بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 02:52
المحور:
كتابات ساخرة
في عالم السياسة الدولية، تتكرر مشاهد تشبه إلى حد كبير مباريات كرة القدم، لكن اللاعبين هنا هم دول، والحكم هو مجلس الأمن الدولي. في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات في "الملعب"، يجلس الحكام في المدرجات، يتناولون الفشار ويتبادلون النكات، وكأنهم يشاهدون مباراة بين فريقين محليين، وليس صراعا دوليا يهدد الأمن والسلم العالمي.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يبدو أنه قد سئم من هذه المسرحية، أطلق صرخته الأخيرة، متسائلا عن سبب صمت مجلس الأمن في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. وكأنه في حصة دراسية، يرفع يده ويتساءل: "أين أنتم يا أولاد؟ ألا ترون ما يحدث؟" ولكن الإجابة تأتي من المدرجات: "نحن هنا لمشاهدة المباراة، وليس للتدخل!"
تخيلوا، دبابات إسرائيلية تتجول في منطقة تابعة لقوات اليونيفيل، وكأنها في نزهة عائلية، بينما تتعرض قوات حفظ السلام للهجوم. في هذه الأثناء، يواصل مجلس الأمن متابعة المشهد وكأنهم يشاهدون فيلما دراميا، يتبادلون التعليقات: "هل رأيت تلك الحركة؟ كانت رائعة!"، في تجاهل واضح لحقيقة أن هناك أرواحا بشرية تتعرض للخطر.
هذا العجز المروع لا يظهر فقط فشل مجلس الأمن في حماية المدنيين، بل يبرز أيضا الانقسام داخل المجلس نفسه. إن تقسيم الأعضاء إلى مجموعات مصالح متضاربة يجعل من الصعب الوصول إلى توافق، مما يعمق من معاناة الشعوب التي تنتظر الفرج. وفي أوقات الأزمات، يتحول المجلس إلى ساحة للمفاوضات الباردة، حيث تستخدم الأزمات كأوراق ضغط سياسية.
في ظل هذه الظروف، يصر الرئيس أردوغان على أن العالم أكبر من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، مشيرا إلى انغلاقهم على أنفسهم واحتكارهم للقرارات التي تؤثر على مصير الشعوب. لكن هؤلاء الأعضاء يبدو أنهم قد قرروا أن يكونوا جزءا من نادي النخبة، حيث تتخذ القرارات خلف أبواب مغلقة، تاركين بقية العالم يتخبط في الفوضى.
ختاما، يبقى السؤال مطروحا: هل سيستمر مجلس الأمن في مشاهدة هذه المسرحية الهزلية، أم سيختار أخيرا أن يتدخل ويأخذ موقفا فعالا؟ ربما يتطلب الأمر ضغوطا من المجتمع الدولي أو حتى تغييرا جذريا في هيكل المجلس ذاته. لكن حتى ذلك الحين، سنظل نشاهد من المدرجات، نتناول الفشار، ونتبادل النكات، بينما العالم من حولنا يحترق.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟