أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - -ألوانيا- مدينة تتلاشى فيها الألوان ببطء (قصة سريالية)















المزيد.....

-ألوانيا- مدينة تتلاشى فيها الألوان ببطء (قصة سريالية)


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


الألوان كانت تسكن في كل زاوية من مدينة تدعى "ألوانيا"، الشوارع مملوءة بالأحمر والأزرق والأخضر، الأشجار تتلألأ بالذهبي، لكن في يوم من الأيام بدأ كل شيء يتغير ظهرت سحابة غامضة في سماء "ألوانيا"، لم تكن سحابة عادية، كانت سحابة من الأبيض والأسود، بدأت بتلوين كل شيء حولها، حتى الأشجار والفراشات، سارع الناس إلى إغلاق نوافذهم، لكن الألوان كانت تتلاشى ببطء، كأنها تخشى مواجهة الواقع الجديد. في وسط المدينة كان هناك فنان يدعى "رسام"، كان معروفًا بإبداعه في استخدام الألوان، شعر بالقلق من الغيمة، قرر أن يواجها ويكشف سبب تلاشي الألوان، حمل فرشاته وذهب إلى قلب المدينة عندما اقترب من السحابة، وجد نفسه محاطًا بعالم غريب، مخلوقات تتراقص في الفضاء، كل منها يمتلك لونًا خاصًا، السحابة كانت تبتلع الألوان واحدا تلو الأخر، تاركة السكان في حالة حزن ، سأل عن سبب وجود السحابة، أجابت السحابة بصوت حزين، جئت لاحمي الألوان، لكني احتاج إلى من يثق بي ويرى جمال الأبيض والأسود ،مع مرور الوقت، بدأت السحابة تتكثف في المدينة بطريقة جديدة، أدرك سكان "ألوانيا" أن الأبيض والأسود يمكن أن يكونا جزءًا من لوحة الحياة بعد تجربة فقدان الألوان أصبح السكان أكثر تقديرًا للألوان ،تعلموا أن يروا الجمال في التفاصيل الصغيرة، سواء كانت الألوان الزاهية أو الأشكال البسيطة."ألوانيا" مدينة لا تعرف الحدود بين الواقع والخيال، كانت مليئة بالألوان الزاهية، كل لون له روح خاصة تعيش فيه، الأزرق يجلب الهدوء، والأحمر يعبر عن الشغف، والأخضر مليء بالحياة عندما ظهرت في سماء "ألوانيا" سحابة سوداء ضخمة، بدأت في ابتلاع الألوان واحدا تلو الأخر، تاركة المدينة في حالة من السكون، تحولت الشوارع إلى ظلال رمادية، الأشجار إلى هياكل بلا حياة، مع اقتراب السحابة، بدأت الأرواح الملونة تختفي، كأنها انزوت إلى عالم آخر، "لونا" فتاة تمتلك موهبة في تلوين الجدران وجدت نفسها في مكان سريالي مليء بالمخلوقات العجيبة، هناك سماء تتلألأ بالنجوم الشاحبة، أشجار تنمو من الغيوم، اكتشفت أن الألوان ليست مجرد صبغة، بل هي مشاعر وأفكار اقتربت من السحابة، بدأت مع "رسام" في تلوين جدران الساحة الكبرى في المدينة بألوان المشاعر التي فقدت، مع كل لمسة فرشاة، بدأت السحابة تتراجع، انفجرت الألوان في السماء وعادت الأرواح الملونة إلى المدينة عادت "ألوانيا" إلى الحياة، لكن هذه المرة، كانت الألوان أكثر إشراقًا وعمقًا، أدرك أهل المدينة أن الألوان ليست مجرد زينة، بل هي تعبير عن أنفسهم ورؤاهم أصبحت المدينة تحتفل والالوان جزءً لا يتجزأ من حياة سكانها، تعلموا أن يروا الجمال في كل شيء، مهما كان غريبًا أو سرياليًا، أصبح تحدي "لونا "و"رسام" رمزًا للشجاعة والإبداع، أصبحت قصتهما اسطورة للأجيال القادمة ،في مدينة "ألوانيا" حينما كان لا يوجد سوى الأبيض والأسود، تعايش السكان بطريقة فريدة ومبهرة، على الرغم من غياب الألوان، إلا أن الحياة كانت مليئة بالتفاصيل والعمق، اعتمد الفنانون على أشكال الظل والنور لخلق لوحات معبرة، استخدمت الظلال لتجسيد الغضب والحزن، بينما ارتبط النور بالفرح والأمل ،الطبيعة تتجلى من خلال تنوع الأشكال والأحجام، الأشجار تتخذ أشكالًا غريبة، الزهور تنمو بتصاميم معقدة، حتى لو كانت باللونين الأبيض والأسود، الحياة البرية أيضًا تعكس هذا التنوع، حيث تتكيف الكائنات الحية مع البيئة بطريقة سحرية السكان في المدينة كانوا يعيشون في احياء كل حي له طابعه الخاص، هناك أحياء تركز على الفنون، وأخرى على الفلسفة، وكل حي يخلق نوعًا من الثقافة الفريدة خاصا به، يعتبر الخيال عنصرًا أساسيًا في حياة السكان، الجميع مدعو لتخيل ألوان جديدة في عقولهم لا تخرج عن الأبيض والاسود، مما خلق شعورًا بالحرية النسبية، يشارك السكان قصصهم وأحلامهم في "سوق الخيال"، حيث يُسمح للجميع برسم أفكارهم بطريقة فنية و ينغمس السكان في التأمل والروحانية، يبحثون عن المعاني العميقة وراء الحياة، التأمل وسيلة لفهم الذات واكتشاف الجمال الداخلي حيث يسود الأبيض والأسود يتجاوزون الفكرة التقليدية للألوان، يكتشفون أن الحياة مليئة بالعمق والتعقيد، مهما كانت الأشكال والألوان الخارجية، يخلقون عالمًا سرياليًا خاصًا بهم، يتسم بالتنوع، يحتفلون بجمال الحياة حتى في غياب الألوان في هذه المدينة السريالية، تُعتبر الاحتفالات وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية والتعبير عن الثقافة ذات اللون الأبيض والاسود، كل حي له طابعه الخاص، يُقام الاحتفال بطرق فريدة تعكس هوية السكان كل حي يختار موضوعًا مميزًا للاحتفال، مثلاً، حي الفنون قد يركز على التعبير الفني والمسرحي، بينما حي الفلسفة يتناول مواضيع الوجود والمعنى تشجع السكان على المشاركة الفعالة في تنظيم الاحتفالات، يتم تشكيل لجان محلية تتولى مسؤوليات التخطيط، مثل تحضير الديكورات، وتنظيم الفعاليات، وتوزيع المهام تقام ورش عمل قبل الاحتفال ، من خلال هذه الورش، يمكن لهم إنشاء أعمال فنية أو تحضير عروض مسرحية، يُعرض بعضها خلال الاحتفال تنظم أسواق ثقافية تُعرض فيها الأعمال الفنية والمنتجات المحلية، تُعد الأطعمة والمشروبات كجزءً لا يتجزأ من الاحتفالات، يُحضّر السكان أطباقًا تقليدية تتناسب مع موضوع الاحتفال ،يُعتبر تبادل الهدايا رمزًا للتواصل والمحبة حتى في عالم مليء بالأبيض والأسود، عالم "ألوانيا" السريالي يختلط الأبيض والأسود بعمق المشاعر والخيال في خضم الاحتفالات يوزع نبيذ أحمر يُعتبر رمزًا للذكريات والأحاسيس ،يُصنع النبيذ من ثمار نادرة تنمو في بساتين خفية، يُقال إن لكل زجاجة نكهة خاصة تعكس قصة من قصص المدينة، عندما يتذوق السكان النبيذ، يستحضرون ذكرياتهم، مما يسمح لهم برؤية الألوان التي فقدوها في كل احتفال يُقدم النبيذ الأحمر كجزء من الطقوس ،يجتمع السكان حول طاولة كبيرة، يُسكب النبيذ في كؤوس بيضاء وسوداء، يتشاركون القصص والأفكار، يستعملون النبيذ كوسيلة لفتح قلوبهم وعقولهم، يقوم السكان بتدخين السيجار أثناء مناقشاتهم الخاصة، يُصنع السيجار من أوراق نادرة من جلود السكان تُضيف له نكهة غريبة، يُقال إن الدخان كان يحمل معه ذكريات الألوان في جلد الضحية، يجعل الحضور يشعرون بتجارب مختلفة يجتمع الأصدقاء معًا لتناول النبيذ وتدخين السيجار، يخلقون جوًا من السحر والتواصل، تُروى قصص عن الألوان المفقودة، يتخيل الجميع كيف كانت "ألوانيا" قبل ظهور السحابة في أجواء النبيذ والدخان، يتم استذكار اسطورة "لونا" و"رسام" ،يحاولون خلق أعمالًا فنية تُظهر الألوان التي كانوا يشعرون بها في قلوبهم، عندما يتذوق الفنانون النبيذ، تُفتح أمامهم أبواب الماضي، خلال جلسات تناول النبيذ، يجتمع الفنانون لتبادل الأفكار ومناقشة مشاريعهم من أعماق الذات، ولكنها تحمل مفارقة سريالية، كان الحديث يتدفق بحرية، مع كل رشفة كانوا يغوصون أعماق أحلامهم، يرسمون عوالم جديدة من الخيال مع تناولهم للنبيذ بدأوا في رؤية ألوان لم يروها من قبل، في تلك اللحظة، تحولت المدينة إلى عالم سحري كانت الأشجار تتلألأ ، ولكنها كانت تحمل بداخلها ألوانًا خفية، بدأوا في رسم لوحات تعكس هذه الرؤى، كأنهم يحلمون، عند شروق الشمس، استيقظ الفنانون ليجدوا أنفسهم في غرفهم، مع بقايا النبيذ الأحمر، حولهم لوحاتهم تغطي الجدران، لم تكن تعكس تلك الألوان المبهرة التي شهدوها في أحلامهم، كانت مجرد ظلال وخطوط كما لو أن الأحلام تبخرت مع أول شعاع من الضوء على الرغم من أن النبيذ الأحمر قد قادهم إلى عالم من الإلهام، إلا أن الواقع كان أكثر قتامة مما توقعوا، ظلت المدينة محاطة بالرمادية، أدركوا أن الإبداع الحقيقي يكمن في قبول الظلال والضوء في محاولة جلب تلك الألوان المخفية إلى الواقع بدلا من الاستسلام للإحباط، قرر الفنانون استخدام تلك الظلال كوسيلة للتعبير عن عمق مشاعرهم، بدأوا في دمج التباين بين الأبيض والأسود في أعمالهم، مع إضافة لمساة من الأحمر في زاوية سحيقة من اللوحة ، تجعل اللوحات تعكس الصراع بين الحلم والواقع هناك نافذة قديمة في أحد أحياء "ألوانيا"، يُقال إنها تصل بين العالم الحقيقي وعالم الأحلام، يُعتقد أن من ينظر من خلالها يمكنه رؤية ألوانه الخاصة، لكن لا يمكنه العودة، هذا ما يحدث لمن يتجاوز الحدود بين العالمين.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساعة توقفت في منتصف العقل(قصة سريالية)
- فاتحة موت القمر (قصة سريالية)
- حديقة الفراشات الغاضبة (قصة سريالية)
- احلام في حقيبة مسافر(قصة سريالية)
- أخطبوط يكتب الشعر بأذرعه العشر (قصة سريالية)
- طفل يتحدث الى الغيوم (قصة سريالية)
- أحلام في فنجان قهوة الصباح (قصة سريالية)
- عندما يرقص الضوء تحت قمر مكسور(قصة سريالية)
- أفكار عائمة في محيط من الزجاج (قصة سريالية)
- عصفور يرتدي حذاءً من ذهب (قصة سريالية)
- خيال يأكل ظله ( قصة سريالية)
- هياكل عنكبوتية وهمية (قصة سريالية)
- طائر لم يغادر القفص (قصة سريالية)
- نافذة على حافة اللامكان( قصة سريالية)
- دوامة الهاشتاغات (قصة سريالية)
- خنازير تتكلم بلغة البوم ( قصة سريالية)
- عطر نيتشة ( قصة سريالية)
- (زئير)نمر استطاع ان يصطاد ذيله ( قصة سريالية)
- شمس زعيمة الصعاليك (قصة سريالية)
- حصان افلاطون (قصة سريالية)


المزيد.....




- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...
- أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد ...
- انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - -ألوانيا- مدينة تتلاشى فيها الألوان ببطء (قصة سريالية)