وإشعال النيران. يحتوي مُجتمع تيرا اماتا الناشئ، على سمات واضحة للمُجتمع Community البشري اللاحق.
ان المسكن في كهف لازاريت Lazaret Cave في فرنسا، هو مثال على تطور تنظيم المساحة الصالحة للسكن وتحسنها. يبلغ عُمر المسكن حوالي 200000 عام، وتبلغ مساحته 11 × 3-5 أمتار. لكنه كان كهفاً، وكان الغرض منه حماية الناس من الرياح والأمطار خلال فصل الشتاء. وكان في المسكن ناران، تركزت حولهما الحياة: ولم يُعثَر الى أي أثرٍ لصناعة الأدوات. وكان الناس يتبعون نمط حياةٍ شبه بدوي أو مُستقر موسمياً. وتُظهِر دراسة بقايا الحيوانات أن الناس كانوا يأتون الى هُنا في تشرين الثاني ويُغادرون في الربيع، حيث يُفتَرَضً أنهم كانوا يذهبون الى مناطق الصيد الصيفية. لقد كانوا يُغادرون بنية العودة، لأنهم كانوا يضعون جُمجمة ذئبٍ عند المدخل، لأنهم كانوا يعتقدون أن هذا الرمز سوف يحمي المسكن حتى عودتهم عند بداية الشتاء.
كانت حياة سكان كهف لازاريت، كما كانت حياة سكان تيرا اماتا، تتبع دورةً طبيعية، أو بالأحرى، شكلاً من أشكال التكيّف النشط مع تلك الدورة. لقد استخدموا مناطق صيد ولقاط مُحددة. ان حياة الجماعة على مدار عدة أشهر، والاكتفاء الذاتي طوال تلك الشهور، يُشير الى أن هذا كان مُجتمعاً Community ناشئاً أو قسماً منه، أي جماعة بحث عن الطعام. لقد عُثِرَ على المكان الذي كان سُكان كهف لازاريت يجلبون منه الأدوات الجاهزة، في مكانٍ آخر. ربما كان هُناك تقسيم للعمل على أساس الجنس والعُمر، مما مكَّنَ الرجال من مُغادرة الكهف لفترات طويلة من أجل البحث عن الطرائد في الظروف البيئية الصعبة، تاركين ورائهم النساء والأطفال. يُشير نمط حياة هؤلاء الناس الى عملية الانتاج والاستهلاك الجماعيين، أما أشكاله الملموسة فلا يُمكن سوى تخمينها. كان نشاطهم الاقتصادي يتألف من أشكال مُختلفة من العمل، مُقسمةً حسب المكان والزمان. إن المستوى الرفيع نسبياً لتطور هذه المجموعة، لا يُشير فقط الى حالة تنظيمهم الاجتماعي ورِفعة مساكنهم، بل وأيضاً يُشير الى وجود تصورات دينية سحرية، وربما حتى طوطمية، مثل جُجمة الذئب التي تحرس مدخل المسكن حتى عودة سكانه.
نجد في العصر الحجري القديم الأعلى والعصر الحجري الوسيط،، نفس هذا النمط المألوف من التطوير الاقتصادي للاقليم، ولكن الذي صار أكثر تعقيداً مما كان من قبل. كان يتوسط الاقليم مُستوطنة دائمة للمُجتمع Community، كان يتمحور حولها عدد من المُخيمات المؤقتة المُخصصة لجماعات البحث عن الطعام والصيادين ووُرش صنع الأدوات. ومن المُستوطنة الرئيسية، كان الناس يذهبون لجلب المواد الخام لصُنع لأدوات، أو للصيد، أو للقيام بجولاتٍ موسمية، حيث كان الصيادون يعيشون في مُعسكراتٍ مؤقتة.
لقد أُرسِيَت أُسس التطور الاجتماعي-الاقتصادي في زمنٍ مُبكرٍ يعود الى العصر الحجري القديم. ففي ذلك العصر، نجد ظواهر مثل المُجتمعات الناشئة والتي مثَّلَت وحدات اقتصادية مُتكاملة، تنقسم عند الضرورة الى جماعات بحثٍ عن الطعام، وانتاجٍ واستهلاكٍ جماعيين، مُرتبطين بالطابع المشاعي للمُجتمع Community، والارتباط الاقتصادي بين المُجتمع واقليمٍ مُحدد، ووجود مُخيم دائم أو موسمي يعمل كمركزٍ للتطوير المُنتظم للاقليم، وتقسيمٍ مكانيٍّ للعمل داخل المُجتمع Community (مُخيمات الصيد، وورش العمل)، وتقسيمٍ للعمل على أساس الجنس والعُمر، ونشاطاً اقتصادياً دورياً تُحددة العمليات الطبيعية، ونشاطاً اقتصادياً مُعقداً نسبياً، يجمع بين أنواعٍ مُختلفةٍ من العمل.
لقد كان هذا النطاق من الظواهر هو الأساس لظهور أنماط تاريخية لاحقة من مُجتمعات الصيادين وجامعي الثمار التي نعرفها اثنوغرافياً. نحن نجدها هُنا، وكذلك في أكثر الظروف الطبيعية والجُغرافية تنوعاً. وهذا الاستقرار في أشكال الاستغلال الاقتصادي لأكثر البيئات الطبيعية تنوعاً، هو دليلٌ على أن التكيف الاجتماعي الانساني النَشِط، يختلف اختلافاً جوهرياً عن التكيف البيولوجي عند الحيوانات. هذا التكيّف هو الأساس الراسخ الذي ينى عليه الصيادون وجامعو الثمار في زمنٍ لاحق تنوع حياتهم الاجتماعية والثقافية في ظل ظروف جُغرافية وتاريخية مُختلفة.
لقد تشكَّلَ الاقتصاد المُنتِج في زمنٍ لاحقٍ على أساس البُنية الاجتماعية-الاقتصادية التي قامت في العصر ما قبل الزراعي، والذي كان استمراراً وتطوراً للعملية التي بدأت في العصر الحجري القديم. نشأ الاقتصاد المُنتِج، والذي حلَّ محل الاقتصاد الاستحواذي، بحدوث تغيرات ضئيلة في نشاط الصيادين وجامعي الثمار الاقتصادية، وانتهى بتحولٍ جذريٍ في البناء الاقتصادي-االاجتماعي للمُجتمع بأكمله.
لقد بدأ هذا التغير في الاقتصاد، والذي كان مُرتبطاً باحدى سمات المُجتمع البدائي: تشابك الاقتصاد مع جوهر الحياة الاجتماعية. لقد كان هذا تمظهراً لاندماج الوظائف في المُجتمع البدائي. وعلى الرُغم من تفرّد طبيعة العلاقات الاقتصادية في العصر البدائي، الا أن بعض المقولات الأكثر عموميةً، والأكثر أساسيةً في علم الاقتصاد، مثل العمل المُجرَّد ووقت العمل كمقياس لانفاق الفرد لقوة عمله في المجموع الكُلّي لعمل المُجتمع، وتقسيم العمل الاجتماعي، والمُلكية والانتاج والاستهلاك وتبادل النشاط، وتجسّد العمل في المُنتجات، تظل أدوات ضرورية من أجل التوصل الى فهمٍ علميٍ لاقتصاد المُجتمع البدائي. هذه المقولات الاقتصادية تحتفظ بأهميتها المنهاجية في دراسة جميع التشكيلات الاقتصادية-الاجتماعية.

* فلاديمير رافائيلوفيتش كابو 1925-2009 اثنوغرافي وعالم ثقافة ومؤرخ أديان ماركسي سوفييتي. التحَقَ عام 1941 بكلية التاريخ في معهد موسكو الحكومي التربوي الذي كان يحمل اسم لينين حتى عام 1943، التحَقَ كابو بالجبهة وشارَكَ عام 1945 في معركة برلين، وحَصَلَ على وسام النجمة الحمراء. قامَ بين عامي 1945-1949 بالتدريس في كلية التاريخ في جامعة موسكو في قسم تاريخ الاتحاد السوفييتي. انتَقَلَ كابو عام 1954 الى قسم الاثنوغرافيا التابع الى جامعة موسكو. وصارَ منذ عام 1957 باحثاً في معهد الاثنوغرافيا التابع لأكاديمية العلوم السوفييتي في لينينغراد، ودافَعَ عام 1962 عن اطروحته للدكتوراة في التاريخ في معهد الاركيولوجيا في أكاديمية العلوم، بعنوان: (أدوات العمل الحجرية عند الاستراليين الأصليين). وفي عام 1970 دافَعَ عن اطروحته للدكتوراة في معهد الاثنوغرافيا التابع لأكاديمية العلوم بعنوان: (أصل وتاريخ السكان الأصليين في استراليا). عادَ عام 1977 الى موسكو وعَمِلَ في معهد الاثنوغرافيا هناك. من كُتبه: (أصول الاستراليين الاصليين وتاريخهم البدائي) 1969، (المُجتمع البدائي ما قبل الزراعي) 1986، ومن مقالاته: (بعض المسائل حول ثقافة الاستراليين الأصليين) 1959، (الفن القديم في اوقيانوسيا) 1961، (الأدوات الحجرية عن الاستراليين القدامى) 1962، (تشكّل المُجتمع الطبقي عند شعوب اوقيانوسيا) 1966، (أصول سكان استراليا الأصليين في ضوء المُكتشفات الجديدة) 1968، (الفن البدائي والدور الاجتماعي) 1969، (تاريخ المُجتمع البدائي والاثنوغرافيا) 1972، (ما قبل تاريخ الاقتصاد المُنتِج) 1974، (أصول سكان استراليا الأصليين في ضوء المُكتشفات الجديدة) 1974، (الاركيولوجيا والاثنوغرافيا: حول مسألة اعادة بناء ما قبل التاريخ) 1976، (حول مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط) 1978، (بعض سمات الوعي الاجتماعي البدائي) 1980، (أصول الاقتصاد الانتاجي) 1980، (الاركيولوجيا والايكولوجيا: حول اصول ادارة الطبيعة في العصر الحجري الحديث) 1983، (الأشكال البدائية للدين) 1987، وعشرات غيرها من المقالات.

1- K. Marx, Capital. Moscow, Vol.III, p.810
2- V.R. Kabo, Tasmanians and the Tasmanian Problem. Moscow, 1975 (in Russian) V.R. Kabo, "Die australisohe Lokalgruppe," Ethnogranhlsch-Archaologische Zeitschrift, Berlin, 1978
3- The Rise of Human Society. I he Palaeolithic in Africa, Leningrad, 1977, pp.62-72 (in Russian) M.D. Leakey, Olduvav Gorge, Vol.3, Cambridge, 1971,
4- The Hise of Human Society. The Palaeolithic in Africa, pp.104-105
5- La nrehistoire francaise. Vol.1, Paris, 1976, pp.626-631

ترجمة لمقال:
PROBLEMS OF THE ECONOMY OF HUNTERS-GATHERERS SOCIETIES, Vladimir Kabo, from Journal: soviet studies in ethnography, 1978



#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)       Malik_Abu_Alia#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان في فجر الحضارة
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ...
- المعايير العالمية لمُجتمعات الصيد واللقاط
- الطبيعة والمُجتمع البدائي
- التشكيلة الاجتماعية-الاقتصادية العبودية
- تعليق ايغور دياكونوف على مقال هنري كلايسِن (الديناميكيات الد ...
- المشاعات الزراعية في الشرق الأدنى القديم
- الدراسات الاستشراقية الكلاسيكية والمسائل الجديدة
- الدفن الانساني الطقوسي الواعي: العصر الحجري القديم الأوسط، ب ...
- حول مسألة دراسة تاريخ المُجتمعات البدائية انطلاقاً من الاثنو ...
- مسألة المُلكية الخاصة البدائية في الاثنوغرافيا الأمريكية الم ...
- المراكز المدينية في المُجتمع الطبقي الباكر
- تاريخ الري الزراعي في جنوب تركمانستان
- الشروط الايكولوجية لنشوء الزراعة في جنوب تركمانستان
- سوسيولوجيا الدين الانجلو أمريكية المُعاصرة: مُشكلاتها واتجاه ...
- الرد الثاني لسيرجي توكاريف على ستيفن دَن
- بعض الأفكار في طُرُق دراسة الدين البدائي- رد على سيرجي توكار ...
- الرد الأول لسيرجي توكاريف الأول على مُراجعة ستيفن دن لكتابيه ...
- مراجعة ستيفن بورتر دن لكُتب سيرجي توكاريف
- مبادئ تصنيف الأديان 2


المزيد.....




- -حماس- تُعلن رسميا مقتل يحيى السنوار: ننعى قائد معركة -طوفان ...
- أفراد من القوات الأوكرانية يفرون من منطقة كورسك تحت ضربات ال ...
- شيرين عبدالوهاب تحسم جدل لقب -صوت مصر- بعد مقارنتها بأنغام
- أول تعليق من حماس على مقتل السنوار
- كيف يؤثر انقطاع الطمث على دماغ المرأة؟
- غداة اعترافه بمقتل 5 جنود بمعارك مع حزب الله.. الجيش الإسرائ ...
- حماس تنعى رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار
- منفذا عملية البحر الميت.. من هما وما هي وصيتهما؟ (فيديوهات) ...
- المشاركون في اجتماع صيغة -3+3- يدعون إلى وقف التصعيد في الشر ...
- البرلمان الإيراني يفند تصريحات رئيسه التي أثارت غضب لبنان


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مالك ابوعليا - مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط