عبد الغني سهاد
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 20:27
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تاريخ واساطير... (1)
من البديهي ان اخبار الماضي تفرغ اما في شكل خرافة واما في شكل قول مثبت بوثيقة... الواقع ان قسما ضئيلا جدا من معلوماتنا حول الماضي خاضع الى التوثيق (الوثيقة).. اما القسم الاكبر فهو دائما مفرغ في تصور عام وعامي يمثل جانبا من ثقافتنا الوطنية..
لا ننسى ان دروس التاريخ. من المدرسة الابتدائية الى الجامعة هي رواية شفوية.. والاستاذ لا يعرف بالوثائق.. اذا عرف.. فالنزر القليل مما هو مكلفةبتلقينه.. هذا الاستاذ درس بالوثائق عهد المولى اسماعيل.. لكنه يروي تاريخ الانكا.. كل واحد منا اذا.. حتى استاذ التاريخ.. مثل الطفل.. الصغير اثناء زيارته لقصر الفرعون.. [(تصور طفلا يزور برفقة والده قصر وليلي.. يقف تحت قوس من الاقواس ويسأل :ماجرى..؟.. فيروي له والده رواية ذات فصول عن شياطين وجان.. عن ملوك وانبياء.. عن الحق والباطل.. عن الايمان والكفر.. عن ضعف الانسان وعظمة الرحمان... وتمر الايام ويكبر الطفل.. ويصبح طالبا جامعيا.. مرافقا لاستاذه يدخل الى قاعة الحفريات.. وتترجم له تلك النقوش باسمائها وتواريخها.. وعندها يحدث نفسه حتما قائلا.. (هذا تاريخ.. وتلك التي حكاها الوالد مجرد اساطير...)] .. الا فيما نذر.. وهذه الوضعية العامة والدائمة هي التي تستوجب التساؤل حول منهج دراسة التاريخ.. هذه ضرورة لتطوير الثقافة القومية.. مهما كان تحفظ المؤرخ.. المحترف امام فائدة التساؤل بالنسبة اليه هو خاصة.... الباحث المتخصص محدود الافق كما يدل على ذلك اسمه.. فهو يعرف الخبر بالوثيقة.. هذا صحيح.. ولكن اثناء الدراسةوبالنسبة لموضوعه.. ومع ذلك قد يتحول الى اديب.. مشارك... صاحب ملح ونواذر.. اذا كان هذا هو المطلوب منه داخل مجتمعه... وحتى اذا تغلغل فيه منطق التحليل.. والتمحيص فيما يخص ميدان خبرته.. فانه يبقى خارج ذلك الميدان خاضعا للرواية العامية.. لا يستطيع فك طلاسيمها.. ولا يتحرر منها.. نسبيا.. الا اذا فكر بجد ومواظبة في صناعته. وكسب بذلك عقلية تاريخية يجب عليه ان يرعاها باستمرار.. وهذا بالطبع يعني تجاوز خطوط التخصص...
ع.سهاد
2013
#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟