|
شَجَرةُالبِغَاءِ المُرِّ
سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 13:11
المحور:
الادب والفن
-صورني وأنا ابكي وأنا اقعي باسمالي أمام عتبة الفندق واكتب على قفا الصورة: هذا شاعر من الشرق- محمد الماغوط 1 بَشِمتِ النَّواطيرِ أَصحابَ الطَّراطيرِ نَامَتْ بَناتُ آوَى، ذِئابٌ في الصُّدُورِ مَسْعُورَةٌ بأَكْدَاسِ دَواوِينِ الشِّعْرِ أَحْمالُ القَصَصِ بالوَمْضِ والفَتاوي
بِالتَّصاوِيرِ أَمُدُّ يَدي المُشْعِرَةَ في جَيْبِ خِزانَةِ عِفَّةِ الأَدَبِ أَيُّ زَنِيمٍ! أَيُّ زَنَّانَةٍ! المُثْقَبُ في التُّرَبِ المُتَرَهِّلِ مَعَ الإسْتِفْرامِ
الرُّمَّانَةُ المُشَاكِسَةُ أَدْمَاها شَيْبٌ، مَرَارَةٌ، أَوْجَاعٌ تُغَيِّرُ وَظِيفَةَ فَرْطِ حُبِّهَا عَصِيرُ عَوَارِضٍ أَمْسَكْتُ الأَرْنَبَيْنِ
أُخْرِجُهُمَا عَارِيَيْنِ في إغْوَاءِ أُعَلِّقُهُمَا في مِرْوَحَةِ السَّقْفِ قَاعَةِ اِتِّحَادِ الأُدَبَاءِ لِيَبْتَلَّ القَيْحُ والخَوْفُ والحَيَاءُ
عَلَى مَنَصَّةِ شِعْرِ الأَعْرَابِ كَالأَحْلَامِ وَرُبَاعِيَّاتِ الخَيَّامِ بَتَرْجَمَةٍ عَنِ الإِنْجِلِيزِيَّةِ، وخَفَايَا بَلَاغَةٍ كَفْكِفْ دَمْعَ مِرْآَتِهَا العَوْرَاءَ
تَسِيرُ النَّوَاطِيرُ بِأَحْلَامِ الطَّيْرِ تُحَلِّقُ بَنَاتُ آوَى في فَضَاءِ الخَسَائِرِ تُغَنِّي الذِّئَابُ أَلْحَانًا مُسْتَعَارَةً تَسْرُدُ قِصَصًا تُهْدِيها لِلنَّاظِرِ
بِوَمَضَاتِ الذِّكْرَى أَمُدُّ يَدِي البَاسِمَةَ في جَيْبِ اللَّيْلِ، أَبْحَثُ عَنْ عِفَّةِ الأَدَبِ تَدُورُ الرُّمَّانَةُ المُشَاكِسَةُ فِي أَرْوِقَةِ الأَفْكَارِ بَيْنَ الإسْتِفْرامِ والشَّغَفِ
أَوْجَاعُ القَلْبِ تُحِيلُ لَحَظَاتٍ حَادَّةً أَحْلَامُ حُبٍّ تَتَنَفَّسُ عَصِيرَ الشَّجَنِ أَمْسَكْتُ الأَرْنَبَيْنِ في عَيْنَيْهِمَا أَفْرَجْتُ عَنْهُمَا لِلْفِرَارِ مِنَ الهُمُومِ
أُعَلِّقُهُمَا في مِرْوَحَةِ الأَفْكَارِ قَاعَةَ الإِبْدَاعِ، بُيُوتِ الأُدَبَاءِ تَتَسَاقَطُ الأَوْجَاعُ كَالأَوْرَاقِ لِيُعَانِقُوا الخَوْفَ وَالحَيَاءَ في ضَوْءِ القَصَائِدِ
حَنْجَرَةٌ تُوَزِّعُ الأَلْحَانَ في الأَذَانِ وَأَطْرَبُ بِحِكَايَا الزَّمَانِ وَالأَمَلِ تَنْسِجُ مِنَ الأَلَمِ: أَلْحَانَ التَّغْيِيرِ 2 الرَّصِيفُ المُرصَّفُ
بِراتِنْجِ دَمِ الأَخْويْنِ أَشَوَارِعٌ مُزْدَحِمَةٌ بالغُرَبَاءِ كُلُّنَا خَلْفَ رُفَاتٍ يَشْحَذُ عَبَقَ الذُّبُولِ مِنَ الظِّلَالِ لِيَسْتُرَ سَجْعَ نَمَشِ النَّوْءِ يَصُمُّهُ بِالعُقْمِ، يُرافِقُنا نَحْمِلُ مُقْلَنا قَنَادِيلًا في ظَهِيرَةِ تَمُّوزَ الوَهَّاجِ تُحَدِّقُ في وُجُوهِ المَلَائِكَةِ المُتَرَبِّعَةِ عَلى التَّابُوتِ تَتَعَاطَى عِقَارًا سَمَاوِيًّا لِنَسْتَدِلَّ عَلَى مَسَاكِنِنَا الأَخِيرَةِ النَّائِمَةِ فِي النَّوَى خَلْفَ السَّدَّةِ، نَمُرُّ بَابَ الطِّلْسِمِ نَحْمِلُ إِلْيَاسَ وَاليَأْسَ وَشَفَاعَةَ إِلْيَاسَ، نَمُرُّ عَبْرَ جَمَاجِمِنَا فُرُوضٌ تَطِيشُ خَلْفَ جُفُونٍ مُبْتُورَةٍ مِن شَذَا يُضَمِّخُنِي رَمَادُ عَاشِقَةٍ تَكَادُ تَكْسُو نِسْيَانَ الوَجْدِ 3 بوكير
بَاكُورَةُ النَّعِيبِ، تَسْتَفِزُّ الزَّمْهَرِيرَ عَيْنِي غَدَتْ تَرْكْوَازِيَّةً تَارَةً أَرْقُبُ طُولَ العُمْرِ في مَرْصَدي تَعَالَيْ يَا نَسِيمَ الوُدِّ، تَعَالَيْ لَكِنْ لَيْسَ فِي صُورَةٍ مُفْتَرَضَة يَا حُبِّي السَّرْمَدِي، يَا أَنْجُمَ السَّمَا عُيُونُكِ لِي بَصِيرَةٌ وَمُرْشِدَة وَسَاقُكِ لِي دَرْبِي، فَحَيَّ هَنَا مَا الَّذِي جَرَى؟ مَا كَانَ نَقِيًّا تَشْرَبِينَ المَاءَ النَّقِيَّ وَالهَوَا وَفَمُ اللهِ نَفَخَ فيكِ مَا بَرَحَ فَصِرْتِ بِالذُّلِّ وَالبَغْيِ تُدَاسِينَا أَحْتَسِي كَأْسَ الذِّكْرَى المُرَّةَ وَحَلَقَاتِ الدُّخَانِ تُدَاوِي نَفَسًا يَضْحَكُ القُبْطَانُ الأَعْرَجُ فِي نُكْتَةٍ وَيَتَّكِئُ عَلَى عُرْجُونِ القَمَرِ فِي مَسْخِ الزَّارَا يَقُودُ حُكْمَتَهُ يُوَزِّعُ الحَلْوَى وَيَسْخَرُ مِنَّا وَالثَّلْجُ يَزْفِرُ مِنْ نَفْسِه اللَّبِثَةِ يَكْشِفُ أَسْرَارَ السَّمَاءِ عَلَيْنَا 4 يَسُوطُنِي لَفْحُ عَبَقِ القَامُوسِ وَأَنَا أَسْتَخْرِجُ مَعْنَى النَّامُوسِ خَدِّي وِسَادَةٌ دَاسَتْهَا سَنَابِكُ الذُّلِّ وَسُؤَالٌ يُنَادِي فِي شَأْوِ الفِعْلِ رَكِبْتُ سَنَاءَ السُّهَا، وَرَقَّنِي المَوَّالُ أَهْرَقْتُ كُلَّ مَا اخْتَلَسْتُ مِنْ عِطْرِكِ الغَالِي فِي كُمِّ ذَوَاكِرِي المُعَشْعِشِ، فِي خُفَّاشٍ وَعَنْكَبُوتِ غُوَيْرٍ يَحْتَسِي مِنْ ظُلْمَتِي جُبُّ السَّحِيقِ دُونَ قَرَارٍ، فَأَنِيرِي مِنْ جَدِيدٍ لِأُطْلِقَ النَّيْسَمَ المُشْتَاقَا يَجْتَازُ قَنْطَرَةَ الجُذُوعِ، لِيَبْلُغَ فِي السَّمَاءِ الثَّامِنَةِ أَوِ التَّاسِعَةِ لَا يَهُمُّ سُلْطَانِي، أَبْتَغِي وَجْهَكِ السَّمُوحَ تَسَوَّرْتُ حَائِطَ عَرْشِكِ السَّامِقِ المُرِيعِ، وَضَعْتُ عَلَى بَابِهِ الشَّفِيفِ البَلُّورِيِّ رَايَةً حَمْرَاء اِسْتَعَرْتُهَا مِنَ الجَاهِلِيَّةِ، وَبُعْثَتِ الدَّعْوَةِ فِي خَيْمَةِ سُمَيَّةَ حَامِلَة وَوَرْدَ بُسْطَامِي، كَضَبَّةٍ مِنْ مُخَاطَبَاتِ النَّفَرِيِّ، وَنُوتَةِ النَّسْيُونَ . خُفِّي حُنَيْنٍ، أَغْنِيَتِي لِلرَّاحِل 5 خذوا الأَرْصِفَةَ، وَأَنَا أَتَّكِئُ عَلَى حَاجِزِ الْبَاطُونِ، شَحَّاذٌ لَا يَسْتَجْدِي، بَلْ يُعْطِي الْمَارِّينَ قَطْرَاتٍ مِن مَاءِ الْوَرْدِ الْمَدَافِ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَمِسْبَحَةِ الْيُسْرِ وَسَاقِ الْمِسْوَاكِ . 6 نُسْخَةٌ أَخِيرَةٌ مِنَ الوَصَايَا العَشْرِ، أَوَّلُهَا: "لَا تُخْرِبْ بَيْتَ أَهْلِكَ"، وَخَاتِمَتُهَا: "لَا عِلَاجَ لِلْخِيَانَةِ إِنْ فَاحَتْ نَسَائِمُهَا"، فِي الْبَسَاتِينِ الَّتِي قُبِرَتْ بِهَا مَلَايِينُ الْأَرْوَاحِ، لُحِدَتْ بِلَحْمِهَا المُتَعَفِّنِ، وَنجَاتُهَا مِنْ عَارِ الِاغْتِصَابِ، وَحَمْلِ السِّفَاحِ الَّذِي تَسَلَّطَ عَلَى رِقَابِ الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ فَتَحَ عَلَيْهَا مَجَارِي الْبِرَكِ الْآسِنَةِ، الَّتِي قَامَتْ مَعَ الصَّرَاصِيرِ وَالْفَئْرَانِ، وَالنَّجَسِ وَالْفَطَائِسِ، وَالرِّجْسِ. 7 بغدادُ وأوهامُ العُمرِ
تَعْرِفُنِي! كَيْفَ لَا؟ وَأَنْتَ مِن رُوَّادِ المَوَاخِيرِ، وَالتَّلْخَانَاتِ وَفُنَادِقِ النُّجُومِ،
بَغْدَادُ حَقِيبَةُ ظَهْرٍ مِنْ جِلْدِ سَحَلِيَّةِ كُومُودُو.
زُنَّارُ مُمِسٍ حَرِيرِيٍّ مُهْتَرِئٌ فِي مَزْبَلَةِ المُسْتَنصَرِيَّةِ، يَافِطَةٌ لِأَحَدِ الأَحْزَابِ وَكِتَابٌ فِي السَّرَايِ، يُبَاعُ عَلَى بَسْطَةٍ مَعَ كُتُبِ ابْنِ سِيرِينَ وَقِرَاءةِ الكَفِّ، وَالطُّرُقِ الْحَدِيثَةِ لِلْبَاهِ. صَفْصَافَةٌ سُودَاءُ تَقَرَّحَ فِيهَا الوَرَمُ، تَقَرُّنٌ وَتَعَفُّنٌ بَالْغَنْغَرِينَا، دُخَانُ عَوَادِمَ مِنْ طَرَقُوا الدَّرْبَ الْقَدِيمَ، جَبانَةٌ لِلْكِلَابِ وَالْعَصَافِيرِ النَّافِقَةِ مِنَ الرَّوَائِحِ.
بارٌّ وَجَاجِيكَ، صَلِيُوَةٌ، وَجَبَّارُ أَبُو الشَّرْبَتِ، أَقْدَاحُ الفَافُونِ مَربُوطَةٌ بِالطَّاوِلَةِ، الْمُثَبَّتَةِ بِالْأَرْضِ.
صُحُونُ الْبَاقِلَاءِ، وَالصُّدَاحُ وَالْغِنَاءِ، وَالْبُكَاءِ وَالْخُطَبُ الْعَصْمَاءِ عَنْ تَحْرِيرِ الْبُرَاقِ، وَصِنَاعَةِ زَقُّومٍ مِن سُمِّ الفَئَرانِ لِدَاعِشَ، وَحَلِّ حَرْبِ دَاحِسٍ وَالْغَبْرَاءِ، خِبَاءُ الْقَصْوَى، وَالْدَّمُ الْفَاسِدُ العَبِيطُ.
سِبَالٌ سَرْبَلَنِي، سَبَانِي الدِّبْقُ وَالشَّنَارُ، عَلَى أَنْغَامِ "أَنَا مَنْ ضَيَّعَ فِي الأوهامِ عُمْرَهُ"، وَطَرَقاتِ فَتْحِ قِنَانِي الْجِعَةِ الْفَرِيدَةِ. 8 مَنْ يَعْبُرُ شَوَارِعَ النَّزَفِ فِي بَغْدَادَ، تَارِخٌ مَثْقُوبٌ بِخَانِقَاتِ الذِّكْرَى، وَآثَارٌ مِنْ دَمِ الشُّهداءِ، فِي حُجُورِ النَّسَاءِ العَازَفَاتِ عَلَى نَايِ الأَحْزَانِ.
كُلُّ حَجرٍ يَحْمِلُ صَرَخَاتِ مَنْ أُغْتِيَلُوا فِي ظِلِّ الظُّلمَةِ، تَارَةً بَطَلَتْ فِيهَا مُعَادِلَاتُ العَادِلِينَ، فَلَا حِصَارَ لِمَسَارِحِ الشَّهدَاءِ. أَحأسِسيَ تُحَاصِرُني، مَطَرٌ مِنْ أَفْكَارٍ سَخِيَّةٍ يَسْقُطُ عَلَى زُرَيْبَاتِ الحَيَاةِ، تُحَرِّكَ الرِّيَاحُ نَشَازَاتٍ تُشَتِّتُ كُلَّ مَا عَشِقْتُهُ وَفِي كُلِّ شَرْفَةٍ تَظَلَّلُنِي فِي مَخَارِجِ الحُبِّ، أَخَافُ.
يَسْتَحِيلُ حُبُّهَا مُتَاهَةً بَيْنَ حَضْرَةِ الدُّموعِ وَحُطَامِ الرُّوحِ، لَا تَفْتَحِي بَابَ النِّهَايَةِ فَالزَّمَنُ عَارٌ مُتَجَاهِلٌ يَسْتَمِرُّ فِي حَلِمِي.
وَمَا زَالَتْ بَغْدَادُ تَسْمَعُ قَصَائِدِي تُسَجِّلُ أَعْيُنَ مَنْ غَادَرُوا تَارَةً تَبْكِي، وَتَارَةً تَجْدَلُ أَحْزَانَها فِي زُرَيْبَاتِ الحَيَاةِ، تُغَنِّي لِلْعُزَلَاءِ وَتَضُمُّ كُلَّ الأَرْوَاحِ إِلَى سَجِّلِ المُنَاضِلِينَ. 9 طَعَنني في خاصِرتي وأنا أحمِلُ النشيدَ الوطنيَّ، بَلَّلني المَطرُ، غَسَلَ سَخامَ قِناعِ تَحيَّةِ الخميسِ للعَلَمِ.
الساعةُ الآنَ تُشيرُ إلى فصلِ الخريفِ، أحمِلُ مِكنَستِي تحتَ قَميصِي التَّفتيِّ، مُتعلِّقًا بقوادِمِ سُنونو صديقٍ من أيامِ الهِجرةِ الموسميةِ، ليَكتبَ بيني وبينَ دِجلةَ كاتِبًا بالعدلِ، عقدَ بيعِ الماءِ سبيلًا للجرفينِ لعابرِ سبيلٍ، ليُنصِبَ جَنبَر عِلكةٍ بِطَعمِ النَّعناعِ، سَكايرُ أمريكيةٌ، حَبُّ شمسٍ وقَمرٍ مُستوردٌ من الصِّينِ، وكُلُّ ما أدمَنَهُ العِبادُ من أهلِ اللهِ، من اقتياتِ زادِ الزَّوادَةِ، والـ إيضِ شُربِ النَّسوغِ مُراقبًا ثُقبَ الأوزونِ من خَطِّ الاستواءِ المُقعَّرِ، 10 في قَعْرِ الوِحْدَةِ أَتَعْلَمُ مِن قَرْصِ قَرَادِ الهررَةِ السُّمانِ اِخْلَعْ ريشَ ذُبابٍ مِن أَسْرَابِ الزُّوَّارِ لِعَتَباتِ قِبَابٍ مِن فَرْثٍ، بَاخِعِ النَّفْسِ، سَقِيمًا، وَحِيدَ الأَمَلِ.
مُوحِشَ الظَّنِّ، خاوِي الحَسِّ،
العَوَاصِفُ تَتَرَى مِن الجِهَاتِ الأَرْبَعِ. لَقَدْ تَسَلَّقْتُ مِرَارًا جُدْرَانَ الزَّرَائِبِ، لا تَعْلَمُ سَرِقَةَ الخِرْفَانِ.
تَسْأَلُنِي فِي الصُّبْحِ إِنْ أَزِيدَ أَجْرَها، لَمْ أَسْمَعْ زَئِيرَ الرَّصَاصِ، حَقِيرٌ أَنْتَ، أَيُّهَا السَّرِيرُ، فَقَدْتُ مِسَدَّسِي بَعْدَ أَنْ خَرَجْتَ تَحْمِلُ المَنْدِيلَ المَصْرُورَ.
وَالْأُجْرَةُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، تَرَكْتُ حَمَالَةَ الصَّدْرِ الحَمْرَاءَ، وَاللُّبُوسَ الْمَطَّاطِيَّ الْمُتَهَوِّرَ.
المَأْوَى مَآفُونَ عَلَى أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ الْعَاهِرَةِ تُوَزِّعُ الزَّحْلَاوِيَّ بِأَكْيَاسِ الْأَدْرَارِ.
مَضَارِبُنَا تَشْكُو الجَرَبَ،
أَشْنُقْ سَاقَ الهَرَبِ، وَأَمْنَحْ عَقْدَ نِكَاحِ الْجِهَادِ لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَ يَقْتَبِسُ نُورَ عِلْمِ الْجَفْرِ.
أَحْدَثَ الزِّيَجاتِ الشَّرْعِيَّةَ، عَطَنَ أَبَاطَهُ، وَعَفَنَ قَدَمَ الجُنْدِيِّ الْمَجْهُولِ، تَبْقَى عَلامَةً مَسْجَلَةً لِمَعْنَى الْمُرَابِطَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ الشَّرْقِيَّةِ قُرْبَ نَهْرِ جَاسِمٍ وَالْمَمْلَحَةِ. 11 في كَرْنِفَالِ البَاخُوسِ
ما يَجمَعُني مع هذا الكَرْنِفَالِ النَّعلُ المَشْرُومُ نَتَبادَلُهُ حِينَما يَكونُ الطَّريقُ مُوحِلًا وحُروفٌ تَتحَشَّرُ كَالصَّلاةِ
ثلاثٍ ورُباعٍ بِرَفْعِ الكَفِّ، وإن كانت مِعْهَدًا سُكرانَ لا تَلْبَسِ العَقْلَ مَشْمَشًا اشربْ بولَ القعودِ، انشُرْ أريجَ
أجرِ مع الرِّيحِ، تَكرِزُ دُمُوعَكَ إنْ تَثلَّمتْ أَسْنانُكَ فاستعِنْ بِسَنطُورٍ ضَعْ رِسْنًا ودَعْ نَخْلَةً تَحِيضُ تَمتَطِيكَ، أصْهَلْ، أنتَ
تَحمِلُ الرّمادَ إلى المَكَبِّ تَجُرُّ مَعكَ حِكاياتِ السُّكارى تُدني مِن حافَةِ الشَّقاءِ في عالَمٍ يَشْتَهِي العَبَثَ والجُنونَ 12 في عَمُودِ المِصْبَاحِ
عَمُودُ المِصْبَاحِ يَغْطِي رَأْسَهُ بِالطَّرْبُوشِ، خُوذَةَ الحَرْبِ ضِدَّ الجَحِيمِ وَالمَرَدَةِ. أَشْبَاحُ القَتْلَى وَضِحْكَاتُ الْمُومِسَاتِ، عَقَبَ التَّدْخِينِ وَهُنَّ مُدَجَّنَاتٌ، عَلَى امْتِزَاجِ دُخَانِ السِّيْكَارِ المَعْمُولِ مِنْ وَرَقِ الصُّحُفِ وَنَشَرَاتِ الْأَخْبَارِ، وَتَصْرِيحَاتِ الْمَسْؤُولِينَ، غَدَاةَ اشْتِبَاكِ الْغَيْمَةِ وَالْجَرَادِ، أَتَعَلَّمُ لُغَةَ الْمَطَرِ: الأَحْمَرُ وَالأَسْوَدُ، الْمَالِحُ وَالْحَلْوُ، الحَامِضُ وَالْمُرُّ مِنْ امْتِرَاءِ حَلَمَاتِ الْعَذْرَاءِ. 13 بَعْدَ سُقُوطِ السِّتَارَةِ المَخْمَلِيَّةِ الجَلْنَارِيَّةِ، الإِرْضَاعُ لِلرَّاضِعِ وَالمُرْضِعِ، سَنَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ، طَمْرُ الْخَفْرِ فِي سَرَادِيبِ السَّنَةِ لِعُطيلٍ يَتَدَثَّرُ بِجِلْبَابِ دِيزْدِمُونَةَ. اِرْفَعْ كَفَّيْكَ لِلْسَّمَاءِ حَتَّى تَزْرَقَّ، اِسْتَرْحِمْ لِمَنْ قَضَى وَهُوَ يَقْضِي حَاجَتَهُ وَقُوفًا، الرَّحْمَةُ وَالمَغْفِرَةُ لِمَنْ مَاتَ فِي المَنْفَى مِنَ التَّخْمَةِ، وَجُرُذُ الْبَتَاوِيِّينَ مُخْتَنِقًا، مِمَّا خَلَّفَهُ رُوَّادُ الدُّورِ الْخَلْفِيَّةِ، رَعُونَةُ حُلْمِ الزَّرَازِيرِ: خِنزِيرٌ بِالشَّرْوَالِ تَحْتَ الشَّمَاخِ الْمَلْفُوفِ، يَسْتَظْهِرُ الزُّهُورَ ، زوهر الْيَاسَمِينُ الَّذِي تَزْخَرُهُ النُّجُومُ فِي لَيَالِي شَعْبَانَ، نَثَ مَالِكُ الْمَلِكِ الْوَاحِدِ، النَّابِذُ لِكُلِّ مُنَافِقٍ، وَالخَصِيُّ الفَرِحَانُ بَانَ مِنْ صَلْبِهِ الَّذِي فِي رَحِمِ زَوْجَتِهِ الْعَفِيفَةِ! الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهَا بِشَنْغْهَايَ، وَهِيَ بِطَنَجَةَ، الْقُلُوبُ الْيَابِسَةُ الْمَلْقَاةُ مِنَ السُّطُوحِ إِلَى الشَّارِعِ حَيْثُ الْكِلَابُ تَنْتَظِرُ رَفَعَتْ الْأَسْفَلْتَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا. الشَّرْعُ يُبِيحُ أَكْلَ السَّلُوقِيِّ، لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّي عَلَى جِلْدِهِ، بَعْدَ تَحَرِّي جُودَةِ الدَّبْغِ وَتَعْفِيرِهِ بِالْكَافُورِ. اِبْصُقْ بِوَجْهِ قَاطِعِ تَذَاكِرِ المَحَطَّةِ الأَخِيرَةِ اللُّوطِيِّ، أَتَبَرَّعُ بِالْخَصِيَّتَيْنِ لِلشَّاعِرِ الأَلْمَعِيِّ، وَنَائِبِ البَرْلَمَانِ: الخَصْيَانِ. 14 قَصِيدَةٌ بِمَاءِ السُّوحِ
اُكتبْ قصيدةً بماء السوجِ، تخرج الكلماتُ خضراءَ مسودّةً، لكنها تُقرأُ على الملإ بلهجةِ أهل الشام. ازعقْ بها تحت ضبني، الشعير الأزعرُ صبيٌّ، قرغولُ الفضلِ، أعَلِّقُ في عنقِ قارورةٍ فارغةٍ خرقةَ العلكِ البنفسجيِّ، لامامٍ دفنته البغلُ الهرمُ.
اللهُ في أمةٍ، سادرًا على كرسيِّ العرشِ، غيرَ مبالٍ بالقادمِ وما فاتَ. هيهاتَ! هيهاتَ! الرقادُ بلا رُقَى المسمّريِّ.
أقفُ على سكةِ القطارِ، ليتذكرَ السائقُ في المحطةِ إنسانًا وبالةَ أوراقِ السدرِ. اُكتبْ قصيدةً بماء السوجِ، تخرج الكلماتُ خضراءَ مسودّةً،
لكنها تُقرأُ على الملإ بلهجةِ أهل الشام. ازعقْ بها تحت ضبني، الشعير الأزعرُ صبيٌّ، قرغولُ الفضلِ، أعَلِّقُ في عنقِ قارورةٍ فارغةٍ
خرقةَ العلكِ البنفسجيِّ، لامامٍ دفنته البغلُ الهرمُ.
اللهُ في أمةٍ، سادرًا على كرسيِّ العرشِ، غيرَ مبالٍ بالقادمِ وما فاتَ. هيهاتَ! هيهاتَ! الرقادُ بلا رُقَى المسمّريِّ.
15 هَيْهَاتَ! هَيْهَاتَ! الرُّقَادُ بِلَا رُقَى الْمُسَمَّرِيِّ،
وَمَا يُسِّرَتِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ الْجُلُوسُ فِي شُرْفَةِ قَاسِيُونَ.
أَصْصُ الزَّنَابِقِ الْأَطْلَسِيَّةِ، دُمُوعُ الطِّفْلِ الْمُقَدَّسِيِّ،
السَّايِكُسُ الْمُهَجَّنُ فِي النُّوبَةِ، اللُّبَابُ الْمُتَسَلِّقُ شُجَيْرَاتِ الْحَنَّاءِ الْعُمَانِيِّ.
مُرَاقَبَةُ نُزُولِ اللَّهِ إِلَى سُطْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، فِي صَلَاةِ التَّهَدُّجِ، صَوْتُ الْجُنَادِبِ،
ضَجِيجُ الْعَصَافِيرِ بَاغَتَتْ الْقَطَّ الْأَسْوَدَ. لِلَّهِ دَرَّكَ! لِلَّهِ دَرَّكَ!
يَا قَلْبَ الْقَرَنْفُلِ الشَّاشِيِّ، تَتَنَفَّسُ الصَّعْدَاءَ، النِّقِيقُ.
وَتِينُكَ يَعْزِفُ نَفْسَ اللَّحْنِ الْكُنَائِسِيِّ، تِينُكَ الْيَبابُ وَالْبُورُ.
الْمَالُ بِلَا صَاحِبٍ؟! يَدُكَ تَخْرُجُهَا بَيْضَاءَ.
مَعُونُكَ نَاضِبُ الْخَلَالِ، شَحُّ الدَّقِيقِ، لَا تَمْلِكُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ: أَنتَ، وَأَنتَ، وَأَنتَ تَسْفَحَانِ: الْدَّمْعَ!
الْدَّمَ! النِّقْمَةَ!
الْقَيْءَ! الصَّدِيدَ!
لَا تَشْعُرُونَ! لَا تَشْعَرَانِ!
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اِجْلِدِينِي
-
*فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ* (
...
-
-في غَيَابَة الحُبِّ لاخَلاص*1 -
-
المَسافة
-
هَزيمةٌ
-
سَرابٌ
-
سَقْفَ الهَاوِيَةِ، وَأَنْتِ التِّيهُ
-
لنَعِيش - أنا وظِلّي - بالنَّعْش نتناوَب بَلُّور النُّعَيْش
-
11/ مَراثٍ...
-
مَرَاثٍ عُمومِيَّة وقُدَّاس شَخْصيّ في بانِقيا-*١ بَعيد
...
-
9/مَراثٍ...
-
8/مَراثٍ...
-
7/مَراث
-
5/مَراثٍ عموميّة..
-
3/مَراثٍ عموميّة..
-
6/مَراثٍ عموميّة..
-
تَعالي نَرْتدِي الحُِضْن
-
مَتى تَئِبَ العُمْر؟
-
2/مَرَاثٍ عُمومِيَّة وقُدَّاس شَخْصيّ
-
مَراثٍ عُموميّة وقُداسّ شَخْصي
المزيد.....
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|