أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطايع الهراغي - هرطقات شاردة مجنونة وعاقلة















المزيد.....

هرطقات شاردة مجنونة وعاقلة


الطايع الهراغي

الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 22:14
المحور: الادب والفن
    


" ولعمري إنّ العيون لتخطئ، وإنّ الحواسّ لتكذب. وما الحكم القاطع إلاّ للعقل"
(الجاحظ)
"إذا كانت الحركة بشوق طبيعيّ لم تسكن البتّة"
(أبو حيّان التّوحيدي)
"الأحلام غالبا ما تكون أكثر عمقا عندما تبدو مجنونة"
( فرويـد)

يوما ما ستسكنك أفكار مجنونة منفلتة متبرّمة بكلّ انتظام وعليك أن تسايرها،أن لا تخدش ما انتظمت فيه من ترتيب :أن تروم الشّيء وتشتهي نقيضه،أن تتمرّغ في كلّ ضروب الغلط وتعتنق ما يجب من الشّطط،عليك أن تحصي كلّ ما جنته نفسك عليك من أخطاء وأن تعيد ارتكابها بأكثر ما يجب من الحرص على الإتقان والتّفنن لتضمن أنّك لم تترك لأبناء الحلال من بني جلدتك فرصة اتّهامك بالتّلميح هروبا من عواقب التّصريح.عليك أن تعتذر عن هرطقاتك بالإصرار على الاعتراف بها والاعتزار بكونك أتيتها بكامل الإدراك والتّعقّل.فليس من صالحك أن يكون للاعتذار مجال في ما أفنيت عمرا ترتّب تفاصيله وتقسو على ذاكرة تعذّبك وتأبى أن تنسى.فلم تُبق لك إلاّ أن تكون لها وفيّا.
"لم يكن يقين قطّ حتّى كان قبله شكّ"( الجاحظ) ليس لك إلاّ أن تشكّ في المشكوك فيه شكّا يخلّصك من التّوزع بين الشّكّ القاطع واليقين الحاسم،ويزيل عنه كلّ االتباس ويرفعه إلى أعلى مراتب اليقين،وتبخس اليقين وبه تكفر ما لم يكن سبيلك إلى معانقة ما لا يحلو للنّاس الخوض فيه.يوما ما ستدرك كلّ الجدوى من أن تهيم بما لم ينصّص عليه السّلف في حواشي رسائلهم وما نصحت به الكتب المقدّسة في متونها ولا الشّرائع السّماويّة في أسفارها:أن ترتكب أكثر قدر ممكن من الآثام وأفظعها دون أن تشعر بموجب لوخز الضّمير ولا بالحاجة لأن تعتذر لأحد كائنا من كان عمّا أوغلت فيه من أخطاء انتقيتها انتقاء لتكون لك دليلا به تهتدي إلى أيِّ من الدّروب عليك أن تسلك وأيّ من المحن عليك أن تمتشق لتعيد ترتيب ما بات مهدّدا بأن يمّحي من الخرائط وما فسد من الخطط.عليك أن تدفع عنادك وظنونك إلى أقصاها وأن تسلّم بأنّه عليك أن لا تمدح أعداءك ومريديهم إلاّ بما يليق بهم من سافل الكلام ويضمن لك ولهم حفظ المقام.
يبدو أن الطّبيب النّمساوي فرويد مؤسّس علم التّحليل النّفسيّ ،في مشوار غوصه في البحث عن القادح الذي مثّل بداية تشكّل وعي بني الإنسان،لم يجانب الصّواب في ما استنتجه عندما ذهب إلى أنّ قطار الحضارة المقاد بصدفة عجيبة والمثقل بما أتيح له من حمولة من الآلام والأوهام والهواجس والميول الحيوانيّة والمشبع بأبهى الأحلام وأنصع الانفعالات انطلقت رحلته في لحظة خطإ فارقة:يوم خطر لابن حوّاء في ساعة من ساعات غروره المثلى أن يتجرّأ فيقطع مع الخمول ويخرق ما ألِفـه في سائر أيّامه ولياليه وأن يكون وقحا متجاسرا في تطاوله على طاحونة الشّيء المعتاد،فكان الذي كان،جازف بارتكاب أخطر الهرطقات في دفاتر مروقاته وديوان "أيّامه":تلك أرقى خطيئة في مسار خطاياه، أجمل الزّلاّت في حياته الحبلى بطبعها بالانتكاسات وأكثرها فرادة.أبهى الانفعالات في تاريخه يومَ خطر له أن يتمرّد على صلفه وبدائيّته ويتنطّع على ما هو حيوانيّ غريزيّ فيه.ففي فورة من فورات جنونه القصوى،تلك التي يصعب أن تكون في غير ساعات سمره الأخيرة في الهزيع الأخير من ليلة ليلاء عاصفة،وفي لحظة تأبى أن تتاح دوما لمن يطلبها،ومضة من أمتع لحظات الشّرود الذي لا يريد له أن ينتهي،عوض أن يلقي حجرا كدأبه دوما لمّا تستبدّ به حالات الغضب المجنون وتغالبه حتّى تغلبه،ألقى كلمة.فكان ما كان:مشى الضّدّ إلى ضدّه،حنّ النّقيض إلى النّقيض وبه التحم، عانقت الذّاكرة تاريخها.فكان نقطة البداية لنسيج من الحكايا يجمع بينها شيء واحد،كونها متشعّبة يضفي عليها غموضها رونقا وجمالا وكثيرا من الإغراء الآسر. فكان العبور ممّا هو روتيني مقرف ومملّ إلى ما هو رهانات متعدّدة ومعقّدة ،من المعادلات البسيطة إلى الإرهاصات المركّبة ومن حدود الرّؤية المنغلقة الى آفاق الرّؤيا المنفتحة.وكان ما يجب أن يكون:عرس الكلمة الدّامي وهيبتها الأخّاذة،سطوتها المرعبة وجبروتها النّاعم:الكلمة بما هي ورطة وتورّط سيل من توالد أسئلة من أسئلة،بداياتها ملغومة.بعضها معلوم واضح بيّن، ونهاياتها عالم من الألغاز والتّكهّنات.لا حاجة لها بأجوبة:سؤال يعانق السّؤال،يمسك بتلابيبه وبه يحتمي .
في البدء كانت الكلمة. ومنذ البدء كانت جراحاتها،والكلمة لمن جرّب روعة الاكتواء بها فعاشرها والتاع بسحرها يعرف أيّ لغم بديع هي عندما تكون هي اللعّنة وهي الرّحمة. فكان القلق الدّائم.وكانت الحيرة.وكان الحِلّ. وكان التّرحال.كان الغضب فكان الاحتجاج، كان الشّكّ. شكّ قاتل مربك عنيد،يحلّق في الآفاق فيزيده الوضوح التباسا كأشدّ ما تكون حالات الالتباس،بيّن حتّى ليكاد يكون هو عين اليقين،ويقين غامض ملتبس ضبابيّ حائر محيّر،هو إلى الظّنّ أقرب،إن لم يكن هو الشّكّ وقد استقام واستقرّ حقيقة حيرى.مغامرة شاقّة متشعّبة مضنيّة لأنسنة حضارة أريد لها أن تكون دوما موحشة ومتوحّشة.هي رحلة العذابات والجراحات والآمال والأحمال والهواجس في آن.
مأساويّة سفراته كأشدّ ما تكون المآسي تعاسة ودراميّة،ولكنّها ما خلت يوما من بطولات كأروع ما تكون البطولة.
عجيبة هي هرطقات ابن حوّاء على قلّتها وغرابتها وكثرة علاّتها.وأعجب منها تلك النّرجسيّة المفرطة التي كان بها دوما مزهوّا،"عُجب عجيب لم يجد فوق نفسه من مزيد".هي سؤال الأسئلة وتشعّباتها وعسر الأجوبة وانغلاقها.كائن لا ينجذب إلاّ إلى كلّ ما يبعث على الحيرة والإثارة فيعشقه بصدق،ويتعشّق المنفلت منه وبه يُسحر،يفتنه ما كان موغلا في عالم الغريب فيلاحقه بكلّ ما يعتريه من رغبة في التّملّك والاستحواذ، يحدوه تشفّ ما ينفكّ يتعاظم ما لا يفهم له أسبابا.ويجد في ذلك من المتعة ما يجعله دوما في أقصى حالات الاستنفار تأهّبا وتحفّزا.يفنى فقط في ما كان منها ناشزا. " موحا المعتوه موحا الحكيم". ذلك هو الإنسان. حكيم في جنونه،مجنون في عربداته ونزواته،رصين في حكمته. في تهويماته متسلطن.أطواره غريبة وشطحاته فريدة. من نطفة خًلـِق.فشكّل من نطفة أفقا وصنع منها ألقا.
هو الحيوان الوحيد الذي يضحك في سرّه بألم ويبتسم في علانيتّه بفرح،بكثير من التّباهي وببعض التّبجّح وبرغبة جامحة في التّجاهر،أحيانا في غياب أيّ موجب وبتعمّد متقن ومدروس. يخطر له أن يتبسّم وهو يتأمّل أكثر المشاهد قرفا.
من هرطقاته أنّه في مقاومته لفوضى الأشياء وفي سعيه ليخلق من نشازها وعبثها وفوضاها انتظاما ما استنجد بالضّحك ليجعل منه مدخلا للسّخريّة من العالم وعلامة دالّةعلى تبرّمه بما هو معتاد وكفره بما هو مألوف.ينفعل وبوعي حادّ يخرجه من طور إلى طور.ويكون ضحكه في أعسر ساعات توتّره وأكثرها تشّعبا،في أحلك حالات غضبه وأشدّها وقتامة وإرباكا وقلقا. تحاصره الأحزان،تعتصره. تسكنه وتعاشره وهو في أقصى لحظات انتشائه وانتعاشه. بين الحين والحين،بين الغفوة والغفوة،تعتريه بهتة مباغتة وتلفّه الحيرة دون أن يدرك لهما سببا. يموت شوقا إلى أن يعجن من أتعس ما في المأساة من الفظيع أروع ما في الملهاة من البديع،يجعل من جراح،يراها الجميع بسيطة والتّذمّر منها موجبا للتّندّر،وساما ومدخلا لتدبيج أطول المراثي وأكثرها دراميّة.يحلم مع كلّ انفلاتة أيّا كان ميقاتها.أجمل أحلامه وأكثرها أناقة هي بلا منازع تلك التي تكون عصيّة على التّمثّل،متمرّدة على المعقول ومتطيّرة من المألوف.وأكثرها تألّقا ما يكون في عزّ القيلولة.وأمّا أبدعها فلا يكون إلاّ مع انبلاج ابتسامات تباشير الفجر الأولى أو قبلها بقليل.يعي جيّدا مأساة ضحكه وعربدة أحلامه وجموحها الأخّاذ.أمّا عن السّبب فذاك من عُجب الأعاجيب،يُستحسن أن لا تسأل عن وجاهته مادامت قيمته كامنة في ذاته.آية ذلك أنّه على غاية من البساطة: كائن يرفض أن يموت قبل أن يموت، قبل أن يعقد جلسة منادمة حميميّة طائشة مع ملك الموت،أن لا يرحل قبل أن ينهي وصيّته بأن لا يحتفل أيّ من صحبه ورفقته بموته قبل أن يعرك الحياة ويتذوّق من مرارتها طعما،أن لا ينسى ما حبته به الحياة الكلبة بنت الكلب من دلال مريب وما تكرمّت به عليه من انتقام لا يقلّ ريبة، فيظلّ يتعشّقها ويعشق روعة محنها على قدر تبرّمه بكثرة انفلاتاتها وما أهدته إيّاه من العذابات.إذا كان لا بدّ ممّا ليس منه بدّ فقدر من الوقت بما يكفي لينتقي ما يجب على الذّاكرة أن تمجّه فتلفظه،يتناساه بكلّ الوعي والإدراك لكي يطمئنّ إلى أنّه لم ينس شيئا. وبعدها ليكن ما يكن. فذّاكرته بطبعها ماكرة عنيدة، يسكنها ثأر موغل في القدم ممّن لم يدركوا أنّ أخطر الحروب وأشدّها قذارة ما كان منها استهدافا للذّاكرة واستئصالا للقدرة على التّذكّر،فتلجأ هي الأخرى إلى أن تتدبّر إلى التّحايل سبلا لتراوغ عهر الزّمان وصلفه ومنه تنفلت.تتظاهر بما يكفي من التّناسي وبمقدار،وتتدثّر بما يلزم من حقد وبمقادير.تتناسى إلى حين لكي تضمن أنّها لم تنس ولن تنسى أبدا.
أغلب الظّنّ أنّ الضّحك في عرفه بعضه مرض عضال لم يرتجي أن يشفى منه يوما، وبعضه سلاح به يلوذ نسل حوّاء (وليس نسل آدم،لأسباب تعود إلى سهولة إثبات النّسب)ليتحصّن من غوائل الزّمان،من أن تتآمرعليه نفسٌ اتّهِموها دوما بأنّ دأبها أن تكون بالسّوء أمّارة وعليه محرّضة.عندما يضحك يكون ذلك بفرح مشوب بالأشجان عساه يحتال على ما يداهمه من الأتراح والأدران والأشجان وأحزان اللّيل الأليل وحلكة ظلمته لمّا يرخي سدوله.لا يساوره أدنى خجل في أن يضحك من نفسه وعلى نفسه في حالات غضبه ووجومه وفي حالات فرحه وحبوره،أحيانا رغما عنه،والغريب أن لا يعتريه من ذلك أدنى وجوم.غاية الغايات (وهي مشحونة بكلّ المكر والخبث والرّغبة في الثّأر)أن لا يترك للشّامتين من أبناء حوّاء وبنات آدم مجالا للاستهزاء بنزواته التي تأبى إلاّ أن تلازمه ملازمة الغريم لغريمه.هي ظلّه حيثما اتّجه وأنّى حطّ الرّحال واستقرّ به المقام. يحدث مثلا أن يضحك فقط عساه يغيظ الآخرين ويسخر منهم وعليهم.يستعذب أن يجد في ذلك من المتعة ما لم يخطر له على بال ولا قرأ له حسابا فيشفي بذلك غيله.تتملّكه رعدة عجيبة وهو يتلهّف إلى احتضان ما يتهاطل عليه من أفكارالعربدة المجنونة التي تلاحقه كظلّه وتأبى أن تتلاشى،تقتحم عليه اختلاء النّفس بالنّفس في لحظة هي الوجد والتّيه. تفعل ذلك وتنساب بدون استئذان.خطرفة من الأفكار عن نفسها تراوده. فلا يمكلك إلاّ أن يراودها عن نفسها.تقتحمه فتربكه فتفتنه فيتعشّقها بفرح طفوليّ. أفكار متداخلة متضاربة مشوّشة كأجمل ما يكون التّشويش.متعالية على ما سواها،تأبى الانتظام لتنتظم على هواها وكيفما اتّفق لها أن تنتظم. يصرعها حينا.فتصرعه أحيانا.تظلّ تدعوه إلى نفسها بلا كلل ولا ملل.فليس له إلاّ أن يستسلم لها صاغرا مبهوتا ما دام لا يملك خيارا ليقوى على مجابهتها. فلولاها لما كان.ولما كان لأعاجيبه ذكر.ولكانت حياته جحيما.فأية قيمة للإنسان إذا لم تأسره فكرة مارقة حارقة شاردة حرون، ولم توقعه في حبائل غرامها، تعركه وتلبسه حتّى يسلّم بأن ليس منها فكاك فيعتنقها ويختار أن يكون بإرادته أسيرا في محرابها؟؟يتضاحك من صدفة صادفته على وجه الخطإ، وسيظلّ يذكر أنّه طاردها سنوات وحلم بها أناء اللّيل وفي عزّ القيلولة، وفي البال أن ينال حضوة السّبق. فتخاتله وتتركه على ظمإ. يضحك بكلّ ما أوتي من شبق الدّنيا الفاتنة حتّى لا يكون فريسة لهزيمة أخرى لا يدري من أيّ باب من بوّابات مدينة أحلامه تفاجئه فتداهمه وتتسلّل مع أوّل الغزاة من زوّار اللّيل. لمّا يقتحم عسس السّلطان ومريدوه عالمه يشكّل من الكلِم أوتادا ومن الأوتاد خياما وأسوارا بها يحتمي وأبراج مراقبة تدلّه على مسارب الوشاة من أولاد الحلال. الكلمة – كلّما كانت مجنونة خلاّقة - إذا عشقتها وسبحت في لجّ هواها وصنت حرمتها لن تخونك أبدا ما دمت لها وفيّا وما لم تطلّق عالمها. بوقاحتها تظلّك وتحميك من وقاحتهم السّمجة.
ساعةَ يداهمه اليأس ويصرعه ومنه يتمكّن ويأخذ منه مأخذا ويوشك أن يستسلم تكون المفاجاة.ما هي؟؟تلك حكاية أخرى من حكايات ذاك الزّمان وهذا الزّمان،حكاياته في سجلاّت ذّاكرة تعذّبه بكلّ الإتقان وتقسو عليه بكلّ الشّغف وتسامره بعشق ربّانيّ صوفيّ.يحلو له في ما يستطيع أن يسترقه في غفلة من لحظات صحو خاطفة كالبرق الخلّب منفلتة من نكد الدّنيا ومفاجآتها وسخط الزّمان وتقلّباته أن يهذي ويستعذب سحر هذيانه لكي لا ينفجر.
طوبى للهذيان كلّما كان واعيا،متحفّزا،منسابا.وطالما أن لا أحد ألزمك به فأنت دوما في مأمن من كلّ اعتذار،هذيان تهيم به فيهيم بك .يسكنك ساعة وبعضَ نبض السّاعة فيكون وتكون إلى عالم الأحلام أقرب.يغالبه الشّوق فيحلّق في ثنايا المستحيل وإليها يقودك في رحلة هي العجب العجاب. فيها تتقاذفك الأفكار فتستسلم لاسترسالها وانسيابها، كأن تلاحق حلما بدا لغيرك أضيق من ثقب إبرة،ويسكنك اليقين بأنك ستبلغه،كأن تغصّ بلحظة سكرى هائمة ملتاعة وأنت تأبى أن تختنق، كأن تصدّق مثلا ومثلا فقط - بعد أن يركبك الغرور وبه تصير مزهوّا- أنه بالإمكان وربّما ببعض اليسر أن تتسلّل من ثقب غيمتين في أجمل مراوغة دون أن يصيبك من قطرة بللٌ.أن تلاحق غيمة شاردة وأنت مشبع يقينا أنّك عاجز عن الإمساك بها فيسبقك عنادك ويكون لك هو الدّليل.كأن تنتظر موعدا تعلم علم اليقين أنّك لم تضبط موعده ولم تتدبّر مكانه ولم ترتح لتاريخه.كذلك أردته أن يكون،موعدا افتراضيّا مجنونا تكسر به عادة مألوفة لم ترتح لها يوما.كنت دوما تريد من النّاشز والغريب أن يستوي ويستقيم.كأن تطارد ذاك الذي يأتي دوما ولا يأتي أبدا.والغريب أنّك متأكّد تمام التّأكّد أنه لن يأتي. ولذلك بالذّات يركبك العناد وتصرّ على المكابرة لتجعل من المسنحيل حالة ممكنة.ولك في ذلك ما تصرّ على أن تعتنقه كضرب من ضروب التّدبّر والتّفلسف:أن يكون لهرطقاتك تفرّدها وسحرها وسرّها ومعناها ومغناها.لا بأس أن تكون عاقلا حدّ الجنون،وأن تلجم عربدات العقل وجموحه وفورة غضبه بما يلزم من بلادة العاطفة وركاكتها. إذا داهمتك فكرة جموح، مستهترة،غاضبة، ركبها الجنون،مثخنة بجراح المكابرة لا ترتعب،فيقينا أنّ مصيرها أن تستقرّ يوما على حال فتهتدي إلى ترتيب فوضاها .لا تحاول أن تأسرها في انتظام ما على شلكلة علب السّردين فتقتل بريقها وتكسر تنطّعها وتحكم عليها بالعقم.الفكرة الجامحة كالمرأة الحرون.سبيلك إليها أن تعرف بالضّبط متى تقتحم عليها عالم جنونها وتفرّدها.أن تبني من استفزازها حكاية تريدها أن تكون نسيج وحدها.
"حتّى لا يكون المستقبل أسوأ ما في الحاضر"(فلوبير) ليس لك إلاّ أن تّغرّد خارج معزوفة ما يطلبه المستمعون.

-



#الطايع_الهراغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشهاد حسن نصر الله/عروش تتهاوى والمقاومة باقية
- تونس= الانتخابات الرئاسيّة والرّهانات الخاسرة
- مأزق الانتخابات في تونس/انتقام التّاريخ من ثورة مغدورة
- اغتيال إسماعيل هنيّة/ سباق المسافات الطّويلة
- هل أتاك حديث الانتخابات ؟؟ رحلة الاجتثاث الانتخابيّ في تونس
- غسّان كنفاني في ذكرى استشهاده الثّانية والخمسين/ قدر الفلسطي ...
- شيء من العربدة المنفلتة والهذيان الواعي
- في باب الحبّ والشّجن والكراهيّة والحقد
- مائويّة الحركة النّقابيّة التّونسيّة/ رحلة البحث عن الاستقلا ...
- عربدات التّاريخ/ ويل لمن سبق عقله زمانه
- تونس من -امبراطوريّة- الخوف إلى -امبراطوريّة الصّمت
- 30 مارس ذكرى يوم الأرض/ تغريدة عزف فلسطينيّ منفرد
- تونس/ زمن الأعاصير
- هرطقات/ الهذيان العاقل
- 11 سنة على استشهاده/ شكري بلعيد حيّ لا يموت
- وفاء للمناضلين/ الذّكرى الرّابعة لوفاة منصف اليعقوبي
- جنون التّاريخ/ جانفي التّونسيّ شهر الجمر
- تونس: من عشريّة الغنيمة ألى عهد الأغنام/ من عشريّة التّجريب ...
- 88 سنة على وفاة الطّاهر الحدّاد/ مأساة- نبيّ مجهول-.
- غزّة الفلسطينيّة / بلاغة الثّورة تصحيح لأخطاء التّاريخ


المزيد.....




- أهم عشرة أفلام تناولت الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- مسلسل العبقري الحلقة 4 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطايع الهراغي - هرطقات شاردة مجنونة وعاقلة