أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعاد أبو ختلة - عداد الموتى في غزة تخطى البشر والحجر














المزيد.....


عداد الموتى في غزة تخطى البشر والحجر


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 18:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


عداد الموتى كل يوم يرتفع وكأنه بورصة أسهمها من الدم الفلسطيني، والعالم يشجب ويدين ويستنكر، وآلة الحرب تفرح، كلما زاد عدد الشهداء كلما تغيرت الديموغرافيا... وأمريكا تومئ برأسها، الفقراء والمساكين يتضاءلون.. القنوات الاعلامية تصيغ التقارير ويشحذ المراسل همته ليستنزف الناجي الأخير يعتصر روحه التي لم تفيق من الصدمة وتزغرد حيناً وترتل الشعارات الصاخبة حيناً والمشاهدين بعضهم يعرف أنه لم يخرج من الصدمة وأن من العبث استنفار مشاعره التائهة والبعض يمصمص شفتيه ويتهمه باللا آدمية فكيف لمن فقد أن يقول هذه الشعارات الخائبة ولم يجف الدم المسكوب على ملابسه، تصوير الفلسطيني بالسوبر هيرو والامعان في اقتناص روحه بأبشع الطرق متذرعين بشعارات واهية في لحظة غضب وحزن وتيه.. من المستحيل أن تزغرد أم فوق جثة ابنها فرحاً، انه الألم يا سادة، العصفور الجريح يترنح راقصاً من الألم وليس السعادة، في صدمة الفقد تختلط المشاعر، لم أر امرأة تبكي فقيدها والحرب مازالت دائرة، الخوف على ما تبقى ومما يختبئ بين الجولات والصولات ومما تحيكه جلسات المفاوضات التي لا تظهر للعلن، لم تجد بعد متسعاً في الروح لتبكي وتولول، لم تمهلها الحرب كي تحدد مشاعرها، الخوف طاغ على كل مشاعر الحزن والفقد والوجع، الجزع مما قد يلحق بمن تبقى في عائلتها، لم تفكر بعد في مصير بيتها، ذاكرتها وذكرياتها، التفاصيل التي خاطتها من روحها، لم تلتقط أنفاسها بعد لترتب حزنها وتستوعب أنها فاقدة لروحها التي تركض في الهم الآني مع الحرب، تطعم عائلتها، تخيط الملابس البالية، تمضي عليها الفصول بين حر وبرد والخيمة تتماهى مع وجعها كأنما دبت فيها الروح،
عداد الموتى نسي أن يحصي البيوت والشوارع والمدارس والجامعات، رياض الأطفال وملاعبهم، الشجر والحجر، تفاصيل البيوت التي ابتاعتها النساء بروحها وكانت تلفها بعناية بعد أن تمسحها بحب وتزين بها الطاولة، الأسرة والأغطية، الصالونات والأرائك، فناجين القهوة، والمفارش، أصص الزهور على الشرفات، العصافير والطيور التي تتغنى حول البيوت فتضحك الشفاه، الجدران الذي استند عليه الأطفال في محاولتهم الأولى للمشي، الزوايا التي جلس بها الأجداد وبقيت تحمل من روحهم ذاكرة، هل استشهدت ذكراهم بعد عقود من موتهم؟!! المقابر التي تحوي جثامينهم التي كنا نزورها، نزرع الورد ونسقيه ونحدثهم عن حالنا، وقد ضاعت اشلائهم وامتزجت مع الرمل ودبش البيوت والشارع والرصيف، كم وصل عداد الموت الآن؟!! لا يجب أن يخطئوا العد، لنحتفل معهم بموتنا يجب أن ينصفونا، أن يذكروا الأرقام الحقيقية، أضف لذلك جموع الفاقدين الذين سلبت روحهم...
تتناقل وسائل الاعلام الأخبار الصماء وكأن من يمضون بلا روح بلا عائلة بلا حلم وأمل، كأنهم زيادة على هذا العالم، كم حلم دفن وكم فرحة اقتنصت، كم طفل كانوا ينتظرونه بشغف ذهب دون حتى أن يلبس ملابسه التي شموا رائحته فيها قبل أن يولد، كم أم كانت تحلم باليوم الذي تزف ابنتها بالثوب الأبيض أو تحتفل معها بتخرجها من الجامعة حرمت من ذلك؟! كم عائلة دفعت الغالي والنفيس لتؤسس بيتها ومازالت تسدد أقساطه للبنوك ومعارض الموبيليا والأجهزة الكهربائية، كم من أوراق ثبوتية وشهادات علمية فقدت، ألبومات الصور وأشياء أخرى لم تعتقد أبداً بورصة الموت أنها من روح ودم ينزف في روح الفاقدين، لا يستوعب مقدم النشرة الاخبارية أن هؤلاء بشر عاشوا فرحاً وحزناً وأنهم يتعلقون كبقية البشر ببعض التفاصيل التي تشكل حياتهم، لن يستوعب أن تحزن امرأة على ثوب ملتف بعناية من رائحة الوالد الذي مضى، هديته من موسم الحج، وأن ساعة في درج السرير بمغلفها كانت جائزة في أحد مراحل تعليمه، تفاصيل بسيطة لكنها تشكل الروح، عداد الموتى تخطى كل الأرقام فمن سيبقى بعد نهاية الحرب سيكون ميتاً بلا ذاكرة وذكريات، ومن سيتعافى ستبقى وخزة عميقة تؤثر في حياته، كيف سيتمكن من تخطي كل هذا الفقد دون أن يلتهم روحه الحزن كل حين، الحرب تخطت أهدافها، أوقفوا الحرب كي نبكي ونصرخ ونطلق سراح الدموع، لا تتركونا لشتاء آخر يختزن فيه الدمع فيفيض بحراً من البؤس...



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الابادة على غزة صورة خارج التغطية
- غزة تباد جوعاً وقهراً وقصفاً
- الحرب على غزة تفاصيل لا تعرفها المسَيرة
- الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح
- عام من الحرب على غزة
- اليوم العالمي للمرأة قراءة أخرى
- الحب في زمن الكورونا
- أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!
- عيد العمال يلقي قفازات آلاف العمال المتعطلين عن العمل في وجه ...
- ثقافة الاقتباس
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية
- محاكمة مبارك
- العالم الافتراضي .. حيوات أخرى


المزيد.....




- ترامب يكشف عن طلب بيل غيتس لمقابلته.. ما علاقة إيلون ماسك؟
- تفكيك شبكة اجرامية للاتجار بالسيارات الفاخرة بين اسبانيا وأل ...
- حضر هشام طلعت وعز وغاب ساويرس.. ما الذي جاء في لقاء المدبولي ...
- الدخل الإعلاني لسارة الودعاني يثير جدلا
- ردينة جركس في بلا قيود: ما طُبق في إدلب غير صالح للتطبيق في ...
- الصين تدشن أكبر سفينة برمائية في تاريخها
- لقطات توثق ابتعاد الناجين عن حطام الطائرة المنكوبة في كازاخس ...
- فيفا: منتخب مصر بقيادة -العميد- على أعتاب انجاز تاريخي
- -لبنان 2024-.. حرب إسرائيل المدمرة
- أول تواصل بين الإدارة السورية الجديدة وحكومة طالبان الأفغاني ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعاد أبو ختلة - عداد الموتى في غزة تخطى البشر والحجر