أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - الأطر المحددة لبنية النظام العربي















المزيد.....

الأطر المحددة لبنية النظام العربي


خيري فرجاني

الحوار المتمدن-العدد: 8132 - 2024 / 10 / 16 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن حالة التراجع الحضاري والثقافي التي تعيشها المنطقة العربية الآن لايمكن فهمها أو تحليلها بمعزل عن سياقها التاريخي والجغرافي والثقافي والإنساني؛ فهناك إرث ثقافي واجتماعي وسياسي وعسكري مثقل بالإشكاليات التي يصعب فهمها إلا من خلال دراسة الوضع الجيوسياسي والاقتصادي والطائفي للمنطقة العربية.
ظل العالم العربي محط أنظار مختلف الدول الكبرى- الامبريالية ذات الاطماع التوسعية التي تسعى الى بسط سيطرتها ونفوذها على كامل المنطقة العربية، وتطويع جميع الانظمة العربية تحت لوائها للسيطرة على الثروات والموارد الطبيعية كآبار النفط والغاز وغير ذلك. هذه القوى الأجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة واسرائيل تحاولان جاهدتان تحويل المنطقة بأكملها الى قاعدة عسكرية، والزج بدولها في حروب اهلية طاحنة على أسس طائفية وإثنية، وصراعات إقليمية، والحيلولة دون تأسيس مجتمعات مدنية حضارية ديمقراطية.
ربما يعزى ذلك لما يتميز به الوطن العربي بأهمية خاصة حيث يتميز بعدة مزايا هامة قلما نجدها في مناطق أخرى في العالم، منها المساحة التي تصل إلى 14 مليون كم2، والشواطئ الدافئة الغنية بالثروات والممتدة نحو 25 ألف كم2، وقوة بشرية تتعدى 350 مليون نسمة معظمهم شباب بالإضافة إلى وحدة اللغة والثقافة، وتوسطه القارات الثلاثة الهامة التي تشكل مركز النشاط العالمي قديما وحديثا (أسيا وافريقيا وأوروبا)، وإطلالة شواطئه على المحيطات والبحار الهامة كالأطلسي والهادي والمتوسط، وتحكمه في أهم المضايق الدولية كباب المندب والسويس وهرمز وجبل طارق، واحتوائه على أهم الثروات العالمية كالنفط والغاز، كل هذه العوامل والمميزات جعلت من المنطقة العربية هدفا للقوى الكبرى المتصارعة على النفوذ، والتي ظهرت وتنامت بعد الثورة الصناعية في أوروبا في القرن 19، وعرضه للإحتلال والتقسيم والتخلف، وتعطيل دوره الإنساني، وإشغاله بعد الحرب العالمية الثانية بصراعات وحروب متتالية
أولا: جذور التخلف والصراع في المنطقة العربية:
لا يمكن فهم الواقع الحالي دون العودة إلى جذور التخلف التي صاحبت الوجود العثماني بكل ما يحمل في طياته من تخلف سياسي وقهر سلطوي، ثم دخل الغرب الأوروبي خاصة بريطانيا وفرنسا كطرفا فاعلا في رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة العربية إلى أن اقتحم المنطقة المشروع الأميركي بأطماعه المباشرة ومحاولاته أن يكون بديلا للنفوذ الأوروبي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث أعلن الرئيس الأميركي الأسبق "دوايت إيزنهاور"، عن نظرية الفراغ في الشرق الأوسط تحت مسمى "مبدأ أيزنهاور".
ظلت المنطقة العربية منذ مطلع القرن العشرين تشهد حالة صراع بين مشاريع ثلاثة، المشروع الإسلامي بإرهاصات مبكرة جسّدتها كتابات عبد الرحمن الكواكبي وشكيب أرسلان ومحمد رشيد رضا وغيرهم ممن فتحوا الباب أمام حسن البنا، ليبدأ دعوته في مدينة الإسماعيلية عام 1928، وهي الدعوة التي سرت كالنار في الهشيم، ووصلت إلى القرى والكفور والنجوع، ثم امتدت إلى أطراف العالم العربي والإسلامي لتقدم نهجا جديدا في شكل مشروع ظهرت ملامحه بقوة في الأطماع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والطموحات التي لم تتوقف عند حد، وقد ظلت علاقة الصدام والاستقطاب بين الجماعة والدولة في العصرين الملكي والجمهوري، حيث اتجهت الجماعة إلى العنف واعتمدت عمليات الاغتيال السياسي أسلوبا حركيا لها؛ مما أدى إلى حل الجماعة بعد اغتيال رئيسي الوزراء أحمد ماهر والنقراشي والقاضي الخازندار، وكانت المواجهة الحادة في عصر الرئيس عبد الناصر الذي حاولوا اغتياله في نوفمبر 1954؛ مما أدى إلى حل الجماعة للمرة الثانية .
ثانيا: المد الأصولي وتقويض مشروع القومية العربية:
أصبحت جماعة الإخوان طرفا فاعلا مؤثرا في الحياة السياسية، ولم تعد مجرد جماعة دعوية دينية، وفي انعطافة راديكالية خطيرة بعد نكسة 1967، ردد الناس في مصر بل وفي العالمين العربي والإسلامي أن الهزيمة جاءت عقوبة إلهية على تمرد عبد الناصر على المشروع الإسلامي وحربه على الإخوان، وقد استجاب الرئيس عبد الناصر في سنواته الأخيرة لذلك الطرح حتى كان أول ظهور له بعد أيام من النكسة في مناسبة دينية جرى اختيارها وكأنما يعتذر لأصحاب المشروع الإسلامي عن ارتباطه الشديد بالمشروع القومي العروبي الذي جرت هزيمته في 5 يونيو 1967.
في المقابل بدأت مرحلة المواجهة بين القوى التقدمية المرتبطة بالاتحاد السوفييتي السابق يقودها الرئيس عبد الناصر في مصر والرئيس عبد الكريم قاسم في العراق وقيادات البعث العربي الاشتراكي في سوريا الكبرى، بينما بقي المعسكر الآخر وهو ما نطلق عليه المعسكر المحافظ على علاقات جيدة بالغرب، حيث إن الثروات التي يملكها تدفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها إلى الحفاظ على علاقات أفضل معهم، وقد ظل الأمر كذلك إلى أن تسببت مجموعة من الانتكاسات المتتالية، لا سيما هزيمة العرب عام 1967، في تقويض مشروع القومية العربية على نحو كان من الصعوبة بمكان تجاوز الآثار السلبية لهذه النكسة العسكرية التي شكلت حالة انكسار عام وهزيمة نفسية.
رحل الرئيس عبد الناصر عام 1970 وبعد سنوات قليلة من وصول الرئيس السادات إلى الحكم بدت الرؤية العربية وكأنها قد استعادت جزءا من عافيتها مع الأداء البارز عسكريا ودبلوماسيا في حرب أكتوبر 1973م. بعد ذلك بقليل فتح الرئيس السادات في عام 1974، الأبواب أمام التيار الإسلامي لكي يضرب به نفوذ بقايا اليسار المصري وبقايا الناصرية عموما، ولم يدرك خطورة التعامل مع التيار الإسلامي، ثم اندلعت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975م، كما جرى تغييرات جد هامة على سياسات المنطقة بتوقيع معاهدة "كامب ديفيد"، التي لم تلقى وقتها تأييدا عربيا، وقام الرئيس السادات بمبادرته الفردية تجاه الصلح مع إسرائيل والقاء خطابه الشهير في الكينيست؛ مما أثار حفيظة الجماعات الإسلامية تجاهه وتكفيره .
أفلت زمام الأمر من يد الرئيس السادات وجرى اغتياله بين ضباطه وجنوده في يوم الاحتفال بعيد انتصاره، ولكن بعد ان ترسخ المشروع الإسلامي تماما وامتدت جذوره في معظم الدول العربية والإسلامية، ووجد له مؤيدين ومناصرين بحكم تجذر المشاعر الدينية لدى المسلمين، وازدهر المشروع الإسلامي ازدهارا كبيرا وامتدت تأثيراته بشكل سلبي في الوطن العربي، في الوقت الذي تراجع فيه المشروع القومي بحكم الضربات المتلاحقة التي وجهتها له الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في الغرب بل وإسرائيل مع تشجيعهم المستتر للمشروع الإسلامي. فلم يعد خافيا حماس السلطات البريطانية لميلاد جماعة الإخوان المسلمين ودعمها ماديا ولوجستيا، وأيضا دعم دولة إسرائيل لميلاد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"؛ فهم يجدون أن التعامل مع المشروع الديني الإسلامي أيسر وأفضل من التعامل مع المشروع القومي العروبي. لم يقف الأمر عند هذا الحد حيث أحيا ازدهار المشروع الإسلامي المشاعر المسيحية المكبوتة في المنطقة، وظهرت المشكلات الطائفية في مصر عندما اصطدم بابا الأقباط شنودة الثالث بالرئيس أنور السادات.
ثالثا: زيادة حدة الصراع الإقليمي وفشل الجامعة العربية في احتواء الأزمة:
سار العراق على طريق الحرب مع نظام الملالي الإسلامي الجديد في إيران حيث بدأ الصراع العسكري في سبتمبر 1980م وظل حتى أغسطس 1988م. هذه الأحداث المؤسفة وأحداث اخرى تبعتها لاحقا، اكثرها خطورة وضررا على العالم العربي كان الغزو العراقي للكويت في الثاني من شهر أغسطس العام 1990م، كل ذلك أدى إلى تقسيم العالم العربي أكثر مما كان عليه الحال قبل ذلك، وبدت الجامعة العربية عاجزة عن مواجهة هذه الانقسامات. وفي العشرين من شهر مارس عام 2003م تم غزو العراق واسقاط نظام صدام حسين من قبل الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا. وومنذ ذلك الحين ما زال العالم العربي يعاني الآثار السلبية لكل هذه الانتكاسات حتى فاجأنا الربيع العربي أواخر عام 2010م.
رابعا: ثورات الربيع العربي وتقويض أركان الدولة الوطنية:
جاء الربيع العربي يحمل رياح التغيير الذي لا يتوقف عند حدود معينة، بل يسعى إلى خلق حالة من الارتباك في النظم القائمة، التي لا ندعي أنها كانت في أفضل أحوالها، بل إن بعضها قد تجاوز عمره الافتراضي وانتهت صلاحيته، ولكن البدائل كانت جد مخيفة على الجانب الآخر، فهي الفوضى وتأليب القوى السياسية على بعضها وإتاحة الفرصة لتمكين جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أكثر التنظيمات السياسية جاذبية واستعدادا. حتى خرجت الجماهير في 30 يوليو 2013، ترفض مشروع التمكين الإخواني الذي تدعمه تركيا وقطر، ونسفت الجماهير التي تظاهرت بالملايين في مصر وغيرها المشروع الإخواني القطري التركي، ولكن بقيت المواجهة قائمة حتى الآن رغم التوجهات الإصلاحية في بعض الدول العربية وفي مقدمتها مصر والإمارات المتحدة - مؤخرا- والسعودية من خلال الأطروحات الجديدة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي يسعى من خلالها إلى تحديث وعصرنة الدولة السعودية واللحاق بركب العالم المتقدم والدولة المدنية الحديثة وتقويض سلطة رجال الدين.
ما يميز الحالة العربية بعد انتكاسات الربيع العربي:
لعل أهم ما يميز الوضع العربي الراهن هو تعمق الأزمات السياسية الداخلية وازدياد الفقر وارتفاع نسبة البطالة والفساد السياسي والمالي، فضلا عن سيطرة الفكر الاصولي الذي ادى الى موجات الارهاب والقتل والدمار؛ حيث ان الاضطرابات والفوضى والحروب الأهلية في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق ما زالت بعيدة عن نهايتها، وما زال الغموض يكتنف الوضع المستقبلي في الشرق الأوسط بصفة عامة، ولا يمكن التكهن بمعرفة الى أين تتجه التحولات العنيفة الصعبة في المنطقة وكيف ستؤثر على البيئة الجيوسياسية في المستقبل. وهل سيتغير التوازن بين مصالح القوى الكبرى والدول الغنية بالنفط والموارد الطبيعية في المنطقة؟
على الرغم من قتامة الصورة في الوقت الحالي إلا أن التغيرات الديموغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه المنطقة قادمة لا محالة، شريطة أن تكون للحكومات العربية رؤية واضحة للمستقبل واستراتيجية كاملة؛ لتضمن سلامة وأمن أراضيها وتوفير بيئة سليمة وآمنة، والقضاء على الإرهاب والعجز العلمي والمعرفي والتراجع الحضاري والثقافي وتجفيف منابع الفكر الإرهابي، وتمكين الشعوب العربية من لعب دور محوري في المنظومة العالمية الجديدة.


المراجع:



#خيري_فرجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية
- استراتيجية استشراف المستقبل العربي في ظل التحديات الراهنة
- العلاقة بين صولية الدينية والرأسمالية الطفيلية:
- أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:
- صورة الله في المخيال الأصولي:
- طه حسين رائد التنوير
- الأصولية ووهم الخلافة -من البنا إلى البغدادي-:
- إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمعات العربية:
- دور الإصوليات الدينية في إدارة الصراع السياسي:
- مبدأ تكافؤ الفرص:
- تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد المصري:
- مفهوم دولة القانون
- دور الإسلام السياسي في نشر خطاب الكراهية
- اللوبي الإخواني داخل أوروبا:
- جدلية الفكر والتكفير
- الأمن الغزائي العربي في ظل التحديات الراهنة
- أهمية التكامل الاقتصادي العربي
- العقد الاجتماعي


المزيد.....




- مصور مغربي يلتقط بعدسته راقصة باليه في شوارع الدار البيضاء
- جروح مليئة بالديدان.. شح الإمدادات يترك الأطباء في غزة بالقل ...
- الملك عبدالله لوزير الخارجية الإيراني: الأردن لن يكون ساحة ل ...
- سوريون يصنعون المجوهرات، يتحدون الإعاقة، ويحافظون على حلويات ...
- الأزمة في الشرق الأوسط على جدول أول قمة أوروبية ـ خليجية
- حركة -أمل- تدين مجزرة استهداف مجلس بلدية مدينة النبطية وتدعو ...
- برلين: شولتس لم يغير موقفه الرافض لانضمام أوكرانيا إلى -النا ...
- كتائب -القسام- تعلن تفجير مبنى مفخخ مسبقا في قوة إسرائيلية ش ...
- مسؤول إيراني بارز: لدينا إمكانيات تجعلنا لا نحتاج الأسلحة ال ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن إدخال صاروخ -قادر 2- الخدمة في المو ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - الأطر المحددة لبنية النظام العربي