بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 08:11
المحور:
كتابات ساخرة
في إعلان غير مفاجئ، كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023 أن الفساد في المغرب قد تحول إلى "واقع بنيوي" عميق الجذور، وكأنه أحد الموروثات الثقافية التي لا يمكن تجاهلها، مثل "الكسكس" أو "الطاجين". وكأن البلاد قررت أن تسجل اسمها بأحرف من ذهب في قائمة الدول التي لا تكتفي بمنافسة العالم في الرياضة فقط، بل في الفساد أيضا، لكن للأسف، لم نحصل على الميدالية الذهبية، بل الهزيمة في سباق الرشوة!
حسب ما قاله محمد البشير الراشدي، رئيس الهيئة، الفساد لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح "طبيعة" الحياة اليومية في بعض الأماكن، بحيث لم يعد بحاجة إلى مكافحة، بل إلى احتضان وتقدير. صحيح أن المؤشرات تقول إن المغرب تراجع خمس درجات في مؤشر مدركات الفساد، لكن لا تقلقوا، فما دامت "التراجعات" ليست في عدد النقط الوطنية، فهذا لا يعد فشلا، بل فرصة لتقديم نسخة جديدة من "الإبداع" في الفساد.
لنفكر سويا: إن انتقلنا من المرتبة 73 إلى المرتبة 97 في هذا "المؤشر الدولي" الذي يقيس الفساد، فهذا ليس سوى دليل على التقدم الواضح في المجال! إذ يثبت أن المغرب أصبح في "المقدمة" على مستوى الفساد، والأمر لا يحتاج إلى تفسير، فكلما انخفضنا في الترتيب، كلما اقتربنا أكثر من احتلال المراتب العالمية في هذا المجال. فالذين يسعون إلى نظافة اليدين، يبدو أنهم ضيعوا الطريق إلى "مسار الفساد" الرائع.
ويضيف الراشدي، بكل فخر، أن الفساد السياسي وتطبيق القانون هما جزء من هذه المسرحية الوطنية التي تعرض على مسرح الحياة اليومية، حيث الجميع يؤدون أدوارهم بكفاءة استثنائية. هل هو فساد؟ أم هو نوع من أنواع "التمثيل" الذي يمارسه الجميع، بدءا من المسؤولين وصولا إلى المواطن البسيط؟ القانون، كما يقولون، أصبح مجرد "ديكور" لمسرحية كوميدية سوداء، حيث يلعب الجميع دور "البطل" الذي لا يعرف أن النهاية ستكون مخيبة للآمال.
وبينما تتراجع الأرقام، تزداد حالات الرشوة والمحسوبية وكأنها أرقام قياسية تسجل في كل زاوية من زوايا الحياة. أصبح تطبيق القانون أقرب إلى الحلم، مثل "العدالة الاجتماعية"، التي يظن الجميع أنها موجودة، ولكنها لا تصل أبدا. ربما لو اعترفنا جميعا بأن الفساد هو الحافز الأوحد الذي يوحدنا، لربما كنا في "دوري الفساد" الدولي، حيث التنافس على "الميداليات السوداء" أصبح لعبة جديدة، والجميع في النهاية متساوون.
في النهاية، هل الفساد هو فعلا "عائق" أمام التنمية؟ أم أنه "تقليد" جميل لا يمكن التخلص منه؟ وإذا أصبح الفساد هو الرياضة الوطنية، فما الذي يمنعنا من أن نكون أبطال هذا المجال؟ فربما، لو خصصنا الفساد "كاحتراف"، لكان لدينا اليوم أكثر الفرق نجاحا في هذا "الميدان".
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟