خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 10:23
المحور:
الادب والفن
عينايَ تشهدانِ أفولَ النهار
وحفيفَ الأصواتِ الضالة
في أفقٍ بعيد.
لا طيورَ تُغني،
ولا أشجارَ تحكي الحكايات.
فقط صمتٌ
ينسجُ وشاحًا من الذكرياتِ
على جدرانِ الروح.
كأنّ الريحَ
تهمسُ بما لا يُقال،
وتتركُ خلفها
أسرارَ الطرقاتِ المهجورة.
النهارُ ينحني
ليهمسَ في أذني
أغنيةً عن غيمةٍ
لا تَعرِفُ الانكسار.
كأنّ الأمواجَ
تتوقفُ عن الارتطامِ بالشطآنِ
لتنصتَ لصوتٍ
من عمقِ الليل،
صوتٍ يشبهُ رنينَ الحلمِ
قبل أن ينطفئ.
وفي المساء،
حين تنطفئ الأنوارُ
وتغرقُ الشوارع
في سُكونٍ يتيم،
تُولدُ الفكرةُ
في ذهنِ الغريب،
كالنارِ في حقلٍ من الجليد،
كأنّ السماءَ
تفتحُ بابها
ليلتحمَ النهارُ بالظلام،
وتتجلى الأرواحُ
في صمتِ الوجود.
كلُّ لحظةٍ تمضي،
تزرعُ في صدري
وردَةً من الأملِ الغافي،
ينتظرُ قطرةَ المطرِ
لتنهضَ،
لتكبرَ وتغني.
كأني أحملُ السماءَ
في قلبي
وأصنعُ منها مجدافًا
لنهرٍ لا نهايةَ له.
أرى الفجرَ
يطلُّ من عينيكِ،
لا كنهارٍ جديد،
بل كحقيقةٍ
تكسو الأرضَ بخضرةِ الأحلام.
كلُّ حلمٍ
يولدُ في عالمِنا
يرسمُ شجرةً
على صفحةِ الماء،
ينبتُ من العدمِ
ويكبرُ في عيونِ العاشقين.
وتبقى الرياحُ،
شاهدةً على ولادةِ الصمت،
تُحركُ الغصونَ،
تُهدهدُ أوجاعَ الزمنِ الغابر،
كما يهدهدُ الليلُ
قلوبَ السائرين
في طرقاتِ الحياة.
وفي عمقِ الحكاية،
حيث لا أحدَ يسمعُ أغنياتِنا المبتورة،
ينمو السكونُ
كضوءِ قمرٍ في بحرٍ هائج،
وتطفو الذكرياتُ
على سطحِ الروح،
تُحاكينا عن عالمٍ يتنفسُ
من خلفِ الجدرانِ الصامتة،
عن قمرٍ
لا يعرفُ الأفول.
وفي ليلِ الجبالِ الصامتة،
تنمو الآهاتُ كأشجارِ التين،
يختبئُ خلفَ أوراقها
سرُّ الروحِ الخفي،
وعندما تسقطُ ورقةٌ
تسمعُ الأرضُ صوتًا
لم يُسمع من قبل.
هناك،
في قلبِ السكونِ الساكن،
تفتحُ السماءُ أبوابَ الحلمِ،
ويُكتبُ على أضلاعِ النجومِ
ما لا يجرؤ أحدٌ
على كتابته في النهار.
وفي النهاية،
حين يغمر الليلُ
آخرَ أنفاسِ النهار،
تولدُ أغنياتٌ
لا تُكتب إلا في صمتِ الروح.
كلماتُها تذوبُ في الرياحِ،
تحملُ أسرارَ الذين مرّوا
ولم يتركوا أثراً،
وتزرعُ في القلبِ
أجنحةً خفية.
هي أغنياتُ الحالمين،
التي لا يعرفُها أحدٌ سواهم،
تلك التي تتنفسُ من عمقِ الليلِ،
تنمو وتذبل كالأقمار
التي لا تَعرِفُ الفجر.
وكلُّ أغنيةٍ،
وإن صمتت،
تبقى شاهدةً
على مسيرةِ أرواحٍ
لم تُخلقْ لتعيشَ في ضوءِ النهار،
بل لتحيا في نورِ الأحلام.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟