أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم الجوهرى - الحداثة الأبدية قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي















المزيد.....

الحداثة الأبدية قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 00:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قدم الناقد والكاتب والمثقف/ محمد ناجي المنشاوي كتابه الجديد بعنوان "الحداثة الأبدية"، في طبعة إلكترونية دون ناشر، مؤرخ في فبراير من هذا العام 2024م، وفي إجمالي 206 صفحة.
بداية المؤلف هو أحد النقاد والكتاب الذين بزغوا في مدينة المنصورة والحركة الأدبية في شمال مصر، ومنطقة الدلتا إبان ثمانينيات القرن الماضي، والذين عاشوا الحلم الثقافي وقدرته على التغيير والإلهام المجتمعي وتوحدوا معه تماما، إلا أنه في الوقت نفسه يمكن القول إن محمد المنشاوي من الذين اعتزلوا -بدرجة ما- الحركة الثقافية في مرحلة التسعينيات، مع سيادة مشروع ما بعد الحداثة، وتفكيك القيم الكبرى إلى تفاصيلها واليومي والعادي.
ينتمي المؤلف إلى جيل طُحن بين جيلين، وربما لم يأخذ فرصته حقيقة، سبقه جيل السبعينيات الذي تمرد على القيم المركزية بعد هزيمة عام 1967م ووفاة عبد الناصر، وتفكك الناصرية ومشروع "الاشتراكية القومية". ولحق به جيل التسعينيات الذي تمرد على قيم المركزية أيضا، وهرب للجسد والذاتي والفردي والهامشي، تأثرا بتفكك الاتحاد السوفيتي ومشروع "الماركسية اللينينية" الشيوعي.
فلم يستطع جيل الثمانينيات التمايز كثيرا بين السبعينيين والتسعينيين، خاصة من حاول منهم التمسك بالقيم التاريخية المركزية للذات العربية سواء في شكلها القومي أو الاشتراكي أو الماركسي أو الأصولي حتى، مع الإشارة إلى تماهي الكثيرين مع القيم الثقافية –والأدبية- السائدة التي قدمها السبعينيون والتسعينيون.
يتسم محمد المنشاوي بخطاب نقدي وثقافي يغلفه ذكاء فطري حاد ولماع، وقراءة واسعة شديدة الاطلاع والزخم، من ثم سيكون علينا إزاء كتابه الجديد أن نفهم الدوافع والاختيارات، وكيف عبر عنها من خلال منظور يشتغل على الدرس الثقافي للنص، ويبحث عن منظومة القيم الحاكمة له والانحيازات الكبرى المؤسسة لخطابه.
جاء الكتاب في أربعة فصول هي بالترتيب، الأول بعنوان: "حول مصطلح الحداثة الأبدية" الأقرب للتمهيد والتقديم لفكرة الكتاب وموضوعه، والثاني: "المركزية الغربية.. تهميش الآخر وتغييبه"، والثالث بعنوان: "أوهام التلاقي وتزييف الوعي"، والرابع بعنوان: "الحداثة الأبدية.. مصادرها وقيمها".
ينتصر المؤلف عموما للشرق العربي الإسلامي، ولأن التمثلات الواقعية حاليا تكاد تكون غائبة لهذا الشرق الذي ينتصر له المؤلف، نجد أن اختياراته في الكتابة تتجاوز التشخيص والتمثيل، وتلتصق مباشرة بالمجرد أي بالنصوص والمتون الإسلامية الصرفة في عموميتها وشيوعها، لأنه لم يجد تمثلا أو تجسدا يمكنه الإشارة له في قدرته على التعبير عن تلك النصوص المجردة، في مواجهة الحداثة الغربية وتمثلاتها المتعددة ومراحلها المتنوعة التي قدم لها النقد كثيرا.
من وجهة نظر بديلة؛ لم يجد المنشاوي بديلا لـ"الاشتراكية القومية" أو "الاشتراكية العلمية"، ولا في "الرأسمالية الاستهلاكية"، ولم يقتنع بالمشاريع السياسية التي تقدمها فرق الدين السياسي في بلاد المشرق العربي على السواء، فاختار تجاوز التمثلات الفكرية ومستواها يمينا ويسارا، والتوجه مباشرة نحو المستوى المجرد للنصوص المؤسسة للذات العربية الإسلامية، في متون الدين الإسلامي نفسه.
وتلك هي سمة المجتمعات الحضارية العظيمة في مراحل التراجع الحضاري، وعندما تعجز تمثلاتها القائمة عن تقديم شكل أمثل يعبر عن جذورها الثقافية التاريخية، حيث يلجأ الناس حينها للمجرد والمتعالي يحتمون به، نتيجة لعجز التمثيل والتشخيص والتجسيد.
عبر أربعة فصول يطوف بنا المؤلف ما بين التأسيس والنقد، هو يؤسس لعموم فكرة "الحداثة الأبدية" المرتبطة بالقدرة الكامنة لمتون الدين الإسلامي، التي يجتهد في الإشارة لها على المستوى اللغوي والاصطلاحي والتأويلي لحد بعيد (التأويل هنا بمعنى الربط بين العام وبين فكرته عن الحداثة الأبدية الممكنة والكامنة والمعلقة بأستار المتون الدينية في الإسلام).
وفي الوقت نفسه ينقد المنشاوي جذور الحداثة "الظرفية" أو "المؤقتة" أو "الزائلة" التي يروج لمركزيتها وديمومتها الغرب، فيفكك التمثلات والتجسدات المتنوعة لتلك الحداثة.
إجمالا ينتصر المؤلف لفكرة عامة وسائلة غير متحققة في تمثلات الشرق العربي الإسلامي الآن، إنما يرى أنها كامنة وممكنة في عموميات المتون الإسلامية، ولكن أليست السيولة التي يطرحها المؤلف تشبه كثيرا سيولة ما بعد الحداثة، وغياب اليقين وغياب الوضوح تجاه المفاهيم والنظريات الإنسانية!
لا يقدم لنا المنشاوي شيئا متجسدا لكنه في الوقت نفسه يقدم لنا الكل العام المجرد، أليست السيولة هي عنوان السيادة لمرحلة ما بعد الحداثة، من ثم في نسق ثقافي مماثل يطرح لنا المنشاوي سيولة أو تجريدا مناظرا وبديلا لها، وهو "الحداثة الأبدية" المثالية الغائبة المتمثلة في النصوص المتعالية/ المقدسة للدين الإسلامي، التي في زمان ما وظروف ما قد تتجسد وتتحول إلى واقع ملموس.
هناك مشابهة ثقافية عميقة تحكم النسق الفكري -الذي يطرحه المؤلف- مع النسق الفكري السائد، لا يجد المنشاوي تمثلا ما ليحاربه بجدة أو لينقده بجدة على المستوى العربي، ربما طمعا في نقد ذاتي يؤدي لشكل أفضل وأمثل، وربما يقتطف شيئا ما من تلك "الأبدية" الحداثية، لكنه عمد إلى تغييب النقد التطبيقي في تصوره لتلك "الحداثة الأبدية"، يبدو في نوع من الاحتجاج السلبي العميق على كل ما هو سائد عربيا وإسلاميا.
من سيهلل لأطروحة محمد المنشاوي! أعتقد أنه لا أحد سيفهم كثيرا البنية الثقافية العميقة الحاكمة لها، والفعل الاعتراضي الاحتجاجي الذي تمارسه عمدا، عندما لا تقدم أي اشتباك حقيقي مع الراهن الشرقي أو العربي أو الإسلامي، وتتمسك بالمجرد والمتعالي والرمزية الروحية الدينية في الإسلام.
في مستوى ما من مستويات تحليل النص ومضمونه ورسائله الثقافية، يعترض المؤلف على حالة التهميش التي وصلت لها التمثلات الثقافية والفكرية والفلسفية العربية والإسلامية، ويستجيب لهذا التهميش بتهميش مضاد يرفض الواقع كله، ويتجاوزه، إلى النموذج المتخيل والغيبي والسماوي والحالم والمثالي المتعالي الغائب عن العالم.
هل ما يطرحه المؤلف هو نوع من الزهد والتصوف؟
هو نوع من الزهد فيما هو قائم.. الزهد في دنيا لم يجد فيها النموذج والمثال، وتصوف وميل للروحي بديلا عن المادي، بسبب يأسه من استعادة قريبة لشكل مادي وواقعي ودنيوي، قادر على المواجهة والتماسك وفق سنن الحياة وطبائعها.
يمكن فهم الغرض والقصد من "الحداثة الأبدية" ذلك المشروع الذي سعى من خلاله المؤلف ليقدم قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي، فقط من خلال المسكوت عنه والقيم والدوافع المضمرة والغائرة عميقا في بنية الخطاب عند محمد ناجي المنشاوي.
لم أشأ في هذه المقالة القصيرة أن أتعرض للجهد العام الذي سعى له الكتاب، في التأسيس لـ"الحداثة الأبدية"، أو في التفكيك لـ"الحداثة الظرفية"، أو في تفاصيل أي منهما.
إنما فقط أردت أن أتواصل وأضع بعض الضوء على الإطار القيمي والثقافي العام للكتاب، تاركا متن الموضوع لاطلاع القارئ والنقاش العام، حيث يمكن العثور على الكتاب كاملا وتحميله بكتابه اسم الكتاب (الحداثة الأبدية) وتحميله مع على موقع "مكتبة نور" الشهير والمعروف.


• رابط الكتاب كاملا
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D8%A9-pdf



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر والاستراتيجية زيرو: تدافع الموانع والممكنات
- هل خسرت المقاومة أم تخاذلت الحاضنة العربية الإسلامية!
- السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!
- النمط العسكري للاحتلال: التصعيد ثم التوزان واحتمال اشتعال ال ...
- حروب اليوم وعالم الغد: بين الجيوحضاري والجيوسياسي والجيوثقاف ...
- دور الإسناد الجيوثقافي في الحضور المصري بالصومال
- استراتيجية الأمل: أي تجديد من أجل التجديد الثقافي العربي!
- الوعي الجيوثقافي و دور الدبلوماسية الثقافية في رفد الدبلوماس ...
- الثقافة بوصفها مشتركا مجتمعيا عند التحولات التاريخية
- فوق صفيح ساخن: بيانان ثلاثيان ومذبحة ورد منتظر
- استجابات استراتيجية نتانياهو البديلة: مصر وتركيا وإيران
- استرتيجية للنأي عن الاستقطاب.. أم ديبلوماسية جيوثقافية مصرية ...
- سيكولوجية الإنكار: معركة رفح العسكرية ونهاية مرحلة كامب دافي ...
- مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية
- مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين و ...
- التراشق بين مصر وإسرائيل: دروس المآلات والممكنات
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ...
- المقاربة الجيوحضارية للعالم: مصر والعراق والذات الحضارية الم ...
- مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح
- سيرة ذاتية- حاتم الجوهري


المزيد.....




- غارات أمريكية على مواقع للحوثيين.. ومصادر تكشف لـCNN التفاصي ...
- مصادر لـCNN: منع 7 منظمات طبية غير حكومية من دخول غزة
- خطأ غير متوقع يجبر كوكاكولا على سحب أحد مشروباتها الشهيرة
- روسيا تختبر دبابات T-72B3M المجهزة بوسائط حماية جديدة
- أفضل وقت لرصد القمر العملاق بالعين المجردة
- إسرائيل تستعد لاستهداف المواقع النووية الإيرانية
- السعودية لم تحسم قرار الانضمام، لماذا سيغيب بن سلمان عن قمة ...
- Honor تعلن عن أحدث هواتفها
- مخاطر خفية في أدوات المطبخ البلاستيكية
- هل تنضم قوات كوريا الشمالية إلى الحرب الروسية في أوكرانيا؟


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم الجوهرى - الحداثة الأبدية قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي