أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - في كتابه (بين الرمل والماء/ البصرة صور وحكايات)(1) القاص محمد سهيل أحمد يحاول الإمساك بما تبقّى من حضارة الغبار














المزيد.....

في كتابه (بين الرمل والماء/ البصرة صور وحكايات)(1) القاص محمد سهيل أحمد يحاول الإمساك بما تبقّى من حضارة الغبار


محمد عبد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


(1) :
اللافتة التي يضعها المؤلف أمام قارئه، في استهلال صفحة الكتاب الأولى، تنبّهه إلى أنّ ما بين يديه ليس كتابًا يؤرخ سيرة مدينة. والمؤلف، وإن ارتضى لنفسه صفة الباحث أو الموثّق، قد وجّه عنايته إلى بعض من تاريخ المدينة.. ذاك الذي احتفظتْ به ذاكرته، أو استدعته إليها صورة فوتوغرافية وجدها هنا أو هناك، أو سجّله من إفاضات ذاكرة طريّة عصيّة على النسيان: "بادئ ذي بدء لابد من القول بأنني لست مؤرخا بل باحث في الشأن التوثيقي للمنسي والمطموس والمزال والمشوّه لتاريخ مدينتي التي قضيت عمري أهرب منها وإليها حتى استقرّت بي الحال لأن أجد نفسي طفلا في أحضانها" ص5.
(2) :
العبارة الأخيرة من المقتبس السابق استوقفتني طويلًا؛ فإذا كان القاص محمد سهيل أحمد من مواليد البصرة 1947.. وقد تنقّل بين عامي 1970-2009 بين عدد من الدول، كما يرد في بطاقة التعريف بالمؤلف ص96 من الكتاب.. وكتب أخرى له، فكيف يجد نفسه، بعد أن استقرّتْ به الحال فيها، طفلًا بين أحضانها؟!
ولأنّ المكان، الذي يحاول الأستاذ محمد سهيل أحمد بناءه في ذاكرته أولًا قبل إيصاله إلينا، ليس مكانًا مفترضًا.. ولا هو مكان ذو بعد واحد يعطي قيمة واحدة فقط(2)؛ فإنّه –أعني المكان- يهيمن على الكاتب بشكل تام، بل يعيده هذا الاستذكار إلى طفولته. فهو لا يكتفي بنشاط وعمل الذاكرة.. وإنّما يعود طفلًا: يصف لنا المكان بحيادية تامة خالية من أي قصد.. وربما هربًا من أمكنة أخرى مرّ بها المؤلف وعاش فيها بين عامي 1970-2009 دون أنْ تنجح، على ما يبدو، في إثارة إحساس المواطنة فيه؛ فشاخ فيها غريبًا وكأن الزمن عنده قد توقف! "فالمكان دون سواه يثير إحساسا ما بالمواطنة، وأحساسا آخر بالزمن والمحلية، حتى لنحسبه الكيان الذي لا يحدث شيء بدونه"(3).
(3) :
المدينة، كما يراها المؤلف، "كان حيّ؛ امرأة تتفتح مثل وردة ثم ما تلبث أن تذوي. إنّ المدينة –قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة- تلد مدينة أخرى تشبهها ولا تشبهها" ص6. ذلك لأنّها أمام تقويضين: "تقويض مادي يحدث عن طريق الحذف أو الحذف والإضافة" ص7.. وتقويض النسيان الذي يحاول انتزاعها من الذاكرة ليبقى بعضًا منها لدى "راوٍ طاعن في السن احتفظ بذاكرة غير قابلة للإنطفاء، ومرة عبر عين كاميرة ما، بطاقة بريدية صورة فوتوغرافية، أو ما تتناوله أقلام المؤرخين من مسعى لتوثيق وترسيخ ما هو مهدد بالزوال" ص7.
(4) :
نشأت البصرة، ومثلها مدن عراقية أخرى، بين الرمل والماء. وتكتسب البصرة أهمية كونها منذ العراق الوحيد ونافذته على البحر. على أرضها جرت الانتفاضات، وقامت الحروب. وتعاقب عليها الغزاة، كل يريد تكييفها بالشكل الذي يراه نافعًا له ولقواته ومشاريعه؛ ولذلك غابت، وستغيب، الكثير من ملامحها ونقاطها الدالة التي كانت شاخصة يومًا ما، "ستمتد إليها أيدي البرامج الإدارية لتقتلعها وتحلّ محلها عمائر ومصالح أخرى وهي السمة الشائعة التي تميزت بها المدينة بكل محلاتها وشوارعها. نعم البصرة، عبر مراحل تطورها وامتدادها أفقيا وعموديا تعكس ظاهرة يمكن أن نطلق عليها بحضارة الغبار. أجل حضارة الغبار هي سمة مدننا الضاربة في أعماق تاريخنا المضطرب" ص31.

هوامش :
(1): بين الرمل والماء.. البصرة صور وحكايات/ محمد سهيل أحمد/ط1/2021/ ديوان محافظة البصرة.
(2): اشكالية المكان في النص الأدبي/ ياسين النصير/ط1/1986/ بغداد- دار الشؤون الثقافية العامة/ص10.
(3): المصدر السابق ص5.



#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة البصرة أواخر القرن العشرين الأسباب والظروف المحيطة (إش ...
- الإشادة بالحكومة ليلة الاحتفاء بشهر محرم.. هفوة أم منهج؟
- (كأس الأضاحي)(*) للروائي صلاح عيّال - ضحايا الاستبداد -
- أبي لم يمت / أقصوصة
- (سليل الخيال)(*) للروائي إبراهيم سبتي -البحث عن الحياة وسط خ ...
- قطارات القاص خالد مهدي الشمري
- في الطريق إلى سامرّاء
- (خبايا الرماد)(*) .. أمْ أوراق الخبايا (إشارات قارئ)
- لو ...
- البذلة الرمادية / أقصوصة
- رواية (بقايا رغوة)(*) لجهاد الرنتيسي (إشارات أولى لقارئ)
- تحت سماء بلون الرماد
- - المهم.. أنّنا الآن هنا
- الشبّاك .. رؤية باتجاهين رأي في عنونة كتاب (الشبّاك في السبي ...
- الطوفان (قصة قصيرة)
- الرجل المشع / أقصوصة
- الشهداء يعودون غدًا -قصة قصيرة-
- رواية (سبعة أصوات) .. قراءة الأستاذ عبد الكريم الشاعر
- (ما يضمره السرد ويعلنه)(*) للأستاذ ياسين شامل - إشارات قارئ ...
- فندق (قصة قصيرة)


المزيد.....




- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...
- أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد ...
- انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - في كتابه (بين الرمل والماء/ البصرة صور وحكايات)(1) القاص محمد سهيل أحمد يحاول الإمساك بما تبقّى من حضارة الغبار