أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أحمد شافعي - نصير شمة: موسيقانا صفر أمام الموسيقى الغربية















المزيد.....



نصير شمة: موسيقانا صفر أمام الموسيقى الغربية


أحمد شافعي

الحوار المتمدن-العدد: 1778 - 2006 / 12 / 28 - 08:17
المحور: مقابلات و حوارات
    


الإسلام حول الموسيقي إلى رذيلة ـ عمل موسيقي واحد أهم من مائة خطبة سياسية ـ لم أستطع طوال عمري أن أجد صديقا ـ أريد أن أعيد البهجة إلى الشعب العراقي ـ الغربة جرثومة بداخلي لا تموت ـ الفنان الحقيقي لا يقدر على إيذاء الآخرين ـ الفنان الحقيقي هو الذي لا يشرب الخمر ـ أتمنى أن أزرع موسيقارا في كل بيت عربي ـ مشروعي القادم هو قصيدة النثر المصرية
حاوره: أحمد شافعي
عندما قرأت ذات مرة قصيدة للشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا تقول فيها: "كي يرى الموسيقى، صنع لنفسه كمانا من زجاج". لفتتني العبارة، ولا أعرف لماذا شعرت بأن هذه الكلمة تقصدني أنا تحديدا، فقد صنعت لنفسي عودا من روح، وصار عودي شفيفا، وصرت أرى من خلاله. هكذا كتب الموسيقار العراقي الكبير نصير شمة ذات يوم. كان في ملتقى العود الدولي الذي أقيم مؤخرا في سلطنة عمان فرصة للاقتراب من عالم هذا الفنان الكبير:
ـ في أول مرة لمست فيها يدك العود، عاقبك أستاذ مادة الأناشيد، هل استمرت الموسيقى مدعاة لعقاب لنصير شمة؟ أقصد أن المبتلى بالفن يكون أكثر حساسية تجاه قسوة العالم، أكثر عرضة للوجع، هل كان هذا هو الحال معك؟
ـ لا، ولكن صرت ألتقط الوجع ثم أعيد تحويله إلى جمال. أيا كان هذا الوجع، فالحروب مثلا وجع بشع، يجعلك تخسر ناسك، تخسر ذكرياتك، ينسف وطنك، ينسف أشياء كثيرة، ولكنه في الوقت نفسه يجعلك تسأل نفسك كيف يمكن من خلال الموسيقى أن تحول كل هذا القدر من الوجع إلى جمال، كيف تحول قبح العالم هذا إلى جمال؟ هذا هو السؤال. فالإنسان بما أعطاه الله من عقل قادر على أن ينشر الجمال، وهو بنفس القدر يستطيع أن ينشر الحرب و القبح في كل مكان في العالم. فلم لا تسهم كفنان مع الآخرين في زيادة مساحة الجمال وتقليص مساحة العنف، والتعصب، والعرقية، والتخلف هذا الذي بدأ يستشري من جديد في مختلف المجتمعات
ـ على رأي أدونيس "ابتكر قصيدة وامض، زد سعة الأرض"
ـ بالضبط

ـ الروائي لورنس داريل، وقد عاش بالمناسبة مثلك في مصر ولكن في الإسكندرية، يقول إن "الموسيقى خُلقت في العالم لتؤكد وحدة الإنسان"
ـ مائة بالمائة أتفق مع هذه المقولة، وأقولها دائما. عملي يتركز في نقطة واحدة: هي أن يوحد العالم كله باتجاه الموسيقى، أنا لا أريد أن أوحد الموسيقي، بل أريد توحيد الذات الإنسانية في استقبال العمل الموسيقى.
في الحفلات التي أقيمها في مصر أو في سلطنة عمان أو في بغداد أو في أي دولة أوربية أو في العالم كله، يكون رد الفعل تجاه موسيقاي في الغالب متشابها بما يزيد عن 80 بالمائة. الاختلاف فقط يأتي من أن الأوربيين حظوا بفرصة وجود تقاليد موسيقية، في حين لم يحظ العرب بهذه الفرصة، على الأقل في سنوات استقلالهم وهي كلها في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي فترة غير كافية لتطوير تقاليد موسيقية، لكن أنا أرى أن الموسيقى لغة روح تستطيع أن توحد وجدان العالم في استقبالها، في تلقيها، في تأثيرها على الإنسان، لأن عملا موسيقيا واحدا قد يكون أهم من مائة خطبة لسياسي كبير، لماذا؟ لأن العالم كله يستطيع أن يتعامل مع الإبداع في حين أن ثلاثة أرباع العالم على الأقل مختلفون على أي سياسي في العالم

عشت غريبا في العراق

ـ أنت فهمت مقولة داريل على النحو الجميل والمتفائل، ولكن داريل في حقيقة الأمر يقصد أن الموسيقى خلقت لتؤكد وحدة الإنسان بمعنى عزلته، وكأن الموسيقى شرنقة للإنسان.
ـ شوف، كل موهوب يشعر بغربة. بمجرد أن تولد الموهبة في الإنسان تولد فيه نواة للغربة، تكبر كلما يكبر، كلما يزداد الوعي، وتزداد الثقافة، تزداد الغربة طولا وعرضا
ـ غربة ليس لها علاقة بالجغرافيا
ـ لا، إنها غربة أخطر. أنا شخصيا ذقت ثلاثة أنواع من الغربة، حين كنت في العراق غريبا عن بيتي، غريبا عن ناسي، غريبا عن مدرستي، عن أطفال بمثل عمري
ـ غريب بمعنى مختلف؟
ـ بل بمعنى أنني لا أنتمي إليهم، لا أعرف كيف أمارس ألعابهم. لم أكن قادرا على اللعب حين كان عمري خمس سنوات، كنت طوال الوقت أتطلع إلى مراحل قادمة في حياتي، لذلك لم أعش مراحل نموي الطبيعية كما ينبغي، لم أعش الطفولة الطبيعية، أو مراهقة طبيعية، إلخه، في كل تلك المراحل كنت أكبر من سني وكان أصدقائي دائما أكبر مني، وإلى الآن، وبينما أنا في الأربعينيات من عمري، تجد أصدقائي في الستينيات أو السبعينيات، لم أستطع طوال عمري أن أجد صديقا في مثل عمري يكون مرآة لعقلي ولفكري ولروحي، فقد كان العقل والفكر والروح جميعا أسرع نموا من العمر.
ـ يبقى نوعان من الغربة؟
ـ هناك أيضا الغربة عن الوطن. الغربة في المكان. أما الغربة الأكبر فهي التي تنتابك وأنت في وطنك، وأنت في بيتك، وأنت في أي محيط، عندما تشعر بالغربة أينما تكون، فبينما لا يوجد مكان يمكنك أن تسميه وطنا إلا الذي ولدت فيه دونما اختيار منك، ودونما مقدرة على إنشاء وطنك لأن الغربة تولد مع الإنسان مثل الفيروس لا يمكن أن تموت، بل بالعكس، كل يوم تزداد.
ـ في ظل هذا الشعور بالاختلاف، كيف تتعامل مع العالم من حولك؟
ـ إذا تعامل المرء بتلقائية مطلقة، وفقا لما يشعر به، فسوف يجد نفسه إنسانا منبوذا ومكروها من الكل. ولكن على الفنان أن يجد صيغة تجعله يعيش حياته الشخصية الفنية، فأنا أعتبر الحياة الشخصية للفنان هي فنه، حياته الشخصية الحقيقية التي ولد من أجلها هي مشروعه الموسيقي والثقافي الذي ينبغي عليه أن يعيشه مع نفسه، على أن يعيش شخصية أخرى مختلفة إلى حد كبير عما يشعر به، أي يضطر للمجاملة، يضطر أن يكون غير نفسه، وهذا نفاق، لأنك إذا عشت ممارسا حقك الطبيعي في أن تكون غريبا فسوف تشعر بكل الناس ضدك.
لكن بمرور الوقت، تزداد الفترة التي يخصصها الفنان لإبداعه الحقيقي، فترة تلقي الإلهام لو صح القول، أو الإشاع النوراني الذي يعطيك عملك الفني. أنا لا أتكلم عن "آلاتي"، أنا أتكلم عن شخص يكتب موسيقي، ويؤلف، وعنده أفكار، عنده تصور، ورؤية للعمل الذي يقدمه، وهذه أشياء لا تحدث اعتباطا، لا تأتي فقط بالتمرين، وإلا لتمرن كل الناس وصار لهم مؤلفات، هذه أشياء تنتج عن عوامل عديدة متراكمة، بينها الثقافة والقراءة المتواصلة، والعلم، وسعة الاطلاع، وبينها أيضا إيمان بأهمية ومحورية دوره في الحياة، وهذا الإيمان لا يأتي من قشور، بل من تأكيد حقيقي على دور العمل الذي يقدمه، وهذا الدور يتكون من فروع لا يمكن أن تنفصل، منها شق إنساني بحت فالفنان الحقيقي لا يمكن أن يكون قادرا على إيذاء الآخرين، أو قطع أرزاقهم لا يمكن للفنان أن يكره أو يحقد أو يشعر بالغيرة. ولو كانت في الفنان واحدة فقط من هذه المثالب، فذلك يعني أن لديه خللا رهيبا
ـ تكاد تقول إن الفنان هو بالضرورة إنسان مثالي
ـ دعني أقل لك شيئا. من الذي يمنح الموهبة؟ الله، عندما يخص الله إنسانا بهذه الخصوصية، ألا يصبح هذا الشخص صاحب رسالة في الحياة، هل سبق لك أن رأيت رسولا من الرسل غير الدينيين يسلك سلوكا خاطئا في الحياة؟ لا يمكن. حتى أصحاب الرسالات الإنسانية مثل غاندي أو الإمام علي وكبار الأولياء والعلماء في الفقه أو اللغة، لا يمكن أن يكون لأي منهم سلوك خاطئ، يستحيل
ـ إذن أنت ترى أن القادر على منح الجمال هو شخص عاجز تماما عن التسبب في القبح
ـ ولا يمكن أن تنطوي روح فنان حقيقي على أي قدر من القبح، وإلا لا يمكن أن يصدقه الناس. هناك آلاف العازفين الآن، ولكن خمسة منهم أو أربعة على أقصى تقدير هم المتميزون، وأنا أتكلم عن الموسيقى العربية، هناك أربعة عازفين ولو عصرتهم عصرا لصاروا اثنين يمثلان القلة النادرة من العازفين الذين تشعر أن قبسا من نور الخالق يتجسد في أعمالهم، قلة هي التي تشعر أنها تضيف إلى العالم، وأن غيابها أو عدم وجودها يشكل فراغا، يؤدي إلى نقص في العالم. مثل هذا الفنان لا يمكن أن تشوبه شائبة.
منذ كنت في السنة الثانية من دراستي بالمعهد، كنت أعتكف عشر ساعات أو أكثر يوميا مع العود، أنظف فيها نفسي من الغيرة، والأنا، فأنا حين أصنع فنانا مثل حازم شاهين أو نهاد السيد أو مصطفى سعيد، إنما أخلق منافسين لي
ـ أم تخلق امتدادا لك؟
ـ أنا أصنع هؤلاء الفنانين اولا لأخلق مساحة أكبر من الجمال. فحين يمتدح الجمهور العماني الآن الفنان حازم شاهين، أشعر أنا برضا أمام الله، أشعر أن الله أعطاني شيئا متواضعا فغرسته في كم نبتة، وسوف تكبر هذه النبتات، وإذا سألت هؤلاء الفنانين لوجدتهم مطالبين بعمل الشيء نفسه، فالطالب لا يتخرج في بيت العود قبل أن يمارس التدريس، وإذا دخلت بيت العود فسوف تجد الكل يقوم بالتدريس للكل.
ينبغي إذن أن تقتل الأنا، وأعني بها الأنانية وليس النرجسية، فمن المهم أن تحب نفسك، مهم أن ترى نفسك إنسانا نزيها، إذا كنت كذلك حقا، وأن ترى أنك طاهر، فأنا مثلا أقول لطلبتي الذين أصبح بعضهم الآن زملاء لي، أقول لهم إنه لا يمكن لفنان أن يشرب الخمر أو يدخن، لا بد أن يعرف كل فنان كيف يتخلص من هذه الشوائب
ـ ولكن التاريخ يخبرنا عن فنانين عظماء كانوا يشربون ويدخنون ويفعلون ما هو أفدح من ذلك بكثير
ـ لا يعنيني هؤلاء. أنا أتكلم عن الفنان كما أعرفه. الفنان الذي أراه حينما أختلي بنفسي، حينما أرى السماوات مفتوحة أمامه وأرى الدنيا وكأنما رفع عنها الحجاب، هذا هو الفنان الذي أعرفه، الذي أرسله الله بمهمة إلى الأرض. أرسله لكي يرى الناس أنفسهم وأطفالهم وحبيباتهم والعالم كله أكثر جمالا. هذا هو الفنان الذي أعرفه. لذلك طول عمري أقول إن الله كما يمنح الموهبة، قادر على أن يسلبها في لحظة، إذا لم يعرف الفنان قيمتها، وإذا لم يعرف كيف يتعامل معها كما يجب. الفنان لا يدخن، لا يسرق، لا يكذب، لا يحقد، فمن شأن كل ذلك أن يقتل الجانب المضيء فيه
ـ وكأن الفنان راهب
ـ بل رسول. مع مراعاة الفارق الديني، فالرسول بالمعنى الديني لديه رسالة دينية، أما هذا فرسالته جمالية. ولكن ما دمنا نشتق كلمة "موهوب" من "هبة" ومن "وهاب هو الله" فنحن بالتالي نتكلم عن رسل
ـ ابن عربي يقول " هن محل الانفعال"، هل لهذا السبب قلت في حوار لك إن المرأة كامنة دوما وراء أهم الأعمال الفنية في تاريخ العالم
ـ ما الذي يجعلنا نعمل؟ إنه الانفعال، بمشهد جميل، بحادثة، بمقتل أبرياء، بحالة حب. أنا مثلا كتبت في عصفورين مقطوعة موسيقية عنوانها "حب العصافير" لا تزال تعد حتى اليوم ثورة في طريقة التفكير في آلة العود. عندما انتهيت من عزفها في عام 1982 في حضور كل طلبة وأساتذة معهد الموسيقى، لم يستطع طالب أو أستاذ أو ناقد أن يبقى جالسا في مقعده. ثورة استوحيتها فعلا من رؤيتي لعصفورين، رأيت في حبهما لأحدهما الآخر حبا أجمل من حب البشر.
ـ كثيرا ما تنطلق في تأليف موسيقاك من صور، هنا عصفوران في حالة حب، مقطوعة أخرى انطلقت فيها من رؤية الموضع الذي قتل فيه الشاعر الأسباني لوركا
ـ أنا لست سوى عينين مدربتين على التقاط الصور وتحويلها إلى رموز موسيقية، أعيد رسمها عبر عقلي وروحي وأصابعي للآخرين لتغرس في أذهانهم صورة أخرى. لقد عبرت عبورا سريعا في موضع قتل لوركا. لم أقض إلا لحظات قليلة في المكان، وفي مساء ذلك اليوم كان هناك حفل، وكانت له طبيعة خاصة لا تحتمل المجازفة، فقد كان هناك 200 كاتب ومفكر وفيلسوف وشاعر عربي وأسباني يناقشون واقع الثقافة العربية في نهايات القرن العشرين، كان ذلك في عام 2000، وكان على رأس هؤلاء أدونيس ومن هم في مثل قامته، كان هناك الأوائل في كل مجال، فما كان هناك مجال لأن أجازف بقطعة مرتجلة أمام هؤلاء.
أنا دائما أضع نفسي في موضع الآخرين. لذلك بينما كنت أزور موضع مقتل لوركا، تخيلت نفسي لوركا، رأيت نفسي أسير والرصاصة قادمة من خلف ظهري، فأسقط صريعا على جبل، بينما أرى غرفة نومي على مرمى البصر في حضن جبل آخر، كيف فكرت حينئذ في أوراقي، من سيعتني بها، لأن أكثر ما يهم الفنان هو ما يتركه، هل سيبقى؟ هل سيجد من يعتني به؟ هل ستجد كتبي من يعتني بها، ويطالعها؟ هل سأكون مؤثرا في البشرية؟ لحظة السقوط تلك في نهاية حياة لوركا هي التي اقتنصتها من تقمصي لشخصيته. وحين اعتليت المسرح، قلت للحاضرين إنني زرت موضع مقتل لوركا، وتأثرت بذلك، وسوف أرتجل قطعة عن جارثيا لوركا، وقدمت المقطوعة، ولم أغيرها بعد ذلك، ولدي كثير من المقطوعات التي أصبحت محطات مهمة في مشواري، وهي مرتجلة على المسرح، ولم أغير فيها بعد ذلك
ـ عندك مقطوعة أخرى اسمها "ارتجال" مهداة إلى السنباطي
ـ كانت ارتجالا، ولكنه ارتجال جاء تاليا لعلاقة حب واحترام وفهم للسنباطي، فأنا أعتبره واحدا من نساك الموسيقى العربية، بل الموسيقى في المطلق.
ـ لماذا؟
ـ لأنه صاحب فكر وصاحب فلسفة في الشرق قل مثيلها على الإطلاق.
ـ هل تراه أهم في تاريخ الموسيقى العربية من محمد عبد الوهاب أو الأخوين رحباني مثلا؟
ـ هناك فئة يمكن تصنيفها كلها كذهب. لكن الذهب يبدأ من عيار 18 إلى 24. السنباطي في تقديري المتواضع 24
ـ والرحبانية؟
ـ بوسعك أن تضعهم حيث تشاء في المساحة من 18 إلى 24، أما أنا فأرى السنباطي 24، والباقي يتلونه في درجات. لا أريد أن أتطرق إلى من جدد أو طور، أنا أحكم على ما يبقى، دع عدة عقود من الزمن تمضي ثم انظر واحكم. الأغاني التي نسمعها لأم كلثوم الآن هي التي لحنها الشيخ زكريا أحمد ورياض السنباطي والقصبجي. هؤلاء الذين أضع أعمالهم في الخط الأول. في الخط الثاني يأتي عبد الوهاب، ومحمد الموجي، وبليغ حمدي طبعا، وسيد مكاوي، وإن كان لمكاوي مكانه بين الشيوخ لكنه لم يحظ بوقت كاف مع أم كلثوم، ومع ذلك فإن أعماله تقف مع الكبار من أمثال زكريا
ـ استلهمت لوركا وأمل دنقل والسياب، استلهمت أمجد ناصر وأدونيس والحلاج ودرويش؟ من سردية أمجد ناصر إلى غنائية درويش وثوريته، ومن صوفية الحلاج وروحانيته وربما يسوعيته إلى تجريد أدونيس وعمقه؟ هل تتعمد التنقل بين تجارب متباينة إلى هذا الحد؟
ـ طوال عمري أتنقل. فلو أنني لا ألقي نفسي في مناطق مختلفة ومتنوعة التضاريس، سأعيش حياة عادية روتينية. لدي ثوابت بالطبع ولكن الذي يخوض تجارب يثري نفسه أكثر. فأنا حينما أدخل إلى عالم قصيدة النثر، لا أدخلها على مدى أيام أو شهور، بل على مدار سنوات، أتابع فيها كل الكتابات، لذلك أستطيع أن أحدد اتجاهي وأستطيع أن أعثر على ما يتسق وفكري، فأركز عليه ويزداد اهتمامي به، ثم أشتغل عليه.
التجربة القادمة ستكون على قصيدة النثر في مصر. أنا في مصر من أواخر 98، ولكنني لم أشأ أن أعمل على هذه الموضوع حتى لا يبدو مجاملة لمصر، فلا أحب أن يتهمني أحد بالنفاق، ولكنني بعد هذه السنوات أثبت أنني بعيد عن هذه الشبهات.
قرأت الكثير من التجارب لشعراء مصريين، هم جميعا أصدقائي، سواء أعرفهم معرفة مباشرة، أو أصدقائي الذين أعرفهم فكرا وإبداعا، وأعمل على إبداعم بهدوء منذ أكثر من عام لأنجز ليلة استثنائية عن قصيدة النثر في مصر.
ـ هل اكتمل لديك تصور لهذه الليلة؟
ـ ستكون بإذن من الشعراء، وربما بمشاركة منهم أو بمشاركة ممثلين، لأن كثيرا من الشعراء يخربون شعرهم عندما يقومون بإلقائه، وهناك شعراء يعطون شعرهم وهجا عند إلقائهم له حتى إن كان شعرا بسيطا
ـ عندي فضول إلى أن أعرف من الشعراء الذين ستعمل عليهم؟
ـ كثيرون، ولكن لا أستطيع الآن أن أعلن أسماء، لأنني لا أريد أن أورط نفسي، فأنا إنسان أنضج يوميا، فرأيي اليوم غير رأيي بعد ستة أشهر، لأنني أقرأ يوميا، ومفاهيمي تتغير من يوم ليوم
ـ كدت أتهمك بأنك لا تعمل إلا على القامات الكبرى الشهيرة، ولا تحاول المغامرة باكتشاف قامات كبرى ربما تكون مغمورة؟
ـ لا، إطلاقا، أنا في بيتي لوحات لأكبر رموز الفن التشكيلي، وأخرى لفنانين غير معروفين إطلاقا، العمل الفني بالنسبة لي هو المهم، طبعا اسم الفنان مهم، ولكني لا أقتني لوحة لأنها لفلان من الفنانين، بل لأنها تعجبني، لأنها تكمل نقصا عندي
ـ في حوار لك، قلت إن الموسيقى العربية ظلت على مدار قرون، على مدار الـ 1400 سنة الأخيرة تقريبا، محايدة وغير مؤثرة، على الرغم من أن الفاربي أضاف وترين إلى عودك مثلا
ـ أنا أقصد أن لدينا منظرين وفلاسفة ما كان لمشاريعهم الفكرية أن تكتمل ويصبحوا ائمة في العلم إلا بمعرفتهم للموسيقى
ـ كالكندي مثلا
ـ الكندي كان عبقريا. لديه نظريات في الهارموني. كلهم كان لديهم علم بالفلسفة والفلك والرياضيات والموسيقى والطب. هؤلاء فلاسفة. لكنني حينما أتكلم الآن عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وأنا لا أحب المقارنات، فلكي تقارن ينبغي لك أن تدرس جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل شيء. ولكنك عندما تتكلم عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية فأنت تتكلم عن إرث لا ينتهي، من أبي الموسيقى باخ، إلى آخر كبار الكلاسيكيين الذين عاشوا قبل مائة عام مثلا، فأنت تتكلم عن إرث مهول من الموسيقى، نحن أمامه صفر. لماذا؟ لأن كل شيء لدينا غناء؟ ولكن لماذا كل شيء غناء؟ لا بد للموسيقي من دراسة موسعة ليجيب على هذا السؤال.
ـ هل لديك إجابة؟
ـ نعرف أن الإسلام جاء فجب ما قبله. غير الحياة كلها وأعاد رسم حياة جديدة. صار على كل شيء أن يمر عبر الدين. فماذا كان على الموسيقيين الموهوبين أن يفعلوا؟ هل كان عليهم أن يموتوا؟ صاروا يدخلون عبر الشعر، عبر التواشيح الدينية، في مدح الخالق والرسول عليه الصلاة والسلام، فأدخلوا الموسيقى على استحياء تحت ظل الشعر، فسمح لها رجال الدين بالمرور. كان الإسلام في ذلك الوقت يثبت أركانه ويضع أسسه، ولم تكن الموسيقى ضمن اهتماماته، ولم يظهر موسيقي يقول أنا قادر على تأليف موسيقى تمثل الخلق وتمثل الخالق وتمثل الأفكار الألوهية، فظلت الموسيقى بمنأى عن أي تطور حدث في الحياة. هذا هو السبب في انقطاع السلسلة الممتدة من بابل ومن وادي النيل، وهذا ما منع التطور الموسيقي الذي شهدته هاتان المنطقتان من الانتقال إلى الإسلام. وهذا الكلام لا يعني أن الإسلام ضد الموسيقى، بل يعني أن الإسلام بدأ حياة جديدة لم تكن الموسيقى من أولوياتها، لأن الذين كانوا يتعاملون مع الموسيقى لم يكن لهم مكان إلا الأماكن الليلية، أي الملاهي، وهو ما جعل الموسيقى ترتبط بالرذيلة
ـ في حين احتضنت الكنيسة الغربية الموسيقى
ـ لا، ليس في الغرب، نحن قبل الغرب، ففي بابل ظلت الموسيقى على مدار مائة أو ربما مائة وخمسين عاما بعيدة عن الشارع، ظلت في المعبد فقط، وكان الموسيقي يعيش في بلاط الملك، متمتعا براتب يفوق رواتب كبار القادة، لأنه كان هو نفسه الكاهن، وكان ذلك منذ ستة آلاف عام. فالموسيقى بدأت في المواقع الدينية. وهكذا أرى الموسيقى، فإحساسي بقدسية الموسيقى نابع من أنه ليس اعتباطا أن كل الديانات اتخذت الموسيقى وسيلة للاتصال بالله سبحانه وتعالى
ـ قرأت لك أنك تتطلع إلى لغة موسيقية فصحى، لغة يتعذر فيها التفرقة بين التونسي والمصري والخليجي والعراقي؟ أنت ضد الاختلاف؟
ـ بالطبع لا، أنا مع ما للغة العربية من جاذبية. أنا أريد موسيقى تحقق ما للغة العربية من رونق. عندما يتكلم أحد باللغة العربية فإنه يوصف بالفصاحة، لاستخدامه جماليات اللغة، ولإتقانه لها، ولسلامة مخارج الحروف لديه. أنا أريدللموسيقى أن تصل إلى هذا المستوى. أن تمتلك هذا الرونق والجاذبية. ولكن الاختلاف رحمة ونعمة وثراء في الموسيقى. فكما يوجد تنوع في الزي والطعام والجغرافيا والعادات، لا بد أن يناظره تنوع موسيقي أيضا.
ـ قلت أيضا إنك لا تؤمن بموسيقى شرقية أو غربية. لكن ألا تشعر أن الموسيقى الغربية ـ ولا أتكلم هنا إطلاقا عن الروك آن رول ـ أقل حسية من الموسيقى الشرقية
ـ ما الذي تعنيه بالموسيقى الشرقية الآن؟ من يتكلم عن الموسيقى الشرقية الآن فهو يتكلم عن الغناء في الغالب. ولكن الغناء ليس الموسيقى. الغناء غناء. أما الموسيقى التي أعنيها فهي الموسيقى الآلية،
ـ تقصد الأعمال الموسيقية المؤلفة للأوركسترا؟
ـ نعم هذه هي الموسيقى التي أعنيها. وهنا أتساءل، ما الشرق والغرب بالأساس؟ أما كان الفارابي والكندي وابن سينا يأتون من قرى العالم وهم بعد لم يتجاوزوا العشرة أعوام ليدرسوا في المستنصرية ببغداد، وهناك يصيرون علماء، وهناك ينتجون علومهم، كيف تتحدث هنا عن الشرقية والغربية؟ العالم كله يدرس ابن الهيثم باسمه.
هناك سلالم موسيقية كلنا نستطيع أن نعزفها. لا توجد آلة شرقية أو آلة غربية. هناك آلات ولدت بالشرق وآلات ولدت بالغرب، لكن نحن نستخدم التشيلو والفلوت والأكورديون وغيرها في إنتاج موسيقانا
ـ اسمح لي، هل تتخيل مثلا راقصة شرقية ترقص على موسيقى الهارب، تلك الآلة التي خرجت من الكنيسة أو المعبد، في حين نرى جميعا راقصات ترقصن على القانون
ـ الآلة لو بقيت في الكنيسة فلن تصدر موسيقى. لا بد لكل آلة من عازف. المؤدي هو الذي يقود الآلة لإخراج كل نغم يريده، إذا أراد لها الرقص فسوف ترقص ، إذا أراد منها الخشوع فسوف تخشع، هو الذي ينطقها.
فيما يتعلق بالشرق والغرب أيضا، عندما ظهر العود بالأندلس على يد زرياب في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد، أدى إلى ثورة من الآلات، مثل اللوت والبزك والمندولين والكثير من الآلات التي رأينا بعضها هنا في الملتقى. هل تستطيع أن تقول عن موسيقى اللوت إنها شرقية لأنها ناتجة عن آلة ذات أصل شرقي؟ تبقى موسيقى اللوت معبرة عن فكر غربي، في حين موسيقانا تشبه الفكر العربي. أما الآلة من حيث هي آلة فلا تستطيع أن تصنفها كشرقية أو غربية. هي نتاج للبشرية، وعلى البشرية أن تستثمرها بالشكل الذي يناسب رؤاها وثقافتها. نحن نأخذ البيانو ونعمل به كل شيء. المبدع يخلق الفكرة وللعالم كله الحق في استغلالها كيف يشاء
ـ لك مؤلفات على وتر واحد في العود، فلماذا أضفت وترين؟
ـ كان ذلك مخطوط للفارابي، وكل ما فعلته هو أنني قمت بتحقيقه. لقد تعلمت من دراساتي أنني عندما أحصل على معلومة فلا بد من نشرها. وكانت تلك المخطوطة خاصة بعود الفارابي المثمن، والآن اكتشفت مخطوطتين بعودين آخرين أحدهما له عشرة أوتار والآخر له اثنا عشر وترا، وكلا المخطوطين للفارابي.
ـ هل تستخدم العود المثمن حتى الآن؟
ـ لا، في الحفلات والتسجيلات أستخدم العود سداسي الأوتار، وقد أقدم العود المثمن في بعض الفقرات
ـ هل تقوم بتدريس العود المثمن في بيت العود؟
ـ لا، حتى الآن لم أدرسه
ـ أخشى أن ينتهي الأمر بالعود المثمن إلى الزوال مرة أخرى
ـ أنا حققت المخطوط، كما يأتي عالم بنظرية تصبح بعد ذلك ملكا لمن يريد أن يطبقها
ـ وأثبت المخطوطة عمليا
ـ طبعا، وبين فترة وأخرى أقدم أعمالا على العود المثمن، لكنه ليس سهلا، ولا بد لمن يقترب منه أن يمتلك خبرة كبيرة بالعود ذي الخمسة أو الستة أو السبعة أوتار.
ـ أعرف أنك بدأت علاقتك بالموسيقى بالفعل في عام 1977، وها هو 2007 يطل علينا. ما خططك للأعوام الثلاثين القادمة؟
ـ إذا عشنا، أريد أن أفتح في كل مدينة عربية وغير عربية بيتا للعود. لأن هذا مجال عملي، حيث أقوم بتخريج عازفين شباب في قمة المهارة وأريدهم أن ينشروا رسالة سلام وحب وجمال في كل العالم، أتمنى أن أزرع موسيقارا في كل بيت عربي، وحينذاك ستجد الحياة وقد تحولت بالضبط إلى ما كان يتمناه أفلاطون
ـ أعرف أن بيت العود القادم قد يكون في مسقط
ـ إن شاء الله، تحدثت في هذا مع أصدقاء عمانيين. ولمست رغبة قوية لدى الجانب العماني في إنشاء بيت للعود، وأنا أيضا لدي رغبة مماثلة. إذن التقت الرغبتان، وإن شاء الله سوف نأخذ الشباب الموهوبين لفترة زمنية في القاهرة ثم يعودون إلى عمان كوادر في العود
ـ هذا يعني أن القاهرة ستبقى مركزية في عملك
ـ حتى حفلات التخرج جميعا سوف تقام في القاهرة. واللجنة التي قامت بتخريج أول 12 طالبا، هي التي ستقوم بتخريج الباقين، أو على الأقل سوف يكون هناك فرد من تلك اللجنة الأولى ثابتا
ـ ألا تحلم ببيت للعود في بغداد؟
ـ طبعا، بالتأكيد. إضافة إلى أن لدي مشروعا كبيرا للعراق، ولكن الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي يعيشه العراقيون منذ 1981 وحتى اليوم يحتاج إلى عملية خرافية في الموسيقى. لكن في ظل ظروف طائفية وظروف تكفيرية
ـ واحتلال
ـ طبعا، الاحتلال هذا كارثة. هو أساس كل هذا الخراب في العراق. طبعا صدام أخطأ، لكنه ليس آخر المخطئين في العالم العربي، والشرقي، والإسلامي، والعالم الثالث. على أية حال، أنا لا أريد الخوض في هذا. لدي كما قلت لك مشروع كبير للإسهام في تغيير الشخصية العراقية من خلال الموسيقى، بدءا من الصغار إلى الكبار، ومن القرى زحفا إلى العاصمة
ـ علاج جماعي بالموسيقى؟
ـ ليس علاجا. فقط إتاحة الموسيقى للجميع، استماعا وتعليما وتأثيرا. هناك تجربة في الريف المصري نفذها شخص مصري وزوجته حيث أقاما مزرعة لا تعتمد على المواد الكيميائية إطلاقا، لدرجة أنهما ظلا يتخلصان من محصول المزرعة لمدة ثلاث سنوات لضمان خلو منتجاتهما من أي آثار للمواد الكيميائية. المهم أن هذا الرجل وزوجته قاما بتعليم أطفال الفلاحين الموسيقى، فأصبح أبناء الفلاحين الآن يستمعون إلى موسيقى باخ ويتذوقون هاندل وبيتهوفن والسنباطي
ـ ولكن حلمك في العراق سيكون موسيقيا فقط. أم هناك جوانب أخرى؟
ـ إطلاقا، ليس لي علاقة بغير الموسيقى. لا أريد أن أتبوأ أي منصب، ما يهمني هو أن أعيد إلى الشعب العراقي بهجة روحه التي انطفأت عبر هذه السنين
ـ حاليا تقوم بجهود إنسانية
ـ حاليا أرأس مجلس ثقافة ورعاية أطفال العراق، وقد حظيت منذ فترة بلقاء ملك البحرين الذي تبنى مشكورا علاج عدد من أطفال العراق، قرابة 100 طفل أوشك علاجهم على الاكتمال، وكذلك رئيس الإمارات الذي تبنى علاج نحو 70 طفلا سوف يصلون للعلاج في الإمارات خلال أيام، وخلال فترة تواجدي هنا لحضور ملتقى العود الدولي، فتحت الباب مع سلطنة عمان لأتمكن من إحضار بعض الأطفال ليتم علاجهم بإشراف ورعاية من جلالة السلطان، حيث طرحت هذه الفكرة على بعض أصدقائي في الحكومة العمانية وأتوقع ردا إيجابيا قريبا لأنه لا يمكن لدولة عربية أن ترفض مثل هذا الأمر.
مجلسي يرفض استقبال الأموال على الإطلاق، ويقوم فقط بجهد تنسيقي حيث توجد لجنة طبية من أصدقاء لي في بغداد، يختارون الحالات، وهناك مصاريف بسيطة أنا أتكفل بها، ثم أتنقل في العالم من أجل علاج الأطفال في الخارج ثم إعادتهم سالمين إلى العراق
ـ تقييمك لملتقى العود الدولي؟
ـ أنا أساسا لا أحب ملتقيات العود ولا أشارك فيها. هذه هي مشاركتي الأولى. وقد شاركت لسببين أولهما أنه يعقد هنا في السلطنة حيث لي الكثير من الصداقات، وثانيا لوجود د. محمود قطاط، الذي كتب النص لأول سي دي صدر لي عام 1994، والذي تربطني به علاقة قديمة حيث أكن له الكثير من الحب والاحترام والمودة، لذلك لم أتردد قي القبول، فقط كنت حريصا على أن يكون المشاركون في الملتقى على مستوى جيد
ـ وتحقق ذلك؟
ـ تحقق بنسبة جيدة جدا. كان التنظيم ممتازا. والكتاب الذي صدر خلال الملتقى عن تاريخ العود يعد تحفة، وسيكون مرجعا مهما في كل مكان، خاصة بعد أن تكتمل ترجمته إلى الإنجليزية والفرنسية، هو كتاب علمي منهجي محايد يصحح الكثير من الأخطاء التاريخية في موسيقانا، أنا شخصيا أعتزم إدراجه ضمن مناهج بيت العود.
إضافة إلى ذلك جاءت المتابعة الإعلامية والبث التليفزيوني لوقائع الملتقى لتضيف مساحة من الجمال إلى العالم، حيث تمكن الملايين من متابعة الموسيقى والمحاضرات المتعلقة بها.
أتاح لي الملتقى فرصة التعرف بالعديد من الصناع والعازفين. خاصة وأنك قد تستمع أحيانا إلى عازف فتجده عظيما في تسجيلاته، أما على المسرح فلا تجد له حضورا، والعكس يحدث أيضا. لذلك كان الملتقي مفيدا لكل من حضره.
ـ ما مآخذك على الملتقى؟ هذا ما يهمنا يا أستاذ نصير من أجل التطوير؟
ـ يعني، من الأفضل أن يقدم العازف حفله وموسيقاه أولا، ثم تقام الورشة لمناقشة تجربته، وليس العكس. كان المتبع خلال الملتقى هو إقامة الورشة في الصباح لمناقشة تجربة العازف، ثم يقام الحفل ليلا. المفروض أن يحدث معنا ما يحدث في مهرجانات السينما، حيث يتم عرض الفيلم، ثم تقام ندوة في صباح اليوم التالي لمناقشته.
ـ هل القاعة المخصصة للملتقى مؤهلة للموسيقى؟
ـ لا ليست كذلك. كان لا بد من مسرح. ولكن هذا لا يغيب عن المنظمين بكل تأكيد. وقد سألت عن ذلك، وقيل لي إن أغلب القاعات مشغولة بفعاليات أخرى نظرا لكون مسقط عاصمة ثقافية للعالم العربي.
ـ هل لك علاقة بالموسيقى العمانية؟
ـ ليست هذه أول زيارة لي إلى عمان، لقد اقتربت كثيرا من موسيقى هذه المنطقة، وأعرف مدى تنوع موسياقاها، من موسيقى الصحراء إلى البحر، إلى الريف، إضافة إلى تنوع الإيقاعات. فالموسيقى العمانية واليمنية من أغنى الموسيقات، يضاف إليهما موسيقى نجد والحجاز، لتصبح هذه المنطقة شديدة الغنى والتنوع، وأستطيع القول إنه لم يستغل حتى الآن أكثر من 5% من جماليات هذه الموسيقى
ـ هل الموسيقى العمانية التي نسمعها في الوقت الراهن هي الموسيقى التقليدية؟ ألم تحدث معالجة أو استلهام أو اشتغال على الموروث؟
ـ هناك جوانب تقليدية، وهناك من يحاولون إعادة توزيع بعض الألحان، فيصيبون أحيانا ويخطئون أحيانا، لكن لا تزال هناك أشياء مهمة جدا، والدليل على ذلك أنه كلما اشتهرت أغنية اكتشفنا أن عمرها أكثر من 150 عاما
ـ المشهد الموسيقي الراهن في العالم العربي، من الأسماء التي تشير إليها؟
ـ هناك كثيرون، هناك مارسيل خليفة، وفتحي سلامة الذي حصل مؤخرا على جائزة مهمة، وعمر خيرت، وشريف محيي الدين، وراجح داود، وعمار الشريعي، وهناك أيضا ياسر عبد الرحمن
ـ وماذا عن زياد رحباني؟
ـ طبعا هو موهبة عظيمة. أحيانا النار تخلف رمادا، وأحيانا تخلف النار نارا أشد وهجا، وهكذا هو الحال مع زياد. زياد له مشروع محترم جدا.



#أحمد_شافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمارة باموك ... عن طفل نشأ وسط أطلال الإمبراطورية العثمانية
- حرروهم وإلا يكن دمارنا على أيديهم
- سلمان رشدي يرصد جنون أمريكا
- من يدرك حزن الملابس
- حكايات ديك وجين قصة: نين آندروز ترجمة أحمد شافعي


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أحمد شافعي - نصير شمة: موسيقانا صفر أمام الموسيقى الغربية