جاسم محمد دايش
كاتب وباحث
(Jasem Mohammed Dayish)
الحوار المتمدن-العدد: 8127 - 2024 / 10 / 11 - 19:37
المحور:
الادارة و الاقتصاد
المقدمة
تعد ظاهرة اختلاس الاموال واحدة من اخطر جرائم التعدي على المال العام والخاص , وقد ازدادت هذه الجريمة في ظل الفساد المالي والإداري والسياسي الذي تشهده أغلبية المؤسسات الحكومية العراقية , والمؤسسة التربوية واحدة منها . لذلك جاءت هذه الورقة البحثية لبيان مفهوم إختلاس الاموال وطرق مكافحتها وفق القانون العراقي .
اولاً:- الاهمية :
جاءت هذه الورقة البحثية لتبين مدى خطورة ظاهرة اختلاس المال العام على التنمية داخل المؤسسة التربوية العراقية , والتي تعد احد اوجه الفساد المالي والاداري .
ثانياً:- المشكلة :
نحاول من خلال هذه الورقة البحثية الاجابة عن التساؤلات الاتية :
- ماهي ظاهرة اختلاس الاموال ؟
- ماهي القوانين الرادعة للحد من ظاهرة اختلاس الاموال في العراق ؟
ثالثاً:- الفرضية :
إنَّ إنتشار ظاهرة إختلاس الاموال هو نتيجة الفساد الاداري والمالي بعد العام , فكلما كانت القوانين العراقية والدور الرقابي لهيئة النزاهة قوية كلما تم مكافحة ظاهرة اختلاس الاموال داخل المؤسسات العراقية .
المحور الاول :- مفهوم اختلاس الأموال .
الاختلاس هو : الاستيلاء على المال العام من قبل من أوكل إليه أمر إدارته أو جبايته أو صيانته .
ويمكن تعريف جريمة الاختلاس بانها(حيازة مال او ورقة مثبتة لحق مملوك للغير بنية المالك ) لذلك فان فعل الاختلاس يستلزم ان يباشر الجاني فعلاً مادياً من شانه ان يمكنه من المال فالاختلاس يقوم على عنصر مادي وعنصر نفسي .
علّة تجريم أختلاس المال العام هو أن الفعل الذي يقوم به الموظف العام ينطوي على خيانة الامانة التي حملتها الدولة للموظف والثقة التي وضعتها فيه حينما عهدت إليه بحيازة المال لحسابها .
فالعنصر المادي يتحقق باستيلاء الجاني على الحيازة الكاملة للشيء المملوك للغير سواء كان المالك حائزاً بنفسه لذلك الشيء او كانت الحيازة بالواسطة ... اما العنصر النفسي ويقصد به نية التملك ويستلزم هذا العنصر ان يباشر الجاني على الشيء استعمال السلطات التي قررها القانون للمالك فيحل محله في مباشرتها أي يظهر عليه بمظهر المالك او تمكين الغير منه بصورة يستهدف فيها اضاعة المال على مالكه نهائياً شرط ان يعلم الجاني ان المال ليس ملكاً له .
لذا فان جريمة الاختلاس لا تقوم بالفعل المادي وحده مالم يقترن بنية الجاني الى تملك المال المختلس وهذا يشمل الجرائم التي يرتكبها الموظف او من في حكمه باختلاسه الاموال الموجودة تحت حيازته او التي يستولي عليها بحكم وظيفته او بسببها او استغلالاً منه لها سواء كانت هذه الاموال مملوكة للدولة او الهيئات او المؤسسات التي تسهم الدولة في مالها بنصب او الافراد .
المحور الثاني :- أركان جريمة الاختلاس .
1- صفة الجاني بكونه موظف عام .
هنا يعني كل موظف عام في هيئة تنفيذية أو قضائية , وكل مسؤول في سلطة مدنية أو عسكرية أو أحد أعضائها, وكل عامل أو موظف في الدولة أو الإدارة العامة .
2- موضوع الجريمة وهو المال المختلس من قبل الموظف .
يشترط في المبلغ الذي يصلح لجريمة اختلاس الأموال ان يكون المال منقولاً , وان يكون من الاموال العامة التي يديرها الموظف الموضوعة تحت سلطة الدولة
3- الركن المادي وهو فعل الاختلاس .
يكون فعل الاختلاس المادي هو أخذ هذه الأموال وإزالتها من حيازة الدولة إلى انتهاك حيازة الموظف, وهو شكل من أشكال اساءة الائتمان على المال العام وليس صورة من صور السرقة فالسرقة انما تتم اخراج المال من حيازة المجني عليه خلسة او بالقوة بنية تملكه.
4- الركن المعنوي ويتخذ صورة القصد في الفعل (النية) .
عنصر أخلاقي لأن الاختلاس جريمة مقصودة لا يمكن تخيل حدوثها عن غير قصد. الأشخاص الذين يمتلكون عن غير قصد أموالاً عامة غير مذنبين بارتكاب جريمة الاختلاس , ولجريمة الاختلاس على المال العام عنصرين: عام وخاص , والعام هو تحويل الأموال العامة من حيازة الدولة إلى حيازة المجرم , أي حيازة الصرف. أما العنصر الخاص فهو نية تملك الأموال العامة التي تؤخذ دون موافقة أصحابها.
المحور الثالث:-القوانين العراقية لمكافحة اختلاس المال العام .
وضع المشرع العراقي عقوبة رادعة لهذه الجريمة اذا ارتكبت من موظف او من في حكمه وهي :
1- السجن حسب المواد (315-320) من قانون العقوبات (111) لسنة 1969 كما اعتبرها المشرع العراقي من الجرائم المخلة بالشرف حسب نص المادة (22| أ | 6 )من نفس القانون اعلاه .
2- مادة (315) يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالا او متاعا او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته.
3- مادة ( 316) يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او لإحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ما او سهل ذلك لغيره.
4- المادة ( 321) وتتضمن فقرتين :
أ- يحكم فضلا عن العقوبات المبينة في مواد هذا الفصل برد ما اختلسه الجاني او استولى عليه من مال او قيمة ما حصل عليه من منفعة او ربح.
ب- اذا حكم على الموظف او المكلف بخدمة عامة باية عقوبة مقيدة للحرية عن جريمة اختلاس اموال الدولة، فلا يطلق سراحه بقضائه المدة المحكوم بها ما لم تسترد منه الاموال المختلسة.
ويستثنى من احكام الافراج الشرطي، ولا تطبق بحقه قوانين العفو العام ولا قرارات تخفيف العقوبة.
يتبين من هذه النصوص بان لهذه الجريمة عدة اركان وهي كما يلي:
1- صفة الجاني: يشترط لتحقيق جريمة الاختلاس ان يكون الجاني موظفا او مكلفا بخدمة عامة والموظف هو كل شخص عهدت اليه خدمة او وظيفة داخلة في الملاك الدائم للمرافق العام، اما المكلف بخدمة عامة فقد عرفته المادة 19 من ق.ع (كل موظف او مستخدم او عامل انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه واعضاء المجالس النيابية والادارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت التي تساهم الحكومة واحدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر او بغير اجر).
2- فعل الاختلاس او الإخفاء: فالاختلاس يفيد اخذ الشيء من حياز شخص اخر ما معناه في مثل هذه الجريمة فيعني اخذ الموظف او المكلف بخدمة عامة للشيء الذي هو في حيازته اصلا. وبذلك فأنه يقوم بضم ذلك المال او الشيء الى ذمته المالية من خلال تصرفه فيه تصرف المالك, فاذا كان هذا المال مودع لديه وتصرف فيه شخصيا وامتنع عن رده عند المطالبة به او استحيل رده فقد تحقق هذا الركن وكل هذا الامر متروك تقديره الى المحكمة فاذا اقتنعت المحكمة ان المتهم قد اضاف المال او الشيء الى ملكه فان ذلك يكفي لإدانته حتى وان رده المتهم او قيمته بعد ثبوت واقعة الاختلاس.
الخاتمة
إنّ ظاهرة اختلاس الاموال هي جريمة تضر بالمصالح العامة للدولة عموماً وهي احد اوجه الفساد المال والاداري المنتشر داخل مؤسسات الدولة العراقية والمؤسسة التربوية منها . ويمكن عرض اهم النتائج والتوصيات :
أولاً: النتائج .
1- إنّ اختلاس المال العام يسهم في عرقلة التنمية المستدامة داخل المؤسسات التربوية العراقية .
2- إنّ ظاهرة اختلاس المال العام يعمل على إضعاف أقتصاد الدولة عموماً, والمؤسسة التربوية خصوصاً .
3- إن انتشار ظاهرة اختلاس الاموال داخل المؤسسات الحكومية هو نتيجة لانتشار الفساد المالي والاداري .
4- إنَّ انتشار ظاهرة اختلاس الاموال جاء نتيجة لضعف الرقابة القانونية بصورة عامة .
ثانياً:- التوصيات .
1- تفعيل القوانين العراقية الرادعة من خلال تدعيم بعض النصوص التي تسهم في مكافحة ظاهرة اخلاس المال العام .
2- تفعيل الدور الرقابي لهيئة النزاهة على جميع من يتسنم منصب يتعلق بالأمور المالية داخل المؤسسات الحكومية.
3- العمل على تطبيق قانون إمتثال الموظفين في الدولة باختلاف درجاتهم للسلوك الوظيفي .
#جاسم_محمد_دايش (هاشتاغ)
Jasem_Mohammed_Dayish#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟