أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العجارمة - ابنة القمر مدينة نلسون .. نيوزلندا















المزيد.....



ابنة القمر مدينة نلسون .. نيوزلندا


تيسير الفارس العجارمة

الحوار المتمدن-العدد: 8124 - 2024 / 10 / 8 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


ما أن حطت الطائر في مطار نلسون حتى رحت أصغي إلى رفرفة أجنحة خفية لروح هذه المدينة الهائمة في سؤر الجمال، وبحر من الخيال العجيب، حتى لكأني أشعر بروحها المحجوب و قد أسفر عن وجهه فبدى ناصعاً طاهراً بريئاً ، فدلفت إلى قلبها على هون المحب، عازماً المبيت ليلتي هذه في رحابها ، ومن ثم الذهاب في الصباح الباكر إلى بلدة كاي تري تري التي كانت مقصدي من هذه الزيارة، وهي بلدة ماورية من أثمن وأعز الأماكن لدى الشعب الماوري في نيوزلندا، ثم الذهاب من هناك الى بلدة ..تكا تكا ..التي تقع الى الشرق من تري تري .. وتبعد عنها ثلاثماية كليومتر ، ومن ثم العودة إلى نلسون ، كان هذا خط الرحلة الذي سيمتد لاسبوعين..
.. جالس على مقعد خشبي أمام مقهى ستار بارك ..وما لبثت غير بعيد حتى أضلني الليل الذي راح يشفُ برهبته المحبوبة ليطوني في فلك اسراره التي حاكها على طول الزمان ، راح القمر يرتفع فوق المدينة رويداً رويداً مُصَعّداً في الجانب الشرقي من السماء ، و إذا بالقنوات الرخامية عن يمين المقهى تتراقص أمواهها الفضية تحت أضواءه المترنحة ، وإذا بالأشجار على طول الطريق تستلقي تحت شعاعه ناعمة مطمئنة بملاطفاته الساحرة ، تبسم للقمر بأزهارها الفتانة وأوراقها النظرة ، كان عبير الليل كلما أمعن القمر في صعوده، يُرَوّحُ من شذاه أضعافا ، فترى المساكن الوثيرة الغافية على رؤوس الجبال كأنها تتأوه سكرة نشوى، صار جواً حالماً سرعان ما طوى قلبي على فيض من نوره الغُلالْ..
السماء فوقي بدت كرنفالاً من الألوان والسحر، فما بين قطع من الغيوم الداكنة أطرافها التي عكست ضوء القمر ، إلى النجوم المعلقة قناديلاً في قبة السماء ، إلى أسراب الطيور الذي تذرع الجو ذاهبة إلى قمم وسفوح الجبال حيث أوكارها وصغارها …
مضت ساعات وأنا جالس في هذا المقهى متنعما ساهياً لاهياً .. ثم خطر لي أن اتمشى في الشارع الخالي من المارة ، وما أن التف بي الى الجنوب حتى وجدتني أمام حانة أونوركا . عرفت فيما بعد أنها الحانة الكبرى في نلسون، ولها شهرة بالغة في المدينة .. واجهتها التي أمامي ركبت من الرخام الأسود الفاحم ، تمتد بشكل طولي لأكثر من سبعين مترا ، مرتفعة خمسة أمتار . يتدرج في أعلاها عدد من أقواس رخامية توحي بتعارضها وتقاربها وتداخلها إلى معنى ما، ثم هناك عشرات الكوى تتشابك فيما بينها بشكل هندسي مدروس ، في تجاويفها علقت ثريات مختلفة الأحجام والأشكال تدلت بطريقة تجعل ضوءها يتراقص كلما مسها الهواء مساً خفيفاً .. فتبدو الواجهة للناظر كأنها تميل ذات اليمين وذات الشمال ..
ما أن دخلت إلى الصالة الرئيسة وبي شوق نهم إلى اكتشاف الحانة من داخل.. حتى راحت الأضواء الحمراء تحلق في جو محموم على هيئة كرات من الشهوة تريد أن تأخذ بمخنق الحاضرين ، لولا أقواس من النور الأزرق تعترض عليها السبيل، فترتد نشوة فاترة تطوف هائمة برؤوس الشاربين. وألوان باهتة ترفُّ على وجوه راقصات من بنات الهوى جلسن إلى موائد هزيلة يتكلفن الحديث الأجوف والابتسام المصقول من فم أفَّاك أنهكته القبل الرخيصة المغتصبة ، وشفاه أذابتها المساحيق والأصباغ وخدّدها الشراب، أو خلون إلى أنفسهن وفي خواطرهن وساوس ليت شعري من أين مأتاها و إلى أين مُرساها، وهن ينتظرن من يعطف عليهن من الضحايا ، وإنك لتلمح في نظراتهن مواكب من الشقاء والنفاق وتدمير الروح ، لا يلبث أن يرتد طرفك عنها خاسئا ً إن كنت غضّ الإحساس لا تزال تحمل في قلبك للانسانية رحمة و حنانا، فها هنّ أولاء في ثياب السهرة يعرضن شرائح من اللحم الكالح الذي غاض منه ماء الحس ، فمهما لمسته لم يتأثر ، كأنه من فرط الشهوة تخدّر ، أو من سم النفاق و التصّنع تحجر، وها هن أولاء يبدأن حديثهن المعتاد الُمعاد التافه ، يقذفن به في وجه كل طارق ،لا يخفف من إملاله إلا ما في الواردين من تجديد ، كيما يظفرن بأكبر قدر من الوافدين الحاجّين إلى قبر ذلك الشرف الشريد .
الأنغام الصفراء تنطلق من فرقة الجاز كأنها صادرة من أحشاء الأرض… أصوات خرساء لا تصل الأذن حتى تنزل منها إلى نهاية الجذع في المنطقة الوسطى من الجسم ، فتدفع بالعصارة الحيوانية الشهوانية في مجاري الغرائز الدنيا ، فتتصاعد منها أبخرة كثيفة تنتشر في الدماغ فتسد على التفكير الواضح مسالكه، وتُشيع في البدن كله خدراً ناعماً فيه من الرخاوة بقدر ما فيه من الإنهاك ، إلا قاتل الله من أدخل هذا المخدر الفتاك في جسم الحضارة السليم فأشاع فيه التحلل وكان إيذانا بالمصير الأليم الذي ينتظر هذه الحضارة بعد أن شاخت وتمشى في أوصالها الهرم الرهيب ، فأشاحت بوجهها عن الينبوع الدافق بالحياة الخصبة ، وجثت على ركبتيها تحت أقدام هذا الانحلال الذي طال كل شيء نبيل.
لقد بدأ الداء حداً جعل هؤلاء المدمنين يتنكرون للقيم العالية ويشيدون بهذه السموم القاتلة ، ترى أبواقهم المنكرة تعلن في كل حين أن الجاز لا زال يحطم أصنام الفن العتيق : أصنام باخ وبيتهوفن وبرامز ومن لف لفهم من الحالمين المساكين ، وحجتهم أن في هذا عَوداً إلى البساطة والفطرة الأولى ، و إنغماسا في الطبيعة البدائية بعد إرهاق الحضارة الصناعية. لكن أين هي الطبيعة الحية في هذه الدندنة الكئيبة و الهمهمة البائسة و النهيم المكدود التي كأنها زفرات محتضر وافاه القدر ..؟

جلست إلى إحدى الزوايا قليلة الضوء ، وما هي غير لحظات حتى نقرت المقارع وارتفعت النغمات. الغليظة من الآلات الموسيقية النحاسية السكسيفون وعقبّ عليه الترمومبون ، يعزف بها قائد الفرقة مستثيراً الفرقة النحاسية وهم في ملابسهم ذوات الستر الحمر والسراويل السود تتخللها شرائط القصب الذهبي ، وحَميِ وطيس الموسيقى حينما علا صوتها ، تبعث الحرارة في حنايا الأوصال ، وأقبل الراقصون أزواجاً أزواج يرتعدون من حمى هذه الموسيقى ..أما كثرتهم فقد دُفعت إلى الرقص تحقيقاً لشهوة المخاصرة و الالتصاق بين الأبدان الناعمة والخشنة ، فلا هّمَ لكل منهم إلا أن يضغط على مراقصته بكل ما في جسمه من خلايا ، وأن يضم نهودها البارزة إلى صدره المبهور الأنفاس علّه يستريح إلى ذلك الشاطئ الزاخر بالشبق المتحدي ، فتراه مشّعث الشعر مستهل العَرق ، قد لعب الدوار بكل كيانه كأنه درويش يدير رأسه باستمرار ، وفريق قليل استبدت به النشوة الحيوانية فبسط ذراعيه ولم يعد يُمسك من مراقصته إلا بأطراف الأنامل ، وكلاهما في دوامة من الأبخرة الشهوانية تتصاعد من كل خلية في أبدانهم ..
وقام قارع الطبول يعلو بحرارة الراقصين ، فينتقل بهم إلى الذبذبات العاتية وهو يهز جذعه بحركات تجسد الغُلمة كلها، فأهاجت الجميع وقذفت بهم في أتاويه الانفعال ، ووقفت إلى جواره فتاة فارعة القوام مستطيلة الوجه لطيفة الجوانح عليها مسحة من البرود لم تكن تتسق مع ذلك الجو المحموم ، وراحت ترطن لهم في لغة متفسّخة أغنية ساذجة حاولت أن تخفف بها من حرارة هذا الطقس الصناعي ، لكن في غير جدوى ، إذ أبت هذه النفوس المعذبة إلا أن تسترسل في هذه النشوة البهيمية كيما تُغْرِق فيها متاعب حياتها اليومية المرهقة.
ولم ينقذهم من تلك الحال إلا قائد الفرقة، فقد شاء له دهاؤه التجاري أن يقطع عنهم فجأة أوج الشهوة حينما أشرف أصحابها على بلوغها، كيما يزيد بهذا الحرمان المفاجئ من تعذيب أعصابهم فيوالوا التردد عليه يوما بعد يوم وإلا فإن أشبعوا قرمهم ، ولو مرة واحدة ، فمن أين يظفر بهم مرة أخرى عاجلة ؟ فأطفئت الأنوار الزاهية ولم تبق إلا الأنوار الخفيفة .. التي في حمرتها هدوء تستعذبه النفوس الحالمة، وفي صفرتها شحوب تنزع إليه القلوب المريضة ، وفي زرقتها حزن ترتاح إليه الأرواح السوداوية .
في هذه السانحة استطعت أن استعيد نفسي بعد أن طوحت بها الرمبة وهوت بها في أسفل ساقيّ ، فانطويت على خاطري أستعرض هذه المناظر الغريبة ، ودارت الأفكار في نفسي .. تارة تستعيد بضدها ماضيا أحن إليه ، وطوراً تتأمل في هذا الأنهيار الروحي الذي انساقت في تياره إنسانية اليوم المريضة، وحيناً ثالثا، كنت أوازن وأعلل علني أهتدي الى الدواء …
وبينما أنا هائم في أودية وساوسي وأحلامي هاتيك ، تلفت إلى الشمال متطلعاً إلى درج مستطيل تقطعه حواجز شبكية من الخشب ، وبين كل حاجزين مائدة مربعة، فأبصرت في إحدى هذه الفواصل .. .. عينين سوداوين تلمعان في شيء من الجزع الصامت ،واللهفة الباكية، خلال ذلك الضؤ الضئيل المترنح بين أحضان هذا الجو المحموم ، لقد كانتا تحدقان بنظرات رفرافة لا تخلو من الترويع كأنهما عينا ميدوزه . وما أقرب الشبه بين كلتيهما ، بهرت بمفاتنها المنسابة من جسم بضّ وعيون ساحرة قاتلة، وبغدائرها الرائعة وشعرها الفاحم الجُفال ، وقد عُقَصَ على رأسها الصغير كأنه قبة السماء انعقدت على قمة جبل مغطى بالثلوج في ليل بهيم. وما أذهلني منها أول الأمر إلا ما أذهل الآلهة الأقدمين من ميدوزه .. عيناها وغدائرها .
ساءَلت نفسي .. أيكون حظها مع الناس حظ ميدوزه مع الأقدمين؟ إن كان كذلك ، فمن هو يا ترى هذا النبيون الذي هام بها عذراء، ثم مزق روحها في معبد العفاف ، فعاقبتها مينرفا هذا العصر بأن ألقت بها في هذه المواخير تبيع جسدها في سوق الفجور ؟
أتراها أيضاً قد أحالت غدائرها إلى أفاعٍ فلا يقربها إنسان إلا قتلته بسمومها ؟ وماذا سيكون حظي معها لو تجاسرت ، حبا في الاستطلاع على الأقل فاقتربت منها .. أأكون واحداً من ضحاياها العديدين الذين جندلتهم الواحد بعد الآخر منذ أن سلكت هذا السبيل الوعر ؟ أم أكون قويا قوة برسيوس فأقهرها بأن أجتز غدائرها ثم أسلك بها إن شئت سبيل الرشاد ؟
دارت هذه الخواطر في رأسي فكانت دواراً حقاً .. فلقد حشا الناس رأسي بأخبار غريبة عن هذا القطيع الضال المضل الذي يسمى ( بنات الهوى )
يصورنهن على أنهن لبؤات يفترسن أرواح السذج من الرجال و يغتلن جيوبهم ولا يدعن الفريسة إلا إذا لم يعد يتردد فيها أقل الدماء . هنالك ينبذنهم كالقشرة بعد أن يستخرجن ما فيها من عصارة، وهن في هذا السبيل يصطنعن من الحيل و ينصبن من الشراك والأحابيل ما يخفى أمره على أكبر الناس ذكاءً و فطنة ودهاء.. فيتظاهرن بالعفاف ، بل و بالبكارة والطهارة ، وكأنهن قديسات متبتلات في محاريب المعابد لم ينزلن مواطن الفجور إلا للمشاهدة، و عما قليل يتسللن من بين زحمة مواكب الفجور طاهرات أبكاراً كما دخلن ، وما هذا إلا لكي تزداد الفريسة تعلقاً بهن، وحرصا على طلبهن ، مما يحملها على أن تبذل عصارة نفسها و نفيسها من أجل الظفر بهن ، فإن تم لها الظفر بعد هذا الاستنزاف كله، كانت بين إحدى خصلتين.. فإما أن تكون من الطبائع المغامرة التي تجد الغاية عندها في مجرد بلوغ الهدف، حتى إذا ما بلغته ملته فانصرفت، و إما أن تكون من الطبائع المستزيدة من التعمق في الغاية فلا تكتفي بالوصول، بل تستديم التكرار ، لأنها قنوع بالقليل المتشابه، فإن كانت الفريسة من الضرب الأول ..ولبنات الهوى حاسة خاصة يستطعن بها التمييز بين كلا الضربين في يسر .. أطلن في الشوط و ملأن السبيل بالعقبات، وعدّدن وسائل الحرمان المطلىّ بالأغراء، ومكائد الفتنة المصنوعة من معسول الإباء، وإن كن من الضرب الثاني، أقمن المصاعب في طريق التكرار، مما يهيج ثائرة الحرمان فتندفع الفريسة في البذل من كل وجه وسبيل، وهن في خلال هذا كله لا يبذلن إرضاء لذة مهما ضؤلت و هانت، إلا إذا تقاضين عنها أفدح الأثمان، فيقمن دائما مزاداً رهيبا يشهرن فيه إفلاس تلك الفريسة المسكينة .
تلك صورة مريعة . لكن لروعتها سحراً يغري النفس بالنفوذ إلى أسرارها ، خصوصا إن كانت من تلك النفوس التي تنشد الخطر وتجّد في طلبه حرصاً على التزود بأوفر قدر من التجارب الحية حتى تحيا حياة مليئة خصبة، وتمعن في اكتناه المجهول كلما أوغل في السر وتحصّن بالغرور، فقلت لنفسي : ولماذا لا أركب هذا الخطر لعلي أجد فيه ما يرضي نزعتي الحارة إلى حب الاستطلاع واكتشاف المجهول في النفس الإنسانية من بقاع ؟ ها ي ذي منطقة حافلة بأوفر التجارب ، لأنها تمثل نموذجاً إنسانيا من الطراز الأول في الغرابة والطرافة، فلماذا لا أرتادها ، على الرغم مما عساني ألقاه فيها من مكاره ومصاعب ؟ أولست من الداعين إلى نشدان الخطر والامتلاء بالتجارب الحية، فلماذا إذًا لا أحققها في نفسي؟

وقد ألفت منذ ريقْ شبابي أن أحيا حياة الكتب وفيه وجدت حتى اليوم مسرح حياتي ، فإن شعرت بنزعة المغامرة عن طريق التشرد عكفت على أشعار الصعاليك ، من تأبط شرا حتى فرنسوافيون ، وإن هفت نفسي إلى نشدان السلوى في فردوس الكروم، عكفت على خمريات أبي نواس ورباعيات الخيام ، أو في الفردوس الصناعي أطلقت نفسي تتصاعد مع أنفاس نارجيلة بودلير ودي كونسي ، وإن طلبت المخاطرة في ميدان الحب تنقلت بين عشيقات جيته، أو استهوتني الخيانة في غراميات ألفرد دي مسيه، وإذا ألح بي الشوق إلى عبادة البدن تنسمت أريج الجنس يعبق من مقطوعات و كتب ديفد هربرت لورنس ، وغلبت عليّ حياة الأوراق هذه ، حتى لم يعد في وسعي أن أحسُ بشيء بنفسي ، أو على الأقل لم يكن إحساسي بشيء كاملاً أو واضحاً إلا إذا رددته إلى هذا الموضع أو ذاك من كتاب من الكتب ، إما الشعور المباشر بأية عاطفة، أما هذا الاتصال الحي بالآثار والانفعالات الواردة تواً من مصدرها فقد حيل بينه وبيني .وعلى هذا صرت أحيا كل شيء بواسطة الكتب ، ولا أستطيع أن أحياه بنفسي فكانت حياتي كلها بالواسطة، ولكم كنت أثور مراراً في داخل نفسي على هذا الحال الأليمة التي انتهت إليها، لكن نفسي كان الفساد قد استولى عليها إلى حد لم يكن من الميسور معه أن أجور بها عن هذا السبيل البائسة، وأردها إلى سبيلي الحقة، سبيلي أنا الخاصة وكان تأملي يزداد لهذه الحال حين ينبهني الأصدقاء إلى ما في هذا المسلك من قضاء على شخصيتي ، حينما يلمحون أنني لا أكاد أعبر عن شعور لديّ إلا مقروناً بفقرات طويلة لمؤلفين أعزاء لديّ أحفظها وأؤديها عن ظهر قلبي، تعينني على هذا ذاكرة لعل فيها من الضرر أكبر مما فيها من الفائدة والغناء..
يال نفسي .. لقد صارت بلورة عديدة الأوجه لا همّ لها إلا أن تعكس آلاف الأضواء التي تنطبع عليها من أهل الفكر والفن، رانت حقيقتها علي، فلم يكن أمامي إلا إحدى خصلتين : فإما أن أقنع بهذا المصير فأفقد نفسي إلى غير رجعة ، أو أن أردها إلى ينبوعها الأصيل ، وطال ترددي ببين هاتين الناحيتين ، وما كان له إلا أن يطول ، لأني كنت أحس دائما بأني إذا قصرتها على ينبوعها ، نضب أكثر مواردها وغاض أغلب مائها ، وكيف أصبر على الفقر ، وأنا محموم بالنشاط وطلب المجد بأسرع ما يمكن، يحملني على هذا شعور غريب استولى عليّ منذ البداية، ولا أفهم له أصلًا ولا مصدراً، كان يخيل إلى نفسي أنني من أولئك الذين لن يحيوا طويلا، وقصار أمرهم أن يتخطوا الثلاثين قليلاً دون أن يقتربوا من الأربعين ، والعجيب في الأمر أنني لم أكن أجزع من هذه الفكرة ، وبفعل هذا أرى كبار النابغين في الفكر هم الذين يحتضرون وهم صغار ، وكان هؤلاء يستأثرون بإعجابي دون المعمرين، فكنت أعجب باسبينوزا وجويو من بين الفلاسفة، وبنوفالوس وكيتس وشيلي من بين الشعراء، وبشوبرت وموتسارت وبيلّيني من بين الموسيقين، بل بلغ بي حداً جعلني أوثر بعضا من رجال الفكر والفن على غيرهم لا لشيء إلا لأنهم أخترموا في معية الشباب ، وكنت أردد دائما قول ميناندر.. يموت شاباً من تعزه الآلهة …
ومرت شُرُط هذه الأحوال في ذهني في تلك اللحظة بسرعة خاطفة، وقلت لنفسي .. ها هو ذا ميدان جديد فغزيه أن أردت تجارب عميقة أليمة معاً وفي ذبذبة بين بين الإقدام والاحجام حتى قطع مجرى خواطري هذه انتهاء موسيقى التانج إيذاناً بانتهاء الدور الأول من رقص الجمهور وابتداء رقص الفنانات، فانصرفت عن تأملاتي إلى حيث بدأ العرض ..كانت الرقصة الأولى رقصة بولير على اللحن المشهور الذي وضعه موريس رافل.
فأضيئت الإنوار الزاهية التي أعلنت على اقتلاع النفس من الجو الحالم الذي أغرقتها فيه أنوار التنج إلى حيث تستطع الاستجابة إلى الآثار الخارجية ، وظهرت الفنانة ، لكن في ثياب كانت و يا للأسف أبعد ما تكون عن تمثيل الروح التي تعبر عنها الرقصة بألحانها.
و كم كانت هذا مؤثرة حقاً أي الموسيقى ، تسمو بالنفس شيئا فشيئا إلى حالة من الوجد خُيّل إلي فيها أنني صرت إلى أفلاك من الصوت الرنان ، يتردد فيه إيقاع ترقيمي كأنه العود الأبدي في الكون الأكبر ، فحلقت في أجواء اللانهائي لولا أنني كنت أقل التفاتة إلى هذه الراقصة البائسة التي راحت تهوي بي سريعا إلى الأرض محطم البدن مُرتَهِك المفاصل، ولولا هذه الضوضاء التي تميز موسيقى رافل، وخاصة هذا البولير…
وتلتها رقصة فاتنة مأخوذة عن بيزية .. وكم أنا معجب ب كرمن هذا منذ أن نبهنا إلى جمالها نيتشة، وإن كان في إشادته المغالية بها ما يدعو إلى التهمة لأنه أفرط في إزجاء الثناء عليها زيادة في مخاصمة فجنر بعد أن تنكر له..إذ حاول أن يعارض بالرقة واللطافة التي تميز بها هذا الفرنسي ذلك الجو القاتم المللبد بضباب الشمال الذي يحيا فيه سليل زيجفريد ، وكانت الراقصة بارعة حقاً ، لا يعيبها إلا قصر قامتها وضروع جسمها .
وخليق بمن تؤدي هذا الدور أن تكون فارعة القوام ريّا المفاصل كإحدى الأمزونات بيد أن هذا العيب نفسه كان من أسباب تفوقها في تلك الرقصة لأنها كانت خفيفة رشيقة إلى أبعد حد، فكانت تدور كخذروف الوليد أمرّته الموسيقى فيما يشبه الدوامة ، وفي يديها الصناجات تجلجل ، وهي تصّاعد وتتنزل بانحنائة جميلة من رأسها المستدير وثوبها السابغ يدور من حولها في إنثناءات كأنها الأمواج ، وإنك لتشعر بأن نصفها الأعلى يكاد أن ينفصل عن نصفها الأسفل من رشاقة الحركات التي يقوم بها جسمها، لقد كنت أحس بأني أؤدي نفس الحركات التي تؤديها من فرط التأثير الذي أحدثته في نفسي ، وكنت أتمثل نفسي دون جوزيه وهي تتلاعب أمامي وترمقني بنظرات من أعين نُجلٍ يمتن العاشقين ، وعلى الرغم من أنها لم تكن تغني فقد خُيل إلى أني أسمع أغنيةً كرمن المشهورة تغنى على موسيقى الهبنير ، وأنها تكاد أن تنزع من صدرتها زهرة الكاسيا الحمراء وتقذفني بها ، فأكاد أقفز إليها ، لولا أن نظرتها الجارحة سرعان ما تقفني في مكاني، لقد عاد بي الخيال إلى تلك الأجواء الحية التي ينمو فيها الحب الوحشي، يبذله الفرسان في الطعان ،
وانبعثت في نفسي نوازع لا شعورية ، نوازع إلى الصعلكة والتشرد والحياة العنيفة، و كثيرًا ما أسمع نداءات هذه النوازع تترامى إلى عقلي في بعض الأحيان صادرة من أعمق أعماقي فأشعر بشيء من الحسرة على أنني لا أستطيع أن ألبيها نظراً إلى ظروف الحياة المدنية التي تلبسني وكم كان بودي أن أراضيها ولو في فترات ، فأذرع الأنحاء المجهولة والبقاع المهجورة هائما شاردا لا رفيق لي غير العناصر الوحشية الأولى في الطبيعة الخالصة. وبقدر ما ازداد إعجاب. بهذه الموسيقى الرائعة ازدادت حسرتي على موسيقانا العربية التي تصلبت في قالبها الذي اتخذته في القرون الوسطى ووقفت عنده ، وجئنا نحن المحدثين فلم نستطع أن نأخذ بيدها ، ولا أن نستوحي الموسيقى الأوروبية في آخر مراحل تطورها كما فعلت الموسيقى الروسية، وتحت تأثير هذا التردد العاجز هلكنا كما هلك ..حمار بوريدان ، فلجأنا إلى موسيقى تشبه زفرات المُحتضر في حشرجة الموت، هي خليط من الموسيقى التركية والفارسية ، ورحنا نوهم أنفسنا بدافع العجز قائلين إن هذه الموسيقى الشرقية الصحية، وليس لنا أن نخرج عنها فهي روحنا..أية روح تلك ؟ ، أهي روح الاستعباد الذي قاسينا أهواله إبان حكم الأتراك الذين استعبدوا العرب المساكين ؟ أهي التفسخ العاجز والميوعة الجوفاء الجدباء التي لا تدل إلا على خواء الروح في أجدب لحظات حياتها؟ أهي الفقر في التعبير والتصوير والتفكير ،بحيث لا تُسلم إليك النغمات أي معنى أو عاطفة أو مشهد أو حكم أو توحي بأي معيار تقويمي أخلاقي في سلّم العلاء الإنساني؟
لماذا نحن العرب لا نعرف الموسيقى أو نتعرف عليها كفن راقي؟
الفرق بين الموسيقى العربية والموسيقى الغربية فرق شاسع في الدرجة والنوع..
في الموسيقى الغربية تعدد الموضوعات التي تطرقها، يوجد مثلا - إضافة لموضوعي الفرح والحزن - موسيقى خاصة بالغموض، الخيال ، الفكاهة، التشويق، التأمل، الصلاة ، وهذا يدل على اتساع فكر و خيال الموسيقي الغربي الذي استطاع خلق انماط وانواع موسيقية يعبر من خلالها عن أحاسيسه وافكاره، بينما الموسيقى الشرقية بقية محصور بين نمطين من الاحاسيس والانفعالات هما الحزن والفرح..، وهي مشاعر مبعثها العميق هو الحرمان ..
الموسيقى الغربية تتسم بالتجريد الذي يسمح لها باتساع الآفاق والنفاذ داخل مساحات عميقة من النفس البشرية لا لتعبر فقط عن إنفعالاتها بل لتصوغ خيالها وتطلق قواها نحو عوالم تكون قادرة على تمثيل الروح في أعلى درجات تجلياتها الممكنة، و قد ابتعدت عن الشعر الذي رافق الموسيقى الشرقية و شكل قواعدها ولهذا ارتبطت موسيقى الشرق بالغناء على حساب اللحن والايقاع والموضوع ، كما أنه لا توجد وحدة وانسجام بين معاني الكلمات والموسيقى، أما فيما يخص السلم الموسيقي
و اللحن في الموسيقى العربية فيتميز بطابع النقص فيه إذا قُورن باللحن في الموسيقى الغربية. فالسلَّم في الموسيقى العربية الذي تفخر بها على الموسيقى الغربية، من خلال تعدد السلالم، بينما تقتصر الموسيقى الغربية على سلمين رئيسيين: الكبير والصغير. وفي رأينا أن هذه المسألة ذاتها لا ينبغي أن تكون موضوع فخر على الإطلاق، ذلك ان السلم الموسيقي لا يعدو أن يكون « غير الحروفَ» التي تصاغ بها كلمات اللغة الموسيقية وجملها. وتعدد هذه الحروف، أو إجادة كتابتها بخط جميل، لا يَعني أن القطعة التي صِيغت بها هي قطعة رائعة بالضرورة، فالعبرة دائما بالموسيقى التي تؤلف، لا بكثرة السلالم المستخدَمة في تأليفها. وبعبارة أخرى: فالحكم على أي نظام موسيقي بأن له ميزة بفضل السلالم التي يُصاغ بها، هو حكم باطل من أساسه، لأن السلالم ما هي إلا الحروف الأبجدية للحن، وأساس الحكم ينبغي دائما أن يكون هو اللحنَ ذاتَه. وما أشبه ذلك بالقول: إن اللغة الصينية لا بد أن تُنتج آدابا تفوق آدابَ كل اللغات الأخرى، لأن فيها آلافَ الحروف الهجائية! فالمبدأ العام الذي ينبغي أن نَسترشد به في هذه المشكلة هو أن الحروف ذاتَها لا تَعني شيئا، وإنما العبرة دائما بالفكرة النهائية التي تَستخدم هذه الحروفَ أدوات لنقلِها .
أما الطرب فهو ايضا من السمات المميزة للموسيقى العربية وإذا كان القصيمي قد نعت العرب بالظاهرة الصوتية فالموسيقى "العربية ظاهرة حنجرية.
فاللذة السلبية في مجال الموسيقى هي ما يسمى بالطرب، والطرب يمتاز بطابع التأثير والانفعال السلبي وغاية ما يؤدي إليه هو أن يَبعث في الإنسان انفعالًا إما أن يكون هادئًا لا يلطِّف أعصابه ولا يَدْفع عنه متاعب الحياة، وإما أن يكون عنيفًا فلا ينسيه مشاكلَه الواقعية.

أعلن
آه .. كم تنفست الصُعداء حينما ارتدت هذه الجنية الرهيبة إلى كهفها الملىء بالأشباح و التهاويل ، و طلقت صفارة الأمان ايذاناً بانتهاء غارتها الشعواء الفتاكة التي لم تدع حاسة ولا خلية من خلايا البدن إلا دمرّتها ، وخلّفت النفوس خرائب مشتتة بائسة.

كان طبيعيا بعد هذا أن يكون الرقم التالي والأخير مما من شأنه أن يعلو بالمرء ولو قليلا.. إلى حيث الهواء الصافي والنور المشرق بعد تلك الليلة الجمرية. وفعلا كانت أغنية من الرواية الغنائية .. لاترافيا … ومعناها الأصلي في رواية غادة الكامليا الضالة المغويه ، أنشدتها فتاة نحيلة تقرب في نحولها من صاحبتها الأصلية مرجريت جوتييه غنتها بصوت ندي .. السوبرانو في نبرات تذوب رقة وحنانا، وعلى وجهها علامات التأثر ودلائل انفعال مكتوم ، فكانت تنتفض أحياناً كثيرة وهي واقفة أمام مكبر الصوت مرتدية ثوبا حريراً ذا لون أزرق خفيف كأنه لون السماء في صباح يوم جميل من شهر أيار ، عليه في الجانب الأيسر زهرة كاميلا ناصعة البياض، وكانت سيماؤها تنطق عن براءة لا تتفق كثيرًا مع بطلة القصة الأصلية الأمر الذي زاد في روعة تأثيرها.
ولست أدري أي شيطان خبيث أوحي إلى واضعي البرنامج أن يختاروا الليلة هذه الرواية بالذات ، وأن تختار المغنية من ما اختارت من قطع، أهي الصدفة وحدها أملته، أم كانت إصبع القدر تهيء شيئاً وتدبر أمراً بليل؟ لعل كليهما قد تحالف ضدي في تلك الليلة .. على قلة ائتلافهما و ميلهما إلى المحالفة ، لتبدأ المأساة التي عصفت بي، كنت قرأت الرواية في مطلع الشباب كما وضعها ديما الصغير على شكل قصة ، لكني
لم أحفل بها كثيراً آنذاك لأني كنت في شغل عنها بالروايات الكلاسيكية من يونانية و المانية وفرنسية ، ولم أكن أسمح لنفسي في ذلك الوقت بتخطي النزعة الكلاسيكية ثم الرومنتيكية إلى النزعة الطبيعية، ولم أحفل من الرومنتيكية إلا بالناحية الشعرية أما المسرح فقد أغفلته تماما، وكنت بطبعي ابغض الروايات ذات الأطروحة أو القضية كما يسميها الفرنسيون، أي تلك التي تقصد إلى طرح قضية على على الرأي العام والدفاع عنها ، لأن فيها من التصنع الزائف ما يجوز بها عن القصد الصحيح من الوضع الفني الرفيع.
فاطّرحتها حيناً اذاً في الجانب الخفي من نفسي ، إلى أن بعثت من مرقدها مرة أخرى لدى سماعي للأوبرا أو الرواية الغنائية التي أخذت عنها وهي التي ألف ألحانها فردي وخرجت باسم لاترافيا ، لكنني لم أتأثر بها بالموضوع هذه المرة أيضا ، ولعل السبب في هذا أنني كنت منصرفا بتمام نفسي إلى موسيقى فردي العذبة والأغاني الرائعة التي تبادلها
الفريدو جرمون.. أرمان دوفال في قصة ديما الأصلية.. وفيولوتا خصوصا في الفصل الأول فضلا عن أني ،، ولعل هذا هو السبب الأكبر ،، كنت في ذلك الحين هائما بتلك التجربة الغرامية الصوفية العذرية التي سأعرضها يوما ما تمام فصولها ، وما أبعد هذا الجو عن جو الترافيا.. أواه أكان يمكن أن يدور بخلدي في ذلك الحين أن أشبه نفسي يوما ما بالفريدو
أرمان دوفال أو أتصور لنفسي.. أنا الذي كنت أحيا في فردوس من الطهر والبراءة، فردوس هذا الملك المقرب الذي أظلني بجناحيه فأنزل جنات النعيم إلى تراب وجودي و هبط بعليين إلى أرض حياتي ، أكنت أتصور لنفسي أنني ساضطر إلى التخلي عنه لكي أمل يديّ من بعد أمثال فيولتا و أترابها من بنات الهوى ؟
ومع هذا فإن هذا هو الذي حدث لي بعد أن أصبت بضربة القدر القاصمة، فصرت لا أجد غضاضة في أن أتطلع إلى هذا الجو الرهيب ، ماذا أقول بل صرت بعد قليل أحن إليه في قرارة نفسي ، وتصادف في ذلك الحين أن عرضت القصة على صوررتين ، مسرحية وسينمائية،
وكلتا الصورتين فاتنة متقنة الإخراج والتمثيل فاجتمعت الإجادة في الفن مع الإجادة في التمثيل فكان عنهما تفاعل خطير، إذ صرت لا أفزع من من القيام بمثل هذه التجربة، وكثيراً ما راودتني عن نفسي كيما تؤديها، لكن كان لا يزال بين التفكير والتنفيذ مراحل طويلة ،وكنت لا أزال أتصور أنه لا يمكن قطعها عمليا ، فكانت النوازع لا تزال على شكل وساوس كنت قادرا على استبعادها على الرغم من من إلحاحها الشديد ، ومن هنا كان لرواية ديما هذه.. على أية صورة قرأتها أو شاهدتها ..
تلفّت خلفي إلى الفتاة ذات العينين السوداوين والنظرات البراقة
و الغدائر الأفعوانية التي كنت أتأملها منذ حين البرنامج ، فوجدتها لا تزال رابضة في مكانها ، ولم يتبدل من حالها شيء، اللهم إلا أنها
استبدلت بفستانها فستان السهرة الأسمر الذي أضفى شيئا من الطول القليل وزاد في ضخامتها ، خصوصا نصفها الأسفل ، وكان لا يكاد يغطي من صدرها إلا نهديها وقد رفعهما العماد .. بعد أن كانا مرتخيين شيئا، فازداد تأثيرهما صولة وعرامة .
وفي هذه المرة أتأرْتُ إليها بصري وأمعنت فيها النظر بد أن كنت في المرة الأولى أخالسها أياه، فاما أدركت مني هذا ، خالت بحاستها كفنانة أنني قد أصلح فريسة للصيد.فتبسمت ورنت بعينيها مديرة وجهها ناحية أخرى كأنما هي لا تقصدني ، لكن الحياء عقدشفتي فلم أستطع أن أبادلها ابتسامة بابتسامة ، وهذه من طباعي الغريبة التي جعلت كثيراً من الفرائس تفلت من يدي، ومع هذا بقيت أنظر إليها وأطيل النظر ، مما أبقى على ما كان عندها من ظن وأمل، وجعلها تتوسم فيّ السذاجة ، لذا رإت من واجبها أن تبدأ الهجوم ، فضحكت ضحكة عالية ، لم أقابلها أنا إلا بسعة المقلتين وتجعد في الجبين علامة الدهشة، فلعلها قالت حينئذ في نفسها لن يتقدم إليك بنفسه، إذ يلوح أنه فتى غر لا يعرف أمرنا معاشر بنات الهوى ، فلأحاول الآن إغراءه بكل وسيلة، ولن يفلت مني هذا النوع من الفتيان و نسلبهم أموالهم قبل أن ننيلهم من رغائبهم شيئا



#تيسير_الفارس_العجارمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع رجل صام عن الكلام
- لاجئ عراقي في نيوزلندا … صدام حسين قتل زوجتي..؟ الجزء الأول ...
- في رحاب أيا صوفيا
- العقل الاستطلاعي ونقد الماهيات


المزيد.....




- زاخاروفا تعلق لـ RT على فضيحة كبرى هزت أمريكا والعالم بطلها ...
- عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران لمهرجان الموسيقى العربية بسب ...
- بسبب الأوضاع في لبنان.. عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران عن ا ...
- رحيل فخري قعوار.. الأديب الأردني العروبي المفتون بقضية التقد ...
- إنييستا.. اعتزال فنان لا ماسيا الخجول وقاتل دفاعات الخصوم
- -تحت الركام-.. فيلم يحكي مأساة مستشفى كمال عدوان وصمود طاقمه ...
- مسلسل عن محمد عبده وفيلم -كابتن ماجد-.. هذا ما كشفه تركي آل ...
- الدنماركي توماس فينتربيرغ رئيسا للجنة تحكيم مهرجان الفيلم في ...
- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى 7 أكتوبر
- أقوى إشارة وجودة HD … تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على ال ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العجارمة - ابنة القمر مدينة نلسون .. نيوزلندا