أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - سماء مقلوبة وبحيرة من سكر (قصة سريالية)















المزيد.....

سماء مقلوبة وبحيرة من سكر (قصة سريالية)


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


بحيرة غريبة تتلألأ تحت ضوء القمر. لم تكن هذه البحيرة من الماء، بل كانت عبارة عن سكر ناعم كالألماس، تنعكس عليها اضواء النجوم فتبدو كأنها سماء مقلوبة كنت اتجول في هذا المكان العجيب. احمل معي زجاجة صغيرة تحتوي على أحلامي، اسكب قليلاً في البحيرة كلما شعرت بالحاجة إلى الهروب، كلما اسكب حلما، كانت البحيرة تتفاعل، وتبدأ في الغليان تصدر أصواتا موسيقية جميلة تتناغم مع همسات الرياح الشرقية الحارة. مع كل نغمة، كانت تظهر لي أشكال غريبة، كائنات غير مرئية تشبه الدوامات، بأجنحة من قطن السكر. في إحدى الليالي، بينما كنت اتأمل انعكاسات السماء المقلوبة، ظهرت له صورة امرأة غامضة ترتدي فستانًا من الأضواء، عيونها تتلألأ مع النجوم، قالت لي: كلما تسكب من أحلامك، ستعثر على جزء مفقود من ذاتك اندهشت بدأت اتحدث مع أحلامي المفقودة التي لم اسكبها بعد، تحدثت عن الحب والخسارة، عن الأمل والألم، مع كل كلمة، كانت البحيرة تزداد تألقًا، وكأنها تتغذى على مشاعري المرأة الغامضة التي ظهرت صورتها حينما كنت أتأمل انعكاسات السماء المقلوبة حذرتني ان لا أفرط في سكب احلامي...! السكر قد يتحول إلى عسل، وإذا طالت المدة، يصبح لزجًا وثقيلا بدأت اختار بعناية ما اسكبه من احلامي في البحيرة. مع مرور الوقت، تعلمت أن سكب الأحلام ليس مجرد هروب، بل هو مصدر للإلهام. في احدى الليالي الهادئة، بينما كنت استمع إلى موسيقى تصدرها البحيرة، أدركت أن السماء المقلوبة كانت تنعكس داخلي ايضا، وأن كل حلم كان له معنى عميق ،بقيت معلقا بين السماء المقلوبة وبحيرة السكر مثل حجر كاسيوس، يبدو ان المرأة الغامضة كانت تيامة إلهة العماء الأول انها تمثل الحماية من الفوضى والشر وهي رمزً للأم الكبرى، تجسد القوة البدئية التي من خلالها نشأ الكون السماء المقلوبة، كانت تعبر عن انقلاب المعايير في الاحلام السريالية، لتعكس عدم الاستقرار والتوتر بين ما هو واقعي وما هو خيالي، تعطي إحساسًا بعدم التوازن، تتفاعل هذه العناصر لتشكل رؤية سريالية تتحدى التقاليد وتدعو للتأمل في الطبيعة الإنسانية والوجود، تمثل تيامة رغم ارتباطها بالخلق وهي تتصارع مع الآلهة، حاول مردوخ إعادة تيامة الى سماء الكون لكن البحيرة السكرية رمزً للفوضى والاحتمالات، تمتص الأحلام وكل ما هو ممكن، انها مثل تيامة، تعكس الفوضى التي يمكن أن تؤدي إلى خلق شيء جديد، سواء كان ذلك جمالًا أو ألما بعد الصراع، يتم إنشاء النظام من الفوضى، حيث تشكل الآلهة العوالم والانسان. مثلما سعى الآلهة في الأسطورة لإيجاد النظام، اسعى الى خلق عالمي الخاص من خلال اختياري الواعي لأحلامي، عملية إبداعية تنشأ من الفوضى عندما اسكب أحلامي في البحيرة، تتجدد هذه الأحلام وتظهر بشكل دوامات جديدة. البحيرة تتفاعل مع مشاعري يتجدد الإبداع ويتحول باستمرار على ان ابحث عن ذاتي من خلال أحلامي. هذا البحث يمثل لي صراعًا داخليًا للتوصل إلى المعنى، مشابه للصراع الذي تواجهها الالهة في الأسطورة البدئية، تتداخل السريالية مع الأسطورة من الفوضى الى التوازن، "سماء مقلوبة فوق بحيرة من السكر"، تيامة الفوضى الأولى والمواد الخام التي تحتوي على كل الإمكانيات. بحيرة من سكر، نفس الفكرة هي مصدر غير محدود من الجمال والإبداع، لكنها أيضًا تحمل خطر الفوضى إذا لم يتم احتضانها بحذر، ستتعرض للتحول والانكماش، ولا نستطيع ان نستخدم أي جزء منها لتكوين العالم. السكر في البحيرة يمكن أن يتحول إلى شيء آخر يمكن ان يتحول الى نبيذ احمر، مثل الأحلام التي اسكبها تتحول الى دوامات، السكر يمثل الحلاوة والملذات، لكنه يحمل أيضًا دلالات وتأثيرات سلبية إذا افُرط فيها. كبير الآلهة مردوخ يأمر بانفصال تيامة عن بحيرة السكر، هذا امر دبر بليل له معاني عميقة تتعلق بالفوضى والتحول. تيامة تمثل الفوضى والإمكانيات اللامحدودة، بينما مردوخ يمثل النظام والترتيب. الانفصال يعكس الصراع الأزلي بين هذين العنصرين، حيث يسعى الإبداع إلى إيجاد توازن بين الفوضى والنظام بحيرة السكر تمثل مصدر الإلهام والفوضى، بينما يأتي أمر مردوخ ليعيد تشكيل هذا الإلهام ويمنحه معنى، عندما يأمر مردوخ بفصل الفوضى، فإنه يُشدد على الحاجة إلى التغيير والتحول. يمكن أن يُرى كدعوة لفهم أن الإبداع وهذا يتطلب هيكلة وتنظيم. بحيرة السكر، تمثل الأحلام والأفكار، تحتاج إلى توجيه لإنتاج شيء جديد وذو معنى، انفصال تيامة يمكن أن يُفسر أيضًا كتعبير عن التحرر من القيود. الفوضى في بدايتها تكون جذابة، لكنها تعوق التقدم. امر من مردوخ يمثل الخطوة الاساسية نحو التحرر من الفوضى العارمة، انفصال تيامة عن بحيرة السكر بأمر من مردوخ يعكس رؤية سريالية تعبر عن الصراع بين الفوضى والنظام، الحاجة إلى التحول والإبداع، والتحرر من القيود. العناصر تتداخل لتشكل تجربة إنسانية عميقة تعكس التحديات التي نوجهها في سعينا لتحقيق التوازن والفهم في عالم معقد في احلامي السريالية غالبًا ما اتناول موضوعات الفوضى، الأحلام، واللاوعي لكن انفصال تيامة اظهر كيف أن الفوضى يمكن أن تُقابل بالنظام من خلال استكشاف الفوضى الداخلية وتحويلها إلى أعمال ذات معنى يظهر الانفصال أهمية التحول كجزء من عملية الإبداع ، يُمكن أن تُعتبر أعمال مردوخ تجسيدًا لرحلة التحول من الفوضى إلى النظام، حيث يتم استيعاب التجارب وتحويلها إلى أشكال جديدة تجمع بين العناصر الحسية والتجارب، النبيذ الاحمر غالبًا ما يُعتبر رمزًا للمتعة، الإلهام، وتحرر العواطف. اشربه لكي يعكس رغبتي في الهروب من الواقع واستكشاف جوانب خفية من نفسي ،الدخان رمزً للغموض والتهرب من الواقع ويشير إلى أفكار أو مشاعر محجوبة، أو حتى إلى قلق من الأمور التي تلاحقني، حيث ان السماء المقلوبة رؤية مقلوبة للعالم، بينما بحيرة السكر تتغذى على الأحلام، استيقظ مرتعبًا هناك صراع داخلي، يتعارض فيه الشعور النرجسي مع الوعي. يخلق صدمة بين الخيال والواقع، انها تجربة سريالية تجمع بين الرموز العميقة والمشاعر المتناقضة. تظهر كيف يمكن لعوامل المتعة الحسية، مثل النبيذ والدخان، أن تؤثر على العقل وتخلق عوالم جديدة من الفهم والتجربة، من خلال هذا الحلم، يمكنني استكشاف أعماق نفسي وفهم الصراعات الداخلية بشكل أفضل استخدم الكتابة للتعبير عن مشاعري. يمكنني رسم ما شعرت به، يمكن أن يساعدني في فهم مشاعري بشكل أفضل وتفريغها بطريقة إيجابية، تحدثت مع صديق عن حلمي أخبرني أن المشاعر الناتجة عن الأحلام السريالية معقدة وصعبة ولا يمكن كتابتها. دونت حلمي على أوراق القصب وانا في حالة صحو من فانتازيا الحلم السريالي، بعد تدوينه على اوراق القصب في عالم سريالي كانت تجربة فريدة تجمع بين الخيال والواقع، في عالم مليء بالعجائب والغرائب. تخيل أنك تسير في ممرات من أوراق القصب، تتراقص الألوان والأشكال في تناغم غريب ترى أشجارًا تتحدث عن أسرار الكون، أنهار من الحبر تتدفق عبر المشاهد، تحمل معها أفكارًا وأحلامًا لكائنات تتجول بحرية، تعكس جوانب مخفية تحت ركام النفس البشرية، تدوين هذه المشاهد على أوراق القصب يجعل من التجربة أكثر عمقًا، كأنها توثيق لحظة لا يمكن العودة إليها في أي وقت، الصحو هنا ليس مجرد استيقاظ من حلم، بل هو عملية استكشاف للذات ورؤية جديدة للعالم من حولنا، حيث تُفتح آفاق جديدة للتفكير والإبداع.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -زَبَد- أمير على حجر( قصة سريالية)
- -ألوانيا- مدينة تتلاشى فيها الألوان ببطء (قصة سريالية)
- ساعة توقفت في منتصف العقل(قصة سريالية)
- فاتحة موت القمر (قصة سريالية)
- حديقة الفراشات الغاضبة (قصة سريالية)
- احلام في حقيبة مسافر(قصة سريالية)
- أخطبوط يكتب الشعر بأذرعه العشر (قصة سريالية)
- طفل يتحدث الى الغيوم (قصة سريالية)
- أحلام في فنجان قهوة الصباح (قصة سريالية)
- عندما يرقص الضوء تحت قمر مكسور(قصة سريالية)
- أفكار عائمة في محيط من الزجاج (قصة سريالية)
- عصفور يرتدي حذاءً من ذهب (قصة سريالية)
- خيال يأكل ظله ( قصة سريالية)
- هياكل عنكبوتية وهمية (قصة سريالية)
- طائر لم يغادر القفص (قصة سريالية)
- نافذة على حافة اللامكان( قصة سريالية)
- دوامة الهاشتاغات (قصة سريالية)
- خنازير تتكلم بلغة البوم ( قصة سريالية)
- عطر نيتشة ( قصة سريالية)
- (زئير)نمر استطاع ان يصطاد ذيله ( قصة سريالية)


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - سماء مقلوبة وبحيرة من سكر (قصة سريالية)