على حافة الانفجار: هل تشعل إسرائيل وإيران فتيل حرب شاملة في الشرق الأوسط

احمد خلدون

الحوار المتمدن-العدد: 8126 - 2024 / 10 / 10 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في الأسابيع الأخيرة، شهدت منطقة الشرق الأوسط تصاعدًا ملحوظًا في التوتر بين إسرائيل وإيران، مع تبادل التصريحات العدائية والتلويح بالتصعيد العسكري من الجانبين. التوتر بين الدولتين ليس جديدًا، ولكنه اكتسب زخمًا جديدًا بعد سلسلة من التطورات الإقليمية التي شملت المواجهات في لبنان وتهديدات إسرائيل بالرد على أي هجمات قد تطال أراضيها أو مصالحها الحيوية.

هذه الأجواء المشحونة تثير المخاوف الدولية من أن يؤدي هذا التصعيد إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة، خاصة وأن الصراع لا يقتصر فقط على إسرائيل وإيران، بل يمتد ليشمل قوى إقليمية مثل حزب الله وحماس، إلى جانب التدخلات المحتملة للقوى الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا.

مكالمة بايدن ونتنياهو: توازن دقيق
وسط هذا التوتر، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالًا هاتفيًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة لتهدئة الأوضاع المتوترة. وبحسب التقارير، تناولت المحادثة التي استمرت نحو نصف ساعة القضايا الأمنية، مع التركيز على التهديدات الإيرانية. تأتي هذه المكالمة في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تجنب الانخراط في صراع عسكري جديد في الشرق الأوسط، خصوصًا مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد التوترات مع الصين.

بايدن يسعى إلى تحقيق توازن بين دعمه التقليدي لإسرائيل، وضغوط داخلية ودولية لتجنب تصعيد النزاع مع إيران. وعلى الرغم من دعم واشنطن الواضح لإسرائيل، إلا أن الإدارة الأمريكية تسعى جاهدة لتفادي تصعيد الصراع العسكري إلى مواجهة إقليمية قد تخرج عن السيطرة.

تهديدات إسرائيلية بردود "مدمرة"
من الجانب الإسرائيلي، صعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت من نبرة التهديد، مؤكدًا أن إسرائيل مستعدة لرد "فتاك ودقيق" في حال تعرضها لهجمات جديدة من إيران أو حلفائها في المنطقة، كحزب الله. جالانت أشار إلى أن إيران تسعى لتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة، وأن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا التهديد المتزايد.

تصريحات جالانت تأتي بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة التي استهدفت مناطق في إسرائيل، ورغم أن تلك الهجمات لم تسفر عن خسائر بشرية، إلا أنها أظهرت مدى خطورة الموقف واحتمالية تصعيد الأوضاع العسكرية بين الجانبين.

إيران وحلفاؤها: استعداد للرد
من ناحية أخرى، لم تتوانَ إيران في الرد على التصريحات الإسرائيلية، مهددة بتوجيه ضربات قاسية في حال تعرضت لهجوم إسرائيلي. وتوعدت السلطات الإيرانية برد "مدمر"، مؤكدة أنها مستعدة للدفاع عن نفسها وعن حلفائها في المنطقة، مثل حزب الله وحماس، اللذين يتمتعان بنفوذ كبير في لبنان وغزة على التوالي.

وبينما تبدو الأوضاع قابلة للانفجار في أي لحظة، فإن الأطراف المعنية تحاول، من جهة، الحفاظ على مواقفها العسكرية القوية، ومن جهة أخرى تسعى إلى تجنب انزلاق الأمور إلى حرب شاملة قد تكون كارثية للمنطقة بأسرها.

تداعيات التوتر على المنطقة والعالم
التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران لا يقتصر على الصعيد العسكري فقط، بل يمتد ليشمل جوانب اقتصادية وسياسية تؤثر على الساحة الدولية. فأي تصعيد عسكري في المنطقة، وخاصة إذا شمل استهداف المنشآت النفطية الإيرانية أو البنى التحتية في دول الخليج، قد يتسبب في اضطرابات كبيرة بأسواق الطاقة العالمية، مما سيؤثر على الاقتصاد الدولي بشكل عام.

كما أن هذا الصراع يحمل في طياته تهديدًا لاستقرار المنطقة برمتها، مع احتمالية تدخل قوى إقليمية أخرى أو حتى القوى الكبرى، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة. فروسيا، التي تملك مصالح كبيرة في الشرق الأوسط من خلال تحالفها مع إيران في سوريا، قد تجد نفسها في موقف معقد إذا تطورت الأوضاع إلى مواجهة أوسع بين إسرائيل وإيران.

جهود دبلوماسية وتهدئة محتملة
على الرغم من التصعيد العسكري الواضح، لا تزال بعض الدول والقوى الدولية تسعى إلى تهدئة الأوضاع من خلال الوسائل الدبلوماسية. فالاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، دعا إلى ضبط النفس، محذرًا من تداعيات أي تصعيد عسكري على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في المنطقة.

في الوقت ذاته، تحاول بعض الدول العربية، مثل مصر والأردن، لعب دور الوساطة بين الأطراف المختلفة، سعياً لتحقيق استقرار نسبي وتجنب اندلاع حرب جديدة. هذه الجهود وإن كانت محدودة حتى الآن، إلا أنها قد تشكل خطوة نحو احتواء الأزمة، خاصة إذا ما تضافرت الجهود الدولية مع الضغط الداخلي في الدول المعنية لتجنب التصعيد.

نظرة إلى المستقبل
مع استمرار التوترات بين إسرائيل وإيران، يبدو أن المنطقة ستظل على صفيح ساخن في المستقبل القريب. احتمالات التصعيد العسكري لا تزال قائمة، خاصة مع استمرار الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحلفاء إيران في لبنان وغزة.

في المقابل، تبقى فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية قائمة، لكنها تتطلب جهودًا أكبر من قبل المجتمع الدولي، وربما تحتاج إلى ضغوط أكبر على الأطراف المتصارعة لتهدئة الأوضاع.

في نهاية المطاف، تظل المنطقة في حالة انتظار وترقب لما ستسفر عنه الأيام القادمة، سواء كان ذلك من خلال تصعيد عسكري واسع أو من خلال تهدئة مؤقتة تحفظ ماء الوجه للأطراف المعنية، على أمل تجنب حرب شاملة قد تكون لها تداعيات كارثية على الجميع.

#احمد_خلدون (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات