أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - ذاكرة الألم في -كلنا مريم-














المزيد.....

ذاكرة الألم في -كلنا مريم-


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


لو تسنى لهذا الكتاب أن يصدر باللغة الإنجليزية، ما الذي سينتظره؟ بوسعي القول إنه سيتحول إلى قضية رأي عام إنساني، كما أن السينما لن تفرّط أبدا في مثل تلك القصة المؤلمة تماما مثل فيلم “خمس أقدام تفصلنا” للمخرج جاستن لويس بالدوني.
مارس مؤلف “كلنا مريم” العُماني محمد المرجبي رباطة جأش منطوية على ذاتها عندما كان الأب المثقل بالفقد وكاتب سيرة ابنته في آن.
قيمة هذا الكتاب (508 صفحات من القطع الكبير) تبدأ من غلافه، الذي جسد البراعة الحسية لمصممه يوسف البادي، عندما طلب من أفراد أسرة مريم كتابة اسمها بالخط الذي يفضلونه، وفي النهاية أخذ حرفا من كتابة كل فرد ليجمعها في شكل مبتكر لاسم مريم، وكأنه يقول للقارئ إن دلالة الأسرة تكمن في وحدتها عند المصاعب. وعندما سقط شعر مريم أثناء العلاج تضامن كل أفراد الأسرة فحلقوا شعور رؤوسهم معها في رحلة ألم على مدار أربع سنوات من العلاج في عُمان والهند وتايلاند والبحرين.
أصيبت مريم بـ “سكسل” وهو مرض وراثي غريب يصيب أي مكان في الجسم، مرض شرس وصعب ومخادع.
المشكلة تكمن في حيرة أسرة مريم عندما تسأل الأطباء السؤال التاريخي الذي يلبد مشاعر المريض وأسرته “هل لهذا المرض علاج؟” وتأتي الإجابة بمثل خداع المرض “يوجد ولا يوجد”! أما المريض فيجب أن يعيش في جو مثالي للغاية، فالبرد قد يؤذيه والحر قد يستنزف السوائل فيؤذيه أيضا.
هذا الكتاب موجع وحزين ومكتوب بلا فذلكة لغوية، بقدر ما هو إنساني يشعر قارئه بأنه جزء من هذه الأسرة التي تعيش على ترقب ألا تفقد ابنتها فارعة الجمال وكأنها قطعة حلوى عمانية، أو كما يكتب المرجبي”مريم تظل جميلة مثل حسناوات أفلام الكارتون التي ترسمها”.
صنع الأب قصته من أوجاعه وهو يرى ابنته تذبل أمام عينيه، اقترح عليها أن ترسم كل ما يمر عليها في عزلتها وهي اقترحت عليه أن يكتب يومياتها في صراعها مع المرض. أنشأ مجموعة “كلنا مريم” على وسائل التواصل شارك فيها العشرات من الأقارب الذين يتابعون أخبار مريم، وتحول المرض إلى فعل إنساني مشترك ودعم مطلق عندما تتدفق المشاعر في رحلة العذاب التي استمرت لسنوات، حتى وصلت إلى مدرستها عندما وقف جميع التلاميذ في طابور الصباح يتضرعون إلى الله في دعاء طويل راجين منه الشفاء لمريم. عندما شاهد الأب الفيديو بكى بمرارة عميقة وشعر للمرة الأولى في حياته بهيبة طابور المدرسة. دعونا نسأل عن الكاتب وليس الأب، أي لغة ستنجده للتعبير عن هذا المشهد المترع بالحب والترقب؟
هكذا يكتب “حتى البكاء له أنواع ودرجات. وبعض بكاء مريم صرت أعرفه قبل حدوثه بلحظات. إنه بكاء شديد المرارة والصدق. لذلك أتمنى لحظتها أن أغيب عن الدنيا بأي طريقة حتى لا أراها في تلك الحالة. اليوم صدر منها ذلك، وقمت فورا وكأنني سأسأل عن شيء وخرجت خارج المستشفى حاملا غصتي التي انفجرت داخل السيارة. ففي هذا البكاء ترثي حالها وقلة حيلتها. شعرت أنني سوف أنهار”.
لم يجد الأب الكاتب بينما مريم تنازع الموت في أشهرها الأخيرة في قسم العناية المركزة غير جملة “ربي أرِني فيها عجائب رحمتك” ليكتب لحظة رحيلها “مريم في هذه اللحظات مشروع شهيدة بامتياز. سيتغير وجهها بعد ساعات إلى قمر منير وابتسامة قادمة من بعيد جدا، تطمئننا وتقول لنا: سأصبح أفضل بكثير، ولكن لن أكون هنا.. سنتشرف بأن نطبع على جبينها القبلة الأخيرة”.
في النهاية لم تحضر مريم حفل توقيع الكتاب الذي اقترحته على أبيها، إذ لم يوفِ الأب بوعده؛ وأنّى له ذلك والموت هو القدر الذي لا أحد بإمكانه الوقوف في وجهه! فرحلت قبل يومين من عيد ميلادها الثامن عشر.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن يحكم العالم بايدن أم نتنياهو؟
- أمضّ من أسى جيسيكا لانج
- لأنه… الحاكم المطلق للعراق!
- لماذا لا تكتب عن ماجد المهندس؟
- بلينكن غير المحظوظ بأسوأ وظيفة في العالم
- غناء عربي في زنجبار
- معركة دون كيشوتية مع التلفزيون
- هل حقا تريد إيران عراقا قويا؟
- شرطة الذائقة السمعية
- هل بمقدور المالكي التخلص من خوائه الطائفي؟
- كراسي حمودي الحارثي
- عبث أخبار الخنازير والكلاب
- سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!
- سنبقى نحب حسين نعمة!
- يمين متطرف أم لا إنسانيين؟
- الذكاء الاصطناعي لا يصل إلى نكهة القهوة
- معضلة تعليب وتسليع الأخبار
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- من يُعيد أيامنا العصيبة؟
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب


المزيد.....




- تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن ...
- الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا ...
- سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس ...
- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...
- كريستوفر نولان يستعد للعودة بفيلم جديد ومات ديمون مرشح للبطو ...
- بيسكوف: الإهانات الموجهة لبوتين -جزء من الثقافة الأمريكية-
- تفجير برايتون: مؤامرة تصفية تاتشر
- وُصفت بأنها الأكبر في الشرق الأوسط..نظرة داخل دار أوبرا العا ...
- بسرعة نزل قناة سبيس تون الجديد 2024 وخلي عيالك يتفرجو على أج ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - ذاكرة الألم في -كلنا مريم-