أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:















المزيد.....

أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:


خيري فرجاني

الحوار المتمدن-العدد: 8128 - 2024 / 10 / 12 - 13:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن المنطقة العربية تواجه تحديات توشك أن تجعل منها لوحة من الفسيفساء ما يجعل مسألة الوحدة العربية أمر لا مناص منه ولا سبيل غيره إن أرادت أن تحافظ على بقائها، ومشروع توحيد الأمة العربية هو التجسيد العملي للرابطة الثقافية والحضارية التي جمعت العرب في الماضي، وباتت شرطاً لاستقلالهم في الحاضر، وضرورة حتمية لنهضتهم في المستقبل.
وتمتلك الامة العربية من مقومات الوحدة مالا تملكه أي أمة أخرى إذ قلّما اجتمعت لجماعة أو أمة أو قارة عوامل تشدها إلى بعضها البعض كما اجتمعت للأمة العربية التي يتكلم أبناؤها لغة واحدة وثقافة واحدة، وتظلّلهم حضارة واحدة هي الحضارة العربية التي شارك في صوغها معظم ابناء هذه الأمة على اختلاف مشاربهم، كما تواجههم تحديات مشتركة على يد طامعين من الخارج ومستبدين في الداخل. بالاضافة الى مصالح مشتركة تجمع بين اقطارها سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي او الثقافي ناهيك بضرورات الامن القومي.
وفي الوقت ذاته قلّما اجتمعت على جماعة أو امة أو حتى قارة من القوى الأخرى لمنع وحدتها، كما اجتمعت على الامة العربية قوى خارجية لها امتداداتها في الداخل، سعت وتسعى إلى ابقاء هذه الامة مجزأة، متناحرة، مشرذمة لمنعها من امتلاك الإرادة والقدرة على تحقيق استقلالها، واستثمار مواردها، والإسهام في الحضارة الإنسانية من حولها.
وتعيش هذه الأمة حالة فريدة من التناقض بين حاجتها الملحة إلى وحدة تنسجم مع ماضٍ جعلها في مقدمة الأمم على مدى قرون، بينما تواجه حاضراً مهدداً بكل انواع التحديات، وأيضا تُهيء لمستقبل ناهض بما تملكه من ثروات مادية وبشرية وموقع استراتيجي هام، وبين عوائق خارجية وداخلية تحول دون هذه الوحدة، التي خاضت الأمة في مواجهتها، وما تزال تواجه معارك ضارية من أجل استقلال دولها، وحرية مواطنيها، وتنمية مجتمعها، وعدالة انظمتها، من أجل تحقيق مشروعها النهضوي الذي لا مجال للمقايضة عليه، وأن تكون وحدة تكاملية فلا إقصاء لأحدها لحساب الآخر.
أزمة الأمة العربية في ظل التكتلات الدولية:
هذا التناقض الواضح الذي يبرز حين نلاحظ أننا نعيش في عصر لا مكان فيه للكيانات الصغيرة، ولا مستقبل لها، بل أن بعض هذه الكيانات أو بتعبير أدق "الكنتونات"، لا يمكن أن تواجه التحديات الدولية التي تقوم على أساس التكتلات، ومن المفارقات الغريبة أن ما يقوم اليوم من تكتلات واتحادات بين أمم وجماعات مختلفة، كانت قد شهدت فيما بينها صراعات وحروبا دموية عنيفة، لكن رغبتها بالبقاء والتقدم فرضت عليها شكلا من أشكال الوحدة، الاقتصادية، وحتى السياسية، مدفوعة بالمصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية. وتحتم الضرورة على المنطقة العربية الوحدة السياسية والتكامل الاقتصادي والتعاون العسكري، فكل ما نحمله من قيم وروابط تاريخية وحضارية وثقافية ومشاعر إنسانية يدفعنا نحو الوحدة بعيداً عن التشرذم والتناحر والانعزال الذي بات يهدد كيان هذه الأمة.
مقومات التكامل الاقتصادي بين الأقطار العربية:
بنظرة موضوعية وشاملة إلى الوطن العربي، مساحة وموقعاً وموارد، يتضح أن قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية أمر تفرضه الضرورة السياسية والاقتصادية حيث تتكامل عناصر الإنتاج مع شروط التنمية داخل وطننا العربي الكبير كما لا تتكامل في أي وحدة قائمة اليوم في العالم.
حيث يمتلك بعض الأقطار العربية الرساميل أو المواد الخام دون أن يمتلك اليد العاملة أو الخبرة، فيما يمتلك الآخر اليد العاملة أو الخبرة ولا يمتلك الرساميل والمواد الخام، بل لا يمتلك أي قطر بمفرده السوق الواسعة التي باتت ضرورية لأي تنمية حقيقية تقوم على الانتاج الفعلي بكل مجالاته، ومن هنا نجد أن أزمة التنمية العربية تطوق كل أقطار الأمة سواء فالغني منها مهدد دائماً بمصادرة ثرواته من قوى الهيمنة، أو نفاذها، والفقير منها محاصر بالفقر والبطالة والهجرة، بل نجد أنه لا حل لهذه الأزمة إلا بالتكامل الاقتصادي.
الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ:
ثبت بالواقع التاريخي ومن خلال الأحداث والتطورات الهامة أن الاستقلال الوطني والأمن القومي للأمة العربية مرتبط ارتباطا وثيقا بوحدة الأمة، وأن ما نالته أقطارنا العربية من استقلال في العقود الماضية بقي استقلالا منقوصاً ومنتهكاً على الدوام، من قوى خارجية تتفوق علينا في موازين القوى، بدءاً من اغتصاب كامل للأراضي كما في فلسطين، وصولاً الى أراض عربية محتلة أو مسلوبة نتيجة تفكك الصف العربي، ناهيك عما تشهده حاليا الأمة العربية من حروب وقواعد أجنبية وتدخلات خارجية مباشرة وغير مباشرة في العديد من اقطار الامة العربية. فقد أثبتت التطورات والأحداث المتسارعة في المنطقة العربية أن الأمن الوطني لكل قطر عربي، مهما كان هذا القطر كبيراً، مرتبط بالأمن القومي للأمة، وان السيادة الوطنية لكل بلد هي جزء لا يتجزأ من السيادة القومية.
دور الديمقراطية في توحيد الأمة العربية:
ان الديمقراطية التي تحلم بها شعوبنا العربية هي صمام أمان الوحدة الوطنية بين مكونات متنوعة تتساكن في وطننا الكبير، وهي الضامن الحقيقي لحقوق الإنسان، لكنها تبقى مشوهة وناقصة في ظل الكيانات الصغيرة التي تتوفر فيها للفئة الحاكمة كل سبل الاستبداد وإقصاء الآخر بما تملكه من آلة قمع فتاكة، وإمكانات مالية وافرة، وبمساعدة خارجية تكون قادرة على إخضاع شعوب محدودة العدد داخل هذه المجتمعات الصغيرة، ولكنها تصبح وسائل وآلات وقدرات محدودة التأثير لو كانت تواجه امة موحدة تضم مئات الملايين من المواطنين. ومن هنا تعتبر الوحدة العربية والديمقراطية هدفان متلازمان متى تحقق أحدهما أفسح الطريق لتحقيق الهدف الآخر، إذ أن الخيار الحر لأبناء الأمة العربية هو الخيار الوحدوي إذا توفرت ديمقراطية حقيقية لهم.
وكما تشكل الديمقراطية الإطار السليم لتنظيم العلاقة بين الدولة والمكونات الآثنية والدينية والمذهبية لمجتمعها من المواطنين، فان الوحدة العربية، كإطار أوسع تصبح قادرة على التعامل برحابة إنسانية واسعة، مع كل هذه المكونات التي تصبح حينها أكثر انجذاباً لدولة ديمقراطية وقوية، هذه الدولة الديمقراطية القوية تكون أكثر استعداداً لاحترام خصوصية تلك الجماعات وأكثر قدرة على التعاطي الايجابي معها، فمتى كانت الدولة قوية وديمقراطية تكون متوافقة مع مكوناتها بشكل جيد.
اهمية الوحدة العربية لمواجهة الكيان الصهيوني:
لا شك ان الكيان الصهيوني الذي تم إنشاؤه على ارض فلسطين العربية كحاجز يمنع توحيد شطري الوطن العربي الكبير، ويسعى إلى زرع بذور الفتنة والاحتراب في كل المجتمعات العربية والإسلامية، سيصاب بالعجز والإحباط وهم يرون أمامهم كياناً عربياً كبيراً، متفاعلاً مع دوائره الحضارية والإستراتيجية الأوسع، ويحسون بمخاطر تهدد وجودهم أمام قوة عربية كبرى قادرة على احتضان مقاومة الشعب الفلسطيني ومدها بكل أسباب القوة. فالوحدة العربية إذن هي إطار امثل لحل قضية الصراع العربي الصهيوني، سلماً بالاستيعاب الديمقراطي الإنساني، أو حرباً بتفوق القوة، ولعل هذا ما يفسر الحرب الصهيونية الدائمة على كل ما يوحد العرب، فكراً أو نضالاً أو مقاومة أو مشاريع مشتركة، بل هذا ما يفسر موقف الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، باعتبار هذا الكيان الحاجز احد ركائز استراتجيتها لمنع قيام قوة كبرى في الوطن العربي.
أهم عوائق الوحدة العربية:
رغم توافر كل أسباب قيام وحدة عربية فلماذا لم تقم هذه الوحدة حتى اليوم، بل لماذا نشهد هذا الانقسام بين الكيانات القطرية القائمة سواء من خلال الصراعات والحروب البينية، او من خلال التقسيم الصريح لها، أو من خلال مشاريع الأقاليم الفدرالية، أو من خلال الفتن والصراعات والحروب الأهلية، المعلنة والكامنة، والمرتكزة على عصبيات قبلية أو صراعات دينية أو إثنية !!
لا شك أن هناك جملة معوقات داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية حالت، دون قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية، بل لعبت دوراً في تحطيم كل ما قام من صيغ وأشكال ومبادرات، بما فيها صيغ التضامن العربي نفسه وهو أدنى أشكال العمل العربي المشترك، ناهيك عن إسقاط أول تجربة وحدوية معاصرة قامت عام 1958م، بين مصر وسوريا، وإجهاض كل المحاولات الوحدوية الأخرى وفي مقدمها وحدة مصر والعراق وسوريا في ميثاق 17 نيسان 1963م، ثم اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة عام 1971م.
وهناك تلازم قوي بين العوامل الخارجية والعوامل الداخلية، فليس من الصواب التركيز على دور القوى الاستعمارية والصهيونية والتي تتمثل في المشروع الاستعماري الصهيوني بكل تعابيره وتجلياته العاملة على تجزئة الأمة وتفتيتها، متجاهلين الثغرات الكامنة في واقعنا العربي من تخلّف، واستبداد، واستغلال واحتكار، وفساد، وانقسامات أهلية متعددة الأشكال والمظاهر، ومن نافلة القول فإن المعوقات الخارجية كثيراً ما كانت تغذي المعوقات الداخلية، وكانت المعوقات الداخلية بالمقابل تفسح المجال لنجاح المعوقات الخارجية في تأدية دورها.
العوامل الخارجية:
- معاهدة سايكس – بيكو (1916) ومعها وعد بلفور(1917) الذي أسس لقيام الكيان الصهيوني كحاجز يمنع وحدة المشرق العربي مع المغرب العربي.
- رسالة رئيس وزراء بريطانيا السابق بالمرستون (في أواسط القرن التاسع عشر) الذي تبنى توصية قنصله العام في فلسطين بضرورة قيام كيان يهودي عازل في فلسطين؛ كي لا تتكرر تجربة توحيد مصر وبلاد الشام على يد محمد علي حاكم مصر آنذاك وابنه إبراهيم باشا.
- تُشن منذ عقود حروبا عسكرية وثقافية واعلامية على الوحدة العربية، وعلى مرتكزاتها الموضوعية المتمثلة بالقومية العربية لصالح الكيانات القطرية والعصبيات الطائفية والعرقية، علماً إن الوحدة العربية لم تقدم نفسها يوماً على الصعيد الفكري كإلغاء للوحدة الوطنية، بل اعتبرت هذه الوحدة الأصغر ضمانة للوحدة الأكبر.
- ومن الحرب أيضا على الوحدة العربية، تعميق الحواجز بين الدول العربية، كما داخل كل واحدة منها بين الدولة والمجتمع، معتمدة في المرتبة الأولى على تحقيق التجزئة، أي جعلها حقيقة واقعية، ومستندة، بشكل خاص على حادث الانفصال الذي أودى بأول جمهورية عربية متحدة في أواسط القرن العشرين لتؤكد ان القطرية هي القاعدة وان الوحدة هي الشواذ.
العوامل الداخلية:

- ومن العوامل الداخلية جعل الاستبداد نمط علاقات وحيداً في المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى احتقاناتٍ تأخذ أشكالا عرقية ودينية وطائفية ومذهبية، وحتى سياسية وحزبية، وهي الاحتقانات التي تنزلق سريعاً لتصبح صراعات أهلية دموية تفجر المجتمعات من داخلها، فيصبح توحيد الكيان الوطني ذاته أمرا مستحيلاً فكيف بوحدة الأمة كلها.
- الاستبداد المقرون بالفساد دوما، والمرتكز إلى التبعية للخارج وهو لا يشكل نقيض الحرية وحقوق الإنسان فقط، بل يشكل تهديداً للوحدة الوطنية والقومية على حد سواء، حيث ان الديكتاتوريات العربية هي حارسة أمينة للتجزئة، اذ يخشى المتربعون فوق عروشها من وحدةٍ تهدد سلطتهم، كما يجنّدون كل طاقاتهم للحيلولة دون قيامها، ويجهدون في إثارة كل النعرات والعصبيات الممزقة لوحدة الأمة، حتى لو أدى الأمر إلى الفوضى العارمة.
- فشل الأنظمة التي حملت لواء الوحدة العربية والقومية العربية في تقديم نماذج ديمقراطية، بل انزلق بعضها إلى أقسى أنواع الاستبداد؛ مما أضعف التوجه القومي العربي وسمح لوصمة الاستبداد أن تلحق بهذا التوجه، ناهيك عن التعثر في علاقات الأنظمة والمنظمات ذات البعد القومي العربي، ببعضها البعض، ودخولها في صراعات وانقسامات فيما كان مطلوبا منها تحقيق الوحدة.
- لا أحد يستطيع أن ينكر إن التجزئة التي فرضها المستعمر على بلادنا، والتي وصلت إلى حد إقامة دويلات أو "بتعبير أدق "كانتونات" تمتلك ثروات خيالية، قد نجحت في أن تقيم لصالحها مع الوقت مصالح وطبقات وعائلات، بل وحتى أحزاباً سياسية ومرتكزات تدافع عنها بكل شراسة، وتسعى لتدمير كل مقومات الوحدة في الأمة، بما فيها تدمير الدول العربية الكبرى التي حاولت الإفلات من قبضة الهيمنة الاستعمارية والصهيونية سواء بالاستقلال الوطني والقومي، أو بالتنمية المستقلة، أو بالعدالة الاجتماعية، أو بالتجدد الحضاري، أو بشكل خاص بالتوجه نحو التكامل العربي.

يمكن القول ان التجزئة العربية هي البنية الأساسية التي قامت فوقها بنى اقتصادية وثقافية واجتماعية ترعاها وتحميها، كما يمكن القول ان الطبقات الإقطاعية والرأسمالية في بلادنا، ولدت في معظمها عبر علاقات وصلات مع القوى الخارجية المهيمنة كالبورجوازية التابعة في ظل الاستعمار الغربي، حتى ان مجلس التعاون الخليجي، ، لم ينجح - رغم التماثل في طبيعة الحكام في دوله- في ان يحقق انجازات ملموسة في العلاقات بين اطرافه، فلم نرى سكة حديد تربط دوله، أو عملة واحدة يتداولها ابناء هذه الدول، أو مشاريع كبرى يتعاونون على تنفيذها. بل نجد نظامين متجاورين يدعيان الانتماء إلى حركة حزبية واحدة في العراق وسوريا، وعلى مدى عقود لم تقم بينهما وحدة، بل قامت بينهما صراعات حادة. كما عجز التنظيمات القومية التي كانت تدعو للوحدة العربية عن توحيد نفسها في اطار عمل موحد أو متكامل، بدلاً من البقاء أسيرة التشرذم والانقسام.
دور فوائض الاقتصاد العربي في حل الأزمات الاقتصادية في الغرب:
ان التشتت في القرار الاقتصادي والمالي، وحتى النقدي العربي، تجعل من الاستقلال الاقتصادي العربي اقتصاداً مخترقاً في العديد من المجالات، ففوائضنا النفطية كثيراً ما تستخدم لحل الازمات الاقتصادية في الغرب أو لشراء الاسلحة، كما ان حجم الانتاج النفطي لكل قطر تحددّه عبر الاوبك دائماً واشنطن وعواصم الغرب ويلتزم بها حكام الدول النفطية. فيما كانت المصالح السياسية في الاقطار والتنظيمات وحتى الافراد، عائقاً رئيسياً من العوائق في وجه الوحدة، بل أدت هذه المصالح السياسية القطرية، والمرتبطة اصلاً بمسألة الوصول إلى السلطة، إلى اندلاع صراعات دموية بين تيارات وقوى عديدة على مستوى الأمة، وداخل كل قطر، وقد حاول البعض الباسها لبوساً عقائدياً أو فكريا أو حتى عرقياً، كالصراع بين العروبة والاسلام، أو بين الاصالة المعاصرة، أو بين الدين والقومية، أو بين القومية والشيوعية.. الخ، فيما كانت في جوهرها، وما تزال، صراعات على السلطة .
الطريق الى الوحدة العربية:
الواقع أن الطريق إلى الوحدة العربية هو عمل شاق ويحتاج إلى تضافر الجهود، حتى يمكن تحقيق الحلم العربي في الوحدة وتجاوز العوائق التي تحول دونه، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عن طريق، أولا: دراتسة تجارب العمل الوحدوي العربي على الصعيد الرسمي والشعبي، وتحديد الايجابيات ان وجدت، والعمل على تطويرها، والسلبيات، ومن اجل تجاوزها.
- لا بد من نشر الوعي الوحدوي العربي بشتى الوسائل المتاحة، لا سيّما عبر وسائل الاتصال الحديثة الخارجة نسبياً عن سيطرة قوى الاستبداد السياسي او الاحتكار المالي، وهي الوسائل التي اتاحها التطور الهائل في وسائل الاتصال والتواصل.
- التركيز على اول مستلزمات الوعي وهو الابتعاد قدر الامكان عن منطق الانقسام أياً كانت مبرراته، أو التلاسن أياً كانت دوافعه، والدعوة إلى ان نتعامل مع ايجابيات بعضنا البعض، سواء كافراد او كجماعات.
- لا بد من تعميق المضمون الديمقراطي والفدرالي لفكرة الوحدة العربية تأكيداً لتكامليتها بين الأقطار ولأهميتها بين الجماعات المتساكنة في الوطن العربي، بغض النظر عن انتمائها الآثني، عرقياً كان أم دينياً أم مذهبياً. فالوحدة ليست طغيان قطر أو آخر بغض النظر عن مساحة القطر وعدد سكانه وحجم موارده، كما انها ليست إقصاء مكون اجتماعي أو سياسي لحساب مكون اجتماعي او سياسي آخر، وليست آلية اندماجية تتجاهل خصوصية الأقطار والجماعات والأفراد، بل هي صيغة اتحادية بين الأقطار، وصيغة تكريس المواطنة بين الأفراد.
- في هذا الاطار لا بد من تنمية ثقافة الوحدة بكل مستوياتها، واقصاء ومحاصرة ثقافة الفتنة والانقسام بكل تجلياتها، والعمل على تنمية قيم التواصل والتكامل التي لا يمكن لاي نهضة ان تقوم بدونها، والوحدة العربية هي فعل نهضوي بالأساس، كما هي قاعدة أي نهضة لأمة وتقدمها وتحررها.
- وعلى المستوى الشعبي فإن الجهة الوحيدة صاحبة المصلحة في قيام الوحدة العربية هي الشعوب العربية نفسها، حيث تُظهر معظم الاستطلاعات القديمة والحديثة، انحيازها إلى فكرة الوحدة العربية، بينما يكشف تاريخ الأنظمة العربية والقوى والفئات المهيمنة عليها حجم رفضها ومناهضتها لهذه الفكرة التي تهدد مصالحها وربما وجودها.
- ان الشعب العربي هو صاحب الارادة في قيام الوحدة، وهو أيضاً صاحب القدرة على تحقيق الوحدة إذا توفرت له الوسائل والآليات والقيادات المؤهلة لتحقيق ذلك. بين مختلف القوى الشعبية صاحبة المصلحة في الوحدة، وأبرزها دون شك الطبقات الشعبية الكادحة، والطبقات الوسطى، والطبقات البورجوازية الوطنية التي لا تشكل امتداداً زيلياً لدول المركز الرأسمالي العالمي او لغيرها.
- العمل على تطوير الوسائل غير تقليدية بما تضمن تواصل القوى الشبابية في الأمة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية والنوادي والمنتديات حيث يتفاعل شباب الأمة مع بعضهم البعض مما يساعد على تمهيد الطريق إلى الوحدة العربية المنشودة.
- دعم وتطوير أشكال الاتحادات والمؤتمرات والجمعيات العربية المتخصصة، ودعوتها لتحمل مسؤولياتها كاملة، كل في مجاله، وبشكل يضمن التواصل والتكامل فيما بينها، للاستفادة من تراكم خبراتها.
- العمل على قيام مشاريع اقتصادية عربية مشتركة بحيث تساهم فيها دول بالمال وأخرى بالخبرة، وثالثة باليد العاملة، ورابعة بالمواد الخام.
- محاولة تفعيل قرارات سبق للجامعة العربية ان اتخذتها كسوق عربية حرة، واتحاد جمركي عربي، وسوق عربية مشتركة، وحرية انتقال الافراد والسلع والرساميل دون عوائق، بما فيها إلغاء التأشيرات بين الدول العربية. فإن تنفيذ هذه القرارات من شأنها ان تعّمق الترابط بين هذه الدول. فهناك أكثر من ثلاثة ألاف وخمسمائة قرار سبق وأن اتخذتها جامعة الدول العربية والمنظمات المتخصصة التابعة لها لا تزال في الإدراج، ولو جرى تنفيذها لانتقلت الأمة العربية من حال إلى حال.



#خيري_فرجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة الله في المخيال الأصولي:
- طه حسين رائد التنوير
- الأصولية ووهم الخلافة -من البنا إلى البغدادي-:
- إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمعات العربية:
- دور الإصوليات الدينية في إدارة الصراع السياسي:
- مبدأ تكافؤ الفرص:
- تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد المصري:
- مفهوم دولة القانون
- دور الإسلام السياسي في نشر خطاب الكراهية
- اللوبي الإخواني داخل أوروبا:
- جدلية الفكر والتكفير
- الأمن الغزائي العربي في ظل التحديات الراهنة
- أهمية التكامل الاقتصادي العربي
- العقد الاجتماعي


المزيد.....




- شاهد.. إيرانيات يتبرعن بذهب ومجوهرات لدعم حزب الله
- السفارة الأمريكية لرعاياها في لبنان: -غادروا الآن-
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك قطاع غزة (صورة)
- كيف اخترقت مسيرة حزب الله المنظومة الدفاعية في إسرائيل؟
- تشيلي: المابوتشي يحيون ذكرى 532 عامًا على وصول كولومبوس إلى ...
- طلب مليون دولار من إيران لتنفيذ اغتيالات.. تفاصيل جديدة حول ...
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. عصر جديد من الاكتشافات الفيروسية
- شولتس يدعو لتسريع انضمام دول غرب البلقان للاتحاد الأوروبي
- صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة صواريخ من ...
- -لحظة التفجير بالجيبات وإخلاء قتلى وجرحى-..-القسام- تعرض مشا ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة: