أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - مع الباشا في مذكراته (2)















المزيد.....

مع الباشا في مذكراته (2)


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دَرَجَ العقل العربي وأنماط تفكيره، على الهروب من البحث عن أسباب الهزائم والمشكلات في الواقع الذي وطأ لها الأكناف وأنتجها. وعادة ما يكون التبدي الأجلى لذلك، التلاعب بالمصطلحات أو النزوع الى نظرية المؤامرة في تفسير الأحداث. فهزيمة العرب في فلسطين عام 1948 "نكبة"، والتي أعقبتها عام 1967 "نكسة". وفي الحالتين، يرفض العقل العربي مواجهة الحقيقة المرة، بتسمية الهزيمة باسمها الصريح رغم ما ترتب عليها من نتائج مأساوية، أكثرها هولاً ضياع فلسطين. مواجهة الحقيقة وتسمية الأشياء بأسمائها الصريحة، يترتب عليهما المصارحة والمكاشفة، لجهة البحث عن أسباب الهزائم والمشكلات في الواقع، بأبعاده السياسية والثقافية والاقتصادية، وليس خارجه. فقد استقر في أذهاننا وترسَّخ، أن فلسطين ضاعت بمؤامرة بدأت بحدود سايكس بيكو ووعد بلفور، وانتهت باحتلالها عام 1967، من دون أن نسأل ونتساءل: ماذا لو أن نتيجة حرب 1948 كانت عكس ما حصل بالفعل، وتمكن العرب من هزيمة المشروع الصهيوني وأدواته في فلسطين، أو على الأقل أوقفوه عند حدود ضيقة، ستدفع داعميه الى الشك بامكانية تحققه على الأرض في محيط شاسع يرفض وجوده؟! هذا السؤال يستمد مشروعية مضاعفة من حقيقتين، الأولى، أن الدول الداعمة للمشروع الصهيوني، تسيطر عليها البراغماتية النفعية. ومن هنا، فإنها لا تتردد في اعادة النظر بسياساتها اذا اقتضت مصالحها ذلك، وخاصة في منطقتنا ذات الأهمية الاستراتيجية للعالم كله. أما الثانية، فيذكرنا بها "الباشا" جون غلوب، في مذكراته (ص17) بقوله:"عندما أصبحت فكرة وطن "قومي" للي.ه.و.د موضع نظر ومثار جدل في نهاية القرن التاسع عشر، طُرحت عدة اقتراحات حول المكان الذي يقوم فيه ذلك الوطن. ورد اسم "كينيا" فيما ورد منها". وهذه حقيقة تاريخية، تؤكدها مصادر عدة، تثبت أن داعمي المشروع ا.ل.ص.ه.ي.و.ن.ي لم تكن فلسطين خيارهم الوحيد لإقامة "وطن قومي" للي.ه.و.د.
من وجهة نظرنا، تكمن أهمية مضامين مذكرات "أبو حنيك" المتعلقة بالقضية الفلسطينية، في تثبيت نتيجتين نعتقد بصحتهما الى حد كبير. النتيجة الأولى، أن تخلف العرب هو السبب الرئيس لهزيمتيهما في فلسطين. قد يسارع قاريء الى التساؤل، وهل نسيت أن البلدان العربية كانت تحت نير الاستعمار المباشر عندما اشتعلت حرب فلسطين؟ في الرد أقول، التخلف أبو الشرور كلها، ولولاه لما كان للاستعمار أن يأتي ويستقر في جغرافيتنا. وأضيف: ماذا فعل العرب بعد رحيل الاستعمار المباشر، وكانت أقوى دولهم عام 1967 تحت قيادات مختلفة عن سابقاتها؟!
اينما ذهبنا في تقليب أسباب الهزيمة، لا بد وأن نعود الى التخلف، ومن أسوأ تمثلاته الاستبداد والفساد. لا يمكن لواقع عربي يئن تحت وطأة استبداد مقيت وينخره الفساد، أن يحمي أوطاناً أو يحرر أرضاً محتلة. واقع كهذا، أعجز من أن يحقق انتصاراً في أي مجال من مجالات الحياة. العدو، يتفوق على العرب بالديمقراطية، ويواجههم بمنتجات العلم الحديث.
أما النتيجة الثانية، التي نحن بصدد تثبيتها في سطورنا بأدلة من مذكرات "أبو فارس"، فتتعلق باستعداد الجندي الأردني والعربي للتضحية والقتال بشجاعة رغم صعوبة الظروف التي وجد نفسه فيها، كما سنبين لاحقاً.
والآن، الى ما تتضمنه مذكرات "الباشا" من أدلة على صحة القول بأن أسباب هزيمة العرب، يجب البحث عنها في واقعهم وفي أنماط تفكيرها أولاً.
*يقول صاحب المذكرات (ص 61) في مفاجئة بالفعل مذهلة، تشير الى تفكير عربي غريب عجيب من نوعه، وخاصة في تلك المرحلة: "قبل انتهاء الانتداب على فلسطين بيومين، وصل ممثلو الجامعة العربية الى عمان مع الأمين العام، عبدالرحمن باشا عزام، وعقدوا اجتماعات لم أحضرها، غير أنني استدعيت لمقابلة مع عزام باشا، وأكثر ما أدهشني، حين لاحظت عرضاً أنه يرغب في قبولي قائدا أعلى لجميع الجيوش العربية. ولم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أجيبه: لا !(علامة التعجب لصاحب المذكرات) شكراً سيدي، أنا لست كفؤاً لقيادة الجيش الأردني وحده، وأقل كفاءة بالتالي، لقيادة عدة جيوش مختلفة". أترك التعليق للقارئ.
* عدد الجيوش العربية التي دخلت فلسطين عام 1948،( 21,500 ) رجل، مقابل 65000 مسلح اسرائيلي (ص 68، 70، 71). وكانت الجيوش العربية على صعيد الأعداد، موزعة على النحو التالي: مصر 10000، الأردن 4500، سوريا 3000، العراق 3000، لبنان 1000. كانت الجيوش العربية غير مهيأة للحرب، وخاصة على صعيدي التدريب والتسليح. بخصوص الجيش الأردني، يقول "الباشا" :"لم يكن لدينا من ذخيرة البنادق ومدافع الهاون سوى القليل، أي ما يكفينا نظرياً لمعركة واحدة فقط"(ص68). ويضيف أيضاً:" كانت نقطة الضعف الكبرى في تنظيم الجيش الأردني، أنه لم يكن لديه احتياطي، وجميع رجاله كانوا من المتطوعين النظاميين ذوي الخدمة الطويلة...وكل رجل يُقتل أو يُجرح، يُحدث فراغاً في الصفوف، لا يُملأ بمدد أو باحتياط"(ص66). أما الأخطر من هذا كله، فاقراره بأن العرب ذهبوا الى الحرب "من دون خطة موحدة" (ص69)، بالإضافة الى "عدم وجود أي تنسيق بين هذه الجيوش"(ص 70).
* يقرر "أبو فارس" أن نتيجة الحرب كانت معروفة لديه قبل وقوعها،" فقد جاء ضابط بريطاني متقدم في السن، من مصر الى الأردن، في ذلك الوقت، واطلع على الوقائع، فأعطى العرب خمسة بالمئة في النصر"(ص70). ويكاد "أبو حنيك" يحمل النظم العربية آنذاك مسؤولية ضياع فلسطين بقوله:"العجز المفجع، الذي أظهرته الحكومات العربية، كان من الطبيعي أن يقود الى الهزيمة"(ص73).
* يستغرب صاحب المذكرات، وكل من يقرأها لا بد أن يتملكه الذهول إزاء موقف العرب من تمديد الهدنة الأولى عام 1948. فبرأيه، وهو صحيح، كان حري بالعرب الإصغاء الى آراء القادة العسكريين في الميدان المحبذين لتمديد الهدنة، في سبيل الحصول على ذخائر ورفع مستوى الاستعداد لاستئناف القتال، في ظروف أفضل. لكن العرب، كما يقول (ص 126) "قرروا استئناف القتال، فغاص قلبي وقلت متعجباً: لماذا وأي جنون هذا، أية نجدات حصلوا عليها، وماذا يستطيعون أن يعملوا". بالفعل، لم يكن بمستطاعهم القيام بأي فعل يُحدث تغييرا في النتائج المفجعة المعروفة. استمر القتال حتى السابع من كانون الثاني 1949، وفي 24 شباط من العام ذاته، تم توقيع هدنة دائمة في رودس. وكان من نتائجها، انسحاب الجيوش العربية من فلسطين، ما عدا الجيش الأردني، الذي تُرك في الميدان وحيداً.
*تكشف المذكرات عما يستحق الذكر بخصوص النقب. يقول جون غلوب:"إن أفظع ظلم في مشروع التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة، هو اعطاء النقب حتى خليج العقبة الى ال.ي.ه.و.د، فالأكثرية في هذه المنطقة كانت لا تزال من السكان العرب، والنقب كان دائما منطقة عربية في التاريخ. ولو أن الدول العربية كانت قد طلبت تصحيح الحد أثناء مناقشة مشروع التقسيم في الأمم المتحدة خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني عام 1947، لأمكنها ضمان تعديل الحدود في هذه المنطقة، ولكن رفض العرب لكل شيء، ترك الصحراء صراحة لل.ي.ه.و.د، كما انه لم يجرِ أي انتقاد لتفاصيل المشروع عندما طُرح للتصويت في ليك ساكسس"(ص124).
وعلى الرغم من كل شيء، يخصص صاحب المذكرات مساحات لانصاف الجنود العرب، واستعدادهم للتضحية والقتال بشجاعة في حرب غير متكافئة وفي ظروف صعبة. فعن الجيش الأردني، يقول:" لم ينقذ الجيش - الذي كان مشتبكاً في معارك يائسة - غير روح الحماسة في نفوس الجنود"(ص111). وينوه بانقاذ الجيش الأردني للقدس"عندما كان الإسرائيليون على وشك احتلالها عن بكرة أبيها"(ص116). ويضيف:" كان الجيش الأردني، لا يُدحر في المعارك البرية مع أنه لم يكن موجوداً في الجو، ولم نكن نملك طائرة واحدة"(ص108). وعن الجيش العراقي يقول:"في الثالث من حزيران 1948 ، أعد الاسرائيليون العدة لاحتلال بلدة جنين. ولكن العراقيين ردوهم على أعقابهم وكبدوهم خسائر فادحة"(ص109).
وبمقدور القارئ الاطلاع على ما قيل في المذكرات بخصوص باقي الجيوش العربية، بالعودة الى صفحاتها. ونختم بما به بدأنا: مشكلة العرب في تخلفهم الذي هم مسؤولون عنه. لا نهوض، ولا تقدم، ولا انتصارات في أي مجال كان، مع الاستبداد والفساد !



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع الباشا في مذكراته (1)
- من خزعبلات العقل البشري !
- الغباءٌ أضرُّ من التواطؤ أحيانًا !
- أساطير مقدسة !
- الكيان اللقيط يخسر
- أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة
- العقل والنقل
- لا دليل على أن هارون ويوشع بن نون مدفونان في الأردن؟!
- الخوف المقدس أفعل وسائل ترويض الإنسان !
- ابن العلقمي كان حاضرًا !
- أدواء وأدوية
- تصرف غريب وسلوك مستهجن !
- تواطؤ وغدر ضد المقاومة !
- نُتفٌ من اللامعقول تحت المجهر !
- المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !
- محددات السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضايا العربية*
- لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !
- اعلام الدولة واعلام الحكومات !
- مخاطر التطبيع في مجال الإعلام *
- الوهم التوراتي الأسطوري -أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ...


المزيد.....




- -المحطة الذكية-.. ابتكار يسعى لتحويل دبي لمدينة صديقة للدراج ...
- البرغوثي لـCNN: السنوار شجاع وسيُنظر إليه على أنه بطل.. وهذا ...
- مدفيديف: نظام كييف يحاول صنع -قنبلة قذرة-
- إسرائيل تعلن تحييد مسلحين اجتازوا الحدود من الأردن
- علماء يرسمون خارطة للجلد البشري قد تساعد في معالجة الندوب
- ترحيب غربي بمقتل السنوار: فرصة للسلام والإفراج عن الرهائن
- مصر.. تفاصيل دستور الدواء الخامس
- احتجاز جثمان السنوار بمكان سري.. والكشف عن نتائج التشريح
- خبير روسي: مقاومة ما يحدث في العالم هو ما يوحد -بريكس-
- عراقجي من إسطنبول: هناك فهم مشترك بالمنطقة تجاه خطورة الصراع ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - مع الباشا في مذكراته (2)