أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد البكر - كتاب الامير وميكافيلي هل هو دليل للطغاة خالي من الاخلاق ام قاموس واقعي براغماتي في الحياة السياسية ... دراسة نقدية لفهم العالم العربي والاسلامي لكتاب الامير .















المزيد.....



كتاب الامير وميكافيلي هل هو دليل للطغاة خالي من الاخلاق ام قاموس واقعي براغماتي في الحياة السياسية ... دراسة نقدية لفهم العالم العربي والاسلامي لكتاب الامير .


احمد البكر
geophysicist

(Ahmed Albakir)


الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أن القارئ الذكي والحذق المترفع عن الادلجة الدينية لعلم وفن السياسة عند قرأته لكتاب الامير وكتاب المراسلات اللذان يضعان الاسس الأولى لعلم السياسة اعتقد انه سيكون امام نتيجة واحدة مفادها أن فلسفة ميكافيلي هي الملائمة السياسية للاجل مصلحة الوطن ورفاهية الشعب وليس كما يصوره الاسلام السياسي بعبارة الغاية تبرر الوسيلة التي لم ينطق بها المؤلف . أن هذه العبارة المجحفة اخرجت النص في كتاب الامير عن سياقة التاريخي الذي كتب فيه والمصاعب التي كانت تعاني منها ايطاليا وهي مقسمة وممزقة في القرن السادس عشر بعد أن كانت روما هي مركز وقلب العالم المسيحي بل والعالم اجمع لفترة طويلة من الزمن . ومع ذلك فأن الكتاب يحوي على دروس عظيمة في علم السياسة الذي كان انذاك خفيا على العامة .
أن ارتباط اسم ميكافيلي بالشيطان هو حتما ليس من خلجات العرب ولا المسلمين ولا حركاتهم السياسية ، فهذا الكتاب لم يصل إلى عالمنا الا متأخرا ، لكن هذا الإرتباط كان بعد أن اصدر البابا مرسوما في القرن السادس عشر والسابع عشر بتحريم قائمة من الكتب العلمية والثقافية انذاك ومن ظمنها كتاب الامير . أن هذا الرجل ( ميكافيلي ) رغم انه قضى اخر سنين حياته في الإقامة الجبرية وقبلها في السجن بعد أن فصل من كل مناصبه السياسية الرفيعة ، لكنه كان يملك عاطفة جياشة تجاه وطنه ايطاليا . كان يتحرق شوقا لرؤية ايطاليا دولة موجودة بعد أن مزقت إلى ست جمهوريات تحت حكم الاجنبي , في حالة بؤس شديد ومبكي . فقد قام شارل الثامن بحملته الأولى على ايطاليا وبعد عدة سنوات قام لويس السابع بحملته الثالثة على نبولي ثم إمبراطور ألمانيا ماكسيملان قام بحملته على البندقية فمزقت بهذا ايطاليا إلى قطع ودويلات متناثره.
أن لب الكتاب الذي كتبه ميكافيلي هو توحيد ايطاليا للانهاء المفاسد التي مزقت شعبه وتوحيد الامة الايطالية وما كان الهدف اطلاقا إيجاد مستبد جديد . أن ما اراده ميكافيلي وما اكد عليه مرارا في كتابه هو أن يكون الحاكم على صداقة وفية مع شعبة والا لن يجد من يدافع عنه وقت الشدة وهذا ما قاله بالنص في كتابة . ولعل اكثر الامثلة وضوحا في تاريخ العراق المعاصر على عدم فهم الحكام العرب لهذا الكتاب أن كانو قد طالعوه واني أشك في هذا وغبائهم هو مصير صدام حسين والذي بسبب الوسائل الاجرامية التي استخدامها مع الشيعة والاكراد لم يجد من يدافع عنه ، بل وحتى السنة فالجميع يعلم ماذا فعل بالجبور وكم اعدم منهم وماذا فعل بالراويين ، ولكن ماجعل السنة يحبونه ويدافعون عنه بعد الغزو هو حالة الاستقطاب الطائفي التي مرت بها البلاد وكذلك حالة التيه السياسي للسنة في السنوات الأولى .

بلا شك أن الصورة الشيطانية لميكافيلي ناتجة عن تهكمه على الكنيسة نتيجة استخدام الدين لغرض اقناع الشعوب وقد اتهمها ميكافيلي أنها السبب الرئيسي في عدم توحيد إيطاليا والعائق الاول امام هذه الغاية السامية لكون الامراء الدينين في تلك الجمهوريات الايطالية لم يكونو يحكمون فعليا . أضف إلى ذلك أن ميكافيلي هو أول من طالب بفصل الدين وسلطة الكنسية عن الدولة لأن الكنيسة لا تعترف بالمفهوم الوطني المحدد بحدود جغرافية وانها تعمل في اطار اممي. ومن هنا جاءت النقمة على ميكافيلي من التيار الكنسي في اوربا لأنه كشف طبيعة السياسين المتقلبة والخائنة والمتكالبة على الربح ، هم يقفون إلى جانبك طالما كنت قادرا على الأنفاق وبعد ذلك يغدروك في أول فرصة. وهذا ما جعل التيار الكنسي الذي كان يقود المشهد السياسي آنذاك في حرج امام العامة الذين اصبحو بطبيعة الحال عارفين في سياسية الكنيسة.
وعلى نفس الخط التيارات الإسلامية هنا في العالم العربي بعد أن وصل الكتاب الينا بقرون وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين الارهابيه التي تمثل الرحم الذي جاء بكل الحركات والاحزاب الأخرى الدينية قامت بنقد الكتاب بطريقه مجحفة خارجة عن الاطر الأكاديمية في علم السياسية فهي تريد ( الحركات الإسلامية ) أن تظفي على منظريها وقادتها لباس قدسية الدين لذلك لابد من تشويه صورة ميكافيلي الذي كشف عالم السياسة الخالي من المبادئ والثوابت وهذا طبعا يصيب هذه التيارات وما تدعي في مقتل.
أن الفصل الوحيد الذي يمكن ادانته في كتاب الامير هو الفصل الثامن عشر من الكتاب ، الذي يصف فيه ميكافيلي الفرق بين طريق البشر والوحوش .. ياترى هل يلام ميكافيلي على وصف طبيعة البشر والتي لابد ان تحوي في احد زوايا خلجاتها جزءا مظلما وشريرا !!!. هل نحن في عالم مثالي !!! أن ميكافيلي في سطور الكتاب اوضح أن للحرب طريقين اما القانون واما طريقة الوحوش ومبدا الغاب. وقد اختار حيوانين في إشارة رمزية لهذه الطريقة أحدهما الأسد الذي يتصف بالقوه والصرامة والاخر هو الثعلب الذي يتصف بالمكر والخداع . ولكن ماهو جوهري هنا انه وقبل الشروع في شرح الطريقة الثانية (أي أسلوب الوحوش ) كتب ما يلي : بالتأكيد أن ما سوف اقدمه من نصيحة هنا هي سيئة للغاية في حال كان الناس كلهم اخيار !! ولكن هل كل الناس اخيار! .
اذن ومن هنا ينطلق سؤال محوري لماذا تقبل الاسلام السياسي مقولة النبي محمد في غزوة الخندق ( الحرب خدعة ) وكذلك تقبلو من الفقه الاسلامي احكام مثل التقية أو المواراة في حال كنت بين اعدئك ( الحَرْبُ خَدْعَة أي أن خداع الكفار والمَكر بهم في الحرب جائز، لأجل إصابتهم وإلحاق الضرر بهم، مع انعدام الخسائر بين المسلمين، ولا يُعَدُّ هذا مذموما ًفي الشرع) ولم يتقبلو من ميكافيلي نصائحه ! .
أن ما يحاول ميكافيلي قوله بلغتنا المعاصرة هي على السياسي والحاكم أن يكون واقعيا وبراغماتيا قدر الأمكان فالسياسة هي فن الممكن . أن الطريقة التقليدية للنظر إلى السياسة متخفية تحت كل تلك المفاهيم ، عما هو خير لعموم الناس أو ما هي نوايا السياسيين أو أن تملك الايثار والكرم على سبيل المثال ، فما فعله ميكافيلي انه ازال الغموض عن كل هذا وقال بصوت عالي ، انظر الى السلطة كما هي ، راقب تقلبات البشر على رقعة الشطرنج. وهذه استراتيجية واضحة وعبقرية للغاية حيث كان أول شخص يوضح للعالم ماهو عالم السياسة الخفي .
كما هو معلوم هناك عدة أنواع من القادة السياسين فمنهم من يصل للحكم ولدية مثل عليا ذات سقف مرتفع وينشدون التغير والاصلاح ويحسبون أنفسهم فاعلين الخير للصالح العام ، لكن بعد فتره يتبين لهم أن السياسة هي صراع وعالم لا يرتكز على ثوابت فلا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم في هذا العالم الموحش وعليهم أن يتكيفو مع هذه البيئة وخير مثال على هذا أوباما كقائد سياسي في بدايته كان ينشد الكثير . وهناك نوع اخر من القادة مثل كلينتون وتوني بلير وانجيلا ميركل هم حيوانات سياسية بطبعهم وطبعا لا اقصد الإساءة هنا بكلمة حيوانات وانما هم مدربين بشكل منهجي وغريزي على الفلسفة الميكافيلية وهي جزء من حمضهم النووي حتى أنهم ليسو بحاجة إلى قراءة كتاب الامير فهم يفهمون جيدا كيف تعمل قوانين السلطة وما هي قواعد اللعبة .
وغني عن البيان أن هناك امران يجب ادراكهما لكي يتقن السياسي قواعد اللعبة ، أن المال هو اشبة بالمنازل الكبيرة في الريف التي تبدأ بالتداعي بعد عشر سنوات من تشيدها واما السلطة فهي حجز البناء القديم للحصون التاريخية الذي يصمد لقرون . لذلك فأن هذا الكتاب لقادة واقعيين مثل نيكسون وهينري كيسنجر هو دستور للادارة السلطة . والذي يمعن النظر بالعبارة الايطالية المذكورة في الكتاب Accusta/scusata أي انت ملام لكنك معذور ، أي انت معذور لو كان الدافع تجاه الفعل هو الصالح العام ولكن عليك أن تعرف أن هذا الفعل سيئ ومع هذا مازال عليك فعله. لذلك فأن ميكافيلي اوضح للعامة أن دوافع الحكام والتي يعتقد الكثير أن سببها الهام علوي أو هدف سامي ماهي الا مظاهر تقع خلفها لعبة فن الممكن الا وهي السياسة!!!. حيث كان ميكافيلي هو أول شخص على الإطلاق يحلل تلك الظاهرة.

ما يجب أن يدركه الجميع أن اساليب المكر والخداع والقسوه التي ذكرها ميكافيلي كان يسندها بوضوح للتعامل مع الحكام الاعداء أو جيرانك الذين يتربصون بك وبدولتك السوء وهذا مما لاشك فيه هو عين الصواب لان الأساس في علم السياسة أن تشك في من يجلس امامك من حكام وامراء واما الثقة هي حاله شاذة وغير طبيعية في هذا العالم . كما اود أن ابين هنا أن تلك الاساليب لا تنطبق على الرعية والشعب وهذا مااكد عليه ميكافيلي مرارا وتكرارا في أن يتجنب الحاكم بغض الشعب واحتقاره وهذا مالم تفعله الأنظمة العربية مطلقا فقد ارتكبت افضع الجرائم بحق رعيتها وما زالت . !.
أن هذا الكتاب بشكل قاطع هو قالب مثالي لكل سياسي محنك يريد أن يبقى على قيد الحياة هو وشعبة حيث أن ميكافيلي وضح مساره وقد فعل ذلك بشكل واضح . وكما علينا أن نشدد هنا على أن هذا الكتاب هو خاص بشؤون الحكم والسياسة لذلك لايصح التعامل به من قبل أشخاص عاديين أي من غير الممكن أن يكون هذا اسلوبك مع اصدقائك اقربائك أو من تحبهم وهو موجه إلى فئة محدده ولا يمهمه اطلاقا كيف تتعامل مع امك أو زوجتك أو حتى صديقك....
وأنا هنا احرص كل الحرص على تبيان الجوهر الأخلاقي لميكافيلي ، فهو شخص يعتقد أن جودة أفعال الحاكم ورجال السياسة تحدد من منطلق عواقبها دون المرور بميزان الحق والباطل الغير معترف به أساسا في عالم الحكم والسياسة . أي أن التقيم الحقيقي لكل فعل يصدر من الحاكم يقاس بمدى تأثيره على امن ورفاهية الدولة والشعب لأن وظيفة الحاكم الأساسية هي الحفاظ على امن ورفاهية الدولة بكل الوسائل سواء كانت شرعية أو غير شرعية تجاه الاخطار الخارجية . وان ديمومة ووجود أي دولة هو أمر يتعلق بالعواقب اكثر مما يتعلق بالفضائل .
وهذا بالحقيقة هو ناتج من حيادية مصطلح السلطة أو القوة فهو مصطلح محايد يمكن أن يستخدم أو يدل للخير أو الشر على حد سواء.

أن المفارقة الكبرى في قصة ميكافيلي هو أن الرجل نفسه لم يبدي أي سلوك انتهازيا أو نفعيا أو حتى براغماتيا ولم يبتغي من وراء كتابة أي منصب فقد نشر بعد مماته ب ،5 سنوات وكان قادرا على ارساله إلى أمير فلورنسا لكي يتملق له لكن لم يفعل وهو تحت الاقامة الجبرية . فيقول في رساله كتبها إلى احد اصدقائه ( حين يحل المساء اخلع ملابس العمل المملوئة بالاطيان و ارتدي ملابس السفير وادخل إلى مباني المحاكم القديمة للحكم وانسى كل همومي ولا اكون خائفا أو مرعوبا من الفقر أو الموت ومن خلالها اعيش واتنفس)..
أن حلم ميكافيلي السامي بتحرير ايطاليا وتحريرها من براثن الغزاة قد تم بعد ثلاث قرون من مماته على يد الكونت كاميلو بينسو دي كافور الذي اتبع نصائح ميكافيلي كما أراد .
كما وان الملك فريدريك العظيم وحد روسيا مستلهما مما كتبه ميكافيلي من نصائح وكذلك بسمارك موحد ألمانيا كان تلميذا مخلصا لما كتب ميكافيلي.
اما الأنظمة القمعية في اوربا مثل الأنظمة الفاشستية كنظام موسوليني في ايطاليا الذي ادعى انه لا ينام دون يقرأ كتاب الامير كان هذا في بداية حياته ولكن ما أن وصل إلى السلطة حتى اصدر فهرسا بالكتب الممنوعة ومن ضمنها كتاب ميكافيلي.

وفيما يلي تلخيص من 69 نقطة لنصائح نيكولا ميكافيلي التي وضعها في سفره الخالد (كتاب الامير ) ، والتي تعتبر وبلا منازع هي الركيزة الاساسية واللبنة الأولى لتأسيس علم السياسية في عصر النهظه كفن وعلم مستقل .. وكما ينبغي على القارئ أن لا يخرج النص من تاريخه لانه في نهاية المطاف موجه إلى الامير الذي تخيله ميكافلي والذي سوف يوحد روما من جديد بعد احتلالها وخرابها وتمزيقها في القرن السادس عشر ..


1- عندما يكون محور الموضوع هو اخلاص الرجال والاتباع للحاكم ، لايجب أن يخاف (الحاكم) ابدا من اتهامه بالظلم ، لان من يفضل العقوبة على أن يبقى صامتا اكثر شجاعة ممن يبقون صامتون خانعون، ويفضلون بدل ذلك زرع الفوضى لمصالحهم الشخصيه من وراء الحاكم لان تلك الفوضى تجلب الضرر لجماعه ، بينما العقوبات التي تأتي من الحاكم تجاه من وصفه بالظلم تضر بشخص واحد فقط.

2- لا يمحو اثر الحرية شيئ ، لا منح المنح ولا كر الدهور يمحوان اسمها من قلوب نشأت عليها وتعودتها ...

3- ينبغي للحكيم الحذر أن يتشبه بعظماء الرجال ويقلد اجلهم قدرا وارفعهم ذكرا ، فاذا لم يلمس بكفه الفرقدين فأنه على أية حال ينال من المجد نصيبا يدنيه من درجاتهم فيكون مثله كمثل الرمات الحاذقين اذا أراد أحدهم أن يصب غرضا بعيدا جدا وهو عالم بقدر ما تصل اليه سهامه، شد قوسه بقوة وصوب سهامه إلى غاية أقصى من الغاية التي يريدها ،لا ليصب هدفا أبعد من الهدف الذي يرميه إنما ليتاكد من إصابة الغرض الأصلي ..


4- أن الذين يعوزهم الحظ الوافر يكونون في معظم الأحوال اكثر توفيقا ممن حبتهم الكواكب بحسن الطالع والحظ والوافر ، لأنهم ابدا يخشون العواقب ويحسبون لكل حركة وسكنة حسابها ...


5- غني عن البيان انه ليس في سياسة الامم شي اصعب تنفيذا ولا اخطر عاقبة من تبديل الشوؤن القديمة بغيرها ، لأن للمُصلح اعداء في اشخاص المنتفعين من النظام القديم وانصار ضِعاف مترددين . وهذا ناتج من قلق وارتياب الانسان من صحة كل ماهو جديد دون أن يرى النتائج بعينه ...

6- أن سائر الأنبياء الذين ارسلوا
وارشدتهم العناية الإلهية إلى الاستعانه بالحرب والقوة وحد السيف فازو بتبليغ رسالتهم شريطة ان يمتلكو العدة والعتاد، واما سواهم ممن اكتفو بالوسائل السلمية قد فشلو وهذا لأن اخلاق الشعوب قليلة الثبات على حال واحدة ، فأن امكن اغراء طائفة واقناعها بدين جديد فأنه يكاد يستحيل ضمان ثباتها عليه ...


7-من يحسب أن الاحسان الحديث يمحو اثر الاسائة السابقة في نفوس العظماء فقد اخطأ.

8- الغدر والخديعة والاثم فأنها وان سهلت نيل الملك فأنها لاتكسب صاحبها مجدا ولكن لا يمكن اهمالها...

9- ليس من الفضيلة في شيئ أن يذبح الرجل أبناء وطنه وان يخون اصدقائه وان يكون بلا ذمة ولا ظمير ولا رحمة وان سهلت تلك الاثام نيل الملك فأنها لا تنيل صاحبها مجدا ولن يكون بين مشاهير الرجال وعظمائهم ...


10- اذا كان يجوز اقتران القسوة بالحكمة ، فالقسوة الحكيمة هي التي يستخدمها الرجل للحصول على مركز وطيد ثم لا يطول امدها فتستبدل سراعا بأعمال نافعة للرعية اما القسوة الطائشة فهي التي تزيد يوم بعد يوم ... ومن يفعل عكس ذالك يبقى أبدا مضطر للوقف والخنجر في يده ..


11-أن الاساءات ينبغي أن تتم مرة واحدة ليكون ألمها مفردا فتنسى سراعا ، اما الحسنات فينبغي أن تعطى شيى فشيأ ليكون قدرها اعظم والتمتع بها اتم .

12- أن الخير مالم يصدر عن طيب خاطر لا يسعبد القلوب .

13- أن الحاكم العاقل هو من يجعل رعاياه في حاجة إلى حكمة
فاذا كانو دوما في تلك الحاجة استطاع أن يعول عليهم في وقت الشده ...

14-أن الذين يعتمدون عليك ولا يشوبهم الجشع ينبغي اكرامهم وحبهم ... اما الذين لا يعتمدون عليك فهم في وجتهين فمنهم من يفعل ذاك جبنا وهؤلاء ينبغي الانتفاع بهم .ومنهم من يكونون مرتبطين بك عن رغبة في نيل مطامعهم وهذا دليل على انهم ينظرون إلى أنفسهم بعين غير التي ينظرون بها اليك فينبغي الحذر منهم واعتبارهم اعداء مختفين يقعون بك عند الشدائد .

15- أن التطرف في الحرية أو العبث بها وينشئ من جهتين اما الشعب واما النظام السياسي . إذ ينتهز كل طرف منهم الفرص التي تسنح له ضد الاخر . أي عندما يرى النظام السياسي انه عاجز عن مقاومة الشعب يتحدون في رفع واحد منهم ( شخص غير بارز ) إلى مرتبة الحكم ليسهل لهم تنفيذ مأربهم . ومن يرفعه النظام السياسي إلى الحكم يجد في ذاك صعوبات اشد ممن يلقاها من يرفعه الشعب لأنه يكون محاط برجال يعدون انفسهم اقرانائه وامثاله ولذا يجد نفسه عاجزا عن تولي الأمر كما يريد .. اما الذي يرتفع إلى الحكم برضى الشعب يجد نفسه فريدا في مكانته وهذا مايرضى عامة الشعب الذي غايته اشرف وانبل من النظام السياسي الذي هدفه الاستبداد بالغير.

16- أن الانسان يقدر جميل من كان ينتظر منه شرا لذلك على الحاكم نيل رضا الشعب . ان مقولة من يبني على رضا الشعب يبني على الرمل فهي تصدق في حال فردا عادي يرتجي نصرة العامة من ظلم وقع عليه ، اما اذا كان الحاكم هو من بنى وكان شجاعا لا تخور قوته لا يهمل التخطيط للمصائب فلن يكون بنيانه على الرمل.

17- أن اكثر ما يهدد الدول المدنية هي أن يتحول الحاكم آلى حاكم مطلق .

18-أن التحول هو نظام أي شي في الجود فلا صديق دائم ولا عدو دائم.

19- ان من طبيعة البشر عادة هي الإرتباط بالمنافع.

20- أن اهم دعائم الدول قديمة كانت ام حديثة هي القوانين العادلة والأسلحة القوية. لاتوجد القوانين القوية حيث لا توجد الأسلحة القوية . ووجود الأسلحة القوية مدعاة لوجود القوانين القويه.

21- أن الحاكم الذي يحافظ على ملكة بالجنود المأجورة لن يبقى واثقا من حكمة مطلقا لأنهم لا يتحدون وهم فوق ذلك ذو مطامع.

22- أن الحاكم الجاهل بفنون الحرب لا يكون محترما من جنده ولا يأمن جانيهم.

23- على الحاكم أن يتعلم كيف يقلل من طيبته وكيف يستخدم الخير أو ضده في الأوقات والأحوال المناسبة.

24- أن من يهمل ما هو كائن لاجل ماينبغي أن يكون سيجلب على نفسه الخراب العاجل . من يريد أن يكون خيرا مع الجميع لابد ان يعض بنان الندم اذا وقع في ايدي الأشرار .

25- أن الرجال اذا ذكرو ولا سيما اصحاب المناصب الرفيعه فلا يذكر منهم الا ما يمدحون عليه أو ضده . فيقال عن أحدهم انه كريم وعن اخر ضنين .وان أحدهم لين الجانب والثاني جشع . وعن واحد انه قاسا والاخر رحيم . وان واحد لا يحفظ عهدا والثاني امين . وعن واحد انه مخنث وجبان وعن اخر انه قاسا قوي الجنان. وواحدا محب للانسانية والاخر ذو كبرياء . وعن واحد من مندفع في شهواته والاخر عفيف . و واحد صعب المراس وعن اخر هين. وعن واحد انه ثابت ميال للجد والآخر مهذار طائش . وعن واحد مؤمن الاخر جاحد ..
لا ريب أن كل رجل يريد أن يتصف بكل المناقب المحموده التي تم ذكرها ولكن حيث أن كل الفضائل لا يمكن التحلي بها مره واحده كلها لأن الطبيعية البشرية لا تطيق ذلك فمن الضروري على الرجل أن يكون من الحذر على حانب عظيم يستطيع به اتقاء عار المعايب التي قد يضيغ بها الدوله.

26- على الحاكم أن لا يخشى من المعايب التي يصعب بدونها عليه الاحتفاظ بالحكم. لأن الانسان اذا امعن النظر يرى أن كثيرا من الأمور التي تظهر له أنها فضائل قد تؤدي به آلى الخراب اذا اتبعها وكثيرا مما يبدو انه من الرذائل قد يؤدي به إلى الخير والسلامة.

27- من الأمور الحسنه أن يذاع عن الحاكم كرمه ولكن الكرم اذا استعمل بحيث يصير الحاكم لا يخشى فأنه يضر.

28- أن الحاكم الذي يريد الاشتهار بالكرم فلا يمكنه التخلي عن كل مظاهر الفخفخة .بحيث يهلك كل ما يملك ثم يضطر في نهاية الأمر اذا أراد أن يحتفظ بصيط الكرم أن يثقل كاهل شعبه بالضرائب ثم يصير مغتصبا سلابا نهابا يرضى بأي شيئ لاجل الحصول على المال وهذا يبغض فيه امته ويقلل من احترامه لدى فقره ويكون قد نفع نفرا قليلا ببذخه واضر بكثيرين. فيبقى مركزه بحرج .

29- الحاكم الذي لا يستطيع أن يمارس فضلية الكرم بدون خطرا يلحقه اذا عرفت عنه فلا حرج عليه في أن يوصف بالبخل. لانه سيعرف عنه انه كريم اذا علم أن الناس أن شحه كان للدفاع عن دولته في وقت الحرب.

30- أن الأعمال العظيمة دوما ما تصدر عن الحكام الشحيحين اما الباخذين بكرمهم خربو أنفسهم . فأذا كنت في طريق الحكم فالكرم ضروري اما اذا كنت حاكم فالكرم الباخذ هنا مضر . فلا توجد خلة مهلكة لذاتها اشد من الكرم لأنك بممراستها تفقد القدرة على ممارستها فأما تصير فقيرا مرذولا واما تفر من الفقر إلى الجشع الاغتصاب وتصبح مذموما.

31- أن الاشخاص الواثقون بأنفسهم بنسبة 100% هم دوما اشخاص جاهلين لانهم لايعلمون انهم لايعلمون . فكلما زاد منحني الثقه زاد الجهل معه.

32- كل حاكم يود أن يعرف بالرحمة دون القسوة ولكن ينبغي له ان لا يسئ استعمال الرئفه.

33- لايجب أن يخشى الحاكم أن يتصف بالقسوه في سبيل توحيد شعبه لأن قسوته تكون اشد رحمة من الحكام الذين يتمادون في اللين ويسمحون بالقلاقل التي تجلب القتل والسلب وهذه تصيب الشعب كله اما قسوة الحاكم فلا تصيب الا فرداً او أفرادا .

34 -على الحاكم أن لا يكون بذاته داعية للوجل وان يعمل بااعتدال ورحمة فلا يجب أن يصير من القسوة بحيث لا يحتمل.

35- على الحاكم أن يحب اكثر مما يخشى و يهاب اكثر مما يحب . وحيث يصعب الجمع بين الحالتين فالافضل أن يهاب ويخشى . لانه يحق القول على الناس عامة أنهم منكرون للجميل سريعو التحول مختلفو الطبائع والغرائز ميالون للاتقاء الاخطار ومحبون للكسب ومادمت تنفعهم فهم لكم ويهبون دمهم ومتاعهم وبنيهم مادام الخطر بعيد فاذا احدق ثارو عليك .

36- أن الصداقة التي تشترى لا تؤمن عاقبتها وقد يكون عدمها افضل منها . ثم أن الناس أسرع اساءة إلى من يحبون منهم إلى الإساءة إلى من يرهبون لأن الحب قائم على نفعهم الذاتي فاذا انتهى هذا النفع ذهب الحب. اما الخوف فاساسه العقاب ورهبة العقاب لا تزول مطلقا . فان الخوف وعدم البغض يمكن الجمع بينهما.

37- على الحاكم أن لايعتدي على ملك الغير لان الناس أسرع في النسيان إلى مقتل ابائهم منه إلى نسيان ما لحق بأملاكهم وامتعتهم من الخراب والاغتصاب.

38- أن الناس تحب وتبغض باارادتها ولكنها تهاب الحاكم باارادته. والحاكم الحازم يعول على مافي قدرته لا في قدرة الغير وكل ما يجب عليه هو أن يتقي بغض الناس له.

39- لايخفى على احد ما يلحق بالحكام من الثناء اذا اشتهرو بحفظ الوعد ومراعة العهود ولكن تجارب زماننا هذا دلت على أن تجارب الحكام الذين لم يراعو العهود قامو بااعمال كبيرة وتمكنو من تحرير اوهام الناس بمكرهم وتمكنو في نهاية الأمر على الحكام الذين اتخذو الامانة عادة والوفاء اساسا لحياتهم.

40- هناك طريقان للحرب الاولى بالقانون والثانية بالقوة . فالاولى طريق البشر والثانية طريق الوحوش . فالحاكم يحتاج الطريقتين وان طبيعةُ دون اخرى لانفع ولابقاء لها . فالحاكم مضطر لتطبع بطبع الحيوان فيقلد الاسد والثعلب لان الاسد لا يستطيع أن يحمي ذاته مما يرمى له من الحبائل والثعلب لايستطيع أن يتقي الذئاب .
41- لا ينبغى للحاكم الحذر أن يحفظ الوعود اذا كانت ضد مصلحته ومادامت الاسباب التي اوجبت الوعد قد انقصى عهدها . اما اذا كان الناس كلهم اخيارا فأن هذه القاعدة التي ذكرتها لاشك سيئة ، ولكنهم أشرار ولن يحفظو لك عهدا . لذلك من يستطيع من الحكام تقليد الثعلب سيفوز حتما . ولكن من الضروري أن يخفي الرجل هذه الخليقة وان يكون ماهرا في فن التضاهر بغير شعوره.

42 - ليس من الضروري للحاكم أن يتصف حقيقة بكل الفضائل سالفة الذكر لكن من الضروري أن يذاع عنه الاتصاف بها واني اجسر فااقول أن الاتصاف بكل تلك الفضائل هو خطر لكن الظهور بالتحلي بها نافع ... انه من الخير لك أن تظهر بالتقوى والامانة وحب الانسانية والدين والاخلاص وان تكون في الواقع كذلك ولكن ينبغي أن تكون متنبها فاذا اضطررت للتحول إلى الصفات الأخرى كان ذلك دون مشقه .

43- ينبغي على الحاكم أن لايترك فعل الخير مهما استطاع . وعلية أن يكون قادرا على صنع الشر اذا أحتاج لذلك . ينبغي للحاكم أن لا يحرك لسانه بكلمة لا تدل على انه متحلا بالخلال الخمس فلا يرى فيه الراي ولا يسمع منه السامع الا الامانة والعفة والتقوى وحب الانسانية واههما التقوى لأن الرجال عادة يحكمون بالنظر لا بالخبرة وكل الناس ترى فيك مظاهرك وقليلون يلمسون حقيقتك .

44- على الحاكم أن يتجنب بغض الرعية واحتقارها اذا اراد أن يعيش في بلده امنا قانعا .

45- اذا حفظ الحاكم متاع الرعية وعرضها من نسائهم عاش المجموع امنون وعاش هو امنا قانعا حتى وان عارضه القليلون.

46- قد يصير الحاكم مرذولا اذا اشتهر بالتغير والخفة والتخنث والخوف وعدم الثبات وضعف العزيمة فينبغي للحاكم أن يتقي هذه المعايب اتقاء الملاح صخرا خطرا .

47- أن للحاكم نوعين من الخوف الأول داخلي وهو خوفة من الرعية والثاني خارجي وهو خوفة من القوى الاجنبية.

48- أن المتأمرين يعتقدون أنهم اذا قتلو الحاكم إنما يفرحون الشعب فاذا علمو بحب الشعب للحاكم ابتعدو عن التأمر . وقد دلت الخبره على تعدد المؤامرات لكن القليل منها قد نجح لأن المتأمر لا يمكنه أن يتأمر بمفردة ولا يمكنه اتخاذ الرفاق الا بين الفئة الغير راضية فاذا شرح الحاكم قصده لناقم ووجد فيه طريق للوصول إلى غرضه لأعتقادة بأن الوشاية تبلغه مايريد، فيضع ربحه اذا خان أو وشى في كفة وفي كفة اخرى خسرانه اذا اطاعك لعلمة بما يحيط بالمتأمرين من المصاعب والاخطار فلن يتأمر الا اذا كان عدوا لدودا للحاكم وصديقا حميما للشخص المتأمر لذا هو لا يرى في المتأمر سوى الشك والريبة والخوف ويرى في جانب الحاكم سلطة الدولة والقانون وحماية الدولة فاذا اضيف إلى ذلك حب الشعب فهيات أن يحاول احد الإيقاع بالحاكم .

49- اذا كان الحاكم مبغوض من الشعب فأنه عليه أن يخشى كل انسان وكل شيئ.

50- أن ايقاف الاشراف والمتنفذين عند حدهم وارضاء العامة لاينبغي أن يكون من قبل الحاكم نفسه لكي لايثير حفظية احدهم على الآخر ، فلا يوجد احسن من هذه السياسية ولا احكم من هذا النظام لضمان سلامة الحاكم والدولة الا وهو نظام البرلمان الذي يتولى ردع الخاصة وارضاء العامة .
51- أن الشعوب تميل إلى الحاكم المسالم واما العسكر يميلون إلى الحاكم الذي يتمتع بصفات عسكرية وحربية لذلك على الحاكم أن يوازن بين الإثنين.

52- أن الجنود المأجورة مهما بلغت قدرتها تعجز عن حمايتك من عدو قوي وشعب مرتاب .

53- أن من يساعدك على احتلال بلادهم يجب عليك اضعافهم بعد أن تسيطر على البلاد واخضاعهم أو القضاء عليهم لان مثل هؤلاء لا يرضيهم شيئ مطلقا.

54- أن الحاكم العاقل ينبغي له اذا سنحت الفرصة أن يتسبب بعداوة ما مع عدو ما ليرتفع قدرة لتغلب على عدوه.

55- أن احصن الحصون ما كان مشادا في قلوب الرجال سداه المحبة ولحمته الاخلاص . فأن الحاكم ذوي الحصون قد لا ينجو اذا كان الشعب ناقم علية.

56- أن تشيد الحصون وعدمه سِيَّانِ ، لكن اللوم على من يحسب أنها تحميه لدى سخط الامة.

57- انه مما يعود بالنفع على الحاكم أن يعطي مثلا حسنا عن نفسه في الادارة الداخلية.


58- انه مما يعود بالنفع على الحاكم أن يعطي مثلا حسنا عن نفسه في الادارة الداخلية.

59- أن الحاكم يحترم عندما يعرف عنه انه اما صديق صادق أو عدو ثابت وهذه السياسة افضل من البقاء على الحياد لانه اذا تحارب جاران لدولتك اما يعود عليك في انتصار احدهما على الآخر نفعا واما لا وكلتا الحالين الأفضل لك أن تظهر رايك فاذا لم تفعل ذلك وقعت فريسة الظافر . لان المنصور لا يحب صديقا مرتابا في امره ولم يناصره في الشدة وكذلك المخذول والمهزوم لن يفتح لك صدره لأنك لم تمده بتعضيدك.


60- لا ينبغي للحاكم أن يساعد من هو أقوى منه من الحكام ليؤذي غيره الا في حال الضرورة لأنه اذا فاز بقيت تحت رحمته واوجب الحكام أن يتقو جهد طاقتهم الوقوع تحت رحمة الغير .

61- انه من طبيعة الاشياء استحالة الخلاص من صعوبة دون الوقوع في اخرى الا أن الحذر يمكن الرجل من التميز والمقارنة فيختار اخف الضررين في سياسته الخارجية.

62- على الحاكم أن يشرف اصحاب الفنون والصنائع العبقرية وكذلك علية أن يجعل من يملكون الأموال في مأمن فلا يخشى تاجر على تجارته من النهب ولا يخشى صانع من صنعته بالضرائب التي ثقل كاهله وتمنعه من النهوض. وواجب الحاكم أن يعضد التجارة والصناعة بالمكافأت ليرتفع شأن الوطن في نهاية المطاف.

63- يجب اقصاء المتملقين من دائرة الحاكم وابعادهم عن حياته.

64- يصعب الاتقاء من الاصابة بداء حب الملق ولا يوجد طريقة لهذا الا بأفهام الناس انه لا يسؤك أن يقال الحق عنك امامك فاذا استطاع الجميع أن يقول الحق في وجهك فقد فقدت احترامهم . فالحاكم الحذر يتخذ وسيله اخرى وهي أن يجعل حوله رجالا عقلاء ويجعل لهم حق القول المطلق بالصدق فيما يسالهم عنه . وعليه أن يسلك سلوك مع هؤلاء الرجال يدلهم على انهم كلما ازدادو صدقا في قول الحق ارتفع قدرهم في نظره وعلت مكانتهم .وعلية أن لا يسمع من احد من غير هؤلاء الرجال.
65- ينبغي على الحاكم أن يكون كثير السؤال وأن يجيد حسن الاستماع ، صبورا على القول ، يغضب اذا تردد أحدهم في قول الحق في حضرته ومن الخطا الظن بان الفضل راجع في حذر الحاكم لمن حوله من الرجال . فأن الحاكم لايعرف كيف ينتفع بالنصيحة اذا لم يكن عاقلا فلا يستطيع أن يستتنتج لذاته راي يصح العمل بمقتضاه وذلك لإن كل مشيرا يفكر بنفعه الذاتي فلا يستطيع الحاكم فهم ارائهم واصلاح عيوبهم وهذه حال دائمة فأن الرجال يخدعونك مالم يضطروا للاخلاص لك . فينتج عن هذا أن المشورة الحسنة مهما كان مصدرها يجب أن تكون راجعة إلى حذر الحاكم لا أن يكون حذر الحاكم راجعا إلى النصيحة الحسنة.

67- أعلمُ أن كثيرين يعتقدون أن حوادث العالم مقيدة بالحظ وموقوفة على أرادة الله بحيث لا يستطيع البشر مهما بلغ حذرهم تغيرها وانه من العبث محاولة اتقاء ما سيكون والافضل ترك الأشياء تجري في اعنتها ، وقد تكون هذا الراي في اذهان الناس لما كان من الحوادث التي لم تكن قط لاحد في الحسبان وانني اذا فكرت في بعض تلك الحواث اراني إميل إلى القول بهذا الراي أيضا . ومع هذا فأن ارادتنا لا ينبغي أن تطفئ جذوتها فانني اعتقد بأن الحظ قد يدبر نصف اعمالنا وانه يترك لنا النصف الاخر لندبره بأنفسنا. واني اُشبه الحظ بالنهر فاذا هاج اغرق الوديان واقتلع الاشجار وهدم الديار فيفر من وجهه كل انسان ويخضع له كل شيئ فاذا هدئ هذا نهر امكن للبشر أن يتقو هياجه فيقيمون السدود والجسور فاذا هاج اما أن ينصرف هياجه مصارف اخرى واما الا تكون عاقبته شديدة وهذه هي حال الحظ الذي يظهر بأسة حيث لم تتخذ ضد شدته وسائل الوقاية فيحول شره إلى حيث لا يوجد ما يعوقه ويمنعه عن الطغيان.

68- أن الرجال يقصدون المجد والغنا بوسائل مختلفه فمنهم العجول ومنهم المبطئ ومنهم اللين ومنهم الشديد ومنهم اللطيف ومنهم العنيد وقد يصل كل منهم إلى غرضه بالدرب الذي سار عليه .
وقد نرى حذرين يبلغ أحدهم غايته ولا يبلغها الاخر ونرى حذرا ومندفعا يبلغ كل منهما غايته وهذا تابع للاحوال الزمان والمكان .

قد يكون للحظ النصيب الاوفر في وصول الانسان إلى غايته فاذا بلغ الحذر غايته مره ثم تغير حظه ولم يغير وسيلته فشل ، ويستحيل على الرجال تغير الوسائل اما بحكم العريزة أو بحكم العادة ولذا اذا عُرض الرجل الحذر وقت يقتضي الاسراع فشل واذا استطاع رجل أن يغير خلقه حسب ما تقتضيه الأحوال فهيهات أن يتبدل حظه.

69- أن الحظ يتغير ووسائل اعمال الرجال لا تتغير ، في بعض الأحيان اضن أن الاندفاع افضل من الحذر والتبصر لان الحظ انثى ولا يغلبها الا من يقهرها بالقوة وهي تسلم ذاتها الأقوياء المندفعين وتبخل بحسنها على الباردين المترددين وهي كما كل انثى صديقة الشباب لقلة حذره ولكونه اقسى واقوى واجرء من الشيوخ .



#احمد_البكر (هاشتاغ)       Ahmed_Albakir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناقض بين المحبة والايمان
- الجاهلون .... والعلم !
- هرطقة الاعجاز العلمي
- العراق ودولة الولاء
- الالحاد بين تصديق الوعي ..وتكذيب الباطن
- الوجوديه ... المشكله الاخلاقيه ... بين عاطفيه دوستوفيسكي وال ...
- التطور بين عشوائيه الانتقاء ونظاميه الكون


المزيد.....




- شاهد.. إيرانيات يتبرعن بذهب ومجوهرات لدعم حزب الله
- السفارة الأمريكية لرعاياها في لبنان: -غادروا الآن-
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك قطاع غزة (صورة)
- كيف اخترقت مسيرة حزب الله المنظومة الدفاعية في إسرائيل؟
- تشيلي: المابوتشي يحيون ذكرى 532 عامًا على وصول كولومبوس إلى ...
- طلب مليون دولار من إيران لتنفيذ اغتيالات.. تفاصيل جديدة حول ...
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. عصر جديد من الاكتشافات الفيروسية
- شولتس يدعو لتسريع انضمام دول غرب البلقان للاتحاد الأوروبي
- صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة صواريخ من ...
- -لحظة التفجير بالجيبات وإخلاء قتلى وجرحى-..-القسام- تعرض مشا ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد البكر - كتاب الامير وميكافيلي هل هو دليل للطغاة خالي من الاخلاق ام قاموس واقعي براغماتي في الحياة السياسية ... دراسة نقدية لفهم العالم العربي والاسلامي لكتاب الامير .