بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8126 - 2024 / 10 / 10 - 19:52
المحور:
كتابات ساخرة
في زمن يتداخل فيه الواقع بالخيال، يبدو أن بعض الشخصيات التاريخية، رغم رحيلها، تواصل التأثير على مخيلتنا. ومن بين هؤلاء يأتي معمر القذافي، الزعيم الليبي الذي غادرنا في عام 2011، ليظهر كأنه لم يرحل قط.
فلنتخيل للحظة عودة القذافي إلى الحياة، مرتديا بدلة عسكرية مزركشة، يستعرض أمام عدسات الكاميرات وكأنه في مؤتمر صحفي جديد. "أين كنت؟" يسأله الصحفيون بحماس. فيجيب مبتسما: "كنت في جولة حول العالم، أبحث عن مكان يليق بي بين الأعيان!" هنا، تتجلى السخرية بوضوح، إذ أن مفهوم الأعيان قد تغير كثيرا منذ رحيله.
لكن أين يمكن أن يجد القذافي مكانا له وسط النخبة؟ هل في قاعة اجتماعات الأمم المتحدة، حيث يتم ترديد عبارات السلام والديمقراطية؟ أم في أحد قصور الحكام العرب، الذين باتوا يحاولون التملص من إرث الاستبداد؟ ربما سيجد نفسه محصورا في أحد فنادق الخمس نجوم خلال القمم العربية، حيث تعقد اللقاءات خلف أبواب مغلقة، وليس كممثل يستقبل بالأحضان، بل كشخصية مثيرة للجدل تلقى بعبارات مثل: "أهلا بك في عالم الأموات، ولكننا لا نحتاج إلى مزيد من الفوضى!"
وإذا ما تجول القذافي في شوارع طرابلس، لوجد أن الناس قد نسوا أسلوبه الفريد في الحكم. "أين هي الخيم؟" يسأل بفضول. يأتيه الجواب من أحد المارة: "لقد استبدلناها بالمقاهي والمطاعم، نحن نحب القهوة أكثر من الخيم!" هنا يكمن جوهر السخرية، فالقذافي الذي لطالما عاش في عالم من الفخامة والمبالغة، يتفاجأ بتحول المجتمع الذي أُشرف عليه.
لكن في خضم كل هذه الكوميديا، يجب أن نتوقف عند حقيقة أن القذافي، رغم مغادرته، لا يزال يمثل رمزا للجدل والانقسام. فبينما يراه البعض كمستبد قاس، يعتبره آخرون زعيما قويا. فهل يمكننا حقا اعتبار عودته مجازا سياسيا، أم أنها مجرد كذبة جديدة في عالم السياسة المليء بالمفاجآت؟ حدس ينبئ بعودة القذافي، ربما لم يغتال كما ظن الجميع.
في النهاية، تبقى فكرة عودة القذافي مجرد خيال ساخر، يعكس كيف أن التاريخ لا يموت، بل يتجدد في قصصنا وأحلامنا. قد يكون القذافي قد رحل، لكن ذكراه تبقى حاضرة، سواء في الكوميديا أو في الدروس التي نتعلمها من الماضي.
لذا، دعونا نضحك على هذه الفكرة المجنونة، ونستمتع بعبق الخيال، لكن لنحافظ على عقولنا مفتوحة، فالحياة دائما تحمل لنا مفاجآت غير متوقعة، وقد نحتاج لمزيد من الفكاهة لمواجهتها.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟