مشاعر بائسة

عماد الطيب
كاتب

الحوار المتمدن-العدد: 8132 - 2024 / 10 / 16 - 20:57
المحور: الادب والفن
    

قرأت عبارة عميقة تتعلق بالعلاقات الإنسانية، تقول إن الكثير منا، بعد سنوات من الحب، يكتشف أن القصة كانت مجرد جدران من الأوهام، وأن الحبيب لم يكن سوى ذئب في غابة، وأن التفاصيل كانت مجرد خطايا، بينما الوقت الجميل الذي مر هو مجرد عمر ضائع لا يمكن تعويضه. توقفت طويلاً عند هذه العبارة، وكأنها تعكس واقع بعض علاقات الحب التي تربط بين قلبين، لكن مع مرور الأيام، يدرك كل منهما أن شريكه في الحب ليس سوى سراب، وأن الصورة الرومانسية التي رسمها في مخيلته ليست إلا وهمًا. لقد عاشا معًا ليختبرا معنى الحب والحياة الرومانسية، لكن سرعان ما تظهر علامات الإحباط التي قد تؤثر سلبًا على حياة أحدهما بعد فشل العلاقة. يعود ذلك لعدة أسباب، منها أنه استثمر كل مشاعره في العلاقة ، مما أدى إلى حدوث صدمة عاطفية تعكس سلبًا في المستقبل على علاقاته بالآخرين، أو أنه يظل يخشى من الوقوع في علاقة مرة أخرى حتى لا تتكرر التجربة. في النهاية، يجد نفسه وحيدًا، وقد يتزوج زواجًا تقليديًا هربًا من كابوس الحب والعلاقات. تتفاقم حالته النفسية، خاصة وأنه يبحث عن تواصل فكري وعاطفي مع شريك حياته. هذا الواقع عايشته امرأة تزوجت تحت ظروف مشابهة، اذ حدثتني عن معاناتها وآلامها مع من أحبته بجنون، لكنه غدر بها وتركها في مفترق طرق، حائرة ومفككة عاطفيًا، وكأنها هجرت مشاعرها إلى الأبد. تقول إنه ترك لي جرحًا لن يُشفى أبدًا. ثم تضيف: منحتُه ثقتي، لكنه أضاعها. كنت أبحث عن الأمان في ظله، لكنني وجدتُ فيه خيبة وآلامًا، وتركني تائهة بلا وجهة، فقدت ثقتي به وبنفسي وبكل من حولي. أي خذلان هذا الذي ألبسني إياه، حتى أصبح الخذلان ثوبي ووسادتي وغطائي. وكأن لسان حالها ينشد مقطعًا من قصيدة بهاء الدين زهير: "ويحكَ يا قلبُ، أما حذرتُك.. إياكَ أن تَغرقَ في من غرق.. أحييتَ نارَ الهوى في ساكنٍ.. ما كانَ أغناكَ وما أشغَلَك.. ولي حبيبٌ لم يترك لي سبيلًا.. يُفرحُ الأعداءَ إلا وسلك." من الأخطاء الشائعة والكارثية في العلاقات الإنسانية اننا نصدق في اللقاءات الأولى لان الاخر يحاول ان يرسم صورة مثالية عن نفسه . ولكن بمرور الوقت وبعد تجارب تتجلى صورة الآخر الحقيقية وكما يقولون الطبع غلب التطبع . علينا ان لانضع مشاعرنا كلها في سلة واحدة من اول لقاء . لكي لانخسر كل شيء . ونظل نحتفظ بالثمين من المشاعر لوقت آخر ومناسب بعد ان نثق به جيدا كي لا نلوم انفسنا بعد منحها . وهذا ينطبق على جميع العلاقات الإنسانية .

#عماد_الطيب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات