أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - لعنة الحدود















المزيد.....

لعنة الحدود


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8132 - 2024 / 10 / 16 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو كان هناك آخرون كثيرون يشمئزون من الحدود بين البلدان كما أشمئزّ أنا، لما بقي من أثر للحروب والمعوقات منذ زمن. فما من شيء على الارض أخسّ وأدعى إلى الغثيان من الحدود. أنها أشبه بالمدافع، أشبه بالجنرالات: مادام السلام والمحبة قائمين وعامين فما ثمة من يعيرهم اي انتباه- ولكن ما إن تنشب الحروب ويتسيد الخبل، حتى يغدو وجودهم ملحّا ومقدسا. وأشد ما كانوا يمثلون لنا الألم والسجن، نحن الجوالين، أيام الحربُ مشتعلة. فليأخذهم الشيطان!
هیرمان هیسەتجوال

يدور هذا المقتطف حول رفض الكاتب الشديد للحدود بين الدول، واعتباره إياها رمزًا للحروب والصراعات، وسببًا رئيسيًا للتعاسة والمعاناة الإنسانية.
يربط هيرمان هيسه بشكل مباشر بين الحدود والحروب، ويرى أن وجود الحدود هو ما يشعل فتيل الصراعات. ويصف الحدود بأنها "سجن" للأشخاص الأحرار، وخصوصًا للمسافرين والمتجولين، معبرا عن اشمئزازه من الحدود، ويرى أنها تزرع الكراهية والعداء بين الشعوب. ويدعو إلى السلام والمحبة بين الشعوب، ويرى أن هذه القيم هي السبيل الوحيد للقضاء على الحروب والحدود.
يستخدم هيرمان هيسه لغة شاعرية قوية للتعبير عن مشاعره تعبيرا مباشرا وعاطفياً، ويستخدم التشبيهات والمجازات لوصف الحدود ولغة قوية للتعبير عن رفضه للحدود. كما يستخدم هنا السخرية للتعبير عن رأيه في الحدود، ويصفها بأنها "أشبه بالمدافع" و"أشبه بالجنرالات".
السياق التاريخي:
كتب هيرمان هيسه هذا المقتطف في سياق تاريخي شهد العديد من الحروب والصراعات، مما يجعل آراءه حول الحدود أكثر وضوحًا.
إن هذا المقتطف يعكس رؤية عميقة للمشاكل التي تسببها الحدود، ويدعو إلى التفكير في كيفية بناء عالم أكثر سلامًا وتسامحًا.
اتفق تماما مع رؤية هيسه حول دور الحدود في إشعال الحروب هو موقف يتبناه الكثيرون. ولنا تجارب مأساوية في الحرب العراقية الإيرانية وحرب الكويت، وحروب أخرى عديدة.
يرى هيسه أن الحدود تمثل خطوطاً فاصلة بين الشعوب، مما يخلق شعوراً بالانفصال والاختلاف، ويؤدي إلى تعزيز الهويات القومية الضيقة.
غالباً ما تكون الحدود مصدراً للمنافسة على الموارد والمناطق الجغرافية، مما قد يؤدي إلى نشوب الصراعات.
وإن الحدود تمنع حركة الأشخاص والأفكار والبضائع، مما يحد من التفاعل بين الشعوب ويزيد من سوء الفهم والعداء. وتستخدم الأنظمة وخاصة الشمولية، الحدود أحياناً أداةً للسيطرة على شعوبها ومنع الثورات أو الهجرات.
لا تقتصر الحدود على الجوانب الجغرافية والسياسية، بل تشمل أيضاً الحدود الثقافية والدينية والاجتماعية، والتي يمكن أن تكون أكثر صعوبة في تجاوزها.
لقد لعبت الحدود دوراً هاماً في تشكيل الدول والحضارات، ولكنها في الوقت نفسه كانت سبباً للعديد من الحروب والنزاعات. ومع تزايد الترابط الاقتصادي والثقافي بين الدول، أصبح دور الحدود أكثر تعقيداً، حيث تسعى بعض القوى إلى تقوية الحدود لحماية مصالحها، بينما يسعى البعض الآخر إلى تقويضها لتعزيز التعاون الدولي.
انا أؤمن بفكرة أن الحدود يجب أن تكون إدارية بحتة، وأن الثقافة يجب أن تتدفق بحرية دون قيود، وهذه الفكرة أراها مثالية تسعى لتحقيق الوحدة الإنسانية والتبادل الثقافي، إذ تخدم الحدود الإدارية الغرض الأساسي من تنظيم الشؤون الداخلية للدولة، مثل تسهيل الخدمات العامة وتقسيم المهام الإدارية. وهي أقل إثارة للنزاعات من الحدود السياسية التي غالبًا ما تكون مرتبطة بالتاريخ والهوية الوطنية.
وإن الثقافة موروث مشترك للإنسانية، وحجبها خلف حدود سياسية يفقر المجتمعات ويحد من الإبداع. وإن التبادل الثقافي الحر يعزز التفاهم المتبادل بين الشعوب ويقوي الروابط الإنسانية.
وعلى الرغم من أهمية هذه الفكرة، إلا أن تطبيقها في الواقع يواجه تحديات كبيرة، مثل:
o التاريخ: الحدود السياسية الحالية هي نتاج تاريخ طويل من الصراعات والتغيرات السياسية، مما يجعل تغييرها أمرًا صعبًا.
o المصالح الاقتصادية: الحدود تلعب دورًا هامًا في الاقتصاد، حيث تحمي الدول منتجاتها المحلية وتفرض رسومًا جمركية على الواردات.
o الأمن القومي: تستخدم بعض الدول الحدود لحماية أمنها القومي ومنع التسلل والهجرة غير الشرعية.
لتحقيق هذا الهدف النبيل، يمكننا اقتراح بعض الحلول:
تشجيع التعاون الاقتصادي والثقافي بين الدول، وتكوين كتل اقتصادية إقليمية.
• تسهيل حركة الأفراد والبضائع: تبسيط إجراءات الحصول على التأشيرات وتخفيف القيود على التجارة.
• بناء البنية التحتية: إنشاء طرق وسكك حديد وشبكات اتصالات تربط بين الدول.
• تعزيز التعليم الثقافي: تشجيع تبادل الطلاب والأساتذة، وتدريس الثقافات الأخرى في المدارس.
• الحوار بين الثقافات: تنظيم المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية التي تجمع بين ممثلي مختلف الثقافات.

أرى أن تحقيق عالم بلا حدود سياسية هدف نبيل يسعى إليه الكثيرون. ولكن هذا يتطلب جهدًا مشتركًا من قبل الحكومات والشعوب بقيادة نخبة واعية لا تحسب للحدود القومية والوطنية أي حساب، وملتزمين بالقيم الإنسانية المشتركة.

بعض البدائل المحتملة:
1. المناطق الحرة والتكامل الاقتصادي:
إنشاء مناطق جغرافية تتيح حركة التجارة والاستثمار بحرية بين الدول المجاورة، مما يشجع التعاون الاقتصادي ويقلل من الحاجة إلى الحدود الجمركية الصارمة. إذ إن مناطق تجارية مشتركة تلغي الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء، مما يزيد من التبادل التجاري ويوحد القواعد الجمركية. كما أن إنشاء سوق واحد يغطي عدة دول، يتيح حركة السلع والخدمات ورأس المال بحرية أكبر.
2. التعاون الأمني المشترك:
• الحدود المفتوحة الآمنة: إنشاء نظام أمني متكامل يعتمد على التعاون بين الدول، مما يسمح بحرية الحركة مع ضمان الأمن.
• مشاركة المعلومات الاستخباراتية: تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول لمكافحة الجريمة والإرهاب.
• القوات الأمنية المشتركة: إنشاء قوات أمنية مشتركة تعمل على حماية الحدود وتأمين المناطق الحساسة.

3. الحوكمة العالمية:
• منظمات دولية أقوى: تعزيز دور المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة في حل النزاعات وتسوية الخلافات بين الدول.
• القانون الدولي: تطوير وتطبيق قانون دولي فعال يحمي حقوق الإنسان ويحافظ على السلام والأمن الدوليين.
• المواطنة العالمية: تشجيع الشعور بالانتماء إلى المجتمع الدولي وتبني قيم التسامح والاحترام المتبادل.

التحديات التي تواجه هذه البدائل:
• السيادة الوطنية: قد يشعر بعض الدول بالقلق بشأن فقدان جزء من سيادتها الوطنية نتيجة التعاون الدولي.
• الأمن القومي: قد يخشى بعض الدول من أن تؤدي الحدود المفتوحة إلى زيادة الجريمة والإرهاب.
• الاختلافات الثقافية: قد يصعب التغلب على الاختلافات الثقافية والقيم بين الشعوب.

إن التخلص التام من الحدود هو هدف طموح، ولكنه ليس مستحيلاً. ومع ذلك، يتطلب الأمر جهداً كبيراً من جميع الأطراف المعنية، وتغييراً جذرياً في النظرة إلى الدولة والأمن والقومية.
للتربية والثقافة دور محوري في بناء جسور التواصل بين الشعوب وتجاوز الحواجز التي تفرضها الحدود السياسية والجغرافية.
ومن الضروري التركيز في المناهج الدراسية على تعليم القيم الإنسانية المشتركة مثل التسامح والاحترام والتعاون. وغرس قيم المواطنة العالمية في نفوس الشباب وتعزيز شعورهم بالانتماء إلى المجتمع الدولي.
ومن الضروري التركيز على دراسة التاريخ المشترك بين الشعوب لتسليط الضوء على الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمعهم. و على النخب تجنب الروايات التاريخية الأحادية الجانب التي تركز على الصراعات وتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية للتفاعل بين الشعوب.

ومن التحديات أمام تحقيق هذا الهدف وجود تعصب وعنصرية في بعض المجتمعات يمثل عائقاً أمام بناء جسور التواصل. وقد تتبع أغلب الحكومات سياسات تهدف إلى تقسيم الشعوب وتعزيز الهويات القومية الضيقة. كما يمكن أن تستخدم وسائل الإعلام لتأجيج الصراعات ونشر الكراهية.
وإن للتعليم والثقافة دور بالغ الأهمية في بناء مجتمعات أكثر تسامحاً وسلاماً. فمن خلال تعزيز التبادل الثقافي وبناء جسور الحوار وتدريس القيم الإنسانية المشتركة، يمكننا تجاوز الانقسامات التي تخلقها الحدود والعمل نحو بناء عالم أكثر عدلاً ومساواة.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور شبكات التواصل الاجتماعي في الحركات الاجتماعية والتحولات ...
- نزعة نتنياهو العسكرية الخطيرة
- لماذا لا نجد في عصرنا الحالي كتّابًا عباقرة مثل شكسبير، وبلز ...
- الدين والتدين والنقد الديني
- النمو الاقتصادي مرتبط بالسياسة الخارجية
- كل ارض ساحة حرب، وكل يوم قتل ودمار
- تأمل في تأثر ماركيز الشديد بافتتاحية رواية -التحول- لكافكا
- مقارنة بين روسيا وأمريكا: الأمن القومي مقابل أمن النظام
- ماذا يجري في ألمانيا؟
- دبلوماسية النظام الإيراني الاقتصادية مع الجيران - خسارة على ...
- المناظرة الانتخابية في الولايات المتحدة: حقائق وراء -المسرح ...
- القوة الخفية للأدب
- طالبان تحظر أصوات النساء
- لماذا نشأ الشعر قبل النثر؟
- سياسة -التساهل البطولي- لولاية الفقيه
- لماذا تقدم العالم وتخلفنا نحن؟
- لا شعور ولا عاطفة للذكاء الاصطناعي
- مقارنة بين حكومتي خاتمي وبزشكيان: تحولات سياسية واقتصادية
- في ذكرى الثورة الدستورية -المشروطية- في إيران
- الديمقراطية بين النظرية والواقع في ظل الرأسمالية


المزيد.....




- أول لاجئة سورية بالعالم تحصل على رخصة قيادة الطائرات.. ما قص ...
- دول عربية يكشفها تقرير بقائمة الأكثر استيرادا للأسلحة الأمري ...
- استمع لما قاله أمين مجلس التعاون بالقمة الخليجية الأوروبية
- -تدمير ميركافا بطاقمها-.. حزب الله يكشف عن نتائج ضرباته ضد أ ...
- تحذير أممي يطال أكثر من مليار شخص في العالم
- هل يمكن تصور لبنان دون ميليشيا حزب الله؟
- المعارضة الأرجنتينية تطالب بإقالة وزيرة الخارجية
- أنقرة ترد على أنباء متداولة حول وقوع هجوم على تركيا من داخل ...
- مكتب الأمن القومي البولندي يدعو إلى إنشاء ترسانة من الذخائر ...
- صفارات الإنذار تدوي في أكثر من 60 مدينة وبلدة شمال إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - لعنة الحدود