أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - النبوّة والحكم .....؟















المزيد.....


النبوّة والحكم .....؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1778 - 2006 / 12 / 28 - 11:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( لمحة عن الكاتب وأعماله في مطلع مقالنا – معجزة القرآن) الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006.
لكي نكوّن صورةً لمحمّد في دور النبّي، لابد من دراسة السور المكية ، خاصةً السور مثل سورة المؤمنون ، وسورة النجم التي تشع روحانية أشبه بروحانية المسيح . ولكي نراه في دور الحاكم ، ورجل الدولة ، والمشرّع ، لا بدّ أن نلتفت إلى السور المدنية مثل سورة البقرة وسورة النساء وسورة محمد ، وقبل كل ذلك سورة التوبة .
فبعد ثلاث أو أربع سنوات من الهجرة ، وخاصة بعد إجلاء يهود المدينة وهزيمة بني المصطلق
( وهي قبيلة بدوية تقطن إلى الغرب من المدينة)، بدأت أمارات الحكم تظهر في سلوك محمّد كما في قراراته وأحكامه .
وهناك قصة في السيرة النبوية لابن هشام مفادها أنّ صفيّة ، ابنة حُيّي بن أخطب من يهود بني النضير ، كانت قد رأت في المنام أنّ قمراً وقع في حجرها. وحين عرضت رؤياها على زوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحُقِيق لطمَ وجهها لطمةً خضّر عينها منها وهو يقول : ما هذا إلاّ أنك تَمَنَّين ملك الحجاز محمداً. ولقد جرى أن النبي أضاف هذه المرأة إلى عدد زوجاته بعد فتح خيبر.
وتشير رواية أخرى إلى أنّ حينَ أسلمَ عبد الله بن سلاّم وهو من أحبار يهود بني قينقاع، قال له اليهود إنّ من المقطوع به أنّ النبوّة لبني إسرائيل وليست للعرب، ما يجعل سيده الجديد ملكاً وليس بنبي . .. وحين أسلم أبو سفيان مُكْرَهاً ، قيل أنه قال للعبّاس بن عبد المطلب : والله يا أبا الفضل ، لقد أصبح مُلْكُ ابن أخيك الغداة عظيماً. فأجابه العباس : إنها النبوّة .
وكان عمر بن الخطاب ، الذي سرعان ما سيغدو شخصية عظيمة في تاريخ الإسلام ، رجلاً محلّ ثقة النبي واحترامه. وبسببٍ من إخلاص عمر وقوة شخصيته ، فإنّ محمّداً في بداية الرسالة النبوية كان متلهفاً أشدّ التلهف لجعله واحداً من الصحابة المقربين . ولقد مثّل قبول النبي صلح الحديبية في 6/628 خيبةً مريرةً لعمر، الذي رأى في هذا الصلح نوعاً من الدَّنيَّة أو الهوان والمذلّة . وما جرى هو أن النبي خرج إلى مكّة بقصد العمرة مع عدد كبير من أتباعه ومن استفزّهم من أهل البوادي من الأعراب. فلما سمعت قريش بمسيره أعدّت العدّة لمنعه من دخول مكة وعندئذٍ توقف المسلمون في الحديبية، على بعد 6 كيلو مترات من مكة ، وبعثوا برسلٍ للتفاوض مع أشراف قريش . وفي آخر الأمر تمّ التوصل إلى اتفاق على هدنة يرجع على أساسها المسلمون عامهم ذلك حتى إذا كان عام قابل سُمِحَ لهم بأن يزوروا الكعبة . وحسب عمر أن قريشاً قد أفلحت في أن تدفع النبي إلى قبول جميع مطالبها ، وقال ذلك للنبي بكلام شديد حتى أنّ النبي احتدّ وصرخ به : ثكلتك أمك . فما كان من عمر حين رأى غضبة النبي إلاّ أن أمسك لسانه .
إنّ محمداً الذي قَبِل صلح الحديبية لم يَعُد محمداً الذي كان متلهفاً قبل عشر سنين أو خمس عشرة سنة لأن يأتي برجال مثل عمر والحمزة إلى الإسلام. ولقد قُدِّمت رجعة المسلمين وقبول مطالب قريش في ضوء مختلف مع نزول الآية الأولى من سورة الفتح في حينها ( إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً) وعند ئذٍ وافق الجميع ، وتمكّن أبو بكر بلباقته من أن يسكّن سخط عمر .
وعلى الرغم من أنّ صلح الحديبية كان من بعض النواحي دنيّة وتراجعاً مما شكّل سبباً لاحتجاج عمر ، إلاّ أن الأحداث قد أثبتت أنه كان مثالاً على حنكة النبي السياسية. والأرجح أنه وافق عليه لأنه لم يكن واثقاً من أن الغلبة ستكون للمسلمين على قريش إذا ما نشب القتال . والتسوية والهدنة المؤقتة آمن من معركة غير مضمونة النتائج. فهزيمة المسلمين سوف تشجع قريشاً وتجلب إلى صفّهم قبائل الأعراب الساخطة من نفوذه المتنامي ، فضلاً عن اليهود المحزونين . هكذا كان وضع المسلمين متقلقلاً ومحفوفاً بالمخاطر . والأرجح أن تكون مثل هذه الاعتبارات الحصيفة المحترسة قد خطرت على ذهن النبي. لكنه، في جميع الأحوال كان قد غدا عندئذٍ أقلّ اهتماماً بمواجهة تحدٍ بإقامة دولة . ولعلّه قبل شروط القرشيين منتظراً بثقةٍ أن تنمو قوته وهيبته بما يكفي لضمان أن يعتمر وأتباعه في العام القادم دون مخاطرةٍ بعناءٍ أو هزيمة .
وفرضية أن صلح الحديبية قد كان فعلاً حصيفاً من أفعال فن الحكم وإدارة شؤون الدولة إنما يدعمها تحليل مشروع النبي اللاحق . فأحد مخاطر الحرب مع قريش كان يتمثّل في أنّ كثيراً من المهاجرين ، ممّن لهم أقرباء في مكة أو ممّن هم عرضة لتأثير قريش ونفوذها ، قد لا يقاتلون بكلّ جوارحهم . وذلك بخلاف حالهم في الهجوم على آخر معقل من معاقل اليهود ، أعني واحة خيبر ، حيث لا ينطوي الأمر على مثل ذاك الخطر ويوفّر أيضاً فرصةً لجمع الغنائم التي ترفع المعنويات .
بعض الجُمَل في سورة الفتح تلقي الضوء على هذا الأمر :
( لقد رَضِي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فَعَلِمَ ما في قلوبهم )- الآية 18-
ففي الحديبية في وقت بدت فيه المعركة مع قريش واردة ، جمع النبي المسلمين تحت شجرة ودعاهم إلى البيعة ، حيث بايعهم على أن يقاتلوا إذا ما ثبت أنّ قريش ماضية في غيّها وعنادها . وتعرف هذه البيعة في التاريخ الإسلامي باسم بيعة الرضوان ، أي البيعة التي أرضَت الإله .
( فأثابَهم فتحاً قريباً ) – الآية 18-
( ومغانم كثيرة يأخذونها ) – الآية 19-
(وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه وكفّ أيدي الناس عنكم )- الآية 20-
فبعد عقد الصلح ، رجع محمد من الحديبية إلى المدينة فلم يقم فيها إلاّ أسبوعين قبل أن يعبئ قواته للمسير إلى خيبر . فقد خشي أن يختصم المسلمون في شروط صلح الحديبية، وكان يعلم أنهم سينشغلون في خيبر أشدّ الانشغال في أخذ الغنائم فلا يعودون إلى القلق بشأن التنازل والاستسلام المزعومين .
ومن الواضح في الآية 15 من سورة الفتح أنّ الأمل بمغانم خيبر كان يأخذ بأفئدة الأعراب أشدّ الأخذ حتى أولئك الذين أبدوا نفوراً من مواجهة قريش كانوا في لهفة للانضمام إلى مقاتلي المسلمين في غزوهم الواحة الغنية :( سيقول المُخَلّفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم ) وبعد ذلك في الآية 16 يأمر الله النبي ( قُل للمُخلَّفين من الأعراب ستُدْعَونَ إلى قومٍ أُلي بأس شديد تقاتلونهم أو يُسْلِمون فإن تُطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قَبْل يعذبكم عذاباً أليما) . وكان في خيبر عدد من الحصون . وفي اليوم الأول هاجم المسلمون حصن سلاّم بن مِشكم وفقدوا حوالي خمسة عشر رجلاً قبل أن يفتحوه. وقاد أبو بكر كتيبة أخرى في الهجوم على حصن ناعم، لكنه لم يفلح في فتحه فحلّ عمر محلّه ، فأخفق أيضاً ، إلى أن دخل علي بن أبي طالب هذا الحصن. وبعدَ ذلك قُطِع الماء عن حصن زابر ، فاضطر من فيه إلى الخروج ؛ وقاتلوا إلى أن فرّوا في النهاية . وسقط عدد من الحصون الأخرى ، حصناً بعد حصن ، في يد المسلمين ، إلى أن انتهوا إلى حصنيّ السُّلالم والوطيح حيث تجّمعت النساء والأطفال . فكان على اليهود أن يسألوا النبي أن يحقن لهم دماءهم ، ففعل على أن تغدو أرض خيبر المزروعة ملكاً للمسلمين يُتْرَك في أيدي اليهود بشرط أن يعطوا المسلمين نصف الغلّة السنوية .
ومن ضمن حصّة النبي من المغانم كانت صفيّة اليهودية ، ابنة حُيَي بن أخطب، وهي المرأة ذاتها التي لطمها زوجها حين حدّثته عن حلم رأته أن قمراً وقع في حجرها . وقد بنى بها النبي في طريق عودته إلى المدينة .
وكانت فدَك أيضاً ، إلى الشرق من خيبر ، واحة يقطنها يهود . فلما سَمِع أهل فدك بما حصل في خيبر ، استسلموا دون قتال ووافقوا أن يعاملهم النبي في الأموال على النصف . وكانت فَدَك خالصةً للنبي لأنها أخذت بلا قتال . كما استسلمت قبائل اليهود في وادي القرى والتيماء ، إلى الشمال من المدينة . وقد فُرِض عليهم دفع الجزية .
ولقد جعلت هذه الانتصارات شمال الحجاز بأكمله تحت حكم محمّد .
وينبغي أن نضيف أن محمداً كان قد استخدم الدبلوماسية أحسن استخدام في غزوة خيبر . في عني في البداية بأن يأمن جانب بني غطفان من الأعراب ، لئلا يظاهروا اليهود ويعترضوا سبيل المسلمين . ولذلك قرر أن نصف غنائم خيبر لبني غطفان .
تُظهر هذه الفعال وسواها أن النبي محمداً بعد الهجرة كان أشدّ انشغالاً بالسياسة منه بالدعوة .
وفي غزوات المسلمين ، كان التكتيك المعتاد هو الكمين، الذي كان يُنْصَب في كثيرٍ من الحالات بعد استطلاعٍ يقوم به مستطلعون يُخْتارون بعناية . ولقد استُطْلِعَت بهذه الطريقة وهوجمت قوافل تجارية كثيرة لقريش. وكانت الغزوات تخدم غَرَضاً مزدوجاً حيث توقع الأذية المالية في الخصوم وتجلب المغانم للمناصرين وتشجّعهم .
وكانت هزيمة المسلمين في معركة جبل أحُد قرب المدينة في السنة 3/625 صدمة قوية لكنها لم تكن بالضربة القاضية . فبدلاً من الاندفاع إلى المدينة ، عاد جيش قريش بقيادة أبي سفيان إلى مكة بعد المعركة. وماكان المسلمون ليُهزموا لو سمعوا للنبي فمكثوا في مواقعهم على منحدرات الجبل ؛ غير أن بعضهم دفعه الطمع إلى النزول أملاً بنيل الغنائم فكانت خسائر أي خسائر .
وواجه الخطر المسلمون مرّة أخرى في السنة5/627 حين حاصرت جيوش قريش ومن تحزّب معها من الأعراب المدينة . ويُعرف هذا الحدث في التاريخ الإسلامي باسم غزوة الخندق ، لأن المسلمين ، إذ سمعوا بأمر الحصار ، ضربوا خندقاً على المدينة عملوا فيه بدأب وجهدٍ عظيمين . وبحسب بعض المصادر ، فإن استخدام الخنادق ، الذي لم يكن معروفاً في حروب العرب من قَبْل ، قد أشار به سلمان الفارسي ، أول فارسي يهتدي إلى الإسلام ، وكان أبو سفيان مرّة أخرى على رأس القرشيين. وما كان بمقدور أي من المحاصرين أن يقتحم الخندق ، لكنّ خطراً كان هنالك أن ينضمّ يهود بني قريظة من داخل المدينة إلى المحاصرين. ولو حدث ذلك ، لربما أمكنت هزيمة المسلمين هزيمة ماحقة وتوقّف صعود نجم الإسلام . غير أن دهاء محمد كان كفيلاً بتلافي الخطر، وماهما ‘لاّ أسبوعان حتى تراجع الأعراب والمكّيون . فقد استخدم النبي في ذلك الصراع رجلاً من غطفان كان قد أسلم دون أن يعلم قومه بإسلامه ، كي يبذر الشقاق بين بني قريظة والمحاصرين. ولأن هذا الرجل ، واسمه نُعيم بن مسعود ، كان على ودٍ قديم مع اليهود وعلى علاقة طيبة مع القرشيين ، فقد افترض كل فريق أنه خصمٌ لمحمد ، واقتنع منه بأن يرتاب بالفريق الآخر . وبعد أن فٌقِد كلّ أمل بتعاون بني قريظة ، كان أن عانت جيوش قريش الأمرّين من ريحٍ باردة شديدة البرودة أخذتهم على حين غرّة فقرّ قرارهم على أن يعودوا إلى مكة .
وقد سبق أن ذَكرنا أنه حالما فُكّ الحصار وانجلى تهديد قريش للمدينة ، بعث النبي محمد بقوّة مسلّحة إلى حي بني قريظة . ولأن رفض هؤلاء التعاون مع أبي سفيان كان السبب الرئيسي لانتهاء المعركة في صالح المسلمين ، فلعلّهم حسبوا أنهم يستحقون رِفق النبي ولينه على الأقل . غير أنّ محمداً قرر أن يجلوهم لأن وجودهم الدائم في المدينة ضربٌ من الخطر الكامن . كما أن هلاكهم سوف ينشر الخوف من قوة الإسلام ، ويأتي بالغنائم للمسلمين، ويجعل الأوس والخزرج أشدّ ولاءً له وإخلاصاً لرايته .
ولم يكن تحريق نخل بني النضير في سنة4/625 بالفعل المشرّف حتى بمقاييس ذلك العصر . لكنه جريء على الرغم من الاحتجاج ، لأنه كان الوسيلة لغاية التغلّب عليهم . وقد تنزّلت الآيات2-17 من سورة الحشر لكي تبرر فعل النبي ، وقد استُخدِمَت هذه الوسيلة المدمرة ذاتها في حصار المسلمين للطائف في السنة8/630 حيث حرّقوا الأعناب وقطعوها. ففي البداية قـُطعت المؤن عن السكان المحاصرين، غير أنه سرعان ما تبين أن لديهم مؤونة كبيرة تكفي لحصار مديد وإذ خشي النبي من أن تسأم جيوش المسلمين وتتعب ، جرياً على تقلّب العرب ، فقد أمرهم بتحريق الأعناب . ولأن هذه الأخيرة كانت مصدراً مهماً من مصادر الدخل فإنّ بني ثقيف بعثوا برسول إلى النبي يرجوه أن يكفّ عن التحريق عارضاً عليه أن تؤول ملكية الأعناب جميعاً إلى المسلمين. وحين انصرف النبي عن حصار الطائف ، مضى إلى مكّة ليقسم أموال هوازن وسباياها . وعندها بعث برسالة إلى مالك بن عوف ، أحد أشراف ثقيف ، أنه رادٌّ عليه أهله وماله، ومعطيه مئة من الإبل إن أتاه مسلماً . فخرج مالك بن عوف من الطائف سراً وأسلم بحضور النبي.
تَرِدُ هذه الأخبار جميعاً في المراجع الباكرة وهي حسنة الإسناد. وسجّل حوادث الإسلام الأولى يقدّم أدلّة وافرة على ذهنية تلك الأيام وأسباب التقدم الذي أحرزته قضية محمد وانتشار الدين الجديد .
لقد جاءت هزيمة هوازن ، التي جرَت بعد فتح مكّة بقليل وقبل حصار الطائف، بِقَدْرٍ عظيم من الغنائم . وحين أتى أوان قسمتها ، طغى الطمع على المسلمين . فقد خشوا أن يقلّ نصيبهم منها بسبب من سخاء النبي على المهتدين الجدد؛ ذلك أنه أعطى أبا سفيان مئة بعير ، وأعطى ابنه معاوية مئة بعير ، وأعطى الحارث بن الحارث مئة بعير ، وأعطى الحارث بن هشام مئة بعير ، وأعطى سهيل بن عمرو مئة بعير ، وأعطى حويطب بن العزى مئة بعير ، كما أعطى دون المئة لأشراف قرشيين أقل وزناً ، وجميع هؤلاء كانوا قد أسلموا كرهاً بعد فتح مكة . ولقد أثار ذلك استياء الأنصار بوجه خاص، حتى جاء سعد بن عبادة ، رأسهم ، وأعلم النبي بما وجدوه عليه في أنفسهم. فطلب النبي من سعد أن يجمع له قوما فطمأنهم بخطبة تقدم فكرةً عن دبلوماسيته وحنكته في التعامل مع البشر . فقد سأل في آخرها: ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ن لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ، ولو سَلك الناس شِعباً وسَلَكَت الأنصار شِعباً ، لَسَلكت شِعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار .
والأخبار عن أفعال محمد وأقواله في العقد الذي قضاه في المدينة تقدّم قدْراً وافراً من الأدلة على ما لديه من فن الحكم وإدارة شؤون الدولة . والقارئ النبيه الذي يقرأ سِيَر النبي ربما يجد أمثلة أكثر بمئة مرّة مما اخترتُ أن أذكره هنا .
وبحسب تفسير الجلالين ، فإن سبب نزول الآيات 105-113من سورة النساء هو حادث مفاده أنّ رجلاً يدعى طعمة بن أبيرق سرق درعاً وخبأها عند يهودي فوُجِدت عنده فرماه طعمة بها وحلف أنه ما سرقها ، فسأل قومه النبيَّ أن يجادل عنه ويبرئه. لكن محمداً لم يفعل من ذلك شيئاً بل ابتغى العدل فأعلى الحقّ على التحزب ، كما تبين الآية 105 من السورة :( إنا انزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولاتكن للخائنين خصيما )ً( مخاصماً عنهم ) .
وتفيد الآية 9 من سورة الحجُرات معنى مماثلاً وتشير ليس إلى براعة النبي في فنّ الحكم وحسب بل أيضاً إلى الشروط الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك وبداية انقسام الإسلام إلى طوائف:( وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بَغَت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إنّ الله يحب المقسطين) .
والآية واضحةٌ وحكيمة على حدّ سواء .
ويورد تفسير الجلالين خبراً عن حادثٍ قيل أنه كان السبب في نزول هذه الآية . وسوف أورد الحكاية هنا كمثال على الشروط الاجتماعية وأول ابتداء التعصب لدى بعض الأنصار :
الآية نزلت في قضية هي أن النبي (ص) ركب حماراً ومرّ على بن أبيّ فبال الحمار فسدّ بن أبيّ أنفه فقال بن رواحة ( من قادة الأنصار) : والله لبول حماره أطيب ريحاً من مسكك فكان بين قومهما ضربٌ بالأيدي والنِّعال والسَّعف .
وبعد فتح مكّة ، كتَب الشاعر بُجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه الشاعر كعب بن زهير يخبره أن النبي قتل رجالاً بمكة ، ممن كان يهجوه ويؤذيه ، وأنَّ من بقي من شعراء قريش قد هربوا كل في وجه ، فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فَطِرْ إلى رسول الله ، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً ، وإن أنت لم تفعل فانجُ إلى نجائك من الأرض. وقرّ قرار كعب بن زهير على أن يُسْلِم وينجو بنفسه . فقال قصيدته التي يمدح فيها النبي، والتي تُعْرَف باسم البُرْدَةَ لأن النبي سرّ حين أنشده إياها كعب حتى إنه خلع عليه بردته .
ونظراً لبساطة القوم وعدم اعتيادهم على الرسميات ، فقد سلكوا قي البداية حيال قائدهم بطريقة لاكلفة فيها ولا إحجام . كانوا يحسبون أنّ واجبهم الوحيد يتمثل في إطاعة أوامر القرآن ونواهيه . أما سوى ذلك فكانوا يعاملون النبي كواحد منهم . لكنّ هذا الحال لم يدُم . فقد غدا ضرورياً وجود نهج وتقيّدٍ على نحوٍ شبيه بإبداء الاحترام الواجب لرأس الدولة . ونجد في الآيات الخمس الأولى من سورة الحجرات وبعض المقاطع القرآنية الأخرى عدداً من القواعد التي ينبغي أن ينهج المؤمنون على هديها ، تكاد تشكل سنّة في آداب المعاشرة أو ( الإتيكيت) . : ( ياأيها الذين آمنوا لاتقدّموا بين يدي الله ورسوله ) الآية 1 من سورة الحجرات . لأن أحداً لايستطيع أن يبادر إلى الإتيان بفعل أو قول في حضرة الله . وما تعنيه هذه القاعدة هو في حقيقة الأمر ألا يعبّر عن رأي أو يؤتي بفعل قبل أن يبادر النبي . ( ياأيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) الحجرات 2- فعلى المسلمين ألا يسلكوا كما سلك عمر ، على سبيل المثال ، حين عارض النبي جهراً وعلى رؤوس الأشهاد بشأن صلح الحديبية مخاطباً إياه - محمّد- بدلاً من – يا رسول الله –
( إنّ الذين يغضّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم – الحجرات 3- من الواضح أن مثل هذا الضَّرب من الكياسة لم يكن يمارس بين العرب لكنه غدا مناسباً بعد تسنـّم محمد سدّة السلطة .
( إنّ الذين ينادونَك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون ) – الحجرات 4 – فقد اعتاد العرب أن يمشوا على خلف بيت النبي ، حيث حجرات أزواجه ن وينادونه ( يا محمد ) . وقد نفر النبي من هذا السلوك ، لكنه عزاه محقـّاً إلى جهلهم ( أو الأدق أن الله هو الذي عزاه، لأن الكلام كلام الله ) . فمثل هذا المر كان طبيعياً وعادياً أيا انضمّ إلى صحابته وأنصاره في أعمال كحفر الخندق ، لكنه لم يعد لائقاً بعد انتصار قضيته .
( ولو أنهم صَبروا حتى تخرج إليهم لكانَ خيراً لهم ) – الحجرات 5-
بيد أن أدق قواعد الإتيكيت التي يجب أن يتـّبعها المؤمنون هي تلك التي أتت في الآية 12 من سورة المجادلة : ( ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدِّموا بين يَدَيْ نجواكم صَدَقةً ) ولا بد أن المسلمين قد وجدوا ذلك ثقيلاً , لأن القاعدة تلين بعد ذلك في الآية ذاتها :( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم .
وتعاود قضية الدخول على النبي في الآية 53 من سورة الأحزاب : ( ياأيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوت النبي إلا أن يُؤْذَن لكم إلى طعام غير ناظرين إلى إناه ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طَعِمْتُم فانتشروا ولا مُسْتأنسين لحديث إنّ ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لايستحي من الحق ). لاتحتاج هذه الآية إلى تعليق وهي تقدم دليلاً على ماكان يحصل في العادة . فأصدقاء النبي كانوا يعاملونه بلا كلفة ، فيدخلون دون استئذان ، ينتظرون أن يُحْضَر لهم الطعام، ثم يمكثون بعد ذلك مستأنسين الحديث مع بعضهم لبعض . ومثل هذه الأشياء لم تَعُدْ لائقةً بعد أن غدا النبي رأس دولة . كان بحاجةٍ إلى طريقةٍ يعتزل بها القوم . وقد استحى أن يقول لهم ذلك . لكن الله لايستحي من قول الحقّ . وبعبارة أخرى ، فإن الله يعلّم القوم بصوت النبي ما ينبغي أن يكون عليه السلوك القويم تجاه رأس الدولة . وتدعم هذا التأويل الجملة التالية في الآية ذاتها ، على الرغم من اختلاف الموضوع : ( وإذا سألتموهنّ ( زوجات النبي) متاعاً فاسالوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ ) .
وثمة قصة توردها مجامع الحديث وتُنسَب لعائشة تفسّر هذه الجملة على النحو التالي : كنت آكل من النبي (ص) في قعب فمرّ عمر ، فدعاه فأكل فأصابت أصبعه أصبعي فقال: أوه لو أطاع فيكنّ ما رأتكنّ عين، فنزلت آية الحجاب .
وبحسب قول منقولٍ عن عبد الله بن عبّاس ، فإن سبب نزول الآية 53 إنّ عمر كان قد قال للنبي : إنّ نساءك لسن كسائر الناس . ويبدأ الآية 32 من سورة الأحزاب بالقول : ( يا نساء النبي لسْتُنّ كسائر النساء ) . فما هو سبب اختلاف نساء النبي عن سائر النساء ؟ من الواضح أن ذلك ناجم عن كون محمد ليس كسائر الرجال . وحِفْظُ كرامته يقتضي حفظ كرامة نسائه . وينبغي أن يُعْزَلْنَ كما تُعْزَل الأميرات الشرقيات. وتمضي الآية 53 من سورة الأحزاب ( التي سبق أوردنا أجزاء منها ) لتنصّ في جملتها الأخيرة : ( وماكان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذلكم كان عند الله عظيماً) أما السبب في كِبَرْ هذا الذنب فهو أن محمداً كان بالغ الحساسية حيال هذا الأمر. فزوجاته لا ينبغي أن يُمَسّن حتى بعد وفاته ، شأنه في ذلك شأن ملوك بني إسرائيل القدماء . ومثل هذا الافتراض لارتفاع النبي عن سائر القوم وعدم مراعاة مشاعرهم واضحٌ في سياق آخر . فالآية 14 من سورة الحجرات تشير إلى أن حوادث وقعت بعد فتح مكّة ، فتقول : ( قالت الأعراب آمنا قـُلْ لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان قلوبكم ) .
وحين احتج المهتدون أنّ اعتناقهم الإسلام لم يُفْرَض عليهم بالإكراه أو الحرب بل كان طواعيةً ، نَزَلت الآية 17 من سورة الحجرات : ( يمنّون عليك أن أسْلَموا قـُل لاتمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ) .
ما أشد التعارض بين هذه النبرة الباردة المتغطرسة وتلك الحماسة المُتـّقدة ، كحماسة إرميا ، التي كان النبي قد أدان بها التعجرف ودعا إلى الإحسان . ومن الأمثلة البارزة على ذلك سورة الفجر المكية ، التي قيل أنه تلاها على القوم وهو واقف عند جدار الكعبة .
وهذه الآيات من 6 إلى 14 ومن 17 إلى 20 :
( ألم تَرَ كيف فعل ربّك بِعاد * إرَمَ ذات العماد * التي لم يُخلَق مثلها في البلاد* وثمود الذين جابوا الصخر بالواد* وفرعون ذي الأوتاد* الذين طغوا في البلاد* فأكثروا فيها الفساد * فصبّ عليهم ربّك سوط عذاب* إنّ ربّك لـ بالمرصاد .
( كلا بل لاتكرمون اليتيم * ولا تحضّون على طعام المسكين * وتأكلون التُّراث أكلاً لمّا * وتحبون المال حبّاً جمّاً .
كان للقواعد والأحكام التي وُضِعَت في المدينة أوجهها العملية والانضباطية . فعناد العرب وصعوبة مراسهم كانا بحاجة إلى الشـَّكم . وهذا ما يتجلى بوضوح زائد في الآية 94 من سورة النساء : ( ياايها الذين آمنوا إذا ضربتم ( سافرتم للجهاد) في سبيل الله فتبيّنوا ( حقائق الأمور) ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لستَ مؤمناً ( لاشيء إلا لأنكم ) تبتغون غَرَضَ الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم فتبينوا إنّ الله كان بما تعملون خبيراً) ويقال إن سبب نزول هذه الآية هو أنّ نفّراً من الصحابة مرّوا برجلً من بني سليم وهو يسوق غنماً فسلّم عليهم فقالوا ما سلّم علينا إلا تقية فقتلوه واستاقوا غنمه .
ولقد سبق أن أوردنا بعض الإشارات إلى طرائق السلوك في تلك الأيام مما ورد في سورة الحجرات . وثمّة إشارات أخرى في الاية11 من السورة ذاتها : ( ياأيها الذين آمنوا لايسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءً من نساءٍ عسى أن يكنّ خيراً منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بِئسَ الاسمُ الفسوقُ بعد الإيمان ).
ويقال إن هذه الاية قد تنزّلت في وفد تميم حين سخروا من فقراء المسلمين كعمار وصهيب.
وهناك عشرات الآيات القرآنية التي تقدّم وصايا أخلاقية وسلوكية : ماينبغي وما لاينبغي فعله، كيف يكون التكلم ومتى يُلْتَزَم الصمت . كما أن هذه الآيات تقدم إلماعات إلى المجتمع العربي على النحو الذي كان عليه زمن النبيّ .

من كتاب : 23 عاماًفي الممارسة النبوية المحمدية
الكاتب : على الدشتي وترجمة ثائر ديب وإصدار رابطة العقلانيين العرب ..



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة التقدم نحو السلطة ....؟
- الكاتب القاص المدمن عشقاً صبحي دسوقي يبتهل لنارا....؟
- بداية اقتصادية على أموال اليهود...؟
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - التغيّر في شخصية مح ...
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية-بشرية محمّد
- الشاعر الإنسان عايد سراج غيفارا يبحث عن صديق ...؟
- معجزة القرآن .. ومواهب الرسول الفكرية واللغوية وقوته على الإ ...
- نصف عقد في حوار حضاري متمدن ...
- مهرجان الرقة المسرحي الثاني وانحسار النص المحلي..؟
- حتمية انتصار الثقافة مطلب حضاري ..سيادة الوزير
- .. الضحايا يغتصبون الضحايا..؟
- حدث غير واقعي ، ومع ذلك تعاملت معه المدينة بمنتهى الواقعية . ...
- رسالة إلى نبيل عبدالكريم ...؟
- ..العلمانية مابين الأممية والقومية ...؟
- لو كان الحجاب رجلاً لحجّبته ...؟
- صفعة المرأة في اسياد المال حطّمت باب الحارة ...؟
- لقد أخرسنا الغرب فعلاً....؟
- ..لما كان القضاء بخير سننتصر حتماً.... ودقي يامزيكا ...؟
- وأخيراً .. هل تساؤلات خوسيه أثنار تزيد الطين بلّه...؟


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - النبوّة والحكم .....؟