الهامي سلامه
الحوار المتمدن-العدد: 1778 - 2006 / 12 / 28 - 11:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قبل العادلي كان النظام السائد في تعييين وزير الداخليه يعتمد علي استبدال لواء بلواء بناء علي التأمرات التي تحدث بين اللواءت رؤساء الشعب (جميع اللواءت كانوا متقاربين وظيفيا وسنيا ) التي تؤدي الي الانهيار في عمل الوزارة, كحادثى الاقصر والامن المركزي. وما يقال عن العادلي - وان كنت لا ادري صحه ذلك من عدمه- انه عند توليه الوزاره قد تم احاله كل اللواءات الذين من درجته الوظيفيه الي التقاعد واستبدالهم بتلامذته دون النظر الي كفائتهم إعتمادا علي ولائهم لشخصه, مما حول الوزاره الي وحده متناسقه تلتف حول السيد اللواء الوزير يجمعها الانتماء وليس الكفاءه.
هذا قد يفسر سبب انهيار مهام و زاره الداخليه في عهده في كل الشعب بلا استثناء بدءا من تجاوز عدد الاحكام الهاربه من التنفيذ عن مئات الالوف مرورا بامتهان حقوق الانسان الذي يتمثل في التعذيب والضرب الذي قد يؤدى للموت والمحسوبيه التي تمارس بلا مواربه من قبل ضباط الشرطه و تلفيق التهم والتي يصدر علي اساسها احكام ثم يكتشف ان القضيه ملفقه كما حدث في قضيه الفنانه التي قضت خمس سنوات من حكم ظالم والمرور الذي اصبح لاضابط له والفساد العلني الذي اصبح سمه كل قطاعات الشرطه بكافه رتبها بدءا من امين الشرطه فما فوق وكل تجاوز مالى له سعره, كما لايمكن انكار المجال الجديد الممول من دافعي الذكاه لدول الخليج من اجل اسلمه واختفاء المسيحيات والتستر علي الفاعل مؤكدا ضلوعهم فى اللعبه الطائفيه.
وكانت قمه التسيب الامني ماحدث في شوارع وسط البلد بالقاهره في ثانى ايام عيد الفطر الأخير من التعدي وهتك عرض السيدات سافرات كن أم محجبات أو منقبات وهذا يوضح إدراك المواطن بأن الامن أصبح لاضابط له, عموما اقل مايقال ان تجاوزات الداخليه في حق القانون والشعب اصبحت لاتخفي علي احد .
لربما كان الانحطاط السلوكى للشرطه هو نتاج لتغيير شعارها من الشرطة فى خدمه الشعب الي شعار الشرطه في خدمه الوطن (يقال ان سبب تغيير الشعار انه اراد ان يساوي رأسه برأس وزير الدفاع حيث أن مسؤليه حمايه الحدود المصريه في مواجهه اسرائيل تقع علي عاتق قوات الامن المركزي وعددها 5000 جندي). وهنا تميزت شرطة العادلي عن الشرطة في كل أنحاء العالم الذي يقوم بحماية المواطن من خلال تطبيق القانون. ولا أدري ان كان هذا السلوك نرجسيه منه واحساسه بأن قيمته تفوق كونه مسؤلا عن المجتمع أو أنه اراد الهرب من مسؤلياته الوظيفيه متحججا بالوطن ( يقال في الامثال الشعبييه الصعيديه: مقدرش يشيل جدي قال لانه يقدر يشيل الجمل) .
واذا فرضنا ان مايعنيه العادلي بحماية الوطن ليس حماية حدود مصرمع اسرائيل فقط ولكن هى حماية النظام ككل كما هو معروف في الدول الدكتاتوريه القمعية فهل يمكن القول ا نه ادي واجبه الوظيفي بكفاءه واقتدار أم أن التسيب كان ايضا فى ركابه؟ أحداث طابا وشرم الشيخ وتفحيرات الازهر وميدان عبد المنعم رياض تجيب علي هذا التساؤل.
واذعم ان استعراض مليشيات الاخوان الذي عرف بمحض الصدفه من خلال احد الصحفيين هو الهزيمه الحقيقيه للعادلي في علاقته بحمايه وخدمه النظام (الوطن) لأن من غفي عن تدريب شباب جماعة محظورة علي فنون القتال والدفاع عن النفس ليظهروا في استعراض في حرم جامعى بناء علي تعليمات مرشدها قد يغفو عن التدريب العسكرى وحمل السلاح وهو ما اشار اليه المرشد العام للجماعة – مهدى عاكف- من استعداده ان يرسل 10000مقاتل لدعم الحرب ضد اسرائيل, أى أنه فعلا لديه الكوادر المدربة والقادرة.
ولكن هل يمكن ان يكون التسيب وحده هو الذي يفسر مايحدث من تراخ أمني بعلاقته بالنظام أم من الممكن ان يكون هناك تفسير اخر؟
وهناك تساؤل اخر: كيف يرتضي النظام بقاء وزير تم في عصره اختراق أحد الأماكن المفترض أنها الأكثر أمنا بالنسبه للنظام وهي منطقه شرم الشيخ؟ وقد توقع الجميع ازاحته بعد تلك الحادثه ولكنه لم يحدث.
ادعي ان التفسير الوحيد الذي من الممكن ان يجيب علي التساؤلين السابقين هو ان التغيرات الفكريه الوهابيه التي اصبحنا نراها في المصالح الحكوميه والأماكن العامة والخاصه هي نفسها التي تسود في تلك الهيئات السياديه. وهذه الجماهير قد تكون ليست منظمه داخل الاطار السياسي للاخوان المسلمين ولكنها في نفس الوقت تتعاطف مع نظام الحكم الاسلامي, وقد تكون هذه الحاله نتاج جهد اجيال بالجماعات الاسلاميه التي بدأت تربيتها من منتصف السبيعينيات من خلال اجهزه الامن ومن خلال رجال الرئيس ومنهم مستشار رئيس الجمهوريه محمد عثمان وغيره و استمر هذا النهج ليمتد ليصبح جزءا من المناهج التعليمييه التي تصل قمتها الماسويه في نشيد الاخوان الذي يردده طلبه المدارس الخا صه علي مرأي ومسمع الجميع بما فيهم الأمن والوزارت المعنيه.
وقد يكون هذا جزء من الحقيقه لانه بالرغم ان الكثير من الا جيال التي ربيت خلال السبعينيات والثمانينيات وهم وهابي الهوي وهم الذين اصبحوا في مواقع قياديه, فهناك ايضا من كانوا خارج هذا التاثر ولكن الاصرار علي ان يسود المنطق الوهابي أدي الي استمرار هذا الوضع فمثلا لماذا يسمح لطلبه الازهر بدخول كليه الشرطه؟ وهم وهابي التوجه ويتبنون الاسلام دين ودوله ويرفضون القانون المصري, وفي التعديلات الجديده من حق ضابط الشرطه ان يتحول الي سلك النيابه متحولا فى الأيام القادمه لإلى قاض مدني لا يعترف الا بالشريعه كمصدر لتطبيق القانون لكي يحكم في قضاء جمهوريه لم تعلن بعد اسلاميه . والتهاون مع الوهايين من قبل الامن تشاهده ايضا في قبول المعيدين في الجامعه, فالأمن لا يقبل المسيحين أو المسلمين اليساريين والشيعه بينما لايعترض اطلاقأ علي الوهابيين وتلاحظ ان بعض الاقسام اصبحت وهابيه بحكم انتماء رئيس القسم فكل ما يقبله ألا يكون علي ارضه ولا ضابط امني غير منتم.
السابق يؤكد التواطئ داخل كليه الشرطه او غيرها للوصول للحاله الوهابيه بدء من عدم التدقيق في العلاقات السياسيه للمقبولين ذو الخلفيه الوهابيه وخصوصا في الاماكن التي لها علاقه بالمؤسسات السياديه او تقضيلهم علي غيرهم كما سبق ذكره واتضح هذا في مباراة الهجوم من قبل رجالات الدوله علي وزير الثقافه عندما تكلم عن موضوع الحجاب او دفاع رئيس مجلس الشعب عن موضوع الماده الثانيه من الدستور.
ولا شك ان حاله الحكم بعدم احقيه البهائين في اثبات عقيدتهم وعليهم ان يتحولوا الي ديانه اخري هو تجسيد لسقوط النظام في براثن الوهابيه وخضوع ماينص عليه من حريه العقيده في الدستور ومواثيق الامم المتحده التي وقعت عليها مصر لاكثر التطبيقات تشددا طبقا للمذهب الوهابي التي لا تري الا اللإسلام كعقيده وما عدا ذلك فهو كفر, ولا شك أن امكانيه تطبق هذا المفهوم علي اليهود والنصاري وارد لأن القاضي لم يستند لنصوص قانونيه وانما تكلم في عدم صحه عقيدتهم من خلال فهمه.
عموما مايمكن ان يقال بأن الصراع القائم مابين النظام والاخوان المسلمين هو صراع ما بين وهابيه سياسيه تري التغيير السريع لنظام الحكم ليصبح وهابي وبين وهابيه دينيه اجتماعيه تري الدين حياه يوميه ونظام الحكم السياسي يأتي بشكل تلقائي وليس من خلال انقلابة سياسية, وهذا ما يلعب علي وتره النظام ويحاول أن ينتزع البساط من تحت أقدام الأخوان من خلال خلق توازن مع الوهابيه السياسيه. وهذا مايفسر أسلمه المؤسسات الحكوميه سواء كانت رئاسيه او إعلاميه او مهنيه مع الحفاظ علي الشكل الخارجي للنظام وبالطبع هذا التوجه محصلته النهائيه هو دوله وهابيه لان مشرع الغد سيتكون من الأطفال الذبن تربوا في مناخ وهابي يحيط بهم.
أخيرأ أدعي ان هذا االصراع مابين وهابيه سياسيه (الاخوان المسلمين) ووهابيه دينيه اجتماعيه (التوجه الحكومي) هو الذي يفسر التهاون تجاه الايديولوجيه الوهابيه التي يمكن مواجهتها بطرق كثيره ولا زال هناك المتسع من الوقت للمواجه السياسيه من خلال التعليم والإعلام وغيره, وحتي اذا تكلمنا بالمنطق الأمني الذي يعرفه النظام فهناك فارق ما بين الإجهاض من خلال ضرب القواعد وهذا مايجب ان يحدث وبين منطق رد الفعل وهو ترك حريه الحركه عندما يحدث حدث فأنه يواجه وهو مايقوم به العادلي بمطارداته للكوادر العليا مع ترك القواعد تمارس عملها بحريه.
وبعد القراءه السابقه فأنني ادعي ان الإخلالات الامنيه التي تحدث ليست تسيبا بقدر كونها عدم قدره علي التوفيق ما بين مستلزمات الأمن ورغبه النظام في ترك الفرصه للوهابيه الاجتماعيه لكي تسحب البساط من تحت أقدام الوهابيه السياسيه وهذا لاينفي عنصر الاسترزاق والاغراض الخاصه.
ويبقي التساؤل الااخير لماذا يحتاج النظام للوهابيه الاجتماعيه؟ هل فقط من اجل مواجهه الأخوان ام هناك سبب اخر؟ اعتقد ان الرأسماليه المنهاره في مصر لن يكون منقذا لها من السقوط الا الفاشيه الوهابيه واتمني ان يكون لنا حوار اخر حول هذا الموضوع .
#الهامي_سلامه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟