|
هل المادة الثانية من الدستور المصري فوق الدستور؟؟؟
سليم نجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1777 - 2006 / 12 / 27 - 10:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والفقيه الدستوري وعميد كلية الحقوق سابقا أدلى بتصريح خطير تعليقا على المادة الثانية من الدستور بأن تلك المادة "فوق الدستور".
هذا التعليق ان صدر من طالب سنة أولى بكلية الحقوق قد يُلتَمس له العذر عن جهلة أما أن يصدر هذا التعليق من فقيه دستوري كبير وعميد كلية الحقوق السابق، فهذا غير مقبول شكلا وموضوعاً وان دل على شئ فانما يدل على تعصبه الأعمى وتحيزه ورجعيته وتجاهله لألف باء العلوم الدستورية.
لقد تعلمنا في مدرجات كلية الحقوق أن الدستور هو أبو القوانين وأن العلمانية تعني ببساطة فصل السلطتين الدينية والسياسية مع ضمان احترام المعتقدات الدينية والهويات الثقافية والروحية للشعوب والمجتمعات. انها تعني أن الدولة هي دولة قانون واحد يطبق على جميع المواطنين سواسية حقوقاً وواجبات بغض النظر عن الدين. انها "دولة المواطنة" لا دولة مواطنين من درجات (مسلم سني – مسلم شيعي – بهائي – شيوعي – ذمي – كافر).
الديمقراطية كما تعلمناها في كلية الحقوق في الزمن الليبرالي الجميل 1919-1952 تعني الدولة المدنية وآلياتها من فصل الدين عن الدولة وحقوق المواطنة للجميع على قدم المساواة.
سيادة الدكتور فتحي سرور الفقيه الدستوري والعميد السابق لكلية الحقوق: أنتم تعلمون أنه من المقولات التي تتنافى مع أي منطق وعقل أن تحتوي دساتير دول مفروض أنها دولاً مدنية نصوصاً تقول أن الدين الرسمي للدولة هو الاسلام أو غيره... وهي شئ "مستجد" لم يكن موجوداً في أي من دساتير دولتنا عندما تحولت الى مفهوم الدولة المدنية في بداية القرن العشرين.
يا سيدي الفاضل "ان النص الرسمي على دين الدولة ليس موجوداً في أي دولة مدنية محترمة في العالم أجمع" قد يكون هناك نصاً أن الدولة تحترم جميع الأديان ولكن دون النص على دين رسمي لها. لأن من واجبات الدولة أن تحمي حقوق المواطنين –كافة المواطنين- بصرف النظر عن دين هؤلاء المواطنين أو جنسهم أو لونهم أو معتقداتهم. وان أقرت لها دين رسمي فمعنى هذا أنها تنحاز الى فئة دون أن تدري مهما حاولت بعذ ذلك أن تضع بنودا في الدستور تؤكد على مساواة المواطنين مثل المادتين 40 و 46 من الدستور المصري لأن المادة الثانية من الدستور قد نسخت "ألغت" تماما تلك المادتان اللتان تنصان على مساواة المواطنين أمام القانون وحرية المعتقد.
سيادة الدكتور الفقيه الدستوري الكبير، هل تسمح لنا أن نذكرك –ان كنت نسيت- أن مصر ظلت ظوال القرن الماضي تحكم بأحكام القوانين الوضعية العصرية فكما يقول المرحوم أستاذنا الكبير والفقيه الدستوري العظيم/ وحيد رأفت المحامي نائب رئيس مجلس الدولة سابقاً ما يلي:-
ان القانون المدني المصري تم وضعه في ضوء الشريعة الاسلامية عام 1948 على يد العلامة الاسلامي الكبير المرحوم الدكتور/ عبد الرزاق السنهوري باشا. كما أن المذكرة الايضاحية لمشروع القانون المدني المصري الذي صدر عام 1948 جاء ضمن مصادر القانون "الفقه والعرف والشريعة الاسلامية". فما المراد اذن من المادة الثانية من الدستور سوى اعلان الهوية الاسلامية وصبغ الدولة بالصبغة الدينية الاسلامية.
يا أيها الفقيه العلامة:
ان الدولة المدنية القومية؟؟ لا تحتاج ديناً تحتمي فيه بل هي التي تحمي أديان مواطنيها. والدين القوي لا يحتاج دولة يحتمي بها بل هو قوي بايمان أتباعه من الأفراد به.
لعلك تعلم –أو لا تعلم- ان المادة الثانية من الدستور -التي تزعم عن تضليل متعمد أنها فوق الدستور- أن تلك المادة التي صبغت الدولة صبغة دينية تنتهك انتهاكا صارخاً المواد 18 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكذلك الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية وكذلك المادة الثانية من القرار رقم 47/135 بشأن اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الى أقليات دينية الصادرة في ديسمبر 1992 من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يا سيادة رئيس مجلس الشعب:
لا يصح أن تقول أي دولة أنها "مدنية" وفي نفس الوقت دولة لها دين رسمي. لقد آن الأوان ان نقرر "اما أن نكون دولة مدنية وبالتالي يرفع نص الدين الرسمي للدولة من الدستور أو نعترف بأن مصر دولة دينية وليست مدنية ان أردنا الابقاء على هذا النص. الرقص على السلم لا يؤدي الا الى الدوران في حلقة مفرغة وعدم التقدم الى الأمام.
لعلم السادة الأفاضل أن هذه المادة الثانية من الدستور لم تكن موجودة في عصر عبد الناصر في دستور الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 ولكن السادات أراد النص صراحة أن مصر دولة دينية اسلامية.
اننا نتصور أن تكون المادة الثانية من الدستور متواجدة في المجتمعات الاسلامية التي يكون "جميع المواطنين" فيها يدينون بدين الاسلام –ان وجدت هذه الدولة- أما في مصر فان الأمر مختلف حيث أن هناك أكثر من خمسة عشر مليوناً من المواطنين المسيحيين فلا يتأتي اذن ازاء هذا التواجد المسيحي أن تعلن مصر عن هويتها الاسلامية وتخلط الدين بالسياسة.
لقد أثبت التاريخ عدم نجاح الدولة الدينية مهما طال زمنها فالمستقبل في عصر العولمة هو الدولة المدنية العصرية المتعددة الأديان التي تفصل الدين عن السياسة والدولة ولن يتحقق أي اصلاح سياسي واعلاء شأن الديمقراطية الا بالغاء المادة الثانية من الدستور "وأسوق اليكم نموذج لدولة اسلامية كبرى مثل ماليزيا(1) كمثال جيد للدول الاسلامية نرجو أن تحذو كل البلاد الاسلامية ومصر بالذات بالاصلاحات الديمقراطية الحقيقية التي تبنتها دولة ماليزيا المسلمة – فلنستفيد مثلا من التجربة الماليزية ونقرأ نصوصها الدستورية التي تحمي حقوق المواطن هناك بصرف النظر عن ديانته رغم أن نسبة كبيرة من الشعب الماليزي لا تدين بالاسلام ولا حتى بدين سماوي وتحترم عقيدتها. لكن نرى هناك حكما يصدر من محكمة عليا في مصر بسبب المادة الثانية من الدستور يتهم بعض المواطنين المصريين الذين يرفضون النفاق والكذب أنهم مرتدين.. حكم محكمة في القرن الواحد والعشرين مازال يتحدث عن المرتدين!! ونفس هذه المادة هي التي أدت الى حكم تفريق نصر حامد أبوزيد عن زوجته في واقعة نالت كثيراً من مكانة مصر السياسية والثقافية في العالم الخارجي "المجتمع الدولي".
فماذا يقول الدستور الماليزي في هذا الشأن:-
"الاسلام هو دين الاتحاد مع ضمان ممارسة الأديان الأخرى بسلام وتآلف في أي جزء من الاتحاد. (عمرو اسماعيل – شباب مصر 23/12/2006).
وللذكرى والتاريخ فانه عند اعداد مشروع الدستور الدائم عام 1971 تم تمثيل الكنيسة القبطية بخمسة أساقفة في اللجان المختلفة بمجلس الشعب فاقترح المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي "ألا ينص في الدستور على دين بالذات للدولة وذلك تأكيداً لمبدأ المساواة والمواطنة لجميع المواطنين ومنعاً لسوء استغلال النص على دين بالذات كدين للدولة أو دين الأغلبية فيها. ثم كان البديل الذي دونه هو أنه اذا لم يؤخذ بهذا الاقتراح فاقترح أن تضاف الى المادة الثانية للدستور "الاسلام دين الدولة وتعترف الدولة بالكنيسة القبطية بصفتها الكنيسة الوطنية" "وثائق للتاريخ- الكنيسة وقضايا الوطن والدولة – بقلم الأنبا غريغوريوس جزء 2 صفحة 26".
وقد قدم الأنبا غريغوريوس اقتراح آخر يذهب الى تعديل المادة 34 من الدستور المؤقت "1964" بأن يكفل حرية اقامة بيوت العبادة "دون قيد للمواطنين" وذلك حتى لا تقف تشريعات الخط الهمايوني الصادر عام 1856 أو قرار الشروط العشر المقيدة لبناء الكنائس الذي أصدره وكيل وزارة الداخلية العزبي باشا في فبراير 1934 عقبة في بناء كنائس جديدة أو ترميم واصلاح ما تهدم منها.
وبعد، نقول لسيادة الفقيه الدستوري الدكتور أحمد فتحي سرور ولمهدي عاكف وأمثاله ان مطلب الدولة العلمانية المدنية، دولة المؤسسات المدنية والمجتمع المدني هو مطلب قومي ليس من الأقباط فحسب بل أيضاً من كثيرين من المثقفين الليبراليين المسلمين نذكر بعضهم على سبيل المثال لا الحصر: د. سيد القمني، د. رفعت السعيد، المستشار/ سعيد العشماوي، د. طارق حجي، د. نوال السعداوي، د. اقبال بركة، أحمد عبد المعطي حجازي، د. شاكر النابلسي، د. عمرو اسماعيل وكثيرين وكثيرين غيرهم. فلتكن دعوتنا الوطني "ان الدين لله والوطن للجميع
http://helplinelaw.com/law/constitution/malaysia/malaysia01.php (1)
#سليم_نجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من المسئول عن اضطهاد الأقباط وظاهرة اختطاف واغتصاب وأسلمة فت
...
-
المواطنة المتساوية هي الحل
-
كفى تخويفا وارهابا للأقباط
-
أزمة الرسوم الكاريكاتورية و الازدراء بالعقيدة المسيحية في مص
...
-
حول جريمة الأقصر
-
تمخض الجبل فولد فأرا
-
التمثيل النيابي للأقباط بين الأمس واليوم
-
من يعتذر لمن؟ – اللي اختشوا ماتوا
-
ترشيحات الأقباط وانتخابات مجلس الشعب
-
من زرع حصد
-
حول المواطنة وحقوق الأقباط
-
حرية العقيدة في الاسلام وفي مصر في ضوء المواثيق الدولية لحقو
...
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر
...
-
تحية اجلال وتقدير وشكر وامتنان
-
عالمية حقوق الإنسان
-
بيان الهيئة القبطية الكندية بشأن قضية الكشح
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك
-
رؤية الهيئة القبطية الكندية في الاصلاح السياسي والثقافي في م
...
-
مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر
-
نتمنى للحوار المتمدن كل الازدهار والنجاح المستمر من أجل نشر
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|