جابر حسين.
الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 22:58
المحور:
الادب والفن
" أولوس ": كل هذا الحزن نقوله للمشهد الثقافي.
-------------------------------------------
( لي موعد معك
الساعة الآن تمام الخامسة
لم تكترث لموعدنا
... عند الناصية
لم تقفل النقال ولم تسمعه.
هل كنت تنوي الرحيل
أم كن غليظا لأجلي
أم رؤوفا بذكري تركتها هكذا
مثل وردة بلا ظل ولا ماء ؟
الوردة التي انبثقت علي ساعديك
تنفض الآن ثوب أريجها
وتتمطي
علي الطرقات
شكرا
بؤرة ضوء
ظلا
وأسف. ).
- مصطفي عجب / مجتزأ من قصيدة - تحتضن النافذه ذاكرة المدينة ، ديوان ازيزنا الليلي ، ص 6o/61. صادر عن دار توتيل للطباعة والنشر والتوزيع. اسطنبول.
في هذه الأجواء المدلهمة, وفي دائرة الرعب والخوف والحسرات الكثار, التي تعيش وقرها الثقيل بلادنا وشعوبها, الخراب والدمار الذي حل بأرض السودان من أدناها إلي أقصاها, القتل المجاني وعلي الهوية,الدم في كل مكان, في الشوارع والبيوت وحيثما وجد إنسان, والقسوة التي في الحياة, الملايين من أبناء وبنات شعوبنا في النزوح الكبير وفي الشتات, الخطر يحيط بنا, يجهزنا, كل أوقاتنا أينما ولينا وجهنا, والناس, كل الناس, تعيش تحت ظلال الموت جراء المرض وإنعدام الدواء المنقذ للحياة, وخروج حوالي 80% من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة, يموت كل يوم المئات من النساء والرجال والأطفال وكبار السن.
في هذه الأجواء, أجواء الموت والحزن والآلام والقسوة, في هذا الواقع المرير الذي يحيط بنا " يقطف " الموت منا أجملنا, فيشرع " الموت يلقطنا زي الطماطم, لقيط جد جد ", علي قول عثمان بشري. فيظل يطاردنا و" يلقطنا " الواحد بعد الأخر: بدأ بالفنان الكبير محمد الأمين, تلاه المفكر والقانوني والشاعر كمال الجزولي, ثم الشاعر محمد المكي إبراهيم, ولم يتوقف قط, فهاهو, في سبتمبر الماضي, يأخذ منا, من حديقة " أولوس " المزهرة الأستاذان, الشاعر النوبي الكبير كمال عبد الحليم, وتلاه, بعد أقل من عشرة أيام, أستاذ الرياضيات الفذ والأديب الناقد خليل حسين بامي. كمال بحلفا الجديدة قرية خمسة, نهار الأثنين 18- 8- 2024م. وخليل بكسلا, الأحد 1- 9 -2024م. كمال عمل مشرفا كتابيا بالقسم الأداري بالسكة الحديد بكسلا حتي تقاعده بالمعاش. شاعر ومسرحي كبير, وهو أحد مؤسسي
" رابطة أولوس الأدبية " بكسلا, وكان يكتب عمود راتب في أصدارة أولوس الشهرية, وأختار له عنوان " أوراق الورد ". كمال كتب الشعر الفصيح وكتب بالعامية, وبالنوبية أيضا, وفي أخريات سنوات حياته لجأ للكتابة للمسرح, أو لنقل " مسرح الشعر " حسب قوله, وله فيه ثلاث مسرحيات.
كل هذا الكم الكثير, ذو القيمة الأدبية الثرة, لم يطبع منه شيئا البتة, لا في الشعر ولا في المسرح! في وقت سابق من العام 2018م, تقدمنا بمقترح لطباعة ونشر الأعمال الكاملة لكمال, وافق هو, وكذلك وافق " اتحاد الكتاب السودانيين " الذي تقدمنا له بمقترحنا, والحال كذلك, قام الأستاذ جابر حسين بتسليم مخطوطة الأعمال للأستاذ السر السيد عضو المكتب التنفيذي للأتحاد عبر الشاعر والكاتب الصحفي مأمون التلب, هكذا, للأسف العميق لم تري النور حتي حلت معركة الخرطوم, وحل معها الخراب والدمار فلم يعد يوجد شيئا في مكانه! لكننا, سوف نبذل كل السعي لمعرفة مصيرها, لكأن كمالا كان لا يحب أن يكون في الأضواء, لكن تراث كمال الأدبي لن يضيع, سيكون في مشهدنا الثقافي, حاضرا ومضيئا لامعا كما ينبغي له أن يكون.
2 – خليل بامي.
خليل حسين بامي, معلما بثانوية البنات بكسلا, وأستاذ الرياضيت فيها. لكنه نبغ في مادة الرياضيات, عارفا بدقائقها ومبدعا فيها، نحن في " أولوس ". نعده من أميز معلمي الرياضيات في بلادنا, وإلي جانب تخصصه هذا, وجدناه كثير القراءة, مجيدا في مختلف حقول المعرفة, محللا بارعا للوقائع والتحولات في جوانبها كلها تقريبا. خليل, محاور ممتاز عندما يحدثنا, برؤيا وفكر العارف, في شئون الأدب والأيدلوجيا والفلسفة, وفي الراهن السياسي, فقد كان تقدميا وهو في تواضعه وأدبه وتهذيبه المعروف عنه. أضافة إلي معرفته للموسيقي وأجادته للعزف علي ألة العود. حدثنا الأستاذ جابر حسين أنه سبق وأتفقا, هو وخليل, علي الأشتغال لإعداد دراسة شاملة عن الشاعر أمل دنقل, دراسات في حياته وشعره, كان ذلك حوالي العام 1985م, ويمضي جابر فيقول, شرعنا في ذلك المشروع وكنا نذهب يومان أسبوعيا إلي خشم القربة للتفرغ لذلك العمل, وكنا نحل بالمنزل الحكومي بحامية خشم القربة فقد كان يشغله خال خليل المقدم في الجيش, وتقديرا لخليل, فقد جهز لنا بالمنزل كل ما نحتاجة مع تفرغ أحد العمال, خفيرا ولخدمتنا, وماذا حدث من بعد, نقل جابر إلي ولاية الجزيرة, ومن المرجح أن المخطوطة تكون من ضمن ما تركه خليل, وليت شقيقه الأصغر الأستاذ بامي, يضع يده علي أوراق وكتابات خليل, فعلي التأكيد سنجد كنوزا ثمينه من الكتابات علاوة علي مخطوطة كتاب أمل دنقل.
** هكذا, رحلوا عنا, وما تركوا سوي الذكري, والذكري حنان وجدوي, الجدوي لما أودعوه فينا: هذا التراث الثر من أعمالهما في الثقافة والفكر الذي بين أيدينا الآن:
لآ, ليست آخر الرحلة,
فللموت رائحة البقاء
تلك الأيام...
وتلك الرائحة
فيا للنقاء
ويا للوجوه التي أنبتت لنا
في الثري
برعما أخضرا
ثم غدا أحمرا
فيا للبهاء
ثم تأتي,
تأتي لتعطي ظلالنا
إندلاع الحريق
كثير المعاني
فيا للبريق.
** " أولوس" تتقدم بالعزاء الحار لأسرتيهما, ولأهلهما ومعارفهما, ولأهل الثقافة والفكر والأدب في كسلا وحلفا الجديدة, وللمشهد الثقافي في بلادنا في هذا الفقد الفاح الذي لآ يعوض,
لهما الخلود في الضمير الثقافي, وفي ذاكرتنا .
** رابطة أولوس الأدبية _ كسلا **
- كسلا في 5 أكتوبر 2024م.
---------------------------
#جابر_حسين. (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟